ضمن نشاطات يوم التمريض العالمي، نظّمت نقابة الممرضات والممرضين في لبنان ندوة إفتراضية بموضوع “جائحة كورونا: دروس وعبر”، أدارتها الاعلامية ريمي درباس واستهلّت بكلمة ترحيب من النقيبة د. ميرنا أبي عبدالله ضومط التي شدّدت على أهمية هذه الندوة في عرض الخبرات والأفكار التي ستشكّل الحجر الأساس لطرح خطة عمل لمواجهة أي جائحة أو وباء في المستقبل.
شارك في الندوة مستشارة رئيس مجلس الوزراء للشؤون الصحية الدكتورة بيترا خوري، أمين عام الصليب الأحمر اللبناني السيد جورج كتانة، رئيسة مصلحة التمريض في مستشفى رفيق الحريري الجامعي السيدة وحيدة غلاييني، والممرضة المجازة السيدة ريما سكينة.
خوري
اعتبرت د. بيترا خوري في مداخلتها “نجحنا نسبياً كمجتمع بمحاربة جائحة كورونا بظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد من الناحية الاقتصادية والمالية والأمنية مقارنة بدول عظمى تتمتع بموارد ونظام رعاية صحية أفضل بكثير من لبنان. ويعود النجاح أيضاً الى العمل الجماعي والتعاون، والتواصل الفوري بين القطاعين الخاص والعام والاختصاصيين والجمعيات الغير حكومية، بغض النظر عن الانتماءات، لمكافحة عدوّ مشترك وهو جائحة كورونا.”
وأشارت الى أنّ نسبية النجاح تعود الى عدم تطبيق القرارات الاستراتيجية كما اتخذتها اللجنة المختصة وذلك بسبب الضغوط الاقتصادية ونسبة الالتزام بالاغلاق الجزئي والتام، وأيضاً بسبب الخلل في الفحوصات (testing) وتتبّع الاشخاص المخالطة (contact tracing)، بالإضافة الى وصول المتحور البريطاني الى لبنان بالتزامن مع فترة الأعياد في فصل شتاء 2020 – 2021.
كما تطرقت خوري الى مشكلة نقص الأسرّة في المستشفيات، وغلاء أسعار المستلزمات الطبية، وهجرة الممرضات والممرضين، وهجرة الأطباء التي شكّلت عائقاً في محاربة الوباء.
كتانة
أشار السيد جورج كتانة الى أنّ: “الصليب الأحمر نجح بالتصدّي لجائحة كورونا بفضل نظام “التقييم في الوقت الحقيقي” أو ما يعرف بالـReal Time Evaluation، وبفضل الاستعداد الناتج عن الخطة التي وضعها لمكافحة مرض إيبولا عام 2014 وكانت تتضمن خطة للاستجابة وبروتوكول وسياسات وتدريب لأعضاء الصليب الاحمر وأخيراً بسبب توفّر معدات الحماية الشخصية (Personal protective equipement).
وأضاف: “إنّ الصليب الأحمر عمل ضمن خطة الاستجابة لجائحة كورونا على الدعم النفسي، التوعية، نقل الاصابات، التنسيق الطبي، خدمة الـ140، نقل اختبارات التفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR)، المساعدة الأساسية العينية في توزيع سلّات غذائية ولوازم النظافة الصحية الشخصية.”
كما تطرق كتّانة الى خدمة الرعاية المنزلية حيث وضعت نقابة الأطباء ونقابة الممرضات والممرضين بتصرف الصليب الاحمر عدداً من الأطباء والممرضات والممرضين للعناية بمرضى كورونا في منازلهم وذلك لتخفيف الضغط عن المستشفيات، ويعمل الآن على التوعية على أهمية أخذ اللّقاح ونقل الحالات الاستثنائية الى المستشفيات لأخذ اللقاح.
