القصيفي: لبنان بات وطناً من دون خيمة
زار رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، نقابة محرري الصحافة اللبنانية قبل ظهر اليوم، فاستقبله النقيب جوزف القصيفي وأعضاء مجلس النقابة. وكانت مناسبة للتطرق إلى الوضع الإقتصادي ودور المجلس والتعاون بينه وبين النقابة، في حضور المدير العام للمجلس محمد سيف الدين ورئيس مصلحة أمانة السر فيه سمير نعيمه.
استهل النقيب القصيفي اللقاء بكلمة ترحيب: نرحب بكم في دار نقابة محرري الصحافة اللبنانية، وهي عضو في المجلس الاقتصادي – الاجتماعي الذي تتولون رئاسته، ويضم مروحة واسعة من القوى الحية في المجتمع اللبناني، الاعرف بشؤون بلادها، والأكثر اطلاعا ومعاناة، وكانت له في غالب الأحيان القراءات العلمية ، والاقتراحات العملية، المركوزة في دراسات جادة، لكن على من تقرأ مزاميرك، وسط هذه الأزمة السياسية التي تسببت في تلبد المشهد، وتداعي الاقتصاد، وتنمر الفساد، وتسيده، حتى باتت النزاهة كإبرة في كثيب رمل، والدعوة إلى محاسبة المرتكب، ووقف النهب الممنهج مجرد غرغرة حناجر”.
وأشار القصيفي إلى “أن لبنان بات وطنا من دون خيمة، ننتظر دولة أو مجموعة دول لكي تتصدق علينا بمساعدات انسانية لئلا نجوع ويصبح مصيرنا، مشابها لمصير أسلافنا في الحرب الكونية الأولى. ونحن لا نعرف ما هو مصير ودائعنا في مصارف لبنان، ومتى يفرج عنها، وكم هي المبالغ التي اخرجت، ولماذا لا يحق لنا التصرف بها، ومن يتحمّل المسؤولية؟
وعلى ما يبدو أن الضغط الخارجي على بلدنا يضعنا أمام خيارات مرة لا نريد الخوض فيها، لكنها تنطلق من مقولة “حجة الأقوى هي الافضل” في استعادة لمثل “الذئب والحمل” في حكايا ” لا فونتين”.
أضاف:”نحن اليوم أمام إجراءات بالغة القسوة، لشد الاحزمة، وأمام مرحلة جديدة ستشهد تغيرا في نوعية الحياة في لبنان، تداركا لمجاعة، أي مساواة في الفقر والبطالة، ومواصلة تسول المساعدات من خارج منقسم بين مشفق وشامت”.
وسأل النقيب القصيفي: هل من رؤية لدى مجلسكم تقدمتم أو ستتقدمون بها لمواجهة واقعنا المزري، وهل الحل يكون بتفعيل الإنتاج الوطني وتوسيع قاعدته؟ وكيف، وهل ثمة مجال بعد لاستعادة الثقة بالدولة؟ أسئلة نطرحها عليكم في هذا اللقاء، مؤكدين التعاون الدائم بين المجلس الاقتصادي الاجتماعي ونقابة المحررين في خدمة لبنان وابنائه، والعمل مع كل الهيئات الفاعلة والحية للحؤول دون تحوله إلى وطن هامشي فاقد لدوره الرائد، ووظيفته كبلد – رسالة، كما كان منذ إعلان دولة لبنان الكبير”.
حوار
ثم ردّ عربيد بكلمة شكر فيها النقيب القصيفي على كلمته وأشاد بدور الصحافيين ونقابة المحررين في هموم الوطن والمواطنين، وقال: سعيد جدا بزيارة النقابة وأنتم أعضاء في المجلس الإقتصادي الإجتماعي ونريد أن يكون دوركم فعالا وأساسيا، لأنكم أنتم من المؤثرين بالرأي العام ولديكم صوت النقد الصحيح عن الواقع الإقتصادي والإجتماعي في البلد”.
