الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية
كُتب بواسطة: رانيا جول ، محلل أسواق أول في XS.com- منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)
يواجه زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني حالياً تحديات متعددة تحتاج للمتابعة الدقيقة من المتداولين والمستثمرين في الأسواق العالمية حيث يستقر بحذر اليوم الأربعاء بالقرب من 155.83. حيث أرى أنه في الوقت الذي لا يزال فيه الين الياباني يواجه ضغوطات تتعلق بالتوقعات المستقبلية للسياسة النقدية لبنك اليابان، يبقى الدولار الأمريكي في وضع حساس على خلفية القضايا الاقتصادية والجيوسياسية التي تؤثر على أسواق المال بشكل عام.
ومن وجهة نظري، لقد شهدنا تحركات سعرية متقلبة خلال بداية تعاملات اليوم الأربعاء، حيث ابتعد الين عن أعلى مستوى له في أكثر من شهر مقابل الدولار الأمريكي، في ظل الأجواء الإيجابية التي سادت الأسواق. ويعكس هذا التحرك توجهاً متزايداً نحو المخاطرة، وهو ما يساهم في دعم الدولار الأمريكي، الذي استفاد من الارتداد الطفيف في عائدات سندات الخزانة الأمريكية. وعلى الرغم من ذلك، يبقى الين الياباني في حالة من الثبات النسبي في مواجهة هذه التحركات، وذلك نتيجة للتوقعات المتزايدة بأن بنك اليابان سيقوم برفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب، وهو ما يمثل أحد العوامل الرئيسية التي تمنع حدوث انخفاض حاد في قيمة الين في الوقت الحالي.
ولكن لا يمكنني إغفال أن التوقعات على خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا العام تمثل تحدياً إضافياً أمام استقرار الدولار. ففي الوقت الذي يزداد فيه التوقع بأن بنك اليابان قد يرفع أسعار الفائدة في اجتماعه القادم يوم الجمعة، تشير التوقعات إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقوم بخفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، مما يحد من قدرة الدولار على الصعود المستدام. وهذا التباين بين السياسة النقدية للبنكين المركزيين يعكس حالة من التردد في الأسواق، حيث يصعب تحديد الاتجاهات المستقبلية بدقة.
ومن الناحية الأساسية، هناك دعم كبير من داخل اليابان لرفع الأجور كشرط أساسي لرفع أسعار الفائدة، وهو ما أكده المسؤولون في بنك اليابان. وقد أشاروا إلى أن زيادة الأجور على نطاق واسع ستكون بمثابة المحفز لتحقيق استقرار في الاقتصاد الياباني وتحقيق هدف التضخم البالغ 2%. وهذا التوجه يجد دعماً من النقابات العمالية الكبرى في اليابان، التي تدفع نحو زيادات أجور كبيرة من أجل تعزيز الاستهلاك المحلي وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام. وهنا تأتي التصريحات المتشددة من بنك اليابان بشأن رفع الفائدة كإشارة إلى استعداده لتغيير سياسته النقدية في حال استمر الزخم الإيجابي في الاقتصاد الياباني، مما يعزز احتمالات رفع الفائدة في الاجتماع القادم.
وفيما يخص التطورات السياسية، برأيي يشكل تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الواردات من كندا والمكسيك في أوائل فبراير 2025 عاملاً آخر يعزز القلق في الأسواق. فهذه الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وتسبب في اضطراب النمو الاقتصادي العالمي. وفي الوقت نفسه، قد تساهم هذه التوترات التجارية في رفع التضخم في الولايات المتحدة، مما يعقد مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي في محاولة خفض الفائدة.
كما أن البيانات الاقتصادية الأمريكية، مثل مؤشر أسعار المنتجين ومؤشر أسعار المستهلك، تشير إلى علامات تراجع التضخم، مما يعزز التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. وهذا يضعف من دعم الدولار الأمريكي على المدى الطويل، حيث قد يؤدي تراجع التضخم إلى إبطاء وتيرة النمو الاقتصادي ويجعل من الصعب على البنك الفيدرالي اتخاذ خطوات سريعة نحو التشديد النقدي.
وبالنسبة لي، يعتبر زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني مؤشراً مهماً على استقرار الأسواق المالية العالمية. حيث أن أي تقلبات كبيرة في هذا الزوج من العملات يمكن أن تؤثر على معنويات المستثمرين وتحدد التوجهات في أسواق السندات والأسواق الأخرى ذات العلاقة. وفي ظل تقلبات الوضع السياسي العالمي وتوقعات تغيير السياسة النقدية من البنكين المركزيين، لا تزال الأسواق مترددة في اتخاذ قرارات حاسمة حول اتجاهات سعر صرف الدولار الأمريكي/الين الياباني.
ورغم ذلك، تشير التوقعات الحالية إلى استقرار نسبي لهذا الزوج في المدى القصير، مع احتمال تحركه في نطاق ضيق بين مستوى 154.50 و 156.00. وهذا يشير إلى أن المتداولين سيبقون حذرين قبيل اجتماع بنك اليابان، حيث من المتوقع أن تبقى التقلبات المحدودة مستمرة حتى يتم اتخاذ قرارات سياسية واضحة بشأن أسعار الفائدة.
وبرأيي السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن الدولار الأمريكي/الين الياباني سيبقى في حالة من التماسك النسبي قرب مستوى 155.50، في ظل الانشغال بتحديد ملامح السياسة النقدية المستقبلية لبنك اليابان. ولكن، مع استمرار التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، من الممكن أن تكون هذه الحالة من التماسك مؤقتة فقط، حيث يمكن أن تؤدي أي مفاجآت من قبل بنك اليابان أو أي تطورات جديدة في السياسة الأمريكية إلى تحركات كبيرة في سوق العملات.
وفي النهاية، يبقى الزوج في حالة من الترقب والانتظار للأحداث القادمة، سواء من حيث السياسة النقدية أو التوترات السياسية العالمية. وبينما يبدو أن الين الياباني يواجه تحديات من زيادة العوائد الأمريكية وتوقعات رفع الفائدة من بنك اليابان، فإن الدولار الأمريكي قد يواجه عقبات في ضوء التوقعات بخفض الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
التحليل الفني لـ الدولار/الين ( USDJPY ):
يعكس الأداء الفني لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني مرونة ملحوظة، حيث ارتد الزوج من المستوى المهم للدعم عند 155.00 ومن الحد الأدنى لقناة صاعدة استمرت عدة أشهر، مما يشير إلى استمرار الزخم الصعودي. ومع ذلك، فإن المتذبذبات على الرسم البياني اليومي لم تظهر بعد أي مؤشرات سلبية قوية وعلى الرسم البياني للاربع ساعات تكونت قناة سعرية هبوطية فرعية، مما يضيف غموضاً مع احتمالية التحركات الهبوطية.
لذا، سيكون من الحكمة انتظار كسر مستدام وإغلاق أدنى من مستوى الدعم عند 154.50-154.45 لتأكيد الزخم الهبوطي. وفي حال تحقق هذا السيناريو، قد يتسارع الاتجاه نحو مستوى 154.00، مع احتمالية استهداف منطقة 153.50 ثم الرقم النفسي 153.00.
الرسم البياني لأسعار الدولار/الين– USDJPY– XS.com
وفي سناريو صعودي محتمل، تبقى منطقة 156.00 عقبة ومقاومة قوية، تليها مستويات مقاومة رئيسية عند 156.25 و156.55-156.60 التي تم اختبارها مطلع الأسبوع وتلتقي مع خط العنق لنموذج القاع المزدوج الفني على الاربع ساعات. واختراق هذه المقاومة قد يؤدي إلى تعزيز شهية الشراء، مع احتمالية استهداف منطقة 157.00، وفي حال اختراق هذه المستويات قد يدفع الزوج إلى اختبار المقاومة عند 157.60 والرقم النفسي 158.00. كما أن استمرار الزخم فوق هذه المستويات سيدعم اعادة اختبار ذروة يناير عند 159.00، مما يعزز الاتجاه الصاعد.
وبوجه عام، يبقى الاتجاه العام للزوج إيجابياً طالما يحافظ على التداول ضمن القناة السعرية الرئيسية، مع مراقبة حذرة لمستويات الدعم والمقاومة لتحديد التحركات التالية. لأن استمرار التفاعل مع هذه المستويات الفنية سيكون حاسماً في تحديد المسار المستقبلي للزوج، سواء نحو اختراق صعودي قوي أو انعكاس هبوطي محتمل في المدى المتوسط.
مستويات الدعم: 154.50، 154.00، 153.00
مستويات المقاومة: 156.00، 157.00، 158.00
