تحويل مصرف لبنان مئة مليون دولار للصناعة سمعناها لكن لم نر تنفيذها
اعتبر وزير الصناعة عماد حب الله أن “خبر تحويل مئة مليون دولار من مصرف لبنان الى وزارة الصناعة افرحنا عندما سمعناه ولكن نريد تنفيذه على الارض، اذ أنه حتى الان لم يصدر أي تعميم من الحاكم رياض سلامة للمصارف بهذا الشان”، داعيا حاكم مصرف لبنان والمصارف الى “فك أسر أموال المودعين عندهم وخصوصا أموال الصناعيين”.
وقال: “إذا لم يفكوا أسر أموال المودعين فان البلد لن يقدر على الاستمرار في العمل بهذه الطريقة لانه عمل غير قانوني واجرامي بحق الصناعة وبحق لبنان”، مشيرا الى أن “كل دولار يمنعونه عن الصناعيين سيضطرونهم للاستيراد بدولارين او ثلاثة وهذا العمل غير مقبول”، متمنيا أن “يفهموا الرسالة ويحولوا للمصارف ويساعدوا الصناعيين في استيراد المواد الاولية”.
ودعا المودعين والمستثمرين الى “الاستثمار بالصناعة بدلا من وضع أموالهم في المصارف والعقارات وأن تكون في القطاعات المنتجة والصناعة”، مؤكدا أن “الصناعة والزراعة عمودان أساسيان للنهوض بالاقتصاد اللبناني وبدونهما لا يتحقق النهوض”.
كلام الوزير حب الله جاء عقب جولته على عدد من المعامل والمصانع في صيدا والزهراني استهلها بزيارة غرفة التجارة في صيدا حيث كان في استقباله رئيس الغرفة محمد صالح وعدد من أعضاء مجلس ادارتها وصناعيون واصحاب القطاعات الانتاجية ورئيسا مصلحة الصناعة في الجنوب والنبطية.
صالح
وجرى بعدها لقاء عقد في قاعة اجتماعات الغرفة بحث في سبل تدعيم الصناعة وتمكين الصناعيين الجنوبيين من تطوير صناعاتهم لتحقيق الازدهار والتقدم على صعيد صيدا والجنوب. وألقى صالح كلمة خلال اللقاء اعتبر في مستهلها بعد الترحيب بالوزير حب الله أن “زيارته الميدانية للمصانع في ظل الازمة الاقتصادية تدل على حرصكم على دعم المنتجات اللبنانية وضرورة الاعتماد على الانتاج المحلي في توفير الجزء الأكبر من احتياجاتنا”.
أضاف: “اذا استعرضنا واقع القطاع الصناعي في الجنوب، نجد أنه بالرغم من الصعوبات والمحن التي مر بها لفترات متتالية من العام 1948 ولغاية اليوم بسبب النزاعات المسلحة للفصائل الفلسطينية والاعتداءات الاسرائيلية والحرب الاهلية، فقد شهد هذا القطاع ازدهارا ونموا خلال الفترة من 1950- 1975 حيث انتشرت صناعة الاحذية والدباغة والصناعات الخشبية والحديدية والالبسة”.
وقال: “إن نمو الصناعة وازدهارها ساهم في تأمين فرص عمل لما يزيد عن 40% من اليد العاملة في الجنوب. أما اليوم فان المؤسسات الصناعية في المنطقة تراجع عددها ولم تعد تستوعب اكثر من 10% من اليد العاملة. ونشاط عمل هذه المؤسسات يرتكز بشكل خاص على الصناعات الغذائية وتجميع المولدات الكهربائية التي لا تزال قابلة للتصدير”.
