أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري “أننا اليوم أمام فرصة ذهبية”، لافتا إلى أن “تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر سينطلق بعد ذهابه إلى باريس والاتفاق مع الرئيس الفرنسي، وعندها يمكن للبنان أن يبدأ بالاستفادة من القروض الممنوحة له”، مشيرا إلى أن “الحكومة تقوم بكل الخطوات اللازمة لكي تظهر للعالم أن لبنان يسير على السكة الصحيحة، من وضع القوانين اللازمة لمكافحة الفساد والتحول الرقمي والحكومة الإلكترونية وغيرها”، وقال: “أنا متفائل جدا بمستقبل الاقتصاد في لبنان، لأن كل ما نقوم به مبني على أسس علمية وليس عشوائيا، وسيظهر أننا دولة مستقرة تقوم بكل ما يلزم من أجل التطور والنمو”.
كلام الرئيس الحريري جاء خلال حوار مفتوح أجراه، بعد ظهر اليوم، مع المشاركين في “مؤتمر الاقتصاد الرقمي”، الذي نظمته وزارات: الاتصالات، الدولة لشؤون التنمية الإدارية، الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا ومكتب رئاسة مجلس الوزراء ومجموعة البنك الدولي ومجموعة الإقتصاد والأعمال في فندق “فينيسيا” – بيروت.
ورأى الرئيس الحريري أن “اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي هو ركيزة من ركائز الاقتصاد اللبناني”، وقال: “إن المواطن اللبناني لديه هاجس أساسي حين يقوم بأي معاملة، أن ينهي هذه المعاملة في وقتها. من جهتنا، نسعى إلى أن يكون ذلك بطريقة إلكترونية بكل الأمن السيبرياني المطلوب والمنصات التي يجب على الدولة أن تؤمنها”.
أضاف: “أنا مؤمن بأن أهم ثروة طبيعية موجودة لدينا هي المواطن والمواطنة في لبنان. لقد بدأنا السير بهذه الطريق، المنصات للشبكات انطلقت. وخلال هذا العام، يمكننا أن ننهي 30 في المئة. وفي العام المقبل، سنكون قد أنهينا 70 في المئة. وفي عام 2021، نكون انتهينا من كل شبكات الفايبر أوبتيكس مع كل التوصيلات اللازمة. وفي الوقت نفسه، عقدنا بالأمس اجتماعا مع البنك الدولي لكي نحدد الاستراتيجية والجدول الزمني لكل الخطوات التي سنقوم بها على صعيد الاقتصاد الرقمي”.
وتابع: “لسوء الحظ، لم تحصل الاستثمارات في قطاع الاتصالات، إلا مع بداية أو منتصف عام 2017، وهذا استثمار يحتاج إلى وقت، لكن اليوم هناك فريق قوي يعمل على تحويل لبنان إلى بلد رقمي، وهذا الفريق مكون من وزراء واستشاريين، والأهم هو التعاون بين كل الإدارات من أجل الوصول إلى هذه النتيجة”.
ورد الرئيس الحريري على أسئلة الحضور فأكد أن “الحكومة تسعى إلى القيام بكل ما يلزم من أجل مساعدة المؤسسات الناشئة، لا سيما على صعيد القوانين والتفاوض مع البنك الدولي”، وقال: “هناك عمل قائم اليوم من أجل وضع قانون للضرائب الإلكترونية لحماية حقوق كل من يعمل في المجال الرقمي”.
ولفت إلى أن “الجهد يتركز اليوم مع البنك الدولي على القطاع العام، لوضع استراتيجية متكاملة”، وقال: “في السابق، حصل جهد كبير في هذا المجال، لكنه كان عملا مشتتا. أما اليوم فالجميع يعمل مع بعضه البعض من أجل القيام بكل ما يلزم للوصول إلى هذه الاستراتيجية”.
