كبار قادة قطاع النفط والغاز يضعون التكنولوجيا الرقمية على رأس أولويات التخطيط الاستثماري المستقبلي

أصبح توظيف التقنيات الحديثة يشكل أولوية لدى أبرز صانعي القرار في قطاع النفط والغاز وعاملاً رئيسياً في رسم طرق التطور المستقبلي لأعمالهم التجارية، بعدما ظلّ القطاع يرصد التأثير الإيجابي للتحول الرقمي لفترة من الوقت.

وقدّرت الوكالة الدولية للطاقة أن التقنيات الرقمية يمكن أن تسهم في خفض تكاليف إنتاج النفط والغاز بنسبة تتراوح بين 10 و20 بالمئة، فيما تشير التجارب التي حدثت في القطاع إلى إمكانية تحقيق خفض أكبر. وكان الرئيس التنفيذي لشركة “بي پي” بوب دودلي، صرّح لصحيفة “فايننشال تايمز” بأن “مشروعاً تجريبياً لتطبيق تحليلات البيانات على بعض من آبار الشركة قد أدى بالفعل إلى زيادة الإنتاج بنسبة 20 بالمئة”. ويتوقع تقرير “بي پي” لمشهد التقنية أن يكون بمقدور الشركات في حال توظيف تقنيات التكنولوجيا الرقمية، مثل أجهزة الاستشعار (إنترنت الأشياء) والحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي والروبوتات تقليل تكاليف الطلب الأولي على الطاقة وتكاليف نظم الطاقة بنسبة تتراوح بين 20 و30 بالمئة بحلول العام 2050.

وفي هذا السياق، يقيم معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك)، الحدث العالمي البارز في قطاع النفط والغاز، منطقة جديدة بالكامل مخصصة للتكنولوجيا الرقمية في دورته للعام 2018، المرتقب انعقادها بين 12 و15 نوفمبر الجاري، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويأتي إنشاء “منطقة التكنولوجيا الرقمية” تجاوباً مع الأهمية الكبيرة التي يكتسبها التحول الرقمي. وتم تصميم مساحة العرض الجديدة هذه وتخصيص جلسات في مؤتمر أديبك وبرامج تعليمية لمناقشة استخدام التكنولوجيا الرقمية في القطاع، لمساعدة مجتمع النفط والغاز على فهم كيفية تأثير التكنولوجيا الرقمية ودورها في إحداث التحوّل في أداء الأصول.

ومن الملاحظ أن كبار التنفيذيين يذكرون أن كل جانب من جوانب عمليات النفط والغاز سيشهد درجة من التغيير، على الرغم من أنهم قد يسمّون مجالاً واحداً فقط باعتباره الأكثر تأثراً بالتحول الرقمي، وفق ما قال جان-فيليب كوسيه نائب الرئيس لقطاع الطاقة لدى “شركة دي إم جي للفعاليات”، الجهة المنظمة لمعرض ومؤتمر “أديبك”، موضحاً بأن كل هذه التقنيات الرقمية “مترابط وبعضها معتمد على البعض الآخر”. وأضاف: “عندما تجمع أجهزة الاستشعار الذكية بيانات أكثر، على سبيل المثال، فإن ذلك يتطلب سعات تخزين إضافية وقدرات معالجة إضافية، فضلاً عن حلول متقدمة لتحليل البيانات، وبالطبع، يجب أن يكون هذا كله محاطاً بمنظومة أمنية”.

وأكّد كوسيه أن كبار قادة قطاع النفط والغاز يضعون التكنولوجيا الرقمية على رأس أولويات التخطيط الاستثماري المستقبلي باعتبارها عاملاً أساسياً في إحداث التحوّل.

2ومن المنتظر أن يكون التغير ملموساً على امتداد كامل مراحل وجوانب سلسلة القيمة لقطاع النفط والغاز؛ ففي مجال الاستكشاف والتطوير والإنتاج، أدى استخدام تطبيقات التكنولوجيا الرقمية إلى رفع الإنتاج بصورة ملموسة، كما حسن عمليات حفر وتشييد آبار الإنتاج وأسهم في خفض تكاليف التشغيل وتقليل الوقت غير الإنتاجي والزمن اللازم لتنفيذ المشاريع. أما في مجال التكرير والغاز والبتروكيماويات، فقد ساهم استخدام تطبيقات التكنولوجيا الرقمية في تحسين عمليات الصيانة وعزز موثوقيتها وتطوير عمليات التخطيط والجدولة لعمليات الإنتاج، وتنفيذ خطط زيادة الإنتاج، فضلاً عن الصحة والسلامة والبيئة. كما ساهم توظيف تقنيات التكنولوجيا الرقمية في مجال أعمال الشحن والتخزين والتسويق في خفض تكاليف عمليات الإصلاح والصيانة، من خلال توظيف تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، واستخدام أجهزة الاستشعار والطائرات المسيّرة عن بعد والروبوتات لتحسين عمليات الفحص لخطوط الأنابيب ومنع التسرب.

