سعد أزهري: الصحافة النزيهة والإعلام المستنير هما من المقوّمات الرئيسية للحياة الديموقراطية في لبنان
تكريماُ للأسرة الإعلامية اللبنانية، قام بنك لبنان والمهجر بتنظيم مأدبة غداء على شرف الصحافيين والإعلاميين نهار الخميس في 28/3/2019 في فندق Four Seasons تكريماً لعطاءاتهم وتفانيهم في العمل الصحافي. وقد حضر الغداء نقيب الصحافة السيد عوني الكعكي ونقيب المحررين السيد جوزيف قصيفي وكبار الصحافين والمحللين وأبرز المسؤولين في بنك لبنان والمهجر.
وقد ألقى السيد سعد أزهري رئيس مجلس إدارة مدير عام بنك لبنان والمهجر كلمة في المناسبة ورد فيها ما يلي:
حضرة نقيب الصحافة الأستاذ عوني الكعكي المحترم ،
حضرة نقيب المحرّرين الأستاذ جوزف قصيفي المحترم،
حضرات الإعلاميين والصحافيين الكرام،
أيّها الحفل الكريم،
يسعدني بإسمي وبإسم بنك لبنان والمهجر أن ارحّب بكم في هذا اللقاء التقليدي الذي يجمع بنك لبنان والمهجر مع أركان الصحافة والإعلام في لبنان. ونحن حريصون دائماً على أن نُبقي قنوات التواصل مع الإعلام والصحافة مفتوحة، وذلك من قناعتنا بأن الصحافة النزيهة والإعلام المستنير هما من المقوّمات الرئيسية للحياة الديموقراطية في لبنان، كما أنهما يشكّلان أحد أهم مصادر التحليل والإستقصاء والمعلومات لمختلف القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تصبّ في مصلحة البلد ومستقبله. فأهلاً وسهلاً بكم، وأملي أن تبقى رسالة الصحافة والإعلام في لبنان منارة تُضيء كافة جوانب الحياة فيه، وأن يبقى القطاع المصرفي الحجر الأساس في عمل وتطوّر الإقتصاد اللبناني.
ما أحبّ أن أركّز عليه في كلمتي اليوم هو أبرز خصائص القطاع المصرفي اللبناني من جهة، وأهمية الإصلاحات الإقتصادية والمالية من جهة أخرى. كلّنا نعلم الإنجازات المصرفية للقطاع، فهو المموّل الرئيسي للقطاعات الخاصة المنتجة حيث تبلغ قروضه في هذه المجالات ما يزيد عن 100% كنسبة من الناتج المحلي، كما بلغت القروض المدعومة منها ما يقارب الـ 15 مليار دولار، ويوظّف القطاع أكثر من 26,000 موظف وموظفة تبلغ حصة الشباب ومن هم دون سن الأربعين منهم الـ 60% ، هذا بالإضافة إلى الدور المحوري الذي يلعبه القطاع بالتعاون مع مصرف لبنان في تثبيت الإستقرار النقدي والمالي. ولكن ما هو غير معلوم بقدرٍ كافٍ عن القطاع المصرفي، هو النشاطات الريادية التي يقوم بها في مجالات المسؤولية الإجتماعية، والناتجة عن قناعته الراسخة بأن قوّة القطاع وسلامته تنبع من قوّة وسلامة المجتمع، والتي أدّت بالتالي إلى تعزيز الحياة الإنسانية والتعليمية والإجتماعية في لبنان. ولعلّ من أهمّ المبادرات التي قام بها حديثاً – وفي الحقيقة الأسبوع الماضي– هو دعمه لحملة “فكّر بلبنان” التي تهدف إلى إستنهاض الإقتصاد عن طريق تشجيع الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة المحلية في لبنان والعمل على توظيف الشباب اللبناني والحدّ من نزيف الهجرة. وهي حملة يمكن لقطاعكم الكريم المشاركة في نشرها ونجاحها والمساهمة بالتالي في دعم وتشجيع الإقتصاد الوطني في هذه المرحلة الصعبة التي نمرّ بها.
بالطبع إن صعوبة هذه المرحلة قد تركت تداعياتها على ربحية ونموّ القطاع المصرفي، خصوصاً وأنها إقترنت بضرائب جديدة ومرتفعة على إيرادات القطاع. ولكن ما أودّ أن أركّز عليه في هذا النطاق هو أن صعوبة هذه المرحلة تقتضي القيام بإصلاحات شاملة ومطلوبة للإستفادة من مؤتمر “سيدر” ولإنعاش وتحديث الإقتصاد. ومن ضمن هذه الإصلاحات هي الإصلاحات في المناخ الإستثماري بهدف تعزيز القدرة التنافسية وتشجيع الإستثمار، والإصلاحات في الحوكمة الرشيدة بهدف وقف الفساد وتحسين أداء المرافق العامة. ولكن من أهمّ وألح هذه الإصلاحات هي الإصلاحات في المالية العامة، حيث ارتفع عجز الميزانية كنسبة إلى الناتج إلى 11% في عام 2018 نتيجة سلسلة الرتب والرواتب ويجب خفضه إلى 8% في عام 2019 للتقيّد بشروط مؤتمر “سيدر”. ويُعتبر الإصلاح المالي المدخل الرئيسي للنمو الإقتصادي الشامل ولخلق فرص عمل إذ أنه يرفع من التصنيف الإئتماني ويخفّض أسعار الفائدة ويوفّر المزيد من التمويل إلى القطاع الخاص. ويتضمّن الإصلاح المالي في أهمّ بنوده وقف التهرّب الضريبي وتحسين الجباية التي بإمكانها زيادة الإيرادات تدريجياً إلى 4 مليار دولار ، وترشيد الإنفاق خصوصاً فيما يتعلّق بكهرباء لبنان ، بالإضافة إلى إصلاح نظام التقاعد للحدّ من نفقاته ولتوفير المساواة بين المستفيدين. ولا أبالغ القول بأن خلاص الإقتصاد يعتمد بالدرجة الأولى على خلاص المالية العامة.
لا يخفى على أحد صعوبة وحساسية الأوضاع السياسية والإقتصادية والمالية التي تتطلّب معالجتها جهوداً متواصلة من مختلف الجهات المعنية. وهذا لا يشمل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية فقط بل السلطة الرابعة أيضاً المتمثّلة بحضراتكم، إضافةً إلى القطاع الخاص الذي يمثّل القطاع المصرفي جزءاً لا يتجزأ منه وإلى مختلف فعاليات المجتمع المدني. وكلّنا أمل بأن تؤدّي كلّ هذه الجهود في المستقبل القريب إلى أداءٍ أفضل للإقتصاد اللبناني يليق بتطلّعات أبنائه وبناته ويواكب التطوّرات الحديثة في الإقتصادات العالمية.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أشكركم جزيل الشكر على تلبية دعوتنا وحضوركم معنا اليوم، متمنّياً المزيد من التواصل المثمر بين القطاع المصرفي وأهل الصحافة والإعلام ، ومتمنّياً بالطبع غداءً شهيّاً وألف صحّة لكم .