بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
يواصل الذهب تسجيل القمم التاريخية لليوم الثالث على التوالي مع بلوغه مستوى 3057 دولاراً للأونصة في المعاملات الفورية.
مكاسب الذهب تأتي بعد خطاب جيروم باول الذي يبدو أنه قد جاء وفق ما يتمناه المستثمرين في المعدن الأصفر من مختلف النواحي، سواء عبر الابتعاد عن النبرة المتشددة أم من التأكيد على حالة عدم اليقين التي تخلقها التعرفات الجمركة.
الخطاب الملائم من باول كان حلقة جديدة في سلسلة العوامل التي تغذي مكاسب الذهب المستمرة. حيث إنه المخاوف المتفاقمة حول التعبات المحتملة للسياسة التجارية لدونالد ترامب والاضطراب الذي يعيشه الاقتصاد نتيجة للتردد المستمر في فرض التعرفات كانت من أبرز العوامل الداعمة للمعدن الأصفر لاستكمال مكاسبه.
حيث تمحور الخطاب التالي لإعلان القرار بإبقاء المعدلات الحالية بدون تغيير حول التعرفات الجمركية والتي ساهمت في تشكيل توقعات صناع السياسة النقدية.
على الرغم من عدم اليقين الذي تتسبب به التعرفات الجمركية لمسؤولي الفيدرالي، إلا أنهم قد خفضوا توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي على نحو جوهري إلى 1.7% للعام الحالي من 2.1%. أيضاً، فقد لم يحمل الخطاب نبرة متشددة للسياسة النقدية التي كانت ستثير المخاوف حول تشديد مطول على نحو أكثر من المتوقع. كما أن الأعضاء يُقدّرون بأن أثر التعرفات الجمركية سيكون مؤقتاً – وإن كان سيعرقل مؤقتاً من جهود خفض التضخم إلى مستهدفه – كما أن وسيط توقعات المعدلات من قبل الأعضاء هو لصالح تحقيق خفض لمرتين في هذا العام.
في المحصلة، لم يغير خطاب باول وملخص التوقعات الاقتصادية للفيدرالي من توقعات الأسواق حول مسار السياسة النقدية ولا زال من المحتمل أن نشهد خفضين إلى ثلاثة على الأقل للمعدلات هذا العام وهذا ما أتاح للذهب استكمال مكاسبه.
حيث من المتوقع باحتمالية أكثر من 50% أن تنتهي اجتماعات هذا العام مع تحقيق تخفيض بمقدار 75 نقطة أساس عن النطاق الحالي، وهذا الخفض المحتمل يقع ما دون وسيط توقعات صناع السياسة النقدية، وفق أرقام CME FedWatch Tool.
في سياق السياسة النقدية أيضاً، فقد قرر الفيدرالي الإبطاء من وتيرة خفض حيازاتهم من الأصول (بما تعرف بالميزانية) ابتداءً من أبريل القادم من 25 مليار دولاراً إلى 5 مليارات، وذلك كأجراء تكتيكي لتفادي أي اضطراب في سوق النقد ناتج عن نقص في السيولة بعد الرفع المرتقب لسقف الدين.
هذا الإبطاء لوتيرة خفض الميزانية من شأنه أن يقلل من وتيرة خفض الطلب على سندات الخزانة من قبل الفيدرالي وهو ما قد ساهم في دفع العوائد للانخفاض مما يشكل مزيداً من الدوافع للذهب للارتفاع.
أما على الجانب الاقتصادي، فقد خفض وكالة فيتش لتوقعات نمو الاقتصاد العالمي من 2.9% إلى 2.3% في العام 2025 ونمو اقتصاد الولايات المتحدة من 2.1% إلى 1.7% في ذات الفترة وإلى 1.5% من 1.7% للعام 2026. في حين قد ألقت الوكالة باللوم على الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة وهذا ما قد يعطي دليلاً جديداً على الأثر السلبي للتعرفات وهو بدوره يشكل دافعاً إضافياً للطلب على الملاذ الآمن.
سلاسل الإمداد قد لن تضطرب فقط بفعل التعرفات الجمركية، بل أن التوتر المتصاعد مجدداً في الشرق الأوسط قد يهدد على الأقل مؤقتاً بذلك أيضاً. حيث نشهد منذ عطلة نهاية الأسبوع تصعيداً غير مسبوقاً من الولايات المتحدة في اليمن إضافة إلى تهديد إيران وتحميلها مسؤولية الدعم العسكري والهجمات التي يشنها الحوثيون، وهذا ما قد يعيد إلى الواجهة المخاوف حول الحرب الإقليمية الواسعة وكان داعماً لمكاسب الذهب منذ بداية الأسبوع.
في المقابل، فإن حدث أي اضطراب للملاحة في الإقليم، فأعتقد أنه سيكون مؤقتاً نظراً للضعف الذي تعاني منه إيران – والذي سيتجه إلى التفاقم مع الضغط الأقصى من ترامب – والحصار المفروض على الحوثيين.