كما سيتم تضمين استخدام التكنولوجيا الرقمية في برنامج مؤتمر “أديبك” المرموق، والذي يمثل الملتقى الأول لوزراء الطاقة والمسؤولين الحكوميين في القطاع والقادة العالميين وكبار المديرين التنفيذيين لأكبر شركات النفط والغاز في العالم. حيث من المقرّر أن تناقش جلسات المؤتمر الجديدة كيفية استفادة قطاع النفط والغاز من تجارب القطاعات الأخرى في توظيف التكنولوجيا الرقمية لتسريع وتيرة التحول الرقمي، وتعزيز الثقة في اتخاذ القرارات بالاعتماد على البيانات، إضافة إلى قدرات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في إحداث التحوّل في سلاسل الإمداد وأنظمة تتبع الأصول، وكيفية دمج المنصات التقنية القديمة في المنظومات الحديثة.

كما من المقرر أن يلقي معالي عمر بن سلطان العلماء، وزير الدولة الإماراتي لشؤون الذكاء الاصطناعي، كلمة رئيسة أمام المؤتمر يركز من خلالها على استخدام التكنولوجيا الرقمية. كما ستشهد جلسات المؤتمر الجديدة المخصصة لاستخدام التكنولوجيا مناقشات يشارك فيها مجموعة من أكثر المفكرين وصانعي القرار تاثيراً في مجال التكنولوجيا الرقمية، ما يُثري المؤتمر بخبرات متنوعة من جميع أنحاء القطاع.

وتشمل قائمة المتحدثين تنفيذيين كبار من شركات نفط وطنية وعالمية، مثل أدنوك، وأرامكو السعودية، و”بتروناس”، و”غازبروم نفط”، و”توتال”، و”بيميكس”، و”أوه إم في”، و”بيكر هيوز” إحدى شركات “جنرال إلكتريك”، و”ويذر فورد”، و”وينترشال”، والمؤسسة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن. ومن المنتظر أن يشارك في مؤتمر “أديبك” كذلك ممثلون عن قطاعات التقنية والاستشارات، من “مايكروسوفت” و”آي بي إم” و”إس إيه بي” و”سيمنز” و”إيه بي بي” و”أكسنتشر” و”برايس ووترهاوس كوبرز”.

وتشمل منطقة التكنولوجيا الرقمية مساحة مخصصة للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن شركات التقنية القائمة العاملة في قطاع النفط والغاز. كما سيقوم “أديبك” بتخصيص منطقة عرض مخصصة لكبار المسؤولين التنفيذيين وممثلين عن قطاع النفط والغاز لتعريفهم وتثقيفهم بالتوجهات والتقنيات المتغيرة التي تشكل ملامح مستقبل القطاع.

جدير بالذكر أن معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) ينعقد بين 12 و15 نوفمبر 2018 في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، وتستضيفه شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) بدعم من وزارة الطاقة والصناعة الإماراتية وغرفة أبوظبي، ودائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ضمان الاستثمار”: 121 مليار دولار قيمة عمليات تأمين التجارة والاستثمار والتمويل في الدول العربية خلال عام 2023

كشفت في نشرتها الفصلية عن ارتفاع حصة الدول العربية من إجمالي الالتزامات الجديدة عالميا إلى ...

“الريجي” ضبطت منتجات تبغية مهربة ومزورة في بيروت

في إطار جهود إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” المتواصلة لمكافحة التهريب، ضبطت فرقها كميات ...

الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) تدعم بلدية جبيل في إطلاق مبادرة فرز النفايات، لتحسين التحديات المتزايدة للنفايات في المدينة

بدعم من الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة (USAID) ، أطلقت بلدية جبيل مبادرة لفرز النفايات بهدف ...