تشهد ساحة الطاقة العربية اهتماما بتكنولوجيات الإنتاج النظيفة، يظهر ذلك فى رصد العديد من هذه الدول لأهداف مستقبلية لمشاركة أنظمة الطاقة المتجددة، مثل تطبيقات طاقة الرياح والطاقة الشمسية لأغراض إنتاج الكهرباء، وأيضا التسخين الشمسى للمياه فى القطاع المنزلى، وهو ما يدعونا إلى رصد وتفعيل النشاط العربى المستقبلى فى المجال البيئى الهادف إلى زيادة مشاركة تطبيقات الطاقة المتجددة على مستوى الدول، والذى يحتاج إلى توافر الإجراءات التنظيمية الداعمة من قبيل البناء المؤسسى والإطار القانونى الضامن لشفافية سوق الطاقة، والمساواة فى الفرص وتقديم الخدمات بسعر مناسب.
هذا، ويرى الكثير من الخبراء أن التحرك العربى فى هذا المجال يعد لافتاً للنظر، اعتماداً على المقارنة بين التوجه المستقبلى وما تم تحقيقه حتى الآن، وبما يدل عليه هذا الحراك من ضرورة وضع شئون تأمين مصادر الطاقة وتنوع مصادرها وجودة خدماتها ضمن إطار بيئى آمن.
تفيد أرقام جديدة صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، ومقرها أبوظبي، بأن تلبية جميع أهداف الطاقة المتجددة المعلن عنها في دول مجلس التعاون الخليجي من شأنه توفير أربعة مليارات برميل من النفط، فضلاً عن خفض انبعاثات الكربون بنسبة 1.2 غيغاطن، من الآن وحتى العام 2030.
وتُعادل هذه الأرقام استهلاكاً أقل بنسبة 25 بالمئة سنوياً من الوقود الأحفوري في قطاع الكهرباء والمياه بحلول العام 2030، وخفضاً إجمالياً بمقدار 8 بالمئة في البصمة الكربونية للفرد الواحد على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة. وسيتم توليد 74 في المائة من الطاقة المتجددة المنتجة في دول مجلس التعاون الخليجي، والمقدرة بـ 69 غيغا وات، في المملكة العربية السعودية.
المشهد البيئى العربى
يمتد الوطن العربى لآلاف الأميال من طرفه الشرقى فى الخليج العربى إلى المحيط الأطلسى فى طرفه الغربى، ومن جبال سوريا ولبنان حتى الهضبة الاستوائية وسهول الصومال، على مساحة تجاوز 14.2 مليون كيلو متر مربع. وبصفة عامة، تمثل هذه الرقعة الفسيحة نظما إيكولوجية مختلفة فى طبيعتها ومتطلبات رعايتها وتعظيم عطائها. ومع إمكانية أن يجمع بعض هذه المناطق هم بيئى مشترك، مثل نقص الموارد المائية أو قصور التعامل مع النفايات أو تلوث المناطق الساحلية، إلا أن الحلول المقترحة تظل مرهونة بأسباب التلوث وبالخصائص المميزة لكل منطقة. أيضا نستطيع أن نلاحظ ارتفاع مستويات تلوث الهواء فى غالبية المدن العربية، وتدهور البيئة الأساسية، وتراكم القمامة المنزلية، وزيادة مستويات النفايات الصناعية والزراعية الخطرة، وهو ما أدى إلى تأثيرات سلبية على صحة الإنسان والكائنات الحية.
وقد برزت على المستوى العالمى قضايا سياسات الطاقة نتيجة الربط المباشر بين تلوث الهواء وارتفاع معدلات التلوث من مصادر الطاقة الأحفورية، وأيضا عمليات الإنتاج والتصنيع، مما حدا بالكثير من الدول إلى اتخاذ إجراءات رادعة فى مجالات التقنين والترشيد الخاص بإنتاج واستهلاك الطاقة، وذلك بإدخال أساليب وتكنولوجيات نظيفة للإنتاج، واستخدام الأدوات الاقتصادية المحفزة لترشيد الاستهلاك والحد من التلوث. كما اتخذت العديد من الدول عددا من الإجراءات لخفض أو للحد من الانبعاثات الصادرة عن استخدام الموارد الأحفورية، منها إجراءات اقتصادية (التدخل فى الأسعار)، وأخرى ترشيدية (ترشيد الاستخدام)، وتكنولوجية (التكنولوجيا النظيفة)، وقانونية (استخدام المعايير والقوانين البيئية).
