مستقبل الباوند/الدولار (GBPUSD): هل يستعيد قوته أم يواصل الانزلاق وسط ضغوط اقتصادية متزايدة؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، محلل أسواق أول في XS.com – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA

تراجع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي خلال الفترة الأخيرة يعكس العديد من التحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة المتحدة، في ظل بيانات اقتصادية مخيبة للآمال وزيادة القلق بشأن الأداء الاقتصادي المستقبلي. ومن وجهة نظري، استقرار زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي حول مستوى 1.2200 بعد تذبذبات واضحة يشير إلى حالة من عدم اليقين في الأسواق، مما يثير تساؤلات حول قدرة الاقتصاد البريطاني على استعادة زخمه في ظل التباطؤ الواضح في النمو والإنفاق الاستهلاكي.

حيث أن تراجع الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة إلى 0.1% فقط في نوفمبر، دون التوقعات، يعكس ضعفاً هيكلياً في الاقتصاد، فلا تزال القطاعات الإنتاجية تعاني من تباطؤ ملحوظ. هذا الأداء الضعيف يسلط الضوء على هشاشة الاقتصاد البريطاني، خاصة في ظل تباطؤ الإنتاج الصناعي الذي انكمش بنسبة 0.4%، مما يبرز التحديات الكبيرة التي تواجه القطاعات الرئيسية. ومع غياب أي بوادر لتحسن كبير في الأفق، يبدو أن الاقتصاد البريطاني لا يزال عالقاً بين تأثيرات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.

كما أن ضعف مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة يعكس حالة القلق بين المستهلكين، حيث أدى ارتفاع التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة إلى تقليص الإنفاق. وبرأيي الأرقام الأخيرة التي أظهرت تراجع المبيعات في ديسمبر بنسبة 0.3% تشير إلى أن موسم العطلات، الذي كان من المتوقع أن يشهد ارتفاعاً في الإنفاق، لم يتمكن من تحفيز المستهلكين بالشكل المطلوب. وهذا التراجع يعزز المخاوف من دخول الاقتصاد في حالة من الركود التضخمي، مما سيزيد من الضغوط على الحكومة والبنك المركزي البريطاني لاتخاذ إجراءات حاسمة لدعم الاقتصاد.

من الجانب الآخر، الاقتصاد الأمريكي يبدو أكثر استقراراً، حيث أظهرت أرقام مبيعات التجزئة لشهر ديسمبر أداءً مقبولاً نسبياً، رغم التراجع الطفيف مقارنة بالشهر السابق. فارتفاع مبيعات التجزئة الأساسية إلى 0.4% يعكس قوة الإنفاق الاستهلاكي، مما يدعم توقعات بأن الاقتصاد الأمريكي سيظل قادراً على الصمود أمام التحديات. ومع ذلك، فإن تباطؤ النمو في هذا القطاع يشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يبقى حذراً في قراراته المستقبلية بشأن السياسة النقدية.

وأعتقد أن التفاوت بين الأداء الاقتصادي في المملكة المتحدة والولايات المتحدة يضع الجنيه الإسترليني في موقف ضعف واضح أمام الدولار. ومع استمرار تراجع الثقة في الاقتصاد البريطاني، يبدو أن المستثمرين يفضلون التوجه نحو الدولار الأمريكي كملاذ آمن. وهذا التحول في توجهات المستثمرين يزيد من الضغوط على الجنيه الإسترليني ويعزز التوقعات بأن يستمر في الانخفاض إذا لم تتحسن البيانات الاقتصادية البريطانية بشكل ملحوظ.

فالتوقعات لمبيعات التجزئة في المملكة المتحدة لشهر ديسمبر، رغم أنها تشير إلى احتمال تسجيل ارتفاع إلى 0.4% على أساس شهري، قد لا تكون كافية لاستعادة الثقة إذا ما جاءت أقل من المتوقع كما حدث في الأشهر السابقة. لأن الإنفاق الاستهلاكي يُعتبر محركاً رئيسياً للنمو، وأي ضعف إضافي في هذا القطاع سيؤدي إلى مزيد من التشاؤم بشأن الأداء الاقتصادي البريطاني. وفي ظل استمرار ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد الضغوط التضخمية، يبدو لي أن المستهلك البريطاني سيبقى حذراً في الإنفاق، مما سيؤثر سلباً على الاقتصاد الكلي.

فالأسواق المالية تأخذ حالياً استراحة من التركيز على البيانات الاقتصادية الأمريكية، مما يمنح الجنيه الإسترليني فرصة لتحقيق بعض الاستقرار المؤقت. ولكن، برأيي مع استمرار البيانات البريطانية في تقديم صورة ضعيفة، فإن أي مكاسب محتملة للجنيه قد تكون قصيرة الأجل. بسبب الارتباط الوثيق بين أداء العملة والسياسات الاقتصادية يجعل من الضروري أن تتخذ الحكومة البريطانية والبنك المركزي إجراءات أكثر جرأة لتحفيز النمو واستعادة الثقة.

وفي النهاية، أعتقد أن الجنيه الإسترليني يواجه طريقاً صعباً في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. مع استمرار تراجع المؤشرات الاقتصادية وضعف الثقة في الأداء الاقتصادي، يبدو لي أن الجنيه سيظل تحت ضغط في المستقبل القريب. والتباين في الأداء بين الاقتصاد البريطاني والأمريكي يضعف موقف الإسترليني أمام الدولار، ويجعل من الضروري أن تشهد المملكة المتحدة تحسناً واضحاً في بياناتها الاقتصادية لاستعادة الاستقرار. وحتى ذلك الحين، يبدو أن المستثمرين سيبقون حذرين في التعامل مع الجنيه الإسترليني، مما يعزز التوقعات باستمرار التذبذب والضعف في أدائه

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بلدقيان يدعو الى ضرورة وضع خارطة طريق لإعادة الودائع التي تبخرت من صناديق المصارف الى اصحابها

دعا نائب حاكم مصرف لبنان السابق الدكتور مكرديج بلدقيان الى ضرورة وضع خارطة طريق لإعادة ...

أسعار النفط تستأنف المكاسب مع البيانات الأفضل من المتوقع من الصين

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com تستأنف أسعار النفط مكاسبها بعد يومين من ...

اتفاقية تعاون بين جمعية الصناعيين وجمعية المعلوماتية المهنية

لتبادل الخبرات وتشجيع إستخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات الإنتاج وقّعت جمعية الصناعيين اللبنانيين ممثلة برئيسها ...