واعتبر أن “فرصة إعادة تنمية الاستثمار الصناعي في الجنوب لا تزال ممكنة من خلال العمل على إيجاد مدن صناعية، لان الاراضي المصنفة صناعيا قيمتها مرتفعة، فسعر المتر يتراوح ما بين 500 – 1000 دولار أميركي، ما يناقض أي جدوى اقتصادية لإقامة صناعات جديدة وتطوير القطاعات القائمة. وبما أن الصناعة هي القطاع الحيوي الذي يخلق فرص عمل مقارنة بالقطاعات الانتاجية الاخرى ويساعد في تحريك قطاعي التجارة والخدمات، هناك حاجة الى تذليل كافة العقبات التي تقف في وجه توسع أعمال الصناعيين وزيادة نسبة الاستثمار في المشاريع الصناعية”.
ولفت إلى أنه “من موقعنا في غرفة صيدا والجنوب، نستغل فرصة وجودكم معنا لطرح فكرة إنشاء منطقة صناعية بأسعار رمزية. وإننا على استعداد لتزويدكم بكافة المعلومات لتبيان جدوى المشروع وانعكاسه على الحركة الاقتصادية في المنطقة وخلق فرص عمل”.
وختم صالح:”إننا نتطلع الى دعمكم لتوجهاتنا لتطوير الصناعات القائمة وإعادة إحياء الصناعات الخفيفة القابلة للمنافسة والتصدير، وخصوصا أن هناك ضرورة لتطوير القطاع الانتاجي وزيادة حجم صادراتنا الصناعية التي تراجعت أكثر من 30% خلال السنوات الاخيرة مقارنة بالعام 2011 تاريخ بدء الازمة السورية وتداعياتها على لبنان والدول المجاورة. ونحن على ثقة بأن الصناعة ومشاكلها هي موضع اهتمامكم وتتصدر أولويات الحكومة كغيرها من القطاعات المنتجة”.
حب الله
من جهته قال حب الله: “جئناكم اليوم الى أرض الجنوب وتحديدا أردنا أن تكون الإنطلاقة في جولتنا من بوابة الجنوب وعاصمتها مدينة صيدا. جئناكم في مناسبتين: الأولى عيد العمال، عيد الانتاج، عيد التضحية، عيد السواعد التي تنتج وتعطي وتضحي بلا حساب. أما المناسبة الثانية فهي كما تعرفون أن الحكومة أنهت خطة الاصلاح الاقتصادي والمالي. الخطة التي احتاجت منا كحكومة وخبراء واقتصاديين وماليين وموظفي قطاع عام جهدا استمر أسابيع عدة نجحنا في نهايتها أن ننجز الخطة ولو كانت دون تطلعاتنا لشعبنا الذي عانى ويعاني من منظومة الفساد والافقار، وأن نقدم للبنانيين هذه الخطة التي تنطوي على وعد كبير بإعادة الاستقرار والتوازن الى اقتصاد البلاد ولو بعد مدة من مواجهة التحديات ونتائج السياسات العقيمة السابقة”.
أضاف: “ولا بد هنا أن نقر بأن لبنان يحتاج الكثير ليستعيد عافيته. ونحن ما أتينا كحكومة إلا للتصدي لهذه المهمة التي نعتبرها واجبا وطنيا بامتياز”، لافتا الى “أننا كنا ندرك تماما ومنذ اللحظة الأولى لتكليفنا حجم ما ينتظرنا من تحديات وحجم ما يعلقه علينا اللبنانيون من آمال ونسأل الله التوفيق وشعبنا الدعم والصبر ومواجهة التسييس والتطييف والمذهبة، وكلها أدوات المنظومة الملعونة”.
وإذ لفت إلى أن “خطة الاصلاح الاقتصادي والمالي، تتضمن فصلا أساسيا في إعادة الروح الى قطاعين أساسيين، نعرف تماما أنهما من أسس النهوض الاقتصادي، هما الصناعة والزراعة دون إهمال قطاعات التجارة والسياحة والمال”، أشار إلى أن “محطتنا عندكم اليوم هي جزء من رحلة بدأناها على طول الجمهورية لمعرفة واقع الصناعات اللبنانية، وللقاء الصناعيين والاطلاع منهم على سبل التنسيق والدعم، كي نبدأ معا في رحلة النهوض الصناعي، ونعيد للصناعة دورها الاساس في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، تأمين الاكتفاء الذاتي في سبيل الأمن الصناعي والزراعي والاقتصادي والمعيشي لهذا البلد”.
