بقلم معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التغير المناخي والبيئة بدولة الإمارات
بمناسبة القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2018
في وقت تتضافر فيه الجهود العالمية بين قطاعات المجتمع من مسؤولين وصناع قرار ورجال أعمال ومستثمرين لحماية البيئة والحفاظ على استدامة مواردها والحد من تداعيات التغير المناخي، تبقى مسألة البحث عن قنوات ذات تأثير واسع قادرة على نشر الوعي وحث كافة فئات المجتمع وبالأخص الأفراد على المشاركة في هذه المسؤولية الجسيمة، العنصر الأهم في نجاح هذه الجهود وتحقيق الهدف منها.
وفي عصر باتت وسائل التواصل الاجتماعي العنصر الأهم في نشر المعلومة وضمان تأثيرها، والقدرة على الابتكار هي المعيار الأهم للنجاح، أصبح يمثل الشباب الفئة والقناة الأهم والأكثر قدرة على التأثير ونشر الوعي بالقضايا البيئة والمشاركة في ابتكار حلول فعالة لها بما يخدم تحقيق أهداف الاستدامة.
إن توفر كمية هائلة من المعلومات والبيانات حول القضايا الأكثر إلحاحاً على الساحة العالمية، وبالأخص القضايا البيئية عبر شبكة الإنترنت وتناقلها السريع على وسائل التواصل الاجتماعي، أعطى شباب اليوم ميزة هامة تتمثل في إلمامهم واهتمامهم بهذه القضايا والإشكاليات ورغبتهم في المساهمة بفعالية في خلق حلول قادرة على حلها أو على أقل تقدير الحد من تأثيراتها السلبية والتكيف معها مدعومين بخيال خصب وقدرة عالية على الابتكار.
كل هذه المعطيات تؤكد أن الشباب يمكنهم لعب دور محوري في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 التي وضعتها الأمم المتحدة، وذلك من خلال دورهم كمفكرين وصنّاع قرار وخبراء تواصل. هذه الأهداف التي تسعى جميع الدول والهيئات والمنظمات ذات العلاقة لتحقيقها من خلال التعاون والشراكات الفعالة، حيث تمثل أهداف التنمية المستدامة الـ 17 وغاياتها الـ 169 نموذجاً عن الأجندة العالمية الطموحة في هذا الإطار.
وبادرت دولة الامارات لتبني هذا الأمر وشرعت خلال السنوات الماضية في دعم تمكين الشباب وإشراكهم في صناعة القرار ووضع الخطط والاستراتيجيات المستقبلية، وتعزيز قدرتهم على الابتكار حيث ركزت على عنصري الشباب والابتكار في استراتيجيتها ورؤاها المستقبلية لضمان خلق مستقبل أفضل.
وبدورها تسعى وزارة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات إلى دعم وتعزيز انخراط الشباب بشكل أكبر وأكثر فعالية في القضايا البيئية والمشروعات الخضراء. ومن أهم المبادرات التي تم تنفيذها في هذا المجال إطلاق ملتقى “تبادل الابتكارات بمجال المناخ” (كليكس) خلال فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة مطلع العام الجاري والذي استهدف مساعدة رواد الأعمال والمبتكرين الشباب على إيجاد الحلول لقضايا التغير المناخي، توفير منصة تجمعهم مع المستثمرين ورجال الاعمال سعياً لتحويل ابتكاراتهم ومشاريعهم إلى واقع فعلي.
واستكمالاً لمنظومة الحفاظ على البيئة وتعزيز الدور البارز الذي تلعبه دولة الإمارات في هذا المجال، تعمل قيادتنا الرشيدة على اعتماد خطط واستراتيجيات تستهدف تنويع مصادر الطاقة في الدولة على الرغم من امتلاكها أحد أكبر احتياطيات النفط في العالم، كما تعمل على نشر حلول الطاقة المتجددة والنظيفة محلياً وعالمياً.
وعلى المستوى المحلي وفي هذا الإطار، أطلقت دولة الإمارات مجموعة مبادرات تضمن تحقيق هذا التنوع منها رؤية الإمارات 2021، ومئوية الإمارات 2071، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، والتي تسعى لتوليد 50% من الطاقة من مصادر خضراء بحلول عام 2050.
وعلى المستوى العالمي تسعى الدولة لتعزيز ريادتها العالمية في المجال البيئي خلال الأعوام القليلة القادمة لتكون مركزاً عالمياً للمبادرات الخضراء. ومن أهم أمثلة هذه المبادرات إطلاق القمة العالمية للاقتصاد الأخضر في عام 2014 لتمثل حجر الأساس نحو تحقيق هذه الأهداف الطموحة.
وتهدف القمة لتسهيل تبادل الخبرات والمعارف وتوفر منصة لعرض التقنيات الجديدة التي من شأنها دعم نمو الاقتصاد الأخضر، مثل التقنيات التي تحسن كفاءة استهلاك الطاقة، والحفاظ على الطاقة، وتقليل الهدر. وهو الأمر الذي ستركز عليه الدورة الحالية من القمة والتي تقام برعاية كريمة من سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله)، يومي 24 و25 أكتوبر 2018 تحت شعار “تعزيز الابتكار، قيادة التغيير”.
ومن خلال استراتيجيتها الواضحة ومبادراتها ومشروعاتها الطموحة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، فإن دولة الإمارات تتمتع برؤية شاملة لمستقبل أكثر استدامة لكوكبنا.