وقال:” لقد تحدثت في كلمتك نقيب عن موضوع الثقة وهل نحن فقدنا الثقة بالدولة؟ وهنا أود القول ،طبعا، لم نفقد الثقة بالدولة اذا نظرنا الى الدولة، ونقول: كل واحد منا هو الدولة، الدولة هي الناس، والدولة ليست فقط إدارة، الدولة هي كيف تهتم بشؤون الناس وتكون الدولة الراعية لشؤونهم، وأود أن أنطلق من هذا الكلام لأعلق على موضوع يحكى عنه الكثير وأتوجه ،اليوم، من مركز نقابة محرري الصحافة وهي نقابة عريقة ولها حضورها، عن موضوع رفع الدعم وهل السؤال في موضوع رفع الدعم اذا كان لمصرف لبنان القدرة على الإستمرار بالدعم الى شهرين او ثلاثة وهل هذه هي اشكاليتنا اليوم؟. والأكيد كلا، لأن السؤال الطبيعي ماذا نفعل بالشهر الرابع، والجواب هو كيف يمكننا أن نرسم ونبني ميثاقا او عقدا اجتماعيا جديدا يكون على أولويته شبكات الأمان الإجتماعي حتى نتمكن كمهتمين بأمور الناس وبأمور الدولة أن نفكر بالطبقات الفقيرة التي تزداد ومستوى الفقر يزداد ونحن ذاهبون من الفقر الى البؤس. وعلينا التنبه لهذا الأمر وما يترتب منه من ارتدادات اجتماعية على الأمن الإجتماعي”.
اضاف:”وطبعا موضوع رفع الدعم هو ثلاثة أجزاء وهناك افكار كثيرة ونحن أعددنا ورقة في هذا الشان لها علاقة بالمواضيع الثلاثة.والموضوع الاول يتعلق بموضوع النفط والبنزين والموضوع الثاني هو الادوية والموضوع الثالث هو المواد الغذائية. لا يجوز ان نستمر بالدعم على ما نحن عليه لاننا اليوم نسال من ندعم؟ هل ندعم الميسور، هل ندعم غير اللبناني وهل ندعم المهرب وندعم التجار؟.
وتابع:” المطلوب منا ان ندعم الطبقات الفقيرة التي يجب ان تستفيد من هذا الدعم، والذي يجب ان يدعم هو الاقتصاد، اذ لا يوجد اجتماعي جيد اذا لا يوجد اقتصاد. واذا نحن لم نهتم بشكل مباشر بتحريك المشغلات الاقتصادية لننتج والدولة تجبي. ومتى اجبت تقوم عندها بواجباتها بالرعاية وتتمكن من مساعدة هذه الطبقات. وطبعا انها عملية متكاملة وليست عملية بالسياسة لتسجيل نقاط في السياسة، من هو مع حاكمية مصرف لبنان ومن هو ضدها، هذا لا يعنيني ولا يعني مجلسنا . وما يعنينا ان نذهب الى حوار ونقاش وإلى عملية تشاركية ونقاش مجتمعي عن الامور التي يجب ان تبقى مدعومة وكيف يجب ان نؤمن المداخيل لهذا الأمر؟ وهذا هو النقاش الذي سيفتح ابتداء من الاسبوع المقبل واتمنى منكم حضرة النقيب ان تشاركوا فيه لانه وانطلاقا من الاسبوع المقبل ستبدأ اجتماعات تشاركية حتى نطرح ورقة العمل ورؤيتنا لنجد عملية مستدامة ولا نترك الناس والطبقات الفقيرة”.
أضاف:”كما سنتحدث عن رفع الدعم عن البنزين وعن بدل النقل في المؤسسات وموضوع السائقين والنقل العام ونود ان نرفع الدعم عن الادوية ونفكر بارتداداتها على صندوق الضمان وكيف سيتمكن من التأمين وما هي الأدوية وكل هذا يبحث في اللجان وقد شاركت بلجنة الإقتصاد في البرلمان كما شاركت في لجنة الصحة وهناك افكار عدة ولكن يجب ان تكون عملية تراكمية توضع كلها في ورقة واقع تشاركي لكي يعطى المعنيون رأيهم ويشارك فيها الناس، ولا تؤخذ القرارات بشكل غير مدروس لكي لا تعطي نتائج لا تحمد عقباها”.
سئل: هل هناك خطر من انتهاء الإحتياط المخصص للدعم ولا يكون في المقابل قرارات نافذة ومقبولة وعندها تفلت زمام الامور وتصل الى مكان لا تريدونه؟
اجاب:” لقد حضرت بالأمس في مجلس النواب، لكن لم اشارك لانه لم يفتح المجال لمداخلتي التي كنت أعددتها لاسيما وانها تتضمن اقتراحات حلول مباشرة، وان شاء الله نتمكن من تقديم هذه الورقة الأسبوع المقبل. وبالأمس كان الحديث بالسياسة ونحن لا نتحدث بالسياسة بل بالسياسات”.
وردا على سؤال عن المجلس ونظامه ودوره قال:” أنشىء قانون تأسيس المجلس الإقتصادي الإجتماعي عام 1995 أي منذ 25 سنة ولذلك تقدمنا بمشروع قانون وقعه ثمانية نواب من ثماني كتل نيابية وهذا المشروع هو لتحديث المجلس ودوره وعمله، ويضعه في مكان يشارك فيه أكثر بوضع السياسات. الوضع اليوم ليس إذا كان سيسمع للمجلس، المجلس هو ميثاقي، تمثيلي، استشاري ومستقل”.
