- الأباتي نعمة للمتخرجين: “مجتمعكم ينتظركم والوطن بحاجة ماسّة إليكم، أنتم الأمل في انطلاقة تصحّح ما اعوجّ، وتبني ما تهدّم على أسس صحيحة، على أسس السّلام والعدالة والحقيقة”.
- الأب محفوظ للمتخرجين : “تسلّحوا بالفرح والإيجابيّة ولا تدعوا أيّ سبب من أسباب القلق يضربكم باليأس. فالحياة إلى الأمام”.
“فوج سنة الرحمة” أطلقه رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب الدكتور هادي محفوظ خلال حفل التخريج 2016، الذي نظمته الجامعة في حضور المتكلم الرئيس في الحفل الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي طنوس نعمة، إضافة إلى مجلس أمناء الجامعة وحشد من الفعاليات السياسية والدينية والتربوية والإعلامية وأهالي المتخرجين وذويهم.
وقد بلغ عدد المتخرجين 1750 طالبًا وطالبة، حاملي شهادات الإجازة والماستر والدكتوراه من من الاختصاصات كافة في حرم الجامعة الرئيسي وجميع فروعها.
بدأ الحفل بنشيد الدخول والنشيد الوطني اللبناني، ثم كانت وقفة صلاة ترأسها الأباتي نعمه.
فرح
وقدّمت الحفل الإعلامية إليز فرح التي قالت في كلمتها: “بداية اسمحوا لي أن أقول “شكرًا أيّها الرّوح القدس” أقنومًا وجامعةً. أقولها بلسان كل طالب وطالبة، وكل أب وأمّ، وكل مسؤول وأستاذ، وعن كل إنسان ينبض قلبه فخرًا وسعادةً لما تحقق له في يوم التخرج هذا، من جامعة هي ليست صرحاً للعلم والفكر والتحرر من الجهل فقط ، بل مساحة روحية تعكس تاريخ رهبانية عريقة في خدمة الإنسان وإعلاء شأنه، كونه الصورة الملموسة للكلمة المتجسد…”
رعيدي
ثم ألقت كلمة المتخرجين الطالبة ليا رعيدي. وقد حملت فيها “كتاب المحبة والشكر وعرفان الجميل، أقدّمه هدية التخرّج، إلى جامعتنا الحبيبة ورئيسها وهيئتها الإدارية وعمدائها وأساتذتها، وإلى الرهبانية اللبنانية المارونية، حارسة هذا الإرث الحضاريّ العريق الذي شقّ، ولا يزال، طريق المستقبل أمام الآلاف من الباحثين عن الحقيقة التي تحرّر العقل بنور المعرفة، والقلب بنور الإيمان”.
الأب محفوظ
وبعد فقرة موسيقية قدمتها الطالبة ماري فيلومين داود، تحدث رئيس الجامعة الأب الدكتور هادي محفوظ الذي قال: “النموّ باد. هو يظهر على محيّاكم أيّها الخرّيجون والخرّيجات الأحبّاء. فأنتم، من جهة، حقّقتم تقدّمًا ونموتم لتصلوا إلى هذه اللحظات تقطفون فيها ثمار جهدكم، وأنتم، من جهة أخرى، تبدأون، الآن، مسيرة جديدة تنطلقون فيها على طرقات الحياة، وفيها سوف تنمون، وتنمون، وتنمون، ولا يستطيع أحد إيقاف نموّكم”.
وتوجه إلى المتخرجين: “تسلّحوا بالفرح والإيجابيّة، ولا تدعوا أيّ سبب من أسباب القلق يضربكم باليأس. فالحياة إلى الأمام، تحت نظر سيّد التاريخ الذي هو الله، الذي له السلطان والقدرة فوق كلّ إنسان وكلّ البشر. تشبّثوا بالفرح والديناميّة مهما كان ظاهر الأمور معقّدا ومظلما. فالتباكي والتململ والتشكي هي مواقف لا تليق بابن جامعة الروح القدس أو ابنتها. صحيح أنّ في لبنان أمورًا محبطة. ولكنّه صحيح أيضًا أنّ فينا عزيمةً عنيدةً وفرحةً تريد النهوض بكلّ مجتمع، صغير أم كبير، ننتمي إليه. لذا نحبّ بلدتنا ونحبّ قضاءنا ونحبّ محافظتنا ونحبّ لبناننا، فهو الوطن الذي يقدّم لنا هواءه لنتنفس، وأرضه لنعيش عليها، وشعبه لنعيش معه. فنعمل من أجل خير لبنان وقيامه ونموّه”.