وقد أسهم ترشيد الطلب على الطاقة – فى بعض الدول العربية – فى تأكيد أن وفرة الموارد لا تعنى رخص وسوء استخدامها، وإنما تسعيرها بعقلانية تتناسب مع الاستخدام. ويمكن القول إن لدى معظم الدول العربية استراتيجيات وسياسات وخططا واضحة ومحددة فى مجال إنتاج واستخدام مصادر الطاقة التقليدية، إلا أنها ليست على هذا النحو فى مجال استخدام الطاقة المتجددة، علما بأنه قد صار من المسلم به أن استخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة، واتباع سياسات ترشيد واستهلاك، وتحسين كفاءة إنتاج واستخدام الطاقة، تمكن الدول من زيادة الرقعة التى تخدمها الطاقة، وبخاصة فى المناطق الريفية والفقيرة. وللإنصاف، يجب علينا أن نذكر تبنى عدد من الدول العربية (المملكة الأردنية الهاشمية ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وسوريا ولبنان ومصر والإمارات وليبيا) سياسات واضحة فى مجال إنتاج واستخدام الوقود الأحفورى الأنظف، وتحسين إدارة النقل لتخفيف الآثار البيئية المترتبة عنه، وذلك بزيادة الاعتماد على الغاز الطبيعى بدلا من زيت الوقود فى المحطات الحرارية ووسائل النقل، لما للغاز من آثار بيئية أقل، أما الخطوات التى اتخذتها الدول العربية فى مجال تحسين البيئة، من خلال الاعتماد على المصادر النظيفة للطاقة الكهربية، فتبدو خطوات صغيرة إذا قورنت بتلك المتخذة من قبل الدول المتقدمة. فباستثناء مصر والمغرب وتونس التى قطعت شوطا كبيرا – بالمقارنة بالدول العربية الأخرى – فى مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فقد اقتصرت الإجراءات العربية على إعداد مخططات عامة لتنمية وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب تنفيذ وحدات تجريبية محدودة القدرة لطاقة الرياح.
قطاعات استهلاك الطاقة
بصفة عامة، تمتد خدمات الطاقة إلى ما هو أبعد من استخداماتها المباشرة – والتى تشمل التدفئة والطهى والإضاءة – إلى حزمة من الدعامات الأساسية للتنمية. فالكهرباء تتيح العديد من الخدمات التى يمكن الحصول عليها فى أى وقت، وهو ما ينعكس على زيادة ساعات العمل والإنتاجية، وتوفير الرعاية الصحية، وخدمات التعليم وغيرها بصور أفضل. وبالتالى، تمثل كثافة استهلاك الطاقة (مقدار الطاقة المستهلكة للحصول على منتجات بقيمة ألف دولار) مؤشرا على تطور هذه الخدمات.
بالنسبة للدول العربية، ارتفع معدل نمو استهلاك الطاقة فى المتوسط بنسبة 4.2% خلال عام 2008 بالمقارنة مع 5.5% فى عام 2007، ليصل إجمالى الاستهلاك إلى نحو 9.6 مليون برميل بترول مكافئ يوميا. ويمكن تقسيم الدول العربية بحسب نمو الطلب على الطاقة إلى ثلاثة أقسام هى:
1- دول تجاوز معدل نموها 6%، وتتضمن ثلاث دول هى ليبيا 7.5%، وقطر 6.8%، والكويت 6.1%.
2- دول يتراوح معدل النمو فيها بين 3% و5%، وتشتمل على ست دول هي: المملكة العربية السعودية 4.7%، وتونس 4.5%، وسوريا 4.3%، والإمارات العربية المتحدة 3.9%، والجزائر 3.8%، والعراق 3.7.
3- دول لم يتجاوز فيها معدل النمو 3% وهى: مصر 2.5% والبحرين 2.2%.
النفط والغاز
يتميز قطاع الطاقة العربى بوجود مؤثر لمنتجات النفط والغاز، حيث يمثل النفط المصدر الأساسى الذى تعتمد عليه الدول العربية فى تغطية متطلباتها من الطاقة بنحو 5.2 مليون برميل بترول مكافئ يوميا، ملبيا 53.9% من إجمالى استهلاكها فى عام 2007. وقد جاءت الزيادة فى حجم الاستهلاك فى عام 2007 بصورة رئيسية من أربع دول هى المملكة العربية السعودية وليبيا والعراق ومصر، حيث بلغ حجم الزيادة 60، و22، و20، و20 ألف برميل بترول مكافئ، على الترتيب. ويأتى الغاز الطبيعى فى المركز الثانى بنسبة 43.5% فى العام نفسه. ونظرا لاختلاف درجة توافر واستغلال الغاز الطبيعى بين الدول العربية، فإن الأهمية النسبية له تختلف من دولة لأخرى، بينما تلعب الطاقة الكهرومائية والفحم أدوارا ثانوية فى الإمداد بالطاقة.
وقد بلغت احتياطيات الغاز الطبيعى فى مطلع عام 2007 قرابة 54722 مليار متر مكعب، تمتلك قطر 48% منها، تليها المملكة العربية السعودية 13.4%، ثم الإمارات العربية المتحدة والجزائر بنحو 11.3% و8.4% على الترتيب. وللغاز الطبيعى جاذبية خاصة ترجع إلى كفاءته النسبية مقارنة بالمصادر الأخرى، كما أنه يعد مصدرا أكثر نظافة مقارنة بالفحم والبترول.
على صعيد الإنتاج اليومى، بلغ إنتاج النفط 22 مليون برميل فى عام 2007، بانخفاض مقداره 4.7% عن العام السابق. وتستأثر السعودية والإمارات والكويت والعراق وليبيا بالنصيب الأكبر. أما الإنتاج اليومى للغاز، فقد وصل إلى 1.1 مليار متر مكعب بزيادة مقدارها 6.8% عن عام 2006. وتعد قطر الدولة الثالثة فى العالم من حيث احتياطى الغاز الطبيعى بعد روسيا وإيران، ويوجد فى قطر الحقل الأكبر فى العالم من حيث المخزون، وهو حقل الشمال الذى يقدر احتياطى الغاز فيه بما يزيد على 900 تريليون قدم مكعبة.
الفحم والديزل
يساهم الفحم مساهمة محدودة فى ميزان الطاقة فى الدول العربية التى يقدر إجمالى استهلاكها منه بنحو 110 آلاف برميل بترول مكافئ يوميا. وقد تراجعت حصة الفحم فى إجمالى استهلاك الطاقة فى الدول العربية من 1.2% فى عام 2003 إلى 1.1% فى عام 2007. ويجرى استهلاك الفحم فى أربع دول فقط هى المغرب ومصر والجزائر ولبنان بمعدل استهلاك يومى 75، 20، 12، 2.6 ألف برميل بترول مكافئ.
من ناحية أخرى، يتركز استخدام الديزل كمصدر من مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية فى العديد من الدول، منها المملكة العربية السعودية والعراق واليمن وعمان، أخذا فى الاعتبار اختلاف نسبة مشاركة قدرة الديزل إلى مجموع القدرات المركبة فى كل منها. ففى حين يسهم بنسبة 3.6 % من القدرات المركبة بالمملكة العربية السعودية، يصل إلى 57% باليمن. ويرجع هذا إلى استخدامه فى المناطق النائية بالمملكة العربية السعودية وعمان لصعوبة وصول الشبكة إلى تلك المناطق وارتفاع تكلفتها، فى حين يعتمد عليه بشكل أساسى فى اليمن كمصدر للطاقة الكهربائية.
المشهد المستقبلى للطاقة المتجددة
أ) الطاقة المائية:
تنحصر إمكانات توليد الطاقة الكهربائية فى استخدام المساقط المائية فى عدد قليل من الدول العربية، لذا تساهم بمحدودية فى منظومة إنتاج الطاقة الكهربائية. تشارك الطاقة المائية بإجمالى قدرات مركبة 9581 ميجاوات، تتركز فى كل من مصر والعراق والمملكة المغربية وسوريا لتمثل 7% من القدرات المركبة لإنتاج الكهرباء فى الوطن العربى. ونظرا لاستنفاد معظم المصادر المائية العربية – باستثناء مشروع سد مروى فى السودان (1250 ميجاوات) – تقل مشاركة الطاقة المائية فى سلة الطاقة الكهربائية العربية عاما بعد عام.
ب) طاقة الرياح:
تتركز استخدامات طاقة الرياح فى الوطن العربى فى الدول الواقعة شمال إفريقيا. وبالنظر إلى خريطة مزارع الرياح فى الوطن العربى لعام 2008، نجد تصدر مصر والمملكة المغربية وتونس للدول العربية بإجمالى قدرات مركبة 430 ميجاوات، 124 ميجاوات، 20 ميجاوات، على الترتيب، لتبلغ مساهمة طاقة الرياح نحو 0.35% من إجمالى قدرات إنتاج الطاقة الكهربائية بالوطن العربى، وهى مساهمة صغيرة ومحدودة. يأتى هذا مع اتخاذ العديد من الدول العربية عدة خطوات إيجابية فى هذا المسار، تعتمد على تبنى خطط وأهداف طموح لزيادة الاعتماد على طاقة الرياح.
ج) الطاقة الشمسية:
تتمتع الدول العربية بتوافر معدلات مرتفعة من الإشعاع الشمسى الكلى تتراوح بين 4 و8 كيلوات ساعة/م مربع/يوم. كما تتراوح كثافة الإشعاع الشمسى المباشر بين 1700 و2800 كيلوات ساعة/م مربع/السنة، مع غطاء سحب منخفض يتراوح بين 10% و20% على مدى العام، وهى معدلات ممتازة وقابلة للاستخدام بشكل فعال مع التقنيات الشمسية المتوافرة حاليا، حيث ينتشر – فى بعض الدول العربية – استخدام الطاقة الشمسية فى مجالى التسخين المنزلى للمياه وبعض النماذج الريادية لتحلية المياه، كما هو الحال فى سوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن، ومصر. أيضا، يوجد العديد من مصانع إنتاج أنظمة التسخين الشمسى للمياه فى العديد من الدول العربية. ففى الأردن، يوجد 25 مصنعا تنتج 4000 نظام تسخين شمسى للمياه سنويا. وفى فلسطين، تستخدم أجهزة التسخين الشمسى للمياه فى نحو 70% من المنازل. أما فى مصر، فقد تم تنفيذ بعض المشروعات الريادية فى مجال التسخين الشمسى للمياه لدرجات الحرارة المتوسطة (من 80 إلى 150) واستعادة الحرارة المفقودة بالتعاون مع بعض الجهات الأجنبية. وتعد تجربة تونس فى مجال السخانات الشمسية إحدى التجارب الرائدة على مستوى الدول العربية، حيث نفذت بالتعاون مع مرفق البيئة العالمى والحكومة البلجيكية برنامجا لدعم استخدام السخانات الشمسية فى عام 2003، أسهم فى رواجها ونشر استخدامها فى قطاعات عديدة، مما ساعد فى توطين صناعتها فى تونس. وفى الأردن، تعتزم المملكة رفع نسبة استخدام سخانات المياه الشمسية فى المنازل إلى 50% بحلول عام 2020.
إلا أن التطور الأهم لاستخدام الطاقة الشمسية فى الدول العربية هو بدء الدخول فى نظم التوليد الشمسى الحرارى للكهرباء إلى حيز التطبيق. ففى مصر، تم البدء فى تركيب محطة شمسية حرارية بالتكامل مع الدورة المركبة “Integrated Solar Combined Cycle, ISCC” بقدرة 140 ميجاوات، ويتوقع ربطها بالشبكة الكهربائية أواخر عام 2010. وفى المملكة المغربية، يجرى إنشاء محطة مماثلة بقدرة 470 ميجاوات، منها 20 ميجاوات من الطاقة الشمسية. أما فى الجزائر، فيجرى بناء محطة 100 ميجاوات بنظام (أنشئ، تملك، شغل، وانقل “Build, Own, Operate, and Transfer, BOOT” ).
د) الكتلة الإحيائية:
تعد الكتلة الإحيائية أحد مصادر الطاقة التى شاع استخدامها فى القرون الماضية، خاصة قبل ظهور النفط. وتتكون الكتلة الإحيائية من مواد محلية (مثل مخلفات المحاصيل، والخشب، وروث الحيوانات… الخ). وعلى الرغم من أن كثيرا من دول العالم قد انتقلت من استخدام هذا المصدر إلى مصادر الطاقة الأحفورية، وبخاصة مع إنتاج النفط، إلا أن الكتلة الإحيائية لا تزال تستخدم فى الكثير من دول العالم، وإن اختلفت التطبيقات التى تشارك فيها.
فى الوطن العربى، يتركز استخدام الكتلة الإحيائية فى المغرب، حيث توفر الكتلة الإحيائية نحو ثلث الطلب على الطاقة الأولية، ويتزايد استخدامها بكثافة فى المناطق الريفية. ومن المعروف أن المغرب تنتج يوميا قرابة الـ 8000 طن من القمامة ونحو 1.1 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحى، يخضع أغلبها لمعالجات وعمليات إعادة الاستخدام بشكل مكثف فى المناطق الريفية النائية.
على نحو آخر، يوجد فى هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة فى مصر معامل للكتلة الإحيائية، كما تجرى العديد من المشروعات البحثية المشتركة بين الهيئة وأكاديمية البحث العلمى بهدف تطوير استخدامات الكتلة الإحيائية واستخدامها الاستخدام الآمن.
هـ) الطاقة النووية:
ينحصر استخدام الطاقة النووية عربيا فى مجالات الطب والزراعة. أما على مستوى إنتاج الطاقة الكهربائية، فلا توجد محطات نووية حتى وقتنا الراهن.
وبالعمل على تأمين مصادر الطاقة مستقبليا، ولمجابهة الطلب المتزايد عليها، اتجه عدد من الدول العربية إلى دراسة إنشاء محطات نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية. فقد أعلنت مصر أنها بصدد إنشاء محطة طاقة نووية بقدرة 1000 ميجاوات لأغراض إنتاج الطاقة الكهربائية، ويتوقع بدء تشغيلها بحلول عام 2017. كما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستساعد المملكة العربية السعودية على تطوير طاقة نووية آمنة لأغراض الاستخدامات السلمية فى مجالات الطب وإنتاج الطاقة. أيضا، طرحت الإمارات العربية المتحدة مناقصة لبناء محطة نووية. على نحو آخر، فإن الأردن بصدد توقيع اتفاق مع شركة فرنسية لشراء مفاعل نووى يعمل باليورانيوم المخصب لاستخدامه للأغراض السلمية، خاصة توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه للمملكة التى تعانى شحا فى مصادر الطاقة.
مشاركة الطاقة المتجددة حتى عام 2020
طبقا لما أعلنته الدول العربية كأهداف مستقبلية لمشاركة أنظمة الطاقة المتجددة فى إنتاج الطاقة الكهربائية، فإن القدرات المركبة من هذه الأنظمة سوف تتراوح بين 3% و4.4% بحلول عام 2020. وتعطى هذه المشاركة المستقبلية – من جانب الدول العربية – نظرة متفائلة تجاه قضايا البيئة وإنتاج الطاقة من المصادر النظيفة، خاصة إذا علمنا أن هذه النسب تصل إلى نحو عشرة أضعاف ما تم إنجازه حتى الآن على صعيد الطاقة المتجددة. وسوف تكون مشاركة بدائل الطاقة المتجددة لكل دولة طبقا لما يبينه الجدول المرفق، وستكون المشاركة التفصيلية على النحو التالى:
طاقة الرياح
يتوقع أن ترتفع نسبة مشاركة طاقة الرياح فى مشروعات توليد الطاقة الكهربائية فى الفترة القادمة بسبب أن تكلفة الطاقة المنتجة منها (حاليا) تقل عن نظيرتها المنتجة من الطاقة الشمسية، إلى الحد الذى تنافس فيه طاقة الرياح المحطات الحرارية، فى حال احتساب سعر الوقود بالسعر العالمى وليس السعر المدعم الذى تتبناه العديد من الدول العربية، وبالتالى فطاقة الرياح هى الأجدر بالاستخدام أولا. ويتوقع فى هذه الفترة أن تستنفد مشروعات طاقة الرياح نسبة كبيرة من المواقع ذات سرعات الرياح العالية لتميزها بانخفاض تكلفة الإنتاج فيها عن المواقع ذات السرعات الأقل. وسوف تكون دول مثل المغرب ومصر وتونس وليبيا والأردن والإمارات قد انتهت من تركيب محطاتها المحددة كهدف استراتيجى لها.
الطاقة الشمسية
سوف تتنوع استخدامات الطاقة الشمسية من خلال مشاركة تكنولوجيات السخانات شمسية، والخلايا شمسية، والمركزات شمسية حرارية لتوليد الكهرباء. ومن الجدير بالذكر أن التوسع فى استخدام الطاقة الشمسية لأغراض تسخين المياه، سواء فى المنازل أو المصانع، سيأتى تأثرا بالتشريعات والحوافز العاملة على ترويج هذه التطبيقات، وهو ما يرهن التقدم فى هذه التكنولوجيات بالتطوير الملائم فى التشريعات وآليات التنفيذ. كما يتوقع أن تعمل تعريفة الكهرباء على توجيه قطاع كبير من مستخدمى السخانات الغازية والكهربائية إلى السخانات الشمسية.
