في إطار مشروع “تعزيز الحوار الإجتماعي في لبنان” الممول من “الإتحاد الأوروبي”، وبرعاية وزير العمل الأستاذ محمد كبارة نظمت وزارة العمل ندوتها الأخيرة من سلسلة جلسات حوار في جميع المناطق اللبنانية والتي شملت طرابلس، زحلة، صيدا، وجونيه، وتهدف هذه الندوات إلى رفع مستوى الوعي وتعزيز الحوار الإجتماعي حول القضايا المتعلقة بتشجيع التوظيف والتدريب المهني، وسلامة العمل، والضمان الإجتماعي، وزيادة التوعية على الخدمات الَتي تقدمها وزارة العمل، والمؤسسة الوطنية للإستخدام، والصندوق الوطني الإجتماعي. بالإضافة إلى تعزيز فرص نجاح الحوار بين الأطراف المنتجة الثلاثة، وتبادل الرؤى للوصول إلى حلول منصفة في قضايا وشؤون العمل والعمّال.
شارك في الندوة التي أقيمت في المجلس الإقتصادي والإجتماعي في بيروت، المستشار الدكتور ربيع كبارة ممثلاً معالي وزير العمل الأستاذ محمد كبارة، وعضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور جورج نصراوي ممثلاً رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي الأستاذ شارل عربيد، ورئيس الإتحاد العمالي العام الدكتور بشارة أسمر، وأمين عام جمعية الصناعيين اللبنانيين الدكتور خليل شري، ومدير عام المؤسسة الوطنية للإستخدام جان أبي فاضل، ومدير الرقابة والتفتيش في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الدكتور عيَاد السَباعي. نسقت الجلسة ودارت الحوار الاعلامية غادة بلوط زيتون.
رحب جورج نصراوي بالحضور وألقى كلمة الاستاذ شارل عربيد الافتتاحية وجاء فيها: “هذه الندوات نختتمها اليوم في بيت الحوار والاقتصاد والاجتماع، في بيت اللبنانيين الجامع لهذا المجلس الكريم، ان مشروع الحوار الاجتماعي الذي يستضيف مجلسنا فريق الدعم التقني التابع له في مكاتبنا ايمانا منا بالحوار والتزاماً بمحاولة تقريب وجهات النظر والعمل على تأمين الفرص الافضل للشعب اللبناني بمختلف شرائحه.”
كما ألقى الدكتور كبارة كلمة وزير العمل وجاء فيها: “إن انطلاقنا لمشروع تعزيز الحوار الإجتماعي في لبنان والممول مشكوراً من الاتحاد الأوروبي، ومتابعتنا الحثيثة له يؤكّد مرة أخرى على الأهمية الكبيرة التي نوليها للحوار كما ويشدد ايماننا انه أفضل منهجية من الواجب اتباعها لدعم وتأييد الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية في لبنان، وتعزيز الحكم السليم والمساواة بين الجنسين.”
وختم كبارة قائلا: “اننا مثابرون باذن الله بالسعي لحصول اللبنانيين جميعا بالحق للتمتع بحياة كريمة، وان تضافر جهودنا جميعا من ادارات الدولة والمجتمع اللبناني والهيئات المحلية هي الطريق الأسلم للوصول إلى أهدافنا، طبعا بالإضافة إلى العلاقات التي يتمتع بها لبنان مع المجتمع الدولي والدول الصديقة التي لم تتوانى يوما عن مؤازرتنا ودعمنا عند الحاجة.”
ثم أطلقت الاعلامية غادة بلوط زيتون جلسة الحوار التي تخللتها أسئلة من الحضور موجهة الى أعضاء حلقة النقاش وركزّت في كلمتها على أهمية هذه الندوات الّتي تنطلق من رحم الأزمة، وتبحث عن السُبل التي بإمكانها أن تجمع بين رأي المجتمع المدني والعمال وأصحاب العمل، من خلال الحوار البَناء رغم تضارب المصالح بين الفريقين، في ظل ما يعيشه لبنان من تجاذبات سياسية تعيق تشكيل حكومة فاعلة، تضع خطة طوارىء إقتصادية تواكب فيها ما التزمت به أمام المجتمع الدّولي في المؤتمرات الّتي خصصت للبنان ولاسيما مؤتمر “سيدر” والمشاريع الّتي يمكن أن تخلق فرص عمل جديدة لللبنانيين وتساهم في إمتصاص البطالة.
كبّارة
إعتبر الدّكتور ربيع كبّارة ردًّا على سؤال من الحضور عن ازدياد اليد العاملة الأجنبية التي تسبب الفوضى في مجتمعنا وتساهم في هجرة شبابنا “إن القطاع الزراعي كان يستعين منذ القديم ولا يزال باليد العاملة الأجنبية، ولكننا لا نعطي الأفضلية لهم والكل يعلم أن وزارة العمل تعطي الأولوية لللبنانيين، وقد سنّت قوانين لا يسمح فيها لغير اللبنانيين بالعمل في قطاعات محددة.
