الداوجونز (US30) و ستاندرد آند بورز500 (US500): هل المؤشرات الأمريكية على موعد مع فقاعة جديدة؟

كُتب بواسطة: رانيا جول ، كبير محللي الأسواق في XS.com- منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)

استهلّت العقود الآجلة للأسهم الأميركية تعاملات الأسبوع الجديد على ارتفاع واضح، وسط حالة من التذبذب الحاد الناتج عن تصريحات متضاربة من إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية. وفي ظل هذه الظروف، قد يظن البعض أن الأسواق تسير بعشوائية، لكن من وجهة نظري، فإن ردود فعل السوق تعكس إدراكًا عميقًا لمدى تأثير السياسات التجارية على مسار النمو الاقتصادي العالمي، وعلى أرباح الشركات العملاقة، خاصة تلك التي تقع في قلب سلاسل الإمداد العالمية كقطاع التكنولوجيا.

والقفزة التي حققتها العقود الآجلة لمؤشر ناسداك، التي بلغت +2.06%، تعكس الحساسية المفرطة لهذا القطاع تجاه أي مؤشرات متعلقة بالإعفاءات الجمركية، خاصة بعد أنباء استثناء الأجهزة الإلكترونية من التعريفات الجديدة. ورغم أن هذه الأنباء سرعان ما نُفيت من قبل ترامب نفسه، إلا أن مجرد تداولها بين المستثمرين كان كافيًا لتحفيز موجة شراء سريعة. وهذا يدفعنا إلى التذكير بأن الأسواق المالية لا تنتظر السياسات المؤكدة فقط، بل تتفاعل بقوة مع التوقعات والاشاعات. وفي رأيي، هذه الوتيرة السريعة في التفاعل تؤكد أن المستثمرين لا يبحثون فقط عن الحقيقة بل عن إشارات الحقيقة.

ومن المؤكد أن تناقض التصريحات الأميركية يفتح المجال لتقلبات عالية، ويزيد من حالة التوتر في الأسواق، خاصة عندما يكون الحديث عن فرض رسوم على أشباه الموصلات وسلاسل توريد الإلكترونيات، وهي قطاعات تشكّل العمود الفقري للتقدم التكنولوجي والذكاء الصناعي في العالم. فلو مضت الإدارة الأميركية قدمًا في فرض رسوم جديدة على هذه المنتجات، فإن ذلك سيهدد أرباح شركات مثل آبل وإنفيديا وتايوان سيميكونداكتور، وقد يدفعها إلى نقل مراكز إنتاجها أو إعادة تسعير منتجاتها، مما سينعكس سلبًا على المستهلكين أولاً، ثم على النمو الاقتصادي العالمي ثانيًا.

والارتفاع الأخير في عوائد سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل، بالتوازي مع تراجع الدولار، يشير إلى تحول تدريجي في مراكز السيولة نحو الأصول ذات العائد الثابت، مع احتفاظ الأسواق ببعض الميل للمخاطرة. وأرى أن هذه الحركة تعكس اعتقاد المستثمرين لاحتمال دخول الاقتصاد الأميركي في مرحلة تضخمية جديدة، أو على الأقل مواجهة اضطرابات في تكلفة الواردات بفعل الرسوم، وهو ما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي لتأجيل أي خفض محتمل في أسعار الفائدة.

والنقطة الجوهرية في هذا المشهد هي أن الأسواق تتحرك بين موجات من الأمل والخوف، والأهم أن هذه الموجات مدفوعة بسياسات تتسم بالتردد والتناقض. وهذا ما يجعل مهمة المستثمرين أكثر تعقيدًا، ويزيد من أهمية التوازن في قرارات التخصيص المالي. وفي رأيي، فإن المرحلة الحالية تتطلب حذرًا استثماريًا مرتفعًا، مع الميل نحو الأسهم الدفاعية وشركات القيمة، بدلًا من الاعتماد الكلي على أسهم النمو التي باتت أكثر عرضة لصدمات السياسة.

وفي المقابل، وبالرغم من كل هذه الاضطرابات، فإن هناك فرصة حقيقية في قطاع البنوك الأميركية التي تستعد لإعلان نتائجها الفصلية هذا الأسبوع. وفي ظل توقعات بأن تؤثر التعريفات الجديدة على سلوك المستهلك والتجارة الخارجية، قد تكون البيانات التي سيعلنها كل من جولدمان ساكس، وبنك أوف أمريكا، وسيتي بنك، مؤشرًا مبكرًا على مدى مرونة الاقتصاد في التعامل مع هذه الصدمات. وأرى أن نتائج هذه البنوك ستكون اختبارًا مهمًا لقدرة النظام المالي على امتصاص التقلبات القادمة، كما أنها قد تمنح الأسواق فرصة لإعادة التقييم خلال الأسابيع المقبلة.

وعلى الجانب السياسي، فإن الرسائل المتضاربة الصادرة عن الإدارة الأميركية ليست فقط مصدرًا لتقلبات الأسواق، بل هي مؤشر على صراع داخلي بشأن الاتجاه المستقبلي للسياسات التجارية. فبينما تحاول بعض الأطراف تهدئة التوترات مع الصين لتقليل الضغط عن سلاسل التوريد، هناك تيار آخر – يقوده ترامب شخصيًا – يسعى لاستخدام الرسوم الجمركية كأداة تفاوضية. وهنا، يجب ألا نغفل أن الأسواق ستبقى حساسة جدًا لأي إشارات يمكن أن تؤثر على هوية المنتصر المحتمل.

