بقلم خبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي
في سنة الـ ٢٠١٤ إنتفض رئيس مجلس إدارة بيبلوس بنك ورئيس سابق لجمعية مصارف لبنان على السلطة الحاكمة وحذرها من التمادي في الاستدانة موجهاً كلامه إلى عراب السلطة التشريعية الرئيس نبيه بري.
تردد كلام آنذاك عن رد الرئيس بري مفاده بأنه من الضروري تهذيب خطاب هذا “المصرفي” الذي ظن أن باستطاعته الخروج من “بيت الطاعة”! وكان ما كان وحفظ الله فرانسوا باسيل
كان لهذا الحدث أهمية كبرى لأن من بعدها خفضت المصارف إكتتاباتها بالدين السيادي، وبعض المصارف ذهب إلى حد تفريغ حمولتها من اليورو بوند لصالح صناديق الإستثمار الأجنبية. ولكن تابعت المصارف بالإستجابة لإغراءات مصرف لبنان بتعزيز توظيفاتها لدى المركزي، وكان ما كان وتابع المركزي بتمويل فساد الطبقة السياسية.
هذا الواقع أسس للعلاقة المتوترة الموجودة اليوم بين هذه الجهات الثلاثة:
– السلطة السياسية بكل مكوناتها
– المصرف المركزي
– المصارف العاملة في لبنان
والجهة الوحيدة التي تدفع ثمن هذا التوتر هي أصحاب الودائع بالعملة الأجنبية. لقد اصبح من البديهي بأن هناك:
١. دولار ترفض المصارف تسعيره فوق ال ١٥٠٠ وهو دولار الدين السيادي – دين المصارف للدولة.
٢. دولار آخر يسعر على ٣٩٠٠، وهو دولار توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان
٣. أما دولار توظيفات المصارف في القطاع الخاص لا شأن للسلطة النقدية والسياسية فيه، ولن تفرج عنه المصارف لإراحة ارباب السلطة، ولهذا السبب تمتنع المصارف للإمتثال لجزء كبير من تعاميم مصرف لبنان أو تطبق أحكام التعاميم بمزاحية واضحة وفاضحة؛ وأيضاً تمتنع عن تنفيذ احكام قضائية وفي المخالفتين “لا عقاب”! وبذلك يُستخدم المودع/المواطن لمتابعة الضغط على السلطة السياسية والنقدية لإسترداد وديعته (تخفيض التوظيفات الإلزامية من ١٥ إلى ١٤%، ومنع – أو عرقلة – إصدار قانون الكبيتول كنترول إن لم يعدل وفق توصيات المصارف).
نحن اليوم على أبواب رفع السرية المصرفية لجهة مصرف لبنان عن ودائع الدولار المقيم، أي كل الحسابات المكونة قبل تشرين اول ٢٠١٩ ومعنونة بالعملة الأجنبية، وذلك لربط إستردادها بخطة هيكلة وإعادة جدولة الدين العام وإخضاعها لآلية “التسديد التدريجي” كما ورد في التعميم الأساسي الأخير ١٥٨.