وأضاف: “نحن نعي أنّ الفرد لا يستطيع أن ينمو بمعزل عن نموّ الجماعة. محبّة الإنسان لنفسه، أي محبّة الأنا، أمر جيّد، ولكنّ الأنا لا تستطيع أن تنمو، أي أن تستفيد، بدون محبّة النحن، أي بدون العمل من أجل نموّ المجتمع حيث نعيش. فنحن نريد أن ننمو وأن ينمو الآخرون، في الوقت عينه. وهذا النموّ لا يتحقّق الا بروح المحبة والخير والطيبة والحنان. هذا هو منطق حبّة الحنطة التي لا تنمو، إن لم تضحّي وتثمر للآخرين، كما علّمنا الربّ يسوع. لذا أعود إلى تعبير قداسة البابا فرنسيس عن ضرورة “ثورة الحنان” التي يجب أن نعيشها. وفي هذا الإطار بالذات، وفي سياق سنة الرحمة التي أعلنها الأب الأقدس، تسمّت دفعتكم بفوج الرحمة”.
وتابع: “هذه هي روحيّة جامعتكم، أيّها الخريجون والخريجات الأحباء. هذا هو منطق النموّ الذي تعمل الجامعة على أساسه. تعلمون بعضًا ممّا آلت اليه الجامعة في مجال اعتماد البرامج وتطويرها بشكل مميّز، وتغيير منطق الحوكمة فيها، وتعلمون، خاصة بواسطة استفادة الكثيرين منكم بشكل مباشر من العلاقات الدولية التي توطدها مختلف الوحدات الاكاديمية، المكانة المرموقة التي تحتلّها الجامعة. هناك عمل جدي وحثيث في الجامعة لتماهي مستوى بنيتها الإدارية والأكاديمية مع أرقى مستويات العمل الجامعيّ في العالم. فهي في نموّ مطّرد ودائم، وتعمل من أجل كل من يصل عملها اليه، بشكل مباشر أو غير مباشر. إن اسم جامعة الروح القدس مرتبط باسم كلّ منكم، لأنّهما الاسمان الوحيدان على شهادتكم، فانتم مرتبطون بها على الدوام. فاعلموا أيّها الخريجون والخريجات الأحباء، أنّ جامعتكم سوف تظل تعمل ليعلو اسمها ويعلو، عالمة أنّ كلّ ما علا اسمها علا اسم كلّ خريج منها وكلّ استاذ وعامل فيها، كما أنّ علو اسم أيّ خرّيج منها يعلي اسمها”.
واعتبر “أن من أهمّ نقاط القوّة لجامعتكم هي انتماؤها إلى رهبانيّة القديسين، الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة التي نمت وعملت فيما القلب والعين على نموّ لبنان وكلّ لبنانيّ في الوطن وفي بلاد الانتشار. إنّها روحيّة تضخّها الرهبانيّة في الجامعة وتريد أن تقدّم كلّ الوسائل من أجل تطوّرها ونموّها وتألّقها…”
وختم مهنئًا المتخرجين وذويهم متوجهًا بالشكر إلى العمداء والمدراء والإداريّين والاساتذة وجميع العاملين في الجامعة على تعبهم وتفانيهم من أجلكم.
الأباتي نعمه
وألقى بعدها المتكلم الرئيس في الحفل الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي طنوس نعمه كلمة قال فيها: “إنّ إلى الأبد رحمته” (مز 136). هذا النّشيد، الّذي ترنّم به كاتب سفر المزامير، هو نشيد كلّ منكم، لأنّ رحمة الله تجسّدت فيكم، في نجاحاتكم في قدراتكم، في جهدكم. أنتم الرحمة لأهلكم، لأنّ تعبهم لم يذهب سدًا، والتضحيات الّتي بذلوها لم تضع، وانتظارهم الّذي طال سنوات، قد بزغ مع فجر هذا اليوم”.
