” العالم بدّا تروق علينا شوي”…
اعتبرت وزيرة المهجرين الدكتورة غادة شريم أنّ الظرف الذي تمرّ به البلاد صعب جدّا فزيارة واحدة للأسواق كفيلة بإيضاح سوء الاحوال الاقتصادية التي وصلنا اليها: “إنّ الشعب اللبناني مظلوم. فقد عاش الحرب وبعدها مرحلة اللا استقرار واليوم فُرض عليه أزمة مالية حادة نتيجة سوء الإدارة وفشل السياسات التي كانت متبعة طيلة السنوات الماضية.”
وتابعت شريم في حديث لها عبر إذاعة “صوت كلّ لبنان” مع الاعلامية نجاة شرف الدين قائلة: ” هناك خلل كبير في مالية الدولة، فهذا الارتفاع الجنوني وغير المسبوق في سعر صرف الدولار غير واقعي بل يمكننا القول أنّه سياسي وتجاري واذا كان من شبه المؤكد أنّه لن يعود الى سابق عهده أيّ لل١٥٠٠ ل.ل بحسب الاقتصاديين فهذا لايعني ان قيمته الحقيقية مرتفعة بالشكل الذي نراه اليوم “،لاشك انه وسيلة ضغط على الناس لأسباب معروفة”.
وأكدّت أنّ: “هناك غموض كبير وحقائق مخفية في مالية الدولة ومطلبنا واضح وصريح، تحقيق جنائي مالي يكشف كلّ الخبايا وهذه قضيتنا وهدفنا.”
ولفتت شريم إلى أنّ: هذه الحكومة سُلّمت أنقاض دولة لا بل كرة نار ملتهبة، طبعا علينا إيجاد حلول سريعة ولكن اذا ارتأى الشعب اللبناني أنه برحيلنا تتحسّن الاوضاع فلا مانع عندنا من الرحيل . وإن كان هناك حكومة أخرى قادرة على انتشال لبنان من أزمته ، وبالتالي ، إرضاء اللبنانيين فليكن، أمّا ونحن لا زلنا في المسؤولية فسنتحملها طالما نحن قادرون على العمل”.
ورأت الوزيرة أنّ: ” الوضع متدهور في كافة المجالات وكأنّه قدرنا ان نواجه عشرات الأزمات معا علما ان الناس لم تعد قادرة على تحمّل الوضع فالوقت بدأ يداهمنا جميعاً.”
وتابعت: ” عند دخولنا اصطدمنا بمشكلة سداد اليوروبوند واتخذنا عندها قرارا تاريخيا ومن ثمّ أتت جائحة كورونا كأن كان ينقصنا ولكننا تغلبنا عليها رغم أنّها أرهقت اقتصادات العالم كلّه فكيف الحريّ ببلد كلبنان. أمّا الخطة الاقتصادية فقد عملنا ليلاً نهارا لانجازها . وبالفعل ، هذا ما حصل ولم نسلم من الانتقادات مع العلم أنّ صندوق النقد الدولي اعتمد على أرقامنا بالإضافة الى ثني العديد من المراجع العالمية عليها، ومن ثمّ جاء تفلّت الدولار ليزيد الطين بلّة… نعم انّ مسؤولياتنا كبيرة ولكن العالم بدا تروق علينا شوي”.
وردّا على سؤال حول عدم شعور المواطنين بإجراءات عملية بموضوع مكافحة الفساد قالت شريم: “ما يريده الناس اليوم هو إدخال الفاسدين الى السجون وهذا أمر لا يأتي بهذه السهولة فمن كان فاسدا وناهبا للمال العام هو أذكى من أن يترك خلفه دليلا قاطعا أو توقيعا يدينه..اذا نركز على التحقيق الجنائي لنعرف ما الذي جرى بالضبط “.
واضافت : ” قدّمنا قانونا لمكافحة الفساد واعتمدنا آليات لذلك.”
وعن الكهرباء أكدّت شريم ان مسار المفاوضات في ملف الكهرباء على الطريق الصحيح ، علما ان بعض الدول الذي كان متحمّسا للمشاريع في هذا القطاع يشترط اليوم ضمانات جديدة .
وطمأنت الى انتهاء قصة العتمة بعد ما اضطرت وزارة الطاقة الى رد كمية الفيول المغشوش للشركة المستوردة.
