سَجَّلَ النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني تدهورًا جديدًا في أيلول 2021، وأظهر مؤشر مدراء المشتريات™ الرئيسي بلوم في لبنان، الذي تم جمع بياناته خلال الفترة من 13 إلى 24 أيلول، أن مؤشر الإنتاج قد سَجَّلَ انخفاضًا جديدًا في ظلّ ضعف الطلب المحلي، و ساهمَ نقص الوقود في إعاقة النشاط التجاري وأثَّر على سلاسل التوريد، فيما انخفضتْ أسعار مستلزمات الإنتاج للمرة الأولى منذ كانون الثاني 2019.
وأشارت قراءة مؤشر PMI بلوم لبنان إلى استمرار الأزمة الاقتصادية التي تمرُّ بها البلاد في شهر أيلول 2021، حيث انخفض مؤشرا الإنتاج والطلبيات الجديدة لأنَّ نقص الوقود ساهم في تفاقم انعدام الاستقرار السياسي وضعف الطلب المحلي. ونتيجة لذلك، انخفضت أنشطة شراء مستلزمات الإنتاج وخفّضت الشركات اللبنانية من حجم مخزوناتها.
وفي الجانب المقابل، انخفضتْ أسعار مستلزمات الإنتاج للمرة الأولى منذ كانون الثاني 2019 نظرًا لعدم تسجيل أي تغيير يُذكر في مستويات التوظيف وتقديم تقارير تُفيد بأنَّ تحسُّن سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي أدَّى إلى تخفيف الضغوط التضخمية.
وارتفعت القراءة الأخيرة لمؤشر PMI بدرجة طفيفة من 46.6 نقطة في آب إلى 46.9 نقطة في أيلول من العام 2021، غير أنَّها ظلت أدنى من المستوى المحايد البالغ 50.0 نقطة، ما يشير إلى تدهور النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني.
وتعليقًا على نتائج مؤشر PMI خلال شهر أيلول 2021، قال الدكتور فادي عسيران، المدير العام لبنك لبنان والمهجر للأعمال:
”في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية المستمرة التي لا تزال تعصف بالبلاد و العقبات التي نجحت عن استمرار نقص الوقود، اضطرت شركات القطاع الخاص اللبناني إلى تخفيض حجم مشترياتها من مستلزمات الإنتاج وحجم مخزوناتها نتيجة لذلك. ورغم تسجيل مؤشر الإنتاج لأعلى قراءة له منذ ثلاثة أشهر دون المستوى المحايد البالغ 50.0 نقطة، غير أنَّ شركات القطاع الخاص اللبناني لا تزال تواجه مشاكل تتعلق بنقص السيولة وضعف القوة الشرائية للعملاء المحليين. والإيجابي في الأمر هو أنَّ تشكيل الحكومة اللبنانية ساهم في تخفيض معدلات التضخم في البلاد، ولكنه لم يسهم في وقف المزيد من التدهور في الظروف الاقتصادية رغم التحسن الطفيف في سعر صرف الليرة اللبنانية إلى الدولار الأمريكي في النصف الثاني من شهر أيلول 2021. ونتيجة لذلك، شَهِدَتْ قراءة مؤشر مدراء المشتريات ارتفاعًا طفيفًا إلى 46.9 نقطة في أيلول 2021، مشيرةً إلى أنَّ شركات القطاع الخاص اللبناني ما تزال مرتابة بشأن الأوضاع السياسية في البلاد والضغوط الإضافية التي يمكن أن تفرضها على أعمالها التجارية. ومع ذلك، يمكن عكس مسار الأزمة، وإنْ بوتيرة بطيئة، إذا ثبتت جدوى وفعالية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة و خططها للاستقرار والاصلاح. “
ونظرًا لانخفاض الأعمال الجديدة الواردة، فقد انخفض إنتاج القطاع الخاص اللبناني خلال أيلول 2021. وكان معدَّل انخفاض النشاط التجاري ملحوظًا بوجه عام، ولكنّه كان الأدنى منذ ثلاثة أشهر. وذكرت بعض الشركات اللبنانية بأنَّ نقص الوقود وانقطاعات التيار الكهربائي ساهمت في تقييد عملياتها التجارية.
وشهدت الطلبيّات الجديدة، أحد المكونات الأساسية لمؤشر PMI، انخفاضًا جديدًا خلال أيلول 2021. وأشارت الأدلة المنقولة بأنَّ ضعف القوة الشرائية للعملاء المحليين أدى إلى إضعاف الطلب. بالإضافة إلى ذلك، أفادت التقارير بأنَّ انعدام الاستقرار السياسي في لبنان قد حال دون حصول الشركات اللبنانية على أعمال جديدة من الأسواق الدولية. ونتيجة لذلك، انخفضت طلبيّات التصدير الجديدة للشهر الثاني على التوالي.
وأشارت بيانات المسح الأخير إلى تراجع جديد للضغوط على القدرة الإنتاجية للشركات اللبنانية بسبب انخفاض الطلبيّات الجديدة الواردة. وانخفض حجم الأعمال غير المنجزة بدرجة كبيرة وبأسرع وتيرة له منذ آذار 2021. ومع ذلك، لم تشهد مستويات التوظيف أي تغيير يُذكر في أيلول 2021.
ونتيجة لذلك، قدمت الشركات اللبنانية تقارير تُفيد بأنَّ تكاليف الموظفين شهدت تغييرًا طفيفًا خلال أيلول 2021 رغم انخفاض إجمالي أسعار مستلزمات الإنتاج. وأدّى انخفاض أسعار المشتريات إلى تخفيف الضغوط على التكلفة وهو ما نسبته الشركات اللبنانية إلى تحسُّن سعر صرف الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي. وكان معدَّل الانخفاض في أسعار مستلزمات الإنتاج طفيفًا، و لكن هي المرة الأولى منذ كانون الثاني 2019 التي تقدّم فيها شركات القطاع الخاص اللبناني تقارير تفيد بانخفاض على أساس شهري في النفقات الإجمالية.
ومع ذلك، لم يؤثر انخفاض التكاليف على أسعار البيع التي ارتفعتْ بوتيرة معتدلة للشهر العشرين على التوالي في أيلول 2021، ولكن بوتيرة أبطأ.
وفي غضون ذلك، استمرَّت الأنشطة الشرائية بالانخفاض في أيلول 2021 ونسبت الشركات اللبنانية ذلك إلى عوامل تتعلق بمشاكل السيولة وانخفاض كميات الطلبيات الجديدة. وانخفض كذلك مؤشر مخزون المشتريات بسبب نقص الوقود، الأمر الذي ساهم في تقييد القدرات التخزينية، وسَجَّلَ مؤشر مواعيد تسليم الموردين تدهورًا جديدًا في أيلول 2021. وأخيرًا، ظلَّتْ شركات القطاع الخاص اللبناني متشائمة بشدة بشأن مستويات النشاط التجاري خلال الإثني عشر شهرًا المقبلة. وتوقعت الشركات اللبنانية استمرار التحديات السياسية في البلاد وتأثيرها على النشاط التجاري.