وأضاف: “أنتم الرّحمة لجامعتكم، هذه الجامعة الّتي تنتمي إلى جسم الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، رهبانيّة القديسين، الّتي أمنّت لكم بالإضافة إلى العلم الرصين، الإطار الأخلاقيّ، والبعد الروحيّ، لكي يكتمل بناء شخصيّاتكم بتوازن بين مسيرتكم على هذه الأرض، وبين دعوتكم لتكونوا أبناء الملكوت. أنتم الرحمة لمجتمعكم ولوطنكم، هذا المجتمع الّذي يرزح تحت أثقال من الفشل، ويغرق في بحر من الجهل، لأنّ ما حصّله الكثيرون من معارف، لم يستعملوها لبناء المجتمع والوطن بل استغلّوها لإرضاء طمعهم، وسخّروها لتوسيع منافعهم الشخصيّة، على حساب تدمير المجتمع، وهدّ مداميك الوطن ومؤسّساته. مجتمعكم ينتظركم والوطن بحاجة ماسّة إليكم، أنتم الأمل في انطلاقة تصحّح ما اعوجّ، وتبني ما تهدّم على أسس صحيحة، على أسس السّلام والعدالة والحقيقة”.
وتابع: “السّلام والعدل والحقيقة، يرتبطون بالرّحمة الحقيقيّة، تلك الرّحمة الّتي لا توجد إلاّ في قلب الله، والّتي لا ندركها، ولا نعرفها، إلاّ إذا ارتبطنا به، عبر الصلاة والعيش معه، والعمل على نقل رحمته إلى الآخرين في ما نعلنه وفي ما نعيشه، تلك هي الدعوة الّتي وجهها قداسة البابا فرنسيس في رسالته للاحتفال بسنة الرحمة الإلهيّة بقوله: “أتمنى بشدة أن تتأمّلوا خلال اليوبيل في أعمال الرحمة الجسدية والروحيّة. هذه الطريقة كفيلة بإيقاظ ضمائرنا، الّتي تنزلق غالبا إلى السّبات إزاء مأساة الإنسان، إذ نغوص أكثر في قلب الإنجيل، حيث الفقراء هم المفضّلون لدى الرّحمة الإلهية”.
واعتبر أنه “إنطلاقًا من هذه الحقائق الثوابت، تعي جامعة الرّوح القدس – الكسليك، أن وجودها رسالة. رسالة في بناء الإنسان في مكوناته وقدراته كلّها، وهي إذ تشهد للقيم الإنجيليّة الّتي تشكّل الأساس الّذي بنت عليه هيكليّتها والأهداف، تقوم بخدمة التعليم العالي وتصونه وتضمنه، لأنّ المحور والغاية من رسالتها هذه، هي الإنسان، كلّ إنسان، وفي كليّته”.
وتوجه إلى المتخرجين: “كونوا على مقدار تطلعات شبابكم، أهلكم، مجتمعكم والوطن.أنتم اليوم تخطون خطوة أساسيّة في غمار الحياة، فسيروا إلى الأمام وملء قلبكم الرحمة والمحبة والخير”.
وختم الاباتي نعمه: “اليوم والجامعة تحتفل بتخريجكم دفعة “سنة الرحمة”، نسأل الله أن يباركها، أن يجعلها واحة رحمة، تتجلّى في خدمة المعرفة، لصيانة الحريّة، وبناء إرادة كلّ المنتسبين إليها، ليصلوا إلى من هو ملء المعرفة والحريّة. إنّها مناسبة لشكر الجميع رئيسًا، عمداء، ومجلس أمناء، أساتذة، طلّابًا، موظّفين وعمّالاً، مبروك للخريجين، الّذين، يلهجون بالشّكر لأهلهم على تضحياتهم، ويعظّمون الربّ معلنين: “إنّ إلى الأبد رحمته”.
جوائز تقديرية
ثم جرى توزيع جوائز تقديرية لعدد من طلاب الجامعة المتفوقين. وتخليدًا لذكرى الدكتور إيلي شلالا، قدّمت زوجة الدