توقعات البيتكوين (BTCUSD) : كيف يمكن لعلاقة الرئيس ترامب بالعملات المشفرة أن تحفز الأسواق؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA

شهدت عملة البيتكوين (BTC) انخفاضًا ملحوظًا إلى ما دون مستوى 100 ألف دولار قبل أن ترتفع اليوم الثلاثاء الى 103,300 دولار داخل قناة هابطة متوسطة المدى، وهو التراجع الذي ارتبط جزئيًا بالصعود السريع لشركة DeepSeek الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي. فهذا النموذج الجديد من الذكاء الاصطناعي، الذي أُطلق في يناير 2025، جذب الانتباه بفضل فعاليته العالية مقارنة بـChatGPT من OpenAI، مما أدى إلى زيادة الضغوط على أسواق الأسهم والعملات المشفرة. وعزّزت التوقعات حول التكلفة المنخفضة لبناء نموذج DeepSeek وهو مليون دولار فقط مقارنة بـ17.9 مليار دولار لشركة OpenAI المخاوف حول الهيمنة الصينية على سوق الرقاقات، من الاضطرابات في الأسواق، مما ساهم في تراجع عملة البيتكوين إلى مستويات منخفضة لم تشهدها منذ فترة طويلة.

ومن وجهة نظري، ونظرًا للارتباط المتزايد بين سوق الأسهم والعملات المشفرة، قد يشهد سعر البيتكوين مزيدًا من الضغط في حال استمر تراجع أسواق الأسهم الأمريكية، خصوصًا في ظل تزايد المخاوف حول تكلفة بناء الذكاء الاصطناعي في الصين. وإذا استمرت هذه التراجعات في الأسواق التقليدية، فقد يبقى سعر البيتكوين ضمن نطاق ضيق أو يتعرض لمزيد من الهبوط. ومن ناحية أخرى، إذا أظهرت شركة DeepSeek زيادة في استخدام رقائق الذكاء الاصطناعي بكفاءة أعلى من المعلن، فقد يحدث تحسن ملحوظ في الأسواق المالية والعملات المشفرة في الأشهر القادمة.

وشهدت عملة البيتكوين (BTC) تصحيحًا ملحوظًا حيث انخفضت مؤقتًا إلى ما دون 98000 دولار أمس لأول مرة منذ تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ورغم هذا الانخفاض الذي بلغ 7.13%، وأعتقد أن الأسس الاقتصادية للعملة المشفرة لا تزال قوية، مع زيادة ملحوظة في القبول المؤسسي على عدة جهات. تؤكد هذه الاتجاهات على أن البيتكوين لا يزال يمثل خيارًا جذابًا للمستثمرين على المدى البعيد.

ومع تحول الأنظار إلى سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بالعملات المشفرة، يظهر مشهد جديد قد يعيد تشكيل مستقبل هذه الصناعة العالمية. عندما تعهد ترامب بأن تصبح الولايات المتحدة “عاصمة العملات المشفرة على مستوى العالم”، حيث تباينت ردود الأفعال بين المؤيدين والمشككين. ففي الوقت الذي يعكف فيه ترامب على دفع سياسات تؤكد على تقليل الرقابة الحكومية على هذا القطاع، يسعى البعض للحديث عن مخاطر محتملة تهدد سلامة النظام المالي العالمي والمستثمرين الأفراد.

وهنا يمكنني النظر إلى موقف ترامب من العملات المشفرة على أنه خطوة استراتيجية تسعى إلى جعل أمريكا رائدة في هذه الصناعة المتنامية. مع تعزيز العلاقات مع قادة القطاع وتعيين شخصيات قريبة من هذه الصناعات في المناصب القيادية، مثل اختيار بول أتكينز لرئاسة هيئة الأوراق المالية والبورصات، بدأ الرئيس الأمريكي يضع الأسس لتطوير سوق العملات المشفرة في الولايات المتحدة. ولا شك أن هذه السياسة ستدفع بالنمو السريع لهذه الأصول، التي تثير الجدل بسبب تقلباتها العالية والمخاطر التي تحملها.

ولكن مع هذا الزخم، برأيي تبرز المخاوف من أن هذا التوجه قد يؤدي إلى سوق أكثر فوضوية وأقل تنظيمًا، مما يزيد من حدة المخاطر على المستثمرين. فلا يمكن إغفال أن الأسواق المالية العالمية شهدت في السنوات الأخيرة العديد من الفضائح المرتبطة بالعملات المشفرة، كان أبرزها انهيار بورصة FTX وتورط مؤسسها في عمليات احتيال ضخمة. وهذا الأمر يعيد إلى الأذهان القلق بشأن التشدد في الرقابة والتوجيهات الحكومية اللازمة لحماية المستثمرين من الانتهاكات. ففي ظل عدم وجود تنظيم حكومي صارم، قد تصبح العملات المشفرة مرتعًا للجرائم المالية التي تشمل غسل الأموال والاحتيال الإلكتروني، وهو ما يثير قلق الخبراء والمراقبين.

من جهة أخرى، أثار انتباهي التناقض بين التصريحات الداعمة للعملات المشفرة وأفعال ترامب الشخصية. فعلى الرغم من تصريحاته السابقة التي وصف فيها البيتكوين بأنها “عملة احتيال”، نجد أنه بعد فترة وجيزة قام بإطلاق عملة مشفرة خاصة به تحت اسم $Trump ، وهذه الخطوة لم تكن مجرد إطلاق لرمز رقمي، بل كانت محاولة واضحة للاستفادة من السوق المتنامي للعملات المشفرة، مما يزيد من تعقيد صورة الرئيس الأمريكي في هذا المجال.

لذا أرى أن هذا يشكل تضاربًا صارخًا بين المصالح العامة والسياسات الخاصة، وهو ما يعزز المخاوف من أن تحركات ترامب قد تكون مدفوعة بمصالحه الشخصية أكثر من كونها تهدف إلى مصلحة الاقتصاد الأمريكي بشكل عام.

ومن رأيي ما يثير القلق أيضًا هو فكرة إنشاء احتياطي للبيتكوين تحت إشراف الحكومة الأمريكية. فهذه المبادرة قد تكون خطوة غير محسوبة على المدى الطويل، حيث أن تقلبات أسعار البيتكوين يمكن أن تحمل الحكومة الأمريكية خسائر مالية ضخمة. وهذا التوجه قد يساهم في منح البيتكوين شرعية رسمية، 

وفي الوقت نفسه، يعرض دافعي الضرائب الأمريكيين لمخاطر ضخمة بسبب التقلبات غير المتوقعة في أسعار الأصول المشفرة. فحتى لو كان هذا المشروع يهدف إلى تعزيز مكانة الولايات المتحدة في سوق العملات المشفرة، فإنه قد يفتح بابًا للمضاربات التي قد تؤدي إلى نتائج غير محمودة على المدى الطويل.

وبرأيي، يبقى السؤال حول مستقبل العملات المشفرة في ظل هذه السياسات التي ينتهجها ترامب. هل سيكون مستقبل هذه الأصول أكثر نمواً في الولايات المتحدة، أم أن المخاطر المرتبطة بالتنظيم الضعيف ستؤدي إلى انهيارها؟ ومن الواضح لي أن مسارات المستقبل ستبقى معقدة، وتحتاج إلى رؤية متوازنة تضمن النمو المستدام مع الحفاظ على الرقابة الكافية لضمان سلامة السوق وحماية المستثمرين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الداو جونز (US30) يقفز 150 نقطة.. فهل تهدد قرارات الفيدرالي ورسوم ترامب استمرار الصعود؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)  ...

اليورو يتراجع مع انخفاض اعلى من المتوقع لثقة المستهلك الألماني

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com يتراجع اليورو لليوم الثاني أمام الدولار الأمريكي ...

الأولى في لبنان: كُليَّة سُليمان العُليَّان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت تنال تصنيف “نظام تأثير كلية إدارة الأعمال”

حصلت كُليَّة سُليمان العُليَّان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت على تصنيف “نظام تأثير ...