مستقبل البيتكوين (BTCUSD) : كيف ستؤثر التعريفات الجمركية على حركة السوق المشفرة؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com – منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)

شهدت سوق العملات المشفرة تقلبات ملحوظة في الفترة الأخيرة، حيث كانت القيمة السوقية للعملات المشفرة تتحرك ضمن نطاق 3.15-3.20 تريليون دولار. ورغم أن هذا الرقم يعكس استقراراً نسبياً، فإن انهيار السوق الأخير يعود إلى عدة عوامل، من بينها المخاوف من الحروب التجارية، التي أثرت بشكل واضح على حركة البيتكوين. فعلى الرغم من أن أسواق الأسهم والعملات قد بدأت في التعافي من هذه الضربة، فإن العملات المشفرة، وخاصة البيتكوين، لم تشهد نفس الانتعاش، مما يعكس مشاعر القلق المسيطرة على المتداولين والمستثمرين في هذا السوق.

وأعتقد أن البيانات المتعلقة بمؤشر “الخوف والجشع” للعملات المشفرة تشير إلى أن السوق يعاني من حالة من الخوف الشديد. وأمس تراجع المؤشر إلى 43، وهو أدنى مستوى له في أربعة أشهر، وهو ما يعكس حالة من القلق المفرط بين المستثمرين. وهذه الأرقام تذكرنا بما حدث في فترات سابقة من العام الماضي، مثل مارس وسبتمبر، حيث كان السوق يمر بحالة من التراجع والانخفاض. ومن خلال دراسة مؤشر المشاعر، يظهر لي أن السوق يعاني من تقلبات مستمرة، مع تراجع مؤشرات الثقة بشكل ملحوظ منذ ذروتها في ديسمبر.

أما على مستوى البيتكوين، فإنه يتداول حالياً بالقرب من مستوى 98,500 دولار، حيث يواجه مقاومة عند المتوسط المتحرك لـ 50 يوماً، وهو ما يعكس توجهاً هبوطياً في حركة السعر. واغلاقات الشموع اليومية تشير إلى أن الدببة تسيطر على السوق حالياً، إلا أن السؤال الأهم يبقى حول نقطة استسلام المشترين، التي لا تزال غائبة حتى الآن. وهذا يعكس حالة من التردد بين المستثمرين في اتخاذ قرارات بيع أو شراء واضحة.

وفيما يخص التدفقات إلى صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة الخاصة بالبيتكوين في الولايات المتحدة، فقد شهدت انخفاضاً ملحوظاً في الأسابيع الأخيرة. حيث تراجعت التدفقات الصافية إلى 203.5 مليون دولار الأسبوع الماضي بعد تدفق 559.8 مليون دولار في وقت سابق، مما يعكس انخفاضاً في الطلب على البيتكوين. وفي المقابل، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة الخاصة بالإيثريوم زيادة في التدفقات الصافية إلى 420.1 مليون دولار، مما يعكس تزايد اهتمام المستثمرين بالعملات المشفرة الأخرى.

ومن وجهة نظري إن أحد العوامل التي قد تساهم في التأثير على حركة السوق هو الانخفاض الكبير في حجم المعاملات اليومية على شبكة البيتكوين، والذي تراجع بنسبة 53% مقارنة بذروته في سبتمبر. وهذا التراجع في النشاط يعكس انخفاض الاهتمام ببعض البروتوكولات، مثلRunes، التي قد تؤثر بشكل سلبي على حركة البيتكوين على المدى القصير. ووفقاً لتقديراتCryptoQuant، تتراوح القيمة العادلة للبيتكوين بين 48,000 و95,000 دولار بناءً على البيانات الحالية.

أيضاً نلاحظ أن، بعض الحكومات تواصل اتخاذ خطوات تنظيمية قد تؤثر على حركة البيتكوين. ففي اليابان، تقدمت السلطات بطلب رسمي لشركات آبل وجوجل لحظر تطبيقات بورصات العملات المشفرة غير المسجلة مثلBybit وMEXC وKuCoin وقد امتثلت آبل للطلب، بينما لم ترد جوجل بعد. وهذا النوع من التنظيمات يضيف مزيداً من الضغط على السوق وقد يؤثر على حركة البيتكوين في المستقبل القريب.

ورغم التحديات التي تواجهها البيتكوين، فإن هناك بعض الأخبار الإيجابية التي تساهم في دعم التوقعات المستقبلية. ففي ألمانيا، أعلن حزب البديل من أجل ألمانيا عن خطط لتحرير كامل لعملة البيتكوين وجعل البلاد رائدة عالمية في مجال رأس المال الاستثماري والشركات الناشئة. وهذه المبادرة يمكن أن تدعم مستقبل البيتكوين في أوروبا وتساهم في زيادة الاهتمام بالعملات المشفرة.

وفيما يتعلق بحركة البيتكوين في الأسابيع الماضية، فقد شهدنا بعض التحركات اللافتة مثل نقل 14,000 بيتكوين كانت خاملة منذ فترة طويلة، وهو ما يعكس تحركات ملحوظة في السوق قد تؤثر على الأسعار في المستقبل. إلا أن هذه التحركات لم تكن موجهة إلى البورصات، مما يشير إلى أن هذه العملات قد تكون مخصصة للاحتفاظ بها على المدى الطويل بدلاً من البيع الفوري. وبرأيي هذا النوع من التحركات قد يشير إلى أن بعض المستثمرين قد يكونون بصدد جمع البيتكوين خلال فترات انخفاض الأسعار.

كما شهدنا في الأسابيع الماضية أكبر تدفق خارجي لصناديق البيتكوين منذ عام 2022، وهو ما يعكس قلقاً عاماً من استمرارية حركة السوق. ومع ذلك، لا تزال بعض الأطراف الكبيرة في السوق، مثل المستثمرين المؤسسيين أو الصناديق، تجني المكاسب من خلال شراء البيتكوين خلال فترات الانخفاض، مما يعكس احتمالية وجود فرص استثمارية على المدى الطويل.

ومن وجهة نظري، تعد التعريفات الجمركية إحدى العوامل التي تساهم في حالة القلق السائدة حالياً. فالتوترات التجارية بين الولايات المتحدة وبعض الدول، مثل المكسيك وكندا، وفرض الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم، تساهم في زعزعة استقرار الأسواق. وهذه الرسوم الجمركية قد تثير شكوكاً جديدة حول استقرار الاقتصاد العالمي، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية. ومن الجدير بالذكر أن تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب بشأن فرض عقوبات على اليابان تزيد من حالة التوتر، وهو ما قد ينعكس على سوق البيتكوين.

وبالرغم من حالة التوتر والقلق التي تسود السوق، لا يزال هناك توقعات مستقبلية إيجابية، وأرى أن هناك فرصة صغيرة لارتفاع سعر البيتكوين إلى 140,000 دولار بحلول نهاية عام 2025. وهذا التوقع يعتمد على تحليلات عدة، من بينها العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي قد تؤثر في المستقبل على الطلب على البيتكوين والعملات المشفرة بشكل عام.

وفي النهاية يمكنني القول إن البيتكوين يواجه تحديات كبيرة في الوقت الحالي، ولكنه لا يزال يحمل فرصاً استثمارية على المدى الطويل. ذلك مع وجود حالة من عدم اليقين في الأسواق بسبب العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، والتي تجعل من المهم أن يبقى المستثمرون حذرين ويواكبوا التحولات السريعة التي قد تؤثر على حركة البيتكوين والعملات المشفرة في المدى القريب والمتوسط.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أسواق الأسهم الخليجية تنقسم وسط مزيد من الإفصاحات وعدم يقين المستثمرين

تحليل الأسواق اليوم عن جورج بافل، مدير عام Naga.com منطقة الشرق الاوسط ١١ فبراير ٢٠٢٥ انقلب سوق الأسهم السعودي ...

الأسهم الأمريكية قد عالقة في اتجاه جانبي وسط المخاوف حول خارطة سياسية وتجارية جديدة للعالم

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com تستعد سوق الأسهم الأمريكية لافتتاح سلبي وذلك ...

الدولار يستقر وسط ترقب الأسواق شهادة باول

التحليل التالي من حسن فواز، رئيس مجلس الإدارة ومؤسس شركة Givtrade الدولار يحافظ على استقراره ...