البيتكوين أدنى من 100,000 دولار: هل يستعد السوق لموجة صعودية جديدة في فبراير؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA

انخفضت البيتكوين بشكل ملحوظ وتتداول بالقرب من مستوى 93900 دولار، على الرغم من تدفق الاستثمارات الضخم في صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) الخاصة بالبيتكوين والتي قد تؤدي إلى تصاعد الاهتمام المؤسسي قريباً، مما يعزز احتمالات استمرار الزخم الصعودي في السوق بعد التصحيح الحالي. فقد استقطبت هذه الصناديق تدفقات بقيمة 5 مليارات دولار خلال يناير فقط، مما يضعها على مسار تحقيق تدفقات سنوية تتجاوز 50 مليار دولار، وهو ارتفاع هائل مقارنة بتوقعات أولية لم تتجاوز 15 مليار دولار عند إطلاقها في 2024. ويُعزى هذا النمو إلى مشاركة شركات كبرى مثل BlackRock وFidelity، والتي قادت تدفقات رأس المال، مما يعكس رغبة المستثمرين المؤسسيين في تعزيز مخصصاتهم للبيتكوين كأصل استثماري استراتيجي.

وعلى الرغم من التقلبات الشهرية المتوقعة، فإن الاتجاه العام يشير إلى استمرر تدفقات رؤوس الأموال نحو البيتكوين، خاصة مع توقعات بتوسع مشاركة مديري الثروات والمؤسسات الكبرى في السوق. ومن منظور تاريخي، شهدت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب تدفقات مماثلة خلال سنواتها الأولى، قبل أن تحقق نموًا مضاعفًا في السنوات اللاحقة. ومع تزايد الاعتراف بالبيتكوين كأصل استثماري طويل الأجل، أعتقد أنه يمكننا أن نشهد ارتفاعًا إضافيًا في الطلب، مما قد يدفع الأسعار إلى مستويات قياسية جديدة على المدى المتوسط إلى الطويل.

ومن وجهة نظري، هذه الديناميكية تؤكد أن البيتكوين لا تزال قادرة على امتصاص الضغوط البيعية والتفاعل إيجابيًا مع المستويات الفنية المهمة، وهو مؤشر على وجود طلب قوي من المستثمرين. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للبيتكوين أن تحافظ على هذا الزخم خلال شهر فبراير، الذي يُعد تاريخيًا من بين أفضل الأشهر أداءً للعملة المشفرة؟

أرى أن أحد العوامل التي أثرت على البيتكوين مؤخرًا كان الانخفاض الحاد في أسهم Nvidia، والذي جاء نتيجة لتأثير شركة DeepSeek الصينية، التي تقدم حلول ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة من حيث التكلفة وتنافس الهيمنة الأمريكية في هذا القطاع. فالانخفاض بنسبة 17% في أسهم Nvidia كان له تأثير سلبي على مؤشر ناسداك، الذي تراجع بنسبة 3%، بينما فقدت البيتكوين 2.6% فقط. وهذا برأيي يوضح أن البيتكوين أصبحت أكثر ارتباطًا بالأسواق التقليدية، ولكنها لا تزال تحتفظ بمرونتها مقارنة بالأسهم التكنولوجية. وهذا الترابط الجديد يعني أن البيتكوين قد تصبح أكثر تأثرًا بالمتغيرات الاقتصادية الكبرى، مما يستدعي مراقبة دقيقة للتطورات في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

كما أن التصحيحات الأخيرة في سعر البيتكوين، والتي شهدت انخفاضًا إلى ما دون 100,000 دولار، كشفت عن عمليات تصفية واسعة في السوق، حيث تم تصفية ما يقرب من 260 مليون دولار من مراكز البيتكوين في يوم واحد.  وبرأيي مثل هذه التصفية الكبيرة تعكس ارتفاع معدلات الرافعة المالية بين المتداولين، مما يزيد من مخاطر التقلبات الحادة. ومع ذلك، فإن استعادة السعر لمستويات فنية رئيسية يعكس مرونة السوق وإمكانية استمرار الاتجاه الصاعد إذا استمر الدعم الفني قويًا.

