قال تيري بريتون المفوض الأوروبي للصناعة بأنه لا يرى أي دوافع خفية أو نوايا مبطنة لتبرع شركة هواوي والشركات الصينية الأخرى بأقنعة الوجه لعدد من دول الاتحاد الأوربي الأكثر تضرراً. وأنه يرى التضامن وتضافر الجهود أفضل طريقة للتعامل مع خطر تفشي الفيروس.
يأتي تصريح بيرتون على خلفية توجيه عدد من الانتقادات من مناهضين لشركة هواوي وعدد من الشركات الصينية الأخرى إثر تبرعهم بملايين أقنعة الوجه للدول الأوربية التي استشرى فيها عدوى الفيروس، وفي مقدمتها إيطاليا وإسبانيا وهولندا وليتوانيا وبولندا واليونان وسويسرا.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت التبرعات تحمل أهدافاً مبطنة وتدل على رغبة الشركات الصينية استغلال الظروف الحالية للقيام بنوع من المقايضة، قال بريتون: “بالتأكيد لا. فقد عملت كرئيس تنفيذي لشركة في السابق، وأنا على يقين تام بأنه لا تجري الأمور عادة على هذا المنوال، باعتبار أن كافة الرؤساء التنفيذيين للشركات تقع على عاتقهم مسؤولية تقديم يد العون والمساعدة للدول التي يعملون بها، خصوصاً عندما تقوم الحكومات ذاتها بطلب ذلك”.
وأكد بيرتون الذي عمل في السابق كرئيس تنفيذي لشركة الاتصالات الفرنسية “أورانج” وشركة تقنية المعلومات العملاقة “آتوس” أنه لا يعرف رئيساً تنفيذياً واحداً يمكن أن يفعل ذلك في سياق التخطيط للحصول على شيء بالمقابل. “لا أحد على الإطلاق”.
وكان جوسيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي قل أشعل فتيل نقاش قبل أسبوع بتعليقات أدلاها حول ما أسماه بـ”سياسات الكرم”، ويقصد بها تبرع الشركات وخصوصاً الصينية منها لدول الاتحاد الأوربي خلال أزمة الفايروس الحالية.
وقال بريتون الذي كان من المزمع أن يزور الصين في يناير كانون الثاني من بداية السنة الحالية لكن زيارته لم تتم بسبب مخاوف الأمن والسلامة التي فرضها انتشار الفايروس في الصين: “إنه من الأفضل للجميع التركيز على سبل التعاون وتوحيد العمل لمواجهة الأزمة بدلاً من إضاعة الوقت بكيل الاتهامات ضد بعضنا البعض والخلاف حول من يفعل المزيد”. وأوضح أن الأوربيين يمكنهم الوقوف في وجه الأزمة الحالية فقط في حال تضامن الناس فيما بينهم داخل كل بلد وكل قارة وبين القارات جميعها، وهذا أمر طبيعي ومنطقي”.
وأضاف: “الصين ترد الآن بالمثل بعد أن أرسلت أوروبا للصين 56 طناً من الإمدادات في ذروة أزمة الفيروس”، مشيراً إلى أن الشركات الأوربية التي لديها فروع في الصين قد سارعت بدورها للمساعدة في ذلك الوقت. وبما أن مركز بؤرة الوباء بات في أوروبا حالياً، فنحن نرحب بالطبع بحقيقة أن الحكومة والشركات الصينية تسألنا كيف يمكننا المساعدة، وتمد يد العون فعلياً”.
وحول خطته لبناء مراكز تكنولوجية في أوروبا على غرار وادي السيليكون والشركات الصينية الرائدة التي تشجعها الحكومة الصينية، قال بريتون بأن الأزمة الحالية التي أبطأت عمل المفوضية الأوربية في الوقت الذي يعمل فيه المسؤولون من منازلهم لم تعرقل فعلياً خطته لبناء هذه المراكز، وأنه لا يرى تأخيراً جدياُ في جدول الأعمال الخاص بهذا المشروع”.
الجدير بالذكر بأن الاتحاد الأوروبي كان قد أقر مؤخراً عدم حرمان “هواوي” من فرص العمل على تطوير شبكات الجيل الخامس في دول الاتحاد الأوروبي بعد يوم فقط من قرار مماثل اتخذته الحكومة البريطانية بعد اجتماع مجلس الأمن القومي برئاسة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وتضمن إعلان السماح لشركة هواوي المشاركة في تطوير شبكات الجيل الخامس في بريطانيا. ويتنافى كلا القرارين من مساعي الإدارة الأمريكية لحظر هواوي بعد إضافتها للقائمة السوداء وشن حملة متواصلة لإقناع حلفائها – بمن فيهم الأوروبيين – لحظر أو تقييد “هواوي” في مجال العمل على إنشاء وتطوير شبكات الجيل الخامس، التي ينظر إليها كأحد المحاور المستقبلية الهامة لدفع مسيرة التحول الرقمي وتطوير أعمال الصناعات والقطاعات، والإسهام في رفع كفاءة وجودة الأعمال والخدمات وتقليل تكاليفها والانتقال بها نحو عصر جديد من الأتمتة والذكاء.