عقد تجمّع لإحدى عشرة جامعة في لبنان مؤتمراً صحافياً، ظهر اليوم، في مسرح بيار أبو خاطر- جامعة القديس يوسف في بيروت، حرم العلوم الإنسانية، لمناقشة أوضاع قطاع التعليم العالي في لبنان، والصعوبات التي يواجهها والحلول والخطوات الواجب اتخاذها لإنقاذ هذا القطاع.
شارك في اللقاء كلاً من: رئيس جامعة البلمند “UOB” البروفسور الياس الوراق، رئيس جامعة القديس يوسف في بيروت “USJ” البروفسور سليم دكاش، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت “AUB” الدكتور فضلو خوري، رئيس جامعة بيروت العربية “BAU” الدكتور عمرو جلال العدوى، رئيس جامعة الحكمة “ULS” الخوري خليل شلفون، رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية “LAU” الدكتور جوزف جبرا، رئيس جامعة هايكازيان القس بول هايدوستيان، رئيس جامعة الروح القدس الكسليك “USEK” الأب طلال الهاشم، رئيس جامعة سيدة اللويزة “NDU” الأب بيار نجم، رئيس الجامعة الإسلامية في لبنان “IUL” الدكتورة دينا المولى ورئيس الجامعة الأنطونية “UA” الأب ميشال جلخ.
وأصدر التجمع بياناً تطرّق فيه إلى أبرز مشاكل القطاع ومطاله الملحّة.
دكّاش
في مستهلّ المؤتمر، ألقى البروفسور سليم دكّاش اليسوعيّ، رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت، كلمة ترحيبية، جاء فيها:
حضرات النقباء، حضرات رؤساء الجامعات، السيّدات والسادة، أيّها الأصدقاء،
أهلاً وسهلاً بكم أيّها الأحبّاء جميعًا في جامعة القدّيس يوسف في بيروت، باسمي وباسم رؤساء الجامعات أرحّب بكم أجمل الترحيب، داعيًا لكم خالص الدعاء بدوام الصحّة والعافية.
نحن الجامعات الإحدى عشرة التي معظمها من مؤسّسي رابطة جامعات لبنان الداعية إلى هذا اللقاء الصحفيّ تنادينا منذ مدّة، أوّلاً في نقابة المحامين بدعوة كريمة من سعادة نقيب المحامين للذود عن صناديق التقاعد للأساتذة والموظّفين وكذلك عن صناديق مِنَح الطلاّب الموجودة في المصارف اللبنانيّة بحيث كانت الخطّة الاقتصاديّة الماليّة في أوج صدورها وربّما نجدنا في ذلك إلى جانب اتّحاد المهن الحرّة في لبنان. وهي مناسبة أن أوجّه الشكر إلى رؤساء النقابات وممثّليهم لحضورهم وتأييدهم لرسالة جامعات لبنان ومطالبها.
ثمّ تنادينا للاجتماع مرّة ثانية وثالثة ورابعة للتداول في أمورنا الأكاديميّة والتقينا في المجلس النيابي لمناقشة مشروع قانون لتشريع التعليم عن بُعد في حال الضرورة ورفعنا الصوت للإفراج عن مشاريع قوانين أخرى مثل ضمان جودة التعليم العالي الجامعيّ وهيكلة مديريّة التعليم العالي وتباحثنا إثر ذلك في العلاقة مع وزارة التربية والتعليم العالي وعن المعاناة التي نعانيها من جرّاء تجميد عمل مجلس التعليم العالي واللجان الفنيّة والمديريّة العامّة للتعليم العالي وكأنّ هناك قرار بكرسحة التعليم العالي بالرغم من مراجعتنا الفرديّة الملحّة، إلاّ أنّنا تفاجأنا في ليلة من دون ضوء قمر أنّه تمّ التشريع لفروع جامعيّة واختصاصات فيها من الجنوب حتى الشمال مرورًا ببيروت.
إنّنا إحدى عشرة جامعة اليوم إلاّ أنّنا نحمل هواجس ومعاناة الكثير من الجامعات ولا نستثني أن ينضمّ إلينا من يرى ذلك ممكنًا.
هذه الأمور وأمور أخرى سوف يتضمّنها بيان التجمّع الذي سيتلوه حضرة رئيس جامعة البلمند الدكتور الياس الورّاق.