أيضاً كانت هناك إشارات سلبية قادمة من بورصة شيكاغو التجارية (CME)، حيث تحولت البيتكوين إلى المنطقة السلبية لأول مرة منذ أغسطس 2023، إلى جانب انخفاض الاهتمام المفتوح بعقود البيتكوين الآجلة. وهذا التراجع في الاهتمام المفتوح يشير إلى تردد المستثمرين المؤسسيين في فتح مراكز جديدة، مما قد يؤثر على الزخم الصعودي للسوق في الأجل القريب. ولكن من ناحية أخرى، يمكن اعتبار هذا الوضع فرصة لإعادة التراكم قبل موجة صعود جديدة، خاصة إذا ما تحسنت المعنويات في السوق.

ومؤخراً قدمت السياسة النقدية الأمريكية دعمًا معتدلًا للبيتكوين، حيث أبقى الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه أبدى موقفًا متشددًا نسبيًا بسبب عدم تحسن التضخم. وهذه السياسة قد تخلق بيئة داعمة للبيتكوين على المدى المتوسط، حيث إن أي تباطؤ في الاقتصاد الأمريكي قد يدفع الفيدرالي نحو خفض الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، مما قد يدعم الأصول الرقمية كملاذ بديل. ومع ذلك، فإن ارتفاع عوائد السندات واستمرار قوة الدولار الأمريكي قد يحد من مكاسب البيتكوين في الأجل القريب، مما يجعل السوق عرضة لمزيد من التقلبات.

وبالنسبة لي تُظهر بيانات Glassnode أن الدورة الحالية للبيتكوين تتشابه إلى حد كبير مع دورة 2015-2018، حيث يظهر السوق نضجًا متزايدًا مع انخفاض النمو الدوري العام. كما أن انخفاض أرصدة البيتكوين في البورصات المركزية إلى 2.7 مليون بيتكوين يُفسر على أنه تحول في ملكية الأصول إلى صناديق الاستثمار المتداولة (ETF) بدلاً من أن يكون صدمة عرض فعلية. وبرأيي هذا يشير إلى أن حركة رأس المال بين المستثمرين طويلة الأجل والمضاربين هي المحرك الرئيسي للسوق، مما يعزز فرص استمرار الاتجاه الصاعد مع دخول موجة جديدة من المشترين.

أما فيما يتعلق بتوقعات شهر فبراير، فإن الأداء التاريخي للبيتكوين يشير إلى أنه من بين أفضل الأشهر من حيث العائدات، حيث يبلغ متوسط العائد 15.66%. مع استقرار السوق فوق المتوسطات المتحركة الرئيسية، واستمرار الطلب المؤسسي، فإن الاحتمال الأكبر هو أن البيتكوين قد تشهد موجة ارتفاع جديدة خلال الشهر القادم، ما لم يحدث تطور سلبي غير متوقع في الأسواق العالمية أو في السياسات النقدية الرئيسية.

ومن وجهة نظري تبقى النظرة العامة لسعر البيتكوين إيجابية، ولكن مع وجود تقلبات متوقعة. مع استمرار أهمية مستويات 100,000 دولار والتي ستكون حاسمًة للحفاظ على الزخم الصعودي، بينما قد يؤدي اختراق مستوى 110,000 دولار إلى تسجيل قمم تاريخية جديدة. وبالنظر إلى العوامل التقنية والاقتصادية، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار الارتفاع التدريجي مع إمكانية حدوث تصحيحات قصيرة الأجل، مما يجعل السوق مناسبًا للاستثمار طويل الأجل أكثر من التداول قصير الأجل في هذه المرحلة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت استضافت طاولة مستديرة حول اصلاح النظام الضريبي

استضافت كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع المؤسسة اللبنانية ...

أسواق الخليج تحت ضغط التطورات الجيوسياسية الإقليمية

تحليل الأسواق اليوم عن جورج بافل، مدير عام Naga.com منطقة الشرق الاوسط ٥ فبراير ٢٠٢٥ ...

الذهب يواصل مكاسبه التاريخية وسط التصعيد المتدرج للحرب التجارية

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com سجل الذهب المزيد من المستويات القياسية لليوم ...