وعن المساعدة الخارجية الى لبنان ، قالت شريم : عند تبني سياسة معّينة يجب الاعتماد على الحكمة والذكاء حفاظا على التوازن بين الداخل والخارج ، لأننا في النهاية لسنا على كوكب منفرد. ولا يكمن القول اننا محاصرون من دول الخليج اليوم ، ولكن ابواب هذه الدول مفتوحة بخجل امامنا ، كما ان انفتاح دول اوروبا مشروط باصلاحات محقة ، واميركا قد تكون لديها شروط اخرى .”
وعن ما اذا حان وقت اجراء تغيير حكومي أشارت الى أننا: “لمسنا حركة مكوكية في الاسبوع المنصرم تحوم حول تغيير الحكومة وأكرر اذا كانت المشكلة الحاصلة اليوم والأزمة التي نشهدها سببها هذه الحكومة فلتسقط اليوم قبل الغد، ولنأت بحكومة أخرى ولكن على اللبنانيين أن يعوا أنّ من صنع المشكلة لا يمكنه أن يكون جزءا من الحلّ أبداً.”
وتابعت: ” لا نعلم ما هي الاسباب التي دفعت بالحديث عن اسقاط الحكومة أهو التدقيق المالي الجنائي أم اشارة خارجية، لن أدخل في التفاصيل ولكن الايام ستكشف لنا كلّ شيء.”
ولفتت شريم: “اننا نعيش في بلد تتغلغل فيه السياسة من أكبر تفصيل الى أصغره، وهناك في مكان ما وجود للسياسة داخل جدران مجلس الوزراء نسير معه اذا تلاقى مع قناعاتنا ونتصدّى له اذا حاول اعادة سياسة قديمة لم تؤدي الى نتيجة إيجابية.”
واعتبرت أنّ: “بلدنا وصل الى مرحلة من الفشل عن قصد او عن غير قصد والشجاعة في هذا الوقت مطلوبة كما أنّه لا بُدّ من المواجهة فالفشل يُواجه بالتغيير لا بالرضوخ للأمر الواقع.”
وقد قامت شريم بنقد ذاتي للحكومة معتبرة أنّ ايقاع العمل يجب أن يتسارع: “آن الاوان للسير في الاصلاحات وتنفيذ القرارات العملية التي تعزز ثقة للبنانيين بنا.” وفي سياق آخر، اعتبرت وزيرة المهجرين غادة شريم أنّه: “لطالما كان لبنان ساحة صراع اقليمي نظرا لارتباط العديد من القوى السياسية بالخارج إضافة الى موقعنا الجيوبوليتيكي، وهناك عوامل كثيرة سببت ما نشهده اليوم عدا عن أننا غير محصنين من الداخل والمطلوب الانتماء للوطن أولا وأخيرا.” وعن الاتجاه للشرق قالت: ” فلننفتح على الجميع شرقا وغربا ولنذهب الى حيث تقتضي الحاجة ومصلحة لبنان.”
وحول المفاوضات مع صندوق النقد قالت شريم :”المفاوضات وان تباطأت الا انها لم تتوقف كما يشيّع البعض . وهذا لأن المطلوب تنفيذ الاصلاحات. وكل ما تريده الحكومة هو رد الاموال المنهوبة لسد الدين بالمقدرات التي نملكها . ومن المفترض ان نساعد انفسنا بالاضافة الى ما سيأتينا من مساعدة عن طريق الصندوق .
أمّا عن اقفال ملف المهجرين فشدّدت شريم على أنّ العمل جار على قدم وساق لإنهاء هذا الملف وأشارت الى أنّ المشكلة اليوم هي في ميزانية الوزارة والصندوق :” ما أقوم به هو استكمال الملفات وتحويلها الى الصندوق ومتى توفر المال ينتهي الملف.”
وتابعت:” على كلّ صاحب حق وملف أن يستكمله في أسرع وقت، لدينا حتى الساعة ١٠٤٩ ملف جاهز للدفع، نحن الوزارة الوحيدة التي تسعى وراء الناس لتحصيل أموالهم.”
وأكدّت شريم أنها بحاجة الى حوالي السنة ونصف لاقفال هذه الوزارة على أمل استبدالها بوزارة للتنمية الريفية التي نحن أحوج اليها في هذه المرحلة مشيرة الى أن الهدف هو إعادة الناس الى قراهم من خلال العمل على انماء الريف اقتصاديا بالدرجة الاولى. ولفتت الى ان اللجنة الوزارية المخوّلة درس هذا الموضوع قد وضعت استمارة إلكترونية سنبدأ بإرسالها للبلديات لمساعدتنا واقتراح مشاريع صغيرة ومتوسطة لمناقشتها مع الجهات المانحة”.
وسنعلن عن هذا الموضوع في الأيام المقبلة “.