الدولار/ الين عند مفترق طرق واستقرار مشروط وسط تشدد الفيدرالي

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com- منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)

قي زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني مستقرًا نسبيًا ضمن قناة سعرية هابطة قريبة المدى بالقرب من الحد الأدنى عند 154.60، بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية بين 4.25% و4.50%، مع تحول طفيف نحو التشدد بسبب استمرار الضغوط التضخمية. وهذا الاستقرار برأيي يعكس توازنًا دقيقًا بين العوامل المؤثرة على العملتين، حيث يواصل الفيدرالي سياسته النقدية الحذرة، بينما تتزايد التوقعات بأن بنك اليابان قد يتجه نحو مزيد من التشديد النقدي خلال العام.

وقرار الفيدرالي بعدم تغيير أسعار الفائدة لم يكن مفاجئًا للأسواق، لكن اللهجة الأكثر تشددًا في بيانه تعكس قلقه المتزايد من تباطؤ جهود السيطرة على التضخم. فعلى الرغم من تراجع معدلات التضخم في بعض القطاعات، إلا أن الإنفاق الاستهلاكي لا يزال قويًا، وسوق العمل مرن، مما يعزز احتمالات الإبقاء على السياسة النقدية المتشددة لفترة أطول. وقد انعكس ذلك في ارتفاع عائدات السندات الأمريكية، حيث قفزت السندات لأجل 10 سنوات بأربع نقاط أساس إلى 4.581%، مما عزز من قوة الدولار في المدى القريب.

ولكن رغم تحسن أداء الدولار، فقد شهد زوج الدولار/ين تراجعًا طفيفًا إلى 154.31، مما يشير إلى أن المستثمرين يراقبون أيضًا التحركات القادمة لبنك اليابان. فالتوقعات المتزايدة بأن بنك اليابان قد يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام دعمت الين الياباني نسبيًا، إذ تسعى السلطات اليابانية إلى إنهاء سياستها النقدية فائقة التيسير بعد عقد من التسهيلات المستمرة. كما أن مفاوضات الأجور في اليابان، والتي تشير التوقعات إلى أنها ستؤدي إلى زيادات قوية، قد تمنح البنك المركزي مزيدًا من الحوافز للتحرك نحو المزيد من التشديد النقدي.

ومن وجهة نظري، توجهات بنك اليابان تُشكل عاملًا رئيسيًا في تحديد اتجاه زوج الدولار/ين خلال الفترة المقبلة. فرغم استمرار الفجوة الواسعة بين أسعار الفائدة الأمريكية واليابانية، والتي تدعم قوة الدولار، إلا أن أي إشارة إلى تغيرات حقيقية في سياسة بنك اليابان قد تدفع المستثمرين إلى زيادة الرهانات على ارتفاع الين. حيث أظهرت محاضر اجتماع بنك اليابان في ديسمبر أن المسؤولين بدؤوا في التأكيد على ضرورة تعديل السياسة النقدية بحذر، مما يزيد من احتمالية رؤية تعديلات مستقبلية في أسعار الفائدة اليابانية.

وهناك جانب آخر مؤثر في تداولات الزوج وهو التطورات السياسية في الولايات المتحدة، حيث يترقب المستثمرون تداعيات السياسات الاقتصادية المحتملة خلال الفترة القادمة، وسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تشمل زيادة التعريفات الجمركية وتشديد ضوابط الهجرة، والتي قد تؤدي إلى مزيد من الضغوط التضخمية، مما يجبر الفيدرالي على الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول. وهذا السيناريو، إن تحقق، قد يعزز من قوة الدولار على حساب العملات الأخرى، بما فيها الين الياباني.

ومع ذلك، فإن أي تدهور في المعنويات الاقتصادية أو تصاعد المخاوف بشأن الركود قد يدفع الفيدرالي إلى تغيير استراتيجيته. فحتى الآن، لم يظهر الاحتياطي الفيدرالي أي إشارات واضحة حول موعد خفض أسعار الفائدة، لكنه سيبقى تحت ضغط بيانات الاقتصاد الكلي والتطورات الجيوسياسية. وفي حال بدأت الأسواق في توقع تخفيضات للفائدة الأمريكية خلال النصف الثاني من العام، فقد نشهد تراجعًا في الدولار، مما سيدعم ارتفاع الين الياباني.

والآن يواجه زوج الدولار/ين مقاومة قوية بالقرب من مستويات 155.35، حيث فشل في تحقيق اختراق واضح فوق هذا المستوى مؤخراً. واستمرار الضغط البيعي عند هذه النقطة قد يشير إلى احتمالية العودة لتصحيح هبوطي إذا زادت التوقعات بأن بنك اليابان سيتخذ خطوات أكثر تشددًا في سياسته النقدية. وفي المقابل، أي ارتفاع جديد لعوائد السندات الأمريكية قد يدعم اختراق هذه المستويات ودفع الزوج نحو أهداف صعودية جديدة.

وبذلك يمكنني القول إن اتجاه زوج الدولار/ين خلال الأشهر المقبلة سيعتمد بشكل أساسي على الفجوة بين السياسات النقدية للفيدرالي وبنك اليابان، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاقتصادية العالمية. واستمرار التشدد من جانب الفيدرالي قد يدعم بقاء الزوج عند مستويات مرتفعة، لكن أي خطوات مفاجئة من بنك اليابان قد تعيد تشكيل المشهد لصالح الين. وفي ظل هذه البيئة، يبقى الحذر مطلوبًا عند تقييم التحركات القادمة لهذا الزوج، حيث قد تتغير التوقعات بشكل سريع بناءً على المستجدات الاقتصادية والسياسية.

التحليل الفني لـ الدولار / الين ( USDJPY ):

يظهر الرسم البياني لزوج الدولار الأمريكي/الين الياباني على الإطار الزمني للساعة تراجعًا واضحًا بعد كسره للنطاق السعري التصحيحي (WXYXZ) داخل القناة الهابطة، مما يعزز احتمالية استمرار الاتجاه الهبوطي. ويواجه السعر حاليًا مقاومة عند المتوسط المتحرك البسيط لـ 100 ساعة (SMA) بالقرب من 155.44، وفي حال تمكن السعر من الاختراق أعلى هذا المستوى، فقد نشهد امتدادًا للصعود نحو المتوسط المتحرك لـ 200 ساعة عند 155.71، والذي يُعد مقاومة مهمة لاستمرار الزخم الصعودي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسعار النفط تواصل النزيف وسط تزاحم العوامل السلبية

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com تواصل أسعار النفط التراجع لليوم الثاني على ...

ديلويت الشرق الأوسط تتعاون مع دايناتريس لتوفير حلول رائدة في قابلية المراقبة السحابية

قابلية المراقبة تتيح للمؤسسات تحسين توافر البيانات وموثوقيتها وجودتها على امتداد دورة حياتها كشفت ديلويت ...

كركي : إعادة التعاقد مع مستشفيي العرفان وكليمنصو بعد أنّ صحّحا أوضاعهما مع الضمان

على ضوء التقارير التي أعدّتها أجهزة الرقابة الطبيّة والإداريّة على المستشفيات في الصندوق الوطني للضمان ...