وأكد كبّارة على وجود ثغرات بين الواقع والقانون، إذ هناك عمال أجانب يعملون بطرق غير شرعية، وعلى وجود شغور ونقص في وزارة العمل في كوادر المراقبة والتفتيش بنسبة 60%، مركزا على أهمية دور البلديات والمواطنين في الإبلاغ عن المخالفات والتجاوزات، لتحريك جهاز التفتيش وإغلاق المؤسسات والمحال غير الشرعية.
شري
وشدّد الدّكتور شري على أن موضوع العمالة الأجنبية، هو موضوع حساس يتخطى حدود المراقبة والتّفتيش، إذ يرزح تحت وطأته كل الإقتصاد اللبناني، وله أبعاد ومواقف دولية، “حتّى إن مؤتمر “سيدر” في موضوع الإستثمار اللبناني اشترط علينا تشغيل جزء من العمال الأجانب تحقيقا لإهدافهم السياسية.”
وأضاف “لقد فقدنا كقطاع صناعي الكثير من المهارات إما عن طريق الهجرة أو عن طريق عدم تأهيل وتنمية قدرات العامل اللبناني، ما انعكس سلبا على الصناعة اللبنانية.
واعتبر شري “إن كلفة اليد العاملة الاجنبية المتدنية هي جزء من صمودنا في ظل أزمتنا الإقتصادية، ونحن مضطرون أن نخفض كلفة يدنا العاملة في ظل المنافسة الحادة التي نواجهها، على مستوى السّوق الداخلي أو الأسواق الخارجية .
أبي فاضل
أكد الاستاذ جان أبي فاضل إن نسبة هجرة الشباب اللبناني في إرتفاع بسبب عدم توافر فرص العمل ” لقد علمنا أن 35 ألف لبناني هاجر حديثا، بحثا عن سبل العيش الكريم فالعمال الأجانب يأخذون الفرص من أمام اللبنانيين. إنه واقعنا المرير شئنا أم أبينا. أما عن دورنا كمؤسسة وطنية للإستخدام فإننا نتعاون مع وزارة الصناعة ومع كل القطاعات لتأمين الوظائف في الأماكن الشاغرة، بالإضافة إلى تركيزنا على القيام بدراسات شاملة لأوضاع السوق المحلية، بهدف إطلاع تلامذة المدارس على حاجات الأسواق اللبنانية.”
وأشار أبي فاضل إلى أن المؤسسة الوطنية للإستخدام تسعى دائما لإيجاد فرص عمل لذوي الإحتياجات الخاصة، “ولكننا نجد صعوبة إذ ان بعض المؤسسات لا تطبق القوانين الصادرة في شأن توظيفهم ما جعلنا نوقف تدريبهم حتى إشعار آخر.”
نصراوي
رأى جورج نصراوي أن معظم الطّلاب يتوجهون إلى نيل الشهادات العليا “مع العلم أنه في إلمانيا مثلا نجد أن اقتصادها ناجح ومزدهر لأنّها تتمتع بتوجيه مهني صحيح. أما في لبنان فنجد مراكز عمل كثيرة شاغرة في المصانع، وذلك بسبب غياب التوجيه والتدريب المهني.”
وأضاف “إننا كمجلس إقتصادي وإجتماعي نعمل على دراسات سنظهرها قريبا للعلن، وننتظر تأليف الحكومة لنقدمها لها.
السّباعي
أعطى الدكتور عيّاد السّباعي صورة واضحة عن الواقع الحالي للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ومدى تقدمه إداريا وماليا وتنظيما مؤكدا “إن الضمان الإجتماعي بألف خير أي إن ثلث الشعب اللبناني بألف خير، وإن إفلاس بعض المؤسسات على عددها لا يعطينا صورة ضبابية حتى اليوم.” وعرض دور الضمان الإجتماعي في تعزيز الحماية الإجتماعية “لقد ضبطت مديرية التفتيش والمراقبة 400 من الأجراء الوهميين الذين لا يعملون فعليا في مؤسسات ويستفيدون منها بطرق غير شرعية وعن غير وجه حق.”
أسمر
إعتبر الدّكتور بشارة أسمر “أن الحوار لم يؤت ثماره بعد والسبب عدم التكافؤ، فالحوار الإجتماعي يقتضي وجود الدولة الراعية له، وهي تكاد تكون غائبة “إننا نحمل الدولة مسؤولية العمالة الأجنبية وانعكاساتها على مجتمعنا واقتصادنا سلبيا، بالإضافة إلى غياب سياسة تربوية لتوجيه طلابنا ومواجهتهم حاجات سوق العمل.” وأضاف “أدعو إلى ثلاثية التمثيل في الجامعة اللبنانية، وفي وزارة الصحة، والمستشفيات الحكومية لا نستطيع أن نفصل الإتحاد العمالي العام عن أي مدرسة أو جامعة أو مستشفى حكومي، يجب أن يكون موجودا في جميع الوزارات من هنا يبدأ الحوار.”
وكانت مداخلات قيمة من قبل المسؤولين في مختلف القطاعات والنقابيين والمهتمين في هذا الشأن، تمحورت حول أهمية حماية اليد العاملة اللبنانية، وتعزيز التنمية الريفية في العمل والإنتاج، وضرورة تدريب ذوي الحاجات الخاصة للإنخراط في مجال العمل والتوظيف وأكدوا على أهمية توحيد الخطاب لإنقاذ البلد من الإنهيار.