مرّة جديدة شكرًا لحضوركم الكريم وخصوصًا سيّدات وسادة وسائل الإعلام آملين أن يصل الصوت عاليًا وأن يُترجم سريعًا إلى قرارات وازنة لمصلحة الجامعات وطلاّبـها.
ورّاق
ثم ألقى الدكتور الياس ورّاق، رئيس جامعة البلمند، بياناً باسم التجمع، جاء فيه:
في حين يبلغ لبنان مئويّته الأولى نرى أنّه يواجه في هذه المرحلة الدقيقة خطرًا حقيقيًا قد يؤدّي إلى تغيير جذري في وجهه الإنساني إذا لم تتضافر الجهود لإنقاذه وبصورةٍ عاجلةٍ، هذا الخطر المحدق يدقّ اليوم باب القطاع التعليميّ عامةً والجامعيّ خاصةً وذلك بسبب الأزمات الاقتصاديّة والسياسيّة والصحيّة التي يمرّ بها لبنان، بالإضافة إلى المشاكل والمطالب التربوية التي تراكمت عبر السنوات العديدة والتي لم تحظَ بالاهتمام المطلوب لحلّها من قبل المراجع الرسميّة المعنيّة.
إنّ قطاع التعليم العالي هو مكوّن أساسي للمجتمع، وله الفضل ببناء لبنان والعالم العربي بحيث ساهم عبر التاريخ من خلال توفير المعرفة والبحوث العلميّة والإنسانيّة في إعداد أفضل الموارد البشريّة الكفوءة والرأسمال اللبناني الحقيقي. إنّ جامعات لبنان قدّمت وأعدّت النخب في جميع القطاعات الاجتماعيّة والسياسيّة والماليّة والإداريّة والصحيّة والتعليميّة، كما خرّجت الحقوقيين والمهندسين والخُبراء في العلوم وغيرهم، ممّن يشكّلون أساس كلَّ مجتمعٍ والأملَ في مستقبله.
أمامَ هذا الوضع الخطر وإنفاذًا للرسالة التي تجمعنا، قرّرنا نحن تجمّع الجامعات الإحدى عشرة الرّائدة في لبنان أن ندقّ ناقوس الخطر وأن ندعو الدولة، رئاسة جمهورية، مجلس نواب وحكومة إلى:
أولاً– وجوب احترام رسالة الجامعات ودورها خصوصًا أنها حملت وتحمل على عاتقها قطاع التعليم العالي في لبنان ويجب أن تكون شريكًا فاعلاً في القرارات المتعلّقة بمستقبل هذا القطاع، وأن لا تهمّش في إطار عمل الحكومة اللبنانيّة وبالأخص وزارة التربية والتعليم العالي.
ثانيًا– الالتزام بتطبيق النصوص المرعيّة الاجراء، لا سيّما:
– القانون رقم 285/2014 المتعلّق بالأحكام العامّة للتعليم العالي وتنظيمه لجهة صلاحيات ومهام مجلس التعليم العالي.
– المرسوم رقم 2176 تاريخ 12/1/2018 المتعلّق بالآليات الخاصّة بالترخيص وبمنح الإذن بمباشرة التدريس والاعتراف وتجديد الاعتراف بالشهادات في مؤسّسات التعليم العالي الخاص.
ثالثًا– الالتزام بالإجراءات والتوصيات الإداريّة والفنيّة المنبثقة عن عمل اللّجان الخاصّة بالتعليم العالي كافة سواءً لجهةِ منح أو رفضِ الرخص للجامعات بفتح فروعٍ أو اختصاصاتٍ جديدةٍ ولا استثناء في ذلك، ممّا يفرض الرجوع الفوريّ عن المراسيم التي شرّعت حديثًا فروعًا جامعيّةً كانت قد رفضت اللّجان الفنيّة الموافقة عليها، كما أنّ مجلس التعليم العالي كان قد جمّد جميع التراخيص للفروع والجامعات في شهر تشرين الأول 2019. أمّا التغاضي عن ذلك فسوف يُحتّم اللجوء إلى المراجع القضائيّة المختصّة عملاً بمبدأي المساواة وعدم التمييز المكرّسَين في الدستور.
