عقد المعهد اللبناني لدراسات السوق اليوم، مؤتمراً صحفياً في نادي الصحافة، قدم المعهد خلاله دراسته المتعلقة بكيفية معالجة واقع المياه وتلوثها في لبنان. شارك فيه رئيس المعهد الدكتور باتريك مارديني، محلل السياسات الاقتصادية في المعهد مجدي عارف ورئيس نادي الصحافة بسام أبو زيد، في حضور وسائل الإعلام والصحافة.
بداية ، قدم أبو زيد للمؤتمر مشيراً إلى ما صدر من دراسات إحصائية لمنظمة الصحة العالمية، حيث حل لبنان في المرتبة الأولي بين دول آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان، نتيجة التلوث البيئي الناتج عن أزمات النفايات والمنتجات الزراعية التي ترتوي بالمياه الملوثة وغيرها.
ثم قدم عارف دراسة المعهد وبيّن فيها أن المواطن اللبناني يستعمل مياهاً ملوثة بالمجارير وعصارة النفايات للشرب وللاستحمام وغسيل الخضار والطبخ والتنظيف. ويعود ذلك لغياب شبكة الصرف الصحي وتسرب المجارير إلى المياه الجوفية والأنهار والبحيرات. وتصل هذه المياه إلى البيوت عن طريق شبكة الدولة المهترئة التي يعود بعضها إلى أيام السلطنة العثمانية والانتداب الفرنسي فتهدر 50% منها، ويؤمّن الباقي حاجة حوالي 35% من السكان فقط. لذا يضطر المواطن للاستعانة بشركات تعبئة المياه، أي الصهاريج، ويدفع فاتورتين للحصول على مياه ملوثة.
في العام 2011، وضعت وزارة الطاقة والمياه الإستراتيجية الوطنية لقطاع المياه ووعدت بحل المشكلة بحلول العام 2020 بكلفة باهظة بلغت حوالي 10 مليار دولار: ما بين 7.74 مليار دولار استثمارات و2.1 مليار دولار صيانة. وقد شارفت هذه المهلة على الانتهاء وما زالت مشكلة المياه في تزايد نظراً لعجز الخزينة عن التمويل وللإشكالات التي رافقت بناء السدود وتنظيف البحيرات ومجاري الأنهار.
لذا إقترح المعهد اللبناني لدراسات السوق اعتماد سياسة جديدة لإدارة قطاع المياه تعفي ميزانية الدولة من ال10 مليار دولار وتخرج هذا القطاع الحيوي من دائرة التجاذب السياسي وتقتضي تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء: (1) إنتاج و(2) توزيع و(3) نقل.
فبدلاً من الهدر الحالي، تستثمر شركات الإنتاج ثروة لبنان الطبيعية الضخمة التي تبلغ حوالي 4.5 مليار متر مكعب سنويا. وتعمل هذه الشركات على معالجة المياه السطحية مثل البحيرات والأنهار والينابيع التي تشكل 84% والمياه الجوفية (16%) على نفقتها الخاصة من أجل بيعها لشركات التوزيع. لذا فإن من مصلحة شركات الإنتاج زيادة كمية المياه المتاحة وذلك عبر بناء السدود أو تحلية المياه الجوفية وحتى مياه البحر إذا دعت الحاجة. ويسمح نظام منتجي المياه المستقلين(Independent Water Producers IWP) باستغلال الموارد المائية في كافة المناطق بشكل فعال وانخفاض كلفتها على الموزعين نظرا للتنافس بين المنتجين.
وجاء في الدراسة أن شركات التوزيع تشتري المياه من شركات الإنتاج بالجملة وتبيعها بالمفرق حسب الاستهلاك وتجبي الفواتير، ما يجعلها تتأكد أن زبائنها يدفعون الفواتير كونها ستتحمل خسارة من لا يدفع، ما يحسن من نسبة الجباية التي لا تتخطى 50% اليوم. وركز المعهد على أهمية السماح لأكبر عدد من شركات التوزيع باستعمال الشبكة بدل الصهاريج وبيع المياه للمواطن ضمن عروض تنافسية. فإذا رفعت شركة ما سعرها أو تدهورت نوعية خدمتها، يشتري المواطن من شركة أخرى. وتضع هذه المحاسبة المباشرة المواطن اللبناني في سدة القيادة وتتنافس الشركات على خدمته وإسعاده.
وتتولى إدارة شبكة النقل شركات خاصة تضعها بتصرف الموزعين والمنتجين لقاء بدل أجار. وتسعى شركات النقل إلى تحديث الشبكة وصيانتها وتوسيعها لتشمل جميع المنازل مقارنة بحوالي 35% من الطلب فقط اليوم لأن وارداتها مرتبطة بكمية المياه المستهلكة. ويضمن هذا الحل وقف الهدر على الشبكة لأن المياه التي يضخها المنتج تقاس بالعداد وينبغي أن تتطابق مع كمية الاستهلاك، كما أن أي فرق بين الكميتين ستتحمل تكلفته شركات النقل. ويزيل تحسن الشبكة فاتورة الصهاريج عن كاهل المواطن ويمنع اختلاط المياه بالمجارير وعصارة النفايات عند النقل، ما يخفض من نسب الأمراض في لبنان.
ورأت الدراسة أن هذه الصيغة الجديدة تكفل معالجة الكارثة البيئية وخفض السعر وزيادة ساعات التغذية وإصلاح الشبكة وتوفير الـ4.85 مليار دولار المقرر إنفاقها على المياه من خلال قروض سيدر. كما تسمح باستقطاب الاستثمارات إلى المياه ووقف نزيف الدولة وتحويله إلى قطاع ناجح وفعال.
تعليق واحد
تعقيبات: حل لكارثة تلوث المياه وانقطاعها بعيداً عن التجاذبات السياسية | LIMS - Lebanese Institute for Market Studies