وفي المجمل، يمكن القول إن الأسواق دخلت مرحلة جديدة من التعقيد، حيث لم تعد البيانات الاقتصادية أو نتائج الشركات وحدها قادرة على توجيه حركة المؤشرات، بل أصبحت القرارات السياسية والمفاجآت الجيوسياسية اللاعب الأكبر. ومن وجهة نظري، فإن هذا الواقع يتطلب من المستثمرين التركيز على المرونة والتنوع الاستثماري، مع الاستعداد لسيناريوهات متعددة، في وقت لم تعد فيه “الحقائق” واضحة، بل باتت السياسات نفسها تحمل في طياتها أكثر من احتمال.

لذلك، فإن أفضل ما يمكن فعله الآن ليس محاولة التنبؤ بالتحركات اليومية، بل بناء استراتيجيات استثمارية متوسطة وطويلة الأجل، تستند إلى الحذر، وتُبنى على فهم عميق لمدى ترابط السياسة والاقتصاد في عالم اليوم. فالأسواق لا تخشى المخاطر، لكنها تخشى الغموض، وهذا بالضبط ما تقدمه إدارة ترامب في كل تصريح جديد.

التحليل الفني لـ مؤشر الداو جونز ( US30 ):

يعكس الرسم البياني فريم الاربع ساعات لمؤشر US30 (الداو جونز ) تحركًا صاعدًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وذلك بعد ارتداد قوي من مستويات قريبة من منطقة الدعم الحرجة L1حول مستوى 37,000 نقطة. وهذا الارتداد القوي تزامن مع تشبع بيعي واضح على مؤشر الستوكاستيك، مما دعم انعكاس الاتجاه نحو الصعود على المدى القصير، ووضع المؤشر حاليًا بالقرب من مستوى 40,200 نقطة، والذي يمثل نقطة محورية في تحديد المسار القادم.

Image

وفنياً، يواجه المؤشر مقاومة عند مستوى 40,987 نقطة(R1)، وفي حال اختراقه لهذا الحاجز واستقراره أعلاه، فقد نشهد استكمال الحركة الصاعدة باتجاه سد الفجوة السعرية”price gap” والوصول لاحقًا إلى مستوى 42,177 نقطة، مع احتمالية اختبار مناطق 43,100–43,160 في حال استمرار الزخم الإيجابي. وهذا السيناريو يتعزز مع بقاء مؤشر الستوكاستيك في مناطق التشبع الشرائي، مما يشير إلى إمكانية استمرار الضغط الشرائي على المدى القريب رغم احتمالية حدوث تراجع تصحيحي محدود.

أما في حال فشل المؤشر في اختراق المقاومة المحورية R1، وخصوصًا إذا شهدنا انعكاسًا سلبيًا مدعومًا بإشارات هبوط من مؤشر الزخم، فقد يعود المؤشر إلى اختبار الدعم السابق عند منطقة 39,000 نقطة، ومن ثم إعادة اختبار القاع الأخير قرب 37,000 نقطة. وعليه، تبقى حركة السعر بين 40,987 و42,177 نقطة حاسمة في تحديد اتجاه المؤشر خلال الأيام القادمة، مع ضرورة مراقبة السيولة وحركة الزخم لتأكيد الاختراق أو الانعكاس.

مستويات الدعم: 39,000 – 37,000

مستويات المقاومة:   40,987 – 42,177 – 43,102

التحليل الفني لـ مؤشر ستاندرد آند بورز500 ( US500 ):

يُظهر الرسم البياني لمؤشر US500على الإطار الزمني لأربع ساعات ارتدادًا قويًا من منطقة الدعم المحورية عند L1قرب مستوى 4,900 نقطة، تزامنًا مع وصول مؤشر الاستوكاستيك إلى منطقة التشبع البيعي، مما دفع السعر إلى الارتفاع بشكل حاد واختراق القناة الهابطة قصيرة المدى نحو الأعلى، وهو ما يشير إلى بداية تحرك صاعد محتمل على المدى القصير.

Image

ومع ذلك، يواجه السعر حاليًا مقاومة فنية قوية بالقرب من مستوى 5,490 نقطة، والذي يتقاطع مع فجوة سعرية لم تُغلق بعد بالكامل، مما قد يؤدي إلى تصحيح هابط مؤقت إذا فشل السعر في اختراق هذا المستوى بشكل واضح. وتُعد المنطقة الممتدة بين 5,490 و5,672 نقطة منطقة مقاومة حرجة، وفي حال تم تجاوزها بإغلاق شمعة قوية، فقد نرى امتدادًا في الاتجاه الصاعد نحو مستويات 5,800.

أما في حال عجز السعر عن اختراق الفجوة السعرية، فقد يعود المؤشر إلى اختبار الدعم السابق عند 5,200 وربما العودة إلى منطقةL1 مجددًا، خصوصًا مع وصول مؤشر الاستوكاستيك إلى مناطق التشبع الشرائي، مما يزيد من احتمالات التراجع الفني على المدى القريب قبل استكمال أي اتجاه جديد.

مستويات الدعم: 5,200 – 4,950 – 4,800مستويات المقاومة:  5,490 – 5,672 – 5,872

x

‎قد يُعجبك أيضاً

LAU ونقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان توقّعان مذكرة تفاهم لإطلاق برامج تدريبية في قطاع الضيافة

وقّعت نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان والجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) مذكرة تفاهم ...

رامي بيطار، رائد التحول الرياضي في لبنان، يرعى منتدى الجمال والصحة النفسية والجسدية (Beauty and Wellbeing Forum) في بيروت

أعلن رامي بيطار، رجل الأعمال ووالمبادرات الخيرية اللبناني البارز، الرئيس التنفيذي لشركة Capital Partners وTawfeer ...

أسواق الإمارات والمنطقة متباينة، نتائج الشركات تدعم المعنويات

تحليل الأسواق لليوم عن أحمد نجم، رئيس قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com ...