وردا على سؤال آخر، أكد أن “هدفه الأول هو تصغير حجم الدولة بعدما تضخم بشكل كبير في السنوات الأخيرة”، وقال: “من هنا، قررت الحكومة في موازنة عام 2019 وقف التوظيف لمدة ثلاثة أعوام، وعلينا أن نبدأ بتغيير طريقة قيادة الدولة، إذ لا يمكن للقطاع العام أن يدير كل المرافق التي يديرها اليوم. على القطاع العام أن يلعب دور المشرف على إدارة القطاع الخاص لعدد من المرافق، وهناك الشراكة بين القطاعين العام والخاص”.
من جهة ثانية، شدد على “ضرورة أن يكون هناك توافق على كل الإصلاحات التي تنوي الحكومة القيام بها، سواء على صعيد القوانين العامة الموجودة في لبنان أو على صعيد القوانين المتعلقة بكل قطاع على حدة”، وقال: “ليس هناك من وزارة إلا وتحتاج إلى تعديل قوانين، ونحن اليوم نضع العناوين الأساسية لتحويل لبنان إلى بلد رقمي”.
أضاف: “إني على ثقة بأننا إذا ركزنا خلال الأشهر القليلة المقبلة على إنجاز موازنة عام 2020 وإقرار الإصلاحات والمراسيم التطبيقية الخاصة بها، فإننا في نهاية العام المقبل أو بداية العام الذي يليه سنكون قد بدأنا بتحسين وضعنا، وتبدأ مؤسسات التصنيف الدولية بالنظر إلينا على أننا جديون في الإصلاحات التي نقوم بها. اليوم لدينا فرصة ذهبية، وسينطلق “سيدر” بعد ذهابي إلى باريس والاتفاق مع الرئيس الفرنسي، وعندها يمكننا أن نبدأ بالاستفادة من هذه القروض. وسيدر قائم على الاستثمار في البنى التحتية، ما يؤمن ضخ سيولة في الاقتصاد اللبناني، وبالتالي يحدث نموا اقتصاديا. كما أن دراسة ماكينزي تركز على النمو المستدام وتحدد الخطط على أسس علمية”.
وتابع: “أعطوني سنة من دون أي مشاكل سياسية، وستكون السماء هي حدود لبنان. وعندها، يمكننا أن نحل كل المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها لبنان”.
وأردف: “واجب الدولة، بناء المنصات وتغيير القوانين وإصلاحها، ثم إطلاق أيدي القطاع الخاص للعمل. هذا ما نقوم به اليوم، ولا شيء سيوقفنا، وأنا أؤمن بقوة أن التحول نحو الاقتصاد الرقمي سينقل لبنان من حيث هو اليوم إلى مكان أفضل بكثير”.
ورأى أن “التحول إلى الاقتصاد الرقمي هو الطريق الأول لمكافحة الفساد والقيام بالإصلاح اللازم، وهذا ما يضع الإصبع على الجرح”، وقال: “من هنا، تركيز الحكومة على هذا القطاع، الذي يدخل في كل القطاعات الموجودة في البلد من دون أي استثناء، بما يسهل حياة الإنسان وينظمها”.
أما بالنسبة إلى قطاع النفط والغاز وما يمكن أن يعود به على الاقتصاد اللبناني، قال الرئيس الحريري: “إن الكنز الحقيقي للبنان هو شبابه وشاباته. يجب أن تكون توقعاتنا منطقية. نعم، لدينا غاز ونفط، ولكن علينا أن ندرك أيضا أن الخطوة الأولى على هذه الطريق ستبدأ في الأشهر القليلة المقبلة، وهناك احتمال 20 بالمائة أن تنجح. فأي عملية تنقيب تحصل في العالم، هناك نسبة نجاح فيها 20 في المئة فقط، إلا أن هذا القطاع سيحسن المكانة الاقتصادية للبنان في العالم. كما سيساهم في خلق نمو في بقية القطاعات الأخرى”.