وردا على سؤال عن مشاركة الهيئات بالمجلس، قال عربيد: كثير من الهيئات مشاركتها في المجلس فاعلة من خلال الدراسات والإقتراحات. وعندما سيتم تحديث قانون المجلس سيتم بالتالي تحديث مرسوم الهيئات الأكثر تمثيلا، لتكون مشاركة الهيئات فاعلة أكثر لرسم السياسات وتقوم بدورها الطبيعي”.
وردا على سؤال عن توجيه الدعم، قال: الموضوع ليس موضوع دعم لشهرين ، بل الموضوع هو كيف العمل لإزدهار اقتصادنا ليستطيع المساعدة من هو بحاجة للمساعدة من باب التكافل والتضامن الإجتماعي والعمل اللائق والسكن اللائق. موضوع البطالة أساسي وسنطرح قريبا موضوع صندوق البطالة الذي نسمع به منذ عقود من الزمن ولم يتحقق بعد. كيف سيتم تمويل هذا الصندوق؟ سيتم ذلك من خلال تكافلنا وتضامنا ومن خلال نمو إقتصادنا. هذه هي السياسات التي نفتقدها وآمل أن نكون حلقات ضغط وتأثير بتعاوننا للذهاب إلى أن يصبح صندوق البطالة حقيقة”.
وردا على سؤال عما إذا كان المجلس الإقتصادي والإجتماعي مع رفع الدعم، قال: طبعا لا. المجلس ليس مع رفع الدعم بالمطلق. المجلس مع تهديف وترشيد الدعم. هناك من يجب مساعدته ودعمه وعلينا تأمين دعم مستدام وليس دعما بالسياسة. هذا موضوع يجب ألا يكون موضوعا بالنقاط السياسية. علينا أن نعالج هذا الموضوع بالأعمال التقنية وليس بالنقاط السياسية. ولهذا أدعو نقابة محرري الصحافة للتأثير لإيجاد الحلول المرجوة للدعم من خلال الأولويات التي علينا العمل فيها والنظر إلى إرتداداتها الإقتصادية والإجتماعية. لم أسمع كلاما تقنيا في المجلس النيابي بالأمس، ولكن أتمنى أن يكون ما حصل في المجلس النيابي بداية لنقاش وحوار جدي لمعالجة موضوع رفع الدعم مه الهيئات المعنية”.
وردا على سؤال عما إذا كان لدى المجلس الإقتصادي والإجتماعي الأفكار المفيدة حول هذا الموضوع، قال:”بالطبع لدينا الأفكار التي ترتكز على تجارب دول أخرى. نحن لم نخترع البارود، ونحن لسنا البلد الأول الذي يقوم بتكافل وتضامن إجتماعي، ودولته من المفروض أن تكون دولة راعية. هذا تحقق في مصر والأردن. نحن نتواصل مع البنك الدولي، وكان حاضرًا في المجلس النيابي بالأمس ولكنه لم يعطَ الكلام لإبداء رأيه. لدى البنك الدولي تجارب تقنية. المشكلة ليست بكيفية إصدار بطاقة تموينية. هذا إجراء بسيط جدا. ولا مشكلة، ايضًا، في إحصاء المحتاجين. هناك فكرة في وزارة الإقتصاد يُبنى عليها. مهما كان هامش الخطأ كبيرا فهو قابل للتصحيح. هذا يتطلب عملية تشاركية لإنجاح الخطة. المهم أن نبدأ.
أضاف : “أدلينا بأكثر من تصريح وقمنا بأكثر من دراسة وحذرنا منذ أكثر من سنة، حول هذا الموضوع، نحن نتحدث ولكننا لسنا سلطة تنفيذية لتحقيق المرجو منه. على القوى السياسية أن تعتاد السماع لحاجات الناس والهيئات والقطاعات والعمل لمشاركتهم في المسؤولية. نحن نتحدث بالإقتصاد ولا نعمل سسياسة بل نقترح سياسات”.
وردا على سؤال حول المجلس وعمله ودوره، قال: “وصلنا إلى المجلس، فكان ركاما. الرئيس السابق للمجلس روجيه نسناس حافظ بقدر استطاعته عليه. نحن نعيد البناء. حتى النقابات المعنية لم تعمل بجدية في المجلس. آمل أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة علينا ليكون المجلس مؤثرا في الوطن. الأقناع أقوى من الفرض بهذا المبدأ أعمل”.