رابعًا– تعيين مدير عام أصيل للتعليم العالي، لتنظيم العمل داخل المديريّة والبتّ بمئات الملفات للتراخيص الخاصة بالبرامج التعليميّة الجديدة والعالقة في الوزارة منذ سنواتٍ عديدةٍ دون مسوّغٍ فنّي أو قانوني، وإصدار قرارات مباشرةِ العمل التي حصلت على موافقة مبدئيّة مسبقة. إن التعطيل والتسويف يؤثّران حُكمًا على مستقبل الطلاّب المسجّلين أصولاً في الجامعات وعلى المتخرّجين منهم.
خامسًا– التشدّيد على وجوب دفع قوانين التعليم العالي قُدمًا ضمن خطّةٍ إستراتيجيّةٍ تؤدي إلى أفضل الممارسات والاتجاهات الحديثة لا سيّما قانون ضمان الجودة وقانون التعليم الرقميّ عن بُعد.
سادسًا– النظر في المعضلة الاقتصاديّة، حيث أنّه في ظلّ المعاناة الماليّة التي يمرّ بها قطاع التعليم العالي، من الضروري حفظ ديمومة واستمراريّة مؤسّسات لبنان التعليميّة. وهنا تكمن ضرورة التنسيق بين الحكومة والجامعات في وضع مشاريع القوانين والقرارات المالية التي ستحدّد مصير التعليم العالي في لبنان، بهدف تسهيلِ عملِ الجامعاتِ في تقديم التعليم العالي بالجودة التي تَميّز بها لبنان، وهذا التنسيق يتحقّق من خلال:
1- رفع القيود التي تفرضها المصارف على ودائع الجامعات.
2- تحرير العمليات المصرفيّة والتحويلات الخارجيّة بالعملات الأجنبيّة لتغطية مصاريف الجامعات التشغيليّة ومشترياتها المطلوبة للمختبرات ومراكز البحث العلميّ وسواها.
3- إلغاء جميع الكفالات المصرفيّة الضامنة لتشغيل الاختصاصات الجديدة والإفراج عن الكفالات الموجودة لديها في الوقت الراهن.
سابعًا– دعم الجامعات المسؤولة عن إدارة وتشغيل المراكز الصحيّة التي تؤمّن الخدمات الصحيّة والطبابة في لبنان، والتي هي اليوم بخطر نتيجة الضائقة الاقتصادية، وهي تعاني من عدم حصولها على مستحقاتها من الدولة، وفي حال استمرار هذا الواقع المرير ستضطر آسفةً إلى صرف العديد من طواقمها.
ثامنًا– إيلاء الجامعة اللبنانيّة الرعاية القصوى ودعمها في التحدّيات التي تواجهها وتعزيزها في جميع المناطق، حيث أنّ الإصلاحات التي يسعى إلى تحقيقها تجمّع الجامعات الإحدى عشرة هي لخدمة كلّ جامعات لبنان وبالأخص غير الربحيّة منها. فللجامعة اللبنانية دورٌ أساسيّ وبالغ الأهميّة في قطاع التعليم العالي حاضرًا ومستقبلًا.
وإنّنا في ختام هذا البيان والنداء،
ندعو المسؤولين وأصحاب القرار في السلطات التشريعيّة والتنفيذيّة إلى الإسراع في اتّخاذ الإجراءات الآيلة إلى إنقاذ قطاع التعليم العالي من خلال إصدار التشريعات والقرارات الحكوميّة العاجلة منعًا لانهياره، الأمر الذي لو حصل، سينعكس حتمًا بشكل كارثيّ على الواقع الاجتماعي في لبنان عامّة.
كما ندعو الأهلين والطلاّب والأساتذة وكافّة المواطنين إلى رفع الصوت عاليًا لتحقيق هذه الخطوات الإصلاحيّة والالتفاف حول جامعاتهم لمساندتها في هذا الوقت العصيب، وذلك لما فيه خير الطلاّب من أجل المساهمة ببناء المجتمع عبر إشراكهم في النهوض بدولة القانون والمؤسّسات.
إنّ هذا البيان هو بمثابة رسالة أمل للبنان ونحذّر ونحمّل المسؤولية لكلّ من يعمل على عرقلة استمرارية الجامعات في تأدية رسالتها ودورها، ونحن عازمون على الاستمرار بدورنا كمنارةٍ لهذا البلد من أجل حماية لبنان الفكر والمعرفة والمواطنية والعادالة.