كتب انطوان الحايك
حين يغيب المنطق تذهب الامور الى المأزق ، الا اذا كان المنطق لم يغب ، بل غيب بفعل فاعل او بسحر ساحر ، فتكون الامور حينها قد ذهبت الى التعطيل وهذا ما هو حاصل الان .
وبمعزل عن كون الازمة اقليمية بامتياز والوضع في لبنان يحتاج الى تسوية كبرى ترتد مفاعيلها على داخله ومن ضمنها تشكيل حكومة تتماشى مع المرحلة المقبلة لا بد من التوقف ولو قليلا عند لعبة التعطيل التي تخرج عن كل منطق سياسي وهي لعبة باتت مكشوفة ، يشارك فيها كل الافرقاء الدوليين والاقليميين ، وهي انطلقت لحظة تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة واطلاقه توصيف حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، وهو في الوقت عينه من غير الاختصاصيين اولا ورئيس تيار سياسي وحزبي ثانيا ، ما يسقط عنه ، وقبل حكومته المفترضة صفة الاختصاصيين وغير الحزبيين . اضف الى ذلك اطلاقه فكرة حكومة مصغرة لحقائب فضفاضة وتركيبة سياسية معقدة وطائفية محكومة بتوازنات مذهبية قبل ان تكون محكومة بتوازنات سياسية هشة ، واصراره عليها هو بحد ذاته غير مفهوم وغير مبرر ويقع في خانة التعطيل المتعمد .
وفي الموازاة بات واضحا ان حكومة لبنان العتيدة لن تبصر النور في المدى المنظور ، ويبدو انها قد لا تبصر النور برئاسة الحريري الا بعد انتهاء العهد ، خصوصا ان الكباش المشروع اذا ما جاز التعبير بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري تحول الى لعبة عض اصابع قاتلة للاوضاع الاقتصادية والنقدية لن يخرج منها احد منتصرا بعد تفككت المنظومات المكونة لاي وطن ، وهي النظم الاقتصادية والنقدية والسياسية والمصرفية والصحية وما الى ذلك . وكلها سقطت بالضربة القاضية بحيث باتت البلاد تتخبط في بؤرة الانهيار الذي يسير على قدم وساق بانتظار الارتطام المدوي الذي لن يطول وهو حاصل لا محالة اذا لم يكن اليوم فغدا .
ويبدو واضحا ان ما تشهده الساحة الداخلية مرشح للاستمرار في ظل استحقاقات وتحولات لا قدرة على البلاد ان تتحملها وسط منظومة جديدة اقتصادية وسياسية دولية على وشك الولادة وهي في مرحلة المخاض التي قد تطول الى ما بعد الربيع المقبل ما يشي بصيف حار قد يمتد الى خريف عاصف الا اذا حصلت اعجوبة في زمن ندرت فيه العجائب .