على نحو آخر، ستستخدم الطاقة الشمسية الضوئية لتوليد الكهرباء وذلك لإنارة الطرق، والشوارع، والإعلانات، والمناطق النائية، والتى لن تجد بديلا سريعا واقتصاديا عن الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء. يضاف إلى ذلك مشاركة الطاقة الشمسية فى توليد الكهرباء بالنظم الشمسية الحرارية. فالآن، توجد ثلاث محطات تحت التركيب فى كل من المملكة المغربية ومصر والجزائر، وكذلك دراسات جدوى لمشروعات أخرى فى الأردن والكويت ومصر والإمارات العربية المتحدة، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا على بدء انتشار هذا النوع من المحطات فى البلدان العربية.
وفى هذه المرحلة، سوف تنتهى دول مثل المغرب ومصر وليبيا والأردن والإمارات من تركيب محطاتها المحددة كهدف استراتيجى لها.
الآثار البيئية المتوقعة
تم تقدير الخفض (المبدئى) المتوقع فى غازات الدفيئة نتيجة الوصول بمشاركة الطاقة المتجددة بـ 4.4% فى إنتاج الكهرباء، وكبديل للوقود المستخدم فى المحطات الحرارية الحالية لتوليد الطاقة الكهربائية إلى 10.8 مليون طن بترول مكافئ سنويا. كما سيصل خفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون إلى 27.5 مليون طن سنويا بحلول عام 2020. هذا، وقد تم احتساب متوسط خفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بمتوسط 500 جرام لكل كيلوات ساعة، واستهلاك الوقود 225 جرام مازوت لكل كيلوات ساعة، وذلك بأخذ خليط المحطات الحرارية بجمهورية مصر العربية كمرجع.
بدا جليا أن الشأن البيئى ليس أمرا محدود الاهتمام ببلد أو منطقة محددة، بل هو أمر يهم الجميع. فالبيئة لا تعرف حدودا سياسية، لذا أصبح لزاما علينا التفكير والعمل فى الشأن البيئى على أنه عمل جماعى ذو مردود إقليمى/ دولى. أما مسألة إدارة البيئة، فقد وضح أن لها قدمين لا تستطيع الاستغناء عنهما حتى تمضى قدما، هما “أدوات السيطرة والرقابة” و”أدوات الحفز وتنشيط المبادرات”، هذا مع ضمان وجود وعى بيئى لدى المجتمع، يستطيع أن يضمن استمرار إدارة البيئة بشكل إيجابى وفعال.
ومع توقع استمرار ارتفاع معدلات الطلب على تكنولوجيات الطاقة المتجددة خلال السنوات القادمة، ليس فقط على المستوى العالمى – والذى يتأثر مستهلكوه بتغيرات أسعار النفط والغاز الطبيعى – وإنما أيضا على مستوى العالم العربى، يصبح التأخر فى تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة – لدول تمتلك الموارد الطبيعية (سرعات رياح وإشعاع شمسى) بمعدلات تسمح بالإنتاج التجارى للطاقة – إهدارا لهذه الموارد، واستهلاكا لبدائل عالية التكلفة (المصادر الحرارية).
إن البدء فى عمل عربى مشترك فى الشأن البيئى يرقى إلى مستوى الاستراتيجية يبدو أمرا حتميا، فالأسباب والمبررات التى طرحت فى هذه الورقة عديدة، منها تزايد الاعتماد على المحطات الحرارية، وبالتالى ارتفاع معدلات استهلاك الوقود الأحفورى، علما بأن هذا الوقود ليس متاحا لكافة الدول العربية. وحتى لا تختلط الأمور، فإن الدعوة لزيادة الاعتماد على المصادر المتجددة لا تعنى إزاحة الطاقة الأحفورية، ولكنها تدعو لإفساح قدر أكبر للطاقة النظيفة، هذا على الرغم من غنى بلدان الوطن العربى بمصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وأيضا الاتجاه العالمى إلى بناء تكتلات وكيانات فى مختلف أوجه التعاون. كما أن بيئتنا تستحق منا مزيدا من الاهتمام. وعلى الرغم من الصعوبات المتوقعة من قبيل الالتزام بمعايير بيئية وتشريعات وقوانين قد ترى بعض البلدان أنها ترف لا تستدعيه التحديات الحالية، إلا أننا نتطلع إلى عمل مشترك يرقى لمستوى الاستراتيجيات الإقليمية.