ورأى “أننا لا نغالي إذا قلنا أن جزءا أساسيا من الانهيار والتداعي الحاصل، يعود الى إهمال المعنيين طوال العقود الماضية لقطاعي الصناعة والزراعة والى تهميش دورهما الحيوي، وتغليب قطاعات أخرى لم تكن على حجم الآمال التي علقت عليها. وما أريد أن أقوله اليوم، من هنا من غرفة التجارة والصناعة في مدينة صيدا، إننا كحكومة مصممون على المضي قدما في دعم الصناعة لإعادة انهاض هذا القطاع الحيوي، ودعم القطاعات المنتجة الاخرى، لكي نضمن أمننا الاجتماعي، ولكي نحصن سيادتنا وقرارنا الوطني، وهذا ولا شك، يحتاج الى جهد وتعاون وخطة عمل يجب أن نكون جميعا شركاء بتطبيقها كي نصل الى هدفنا”.
وقال: “كما أطلقنا من جبل لبنان، وتحديدا من بكفيا، دعوة الى الاستثمار وبناء المصانع في الأرياف خارج العاصمة، وفي سبيل تحقيق هدف الانماء المتوازن الذي هو جزء من خطتنا. نعود اليوم لنطلق دعوة مماثلة للصناعيين والمتمولين وأصحاب الرساميل والاقتصاديين للاستثمار في أرض الجنوب، ويؤسسوا لحركة صناعية”، آملا أن “نتعاون وإياكم كصناعيين وناشطين إقتصاديين، ومغتربين، وأن نبادر معا لنبني الثقة باقتصادنا عبر انهاض الصناعة والقطاع الصناعي، كمدخل لاعادة بناء الثقة بالدولة والمؤسسات”، مؤكدا أن “لا مجال بعد اليوم لنمط الاقتصاد الريعي، الذي جرب خلال العقود الماضية وانتهى الى ما ترونه الآن من أزمات ستولد أزمات”.
وختم حب الله مجددا “التحية للسواعد التي عليها تبنى الأوطان، وأقصد هنا العمال الذين هم عماد الصناعة، وأؤكد طيلة استمراري كوزير للصناعة سأسعى دائما الى دعم الصناعيين، وأنني كعماد حب الله الى جانب العمال وحقوقهم ايمانا مني أنهم عماد النهوض الاقتصادي الذي نراه قريبا وقريبا جدا بإذن الله.”
جولة على مصانع ومعامل
بعد ذلك انطلق الوزير حب الله وصالح والحضور في جولة ميدانية تفقدوا خلالها معمل لانتاج المحارم الورقية بجوار مقر الغرفة ومصنع الجوني في الغازية للصناعات الحديدية، فشركة البحر المتوسط لتصنيع الكابلات الكهربائية في تبنا الواقعة في بلدة تفاحتا الذي أبدى حب الله اثناء تجواله فيه اعجابه بفخر الصناعة اللبنانية، مثنيا على عمل القيمين على المعمل والعمال، ودعاهم الى المثابرة على هذا النحو، مؤكدا أن “الازمة التي يمر بها لبنان ستزول بإذن الله.”
واختتمت الجولة بالاطلاع على آلية العمل وجودة الانتاج في معملي “الرينغو” لصناعة رقائق البطاطا تشيبس والكيك في السكسكية ومعمل “تايستي ديري” لصناعة الاجبان والالبان في بلدة عدلون، وكان القاسم المشترك لدى اصحاب المعامل مجتمعين الطلب من الوزير دعمهم وتسهيل معاملاتهم المالية لدى المصارف لا سيما مع تفاقم الازمة الاقتصادية وارتفاع صرف الدولار إزاء الليرة اللبنانية.