هوف: “أعتقد أن حياة الرئيس فؤاد شهاب وتجربته وقيادته يمكن أن تُلهم وتُرشد“
استضاف مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة في معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة، بالجامعة الأميركية في بيروت، ندوة أونلاين بعنوان “الانتخابات الرئاسية اللبنانية وطموحات تحقيق الدولة: إعادة النظر في الشهابية”
المدير المؤسّس لمرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة الدكتور سيمون كشر افتتح الجلسة بتأكيده، “لطالما اتسم المشهد السياسي في لبنان بتوازن دقيق بين المصالح الطائفية والخلل المؤسّساتي. وفي ضوء انتخاب الرئيس جوزيف عون، ستتناول هذه الندوة إمكانات بناء الدولة وإصلاح الحوكمة في البلاد، ويتمحور هذا البحث حول إرث الرئيس الراحل فؤاد شهاب ورؤيته لأمة موحَّدة تحترم القانون، خلال فترة رئاسته بين العامين 1958 و1964، والتي تُعرف بالشهابية.”
وقال الدكتور كشر أن خطاب قسم الرئيس عون “عكس رؤيةً للإصلاح العاجل، مؤكداً في الوقت ذاته الحاجة إلى نهج حوكماتي يقوم على المواطنة، بعيداً عن النظام السياسي الطائفي المتجذّر في لبنان.” وأوضح أن هدف الندوة هو استكشاف ما إذا كان لبنان قادراً على التغلب فعلاً على خلله النظمي والتقدم نحو إصلاح مؤسّساتي حقيقي.
استضاف النقاش متحدثين بارزين: فريدريك هوف، الزميل الأول في مركز الانخراط المدني في كلّية بارد، ولمياء مبيّض، رئيسة معهد باسل فليحان المالي.
وقالت مبيّض، “هذا وقت عصيب للغاية بالنسبة للبنان.” وتابعت، “على الرغم من أن إيجابيات انتخاب الرئيس عون وتعيين رئيس وزراء جديد وحكومته، تجعل الآمال والتوقعات عالية.” وطرحت سؤالاً حاسماً: هل يمكن ترجمة رؤية الرئيس جوزيف عون لأمة موحدة تحترم القانون إلى إصلاحات وإجراءات ملموسة، في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يخرج منها لبنان، فضلاً عن المقاومة السياسية الراسخة؟ كما تساءلت عن كيفية الاستفادة من إرث فؤاد شهاب لإعادة بناء ثقة الجمهور وتعبئة الموارد اللازمة للتغلب على الوضع الحرج في البلاد.
وأعرب هوف عن تفاؤل حذر، قائلاً، “إنني آمل بقوة بأن لبنان تحت القيادة الجديدة يتحرك في اتجاه جديد وإيجابي.” وأضاف، “أعتقد أن حياة الرئيس فؤاد شهاب وخبرته وقيادته يمكن أن توفر الإلهام والتوجيه في السنوات الصعبة القادمة.” وتابع، “يبدو أن لبنان يتمتع في الوقت الحالي بقيادة جيدة. لكن هذه القيادة تفتقر حالياً إلى الموارد اللازمة لتحقيق نتائج مهمة على أرض الواقع.”
وشدّد هوف على أن الحكومة الجديدة تواجه مهمة ضخمة تتمثّل في إعادة البناء من الصفر، قائلاً، “على هذه الحكومة أن تبدأ من الصفر، بعد عقود من الفساد والمحسوبية وانعدام الكفاءة. ولا شك أن هناك بعض الموظفين الحكوميين الأكفاء والمحترمين، على الرغم من وجود نظام لا يعتمد على الجدارة في التوظيف أو الترقية.” وأشار إلى تدهور الخدمة العامة اللبنانية والنقص المزمن في تمويلها، بالإضافة إلى فشل الدولة في تقديم الخدمات الأساسية. وقال، “لن تُصحَّح هذه الأمور بين ليلة وضحاها،” مضيفًا أن الناخبين اللبنانيين يتوقّعون تقدّماً ملموسًا في مجالات مثل الانتعاش الاقتصادي، وإعادة الإعمار بعد الحرب، والخدمات الأساسية. وقال، “ستكون هناك حاجة إلى موارد مالية، ولكن وجود الأشخاص المناسبين في المواقع الإدارية المناسبة أمر حيوي أيضاً.”
كما تطرقت الندوة إلى مزايا القيادة العامة التي تسوسها المبادئ، مؤكدة على أهمية النزاهة والكفاءة وروح الخدمة العامة. وبحثت المناقشات الحاجة إلى إعادة إشراك الخبرات الفنية عبر القطاعات الحيوية.
وأكّدت إحدى التوصيات على أهمية التواصل المباشر بين قيادة البلاد والجمهور. وتعقيباً على قول هوف أن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يمكن أن يستخدما منصات مثل وسائل التواصل الاجتماعي لإظهار نزاهتهما وتوصيل أجندة حوكمة واضحة وخطة مباشرة إلى الشعب اللبناني، قالت مبيّض، “إذا عدنا إلى مبادئ الشهابية، وحللنا بشكل نقدي الاستراتيجيات التي وضعها الرئيس شهاب، فسنرى أن هذا ما قام به. لقد حاول زرع الثقة من جديد.”
كذلك سلّط النقاش الضوء على أهمية تحديث وإصلاح المؤسسات القائمة – وإنشاء مؤسسات جديدة ذات نظرة مستقبلية – قادرة على جذب المواهب الجديدة والتمويل.
موضوع آخر بالغ الأهمية كان علاقة لبنان بالمجتمع الدولي. وتساءلت الندوة أي أدوات يمكن أن يستخدمها لبنان لإعادة إشراك أصحاب الاهتمام الدوليين ومؤسسات التنمية، لا سيما وأن المحاولات السابقة لطلب الدعم المالي الدولي قوبلت بالتلكّؤ. واستكشفت الندوة نوع الخطاب الذي ينبغي على لبنان اعتماده لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بما في ذلك المؤسسات المالية.
وتناولت الندوة أيضاً التحديات الجيوسياسية التي يواجهها لبنان، بما في ذلك استمرار عدم الاستقرار على طول حدوده الجنوبية، والوضع على حدوده الشمالية والشرقية مع سوريا. وأشار المنتدون إلى أن هذه التحديات تُضيف تعقيداً كبيراً إلى مسيرة لبنان إلى الأمام. وفي سياق أوسع، ناقشت الندوة الديناميكيات العالمية، بما في ذلك تصاعد الصراعات العنيفة وتزايد المخاوف بشأن تآكل التعددية. وفي ظل هذا المناخ، بحث المنتدون في كيفية استمرار لبنان في السعي لتحقيق أجندة السلام والتنمية المستدامة.
واختتمت الندوة بجلسة أسئلة وأجوبة تفاعلية، أتاحت للمشاركين فرصة التفاعل المباشر مع المنتدين.