وختم قائلا: “حاولنا قدر المستطاع أن نتحضّر لكارثة طبيعية أو من صنع الانسان في الخطط الاستباقية، مع تغيير الاستراتيجية التي وضعت للفترة 2017 – 2023 بما يتناسب مع الأوضاع الحالية وأيضاً شحّ الموارد المالية الآتية من الجمعيات التي لم تعد تؤمّن التمويل اللازم كالعادة ما يشكل خطراً على موضوع الاستدامة في توفير الخدمات.
غلاييني
من جهتها، اعتبرت السيدة وحيدة غلاييني أنّها “كانت تجربة جديدة وإستثنائية وسنة متعبة واجهنا خلالها حالة خطر وعدّو لا نعرف عنه شيء ولكن الجهد والتضحيات التي قام بها الطاقم التمريضي وموظفو المستشفى جميعاً بدون استثناء جعلتنا ننجح في هذه المعركة ونكون في الطليعة. ولم يكن ذلك وليد الساعة فنحن نتجهّز لمواجهة الأزمات منذ سنة 2012، ففي كلّ أزمة كنّا نتحضّر لوضع خطّة عمل لإدارة الكوارث في المستشفى وكان يتمّ تدريب الجميع بشكل مستمر ومتكرر للتصدّي لكافة أنواع الكوارث إن كانت بيولوجية أو راديولوجية أو إنفجار أو أي نوع آخر.”
وأضافت: “لا يمكن وصف إندفاع وحماسة الطاقم التمريضي منذ ظهور أوّل إصابة كورونا في لبنان، لم يرفض أي أحد المواجهة وقد وصلنا إلى مرحلة أننا كنا نطلب منهم تبديل أقسامهم كي يرتاحوا لكنهم كانوا يرفضون رفضاً قاطعاً. هذا الترابط وحسّ المسؤولية هو نتيجة شعورهم بالأمان والحماية لأنّهم مدرّبين ولديهم التوعية اللازمة ومعدات الحماية والوقاية الشخصية وخطّة عمل كاملة ومتكاملة وتضامن مع الإدارة التي دعمتهم.”
وختمت: “النجاح في مواجهة هذه الجائحة هو التقييم اليومي والمفصّل والأخذ بآراء الجميع وعدم التفرد في القرارات فالجميع شارك في وضع خطة فعّالة، وحتى التواصل والتنسيق مع الصليب الأحمر لتجهيز الأرضية وإمكانيات إستقبال المرضى كان فعّالاً وطيلة ساعات اليوم.”
سكينة
أمّا بالنسبة الى ريما سكينة: “كانت تجربة جديدة وصعبة ولم يكن هناك خطة واضحة في البداية، فخلال يوم واحد علمنا أننا سنستقبل مرضى الكورونا ولكن الذي ساعدنا اننا كطاقم مدربين على الأمراض الجرثومية ونعلم كيفية الوقاية ضد هذه الأنواع من الأمراض ولكنّ الخوف كان موجود طبعاً لأنه فيروس مجهول”.
وأضافت: “والذي ساعد في البداية كان العدد القليل لمرضى الكورونا، فتمكّنا من التأقلم يوم بعد يوم وفهم الفيروس وتطوير الكفاءات اللازمة لمواجهة المرض من خلال المعلومات والدراسات والتوجيهات والتوصيات من لجنة مكافحة الأمراض الجرثومية في المستشفى.”
التوصيات
وصدر عن الندوة التوصيات التالية:
- وضع خطة إستباقية، وهي عبارة عن خطّة طوارئ وطنية واضحة مع إجراءات وقائية ودورات تدريبية بالشراكة بين القطاعين الخاص والعام.
- تنظيم مبادرات المنظمات غير الحكومية من خلال قوننتها ضمن مشروع قانون من أجل توحيد الجهود ووضع هيكلية واضحة للمرحلة المقبلة، تبدأ بتقييم جدّي للمرحلة السابقة، أي فترة كورونا، وتحديد الأخطاء والثغرات لتجنّبها في حال حصول أي طارئ من وباء أو كارثة.
- إنشاء مركز وطني متخصّص لوضع الخطط الإستباقية للإستجابة لحالات الطوارئ والأوبئة على أن يضمّ كلّ المعنيين من أصحاب القدرات والخبرات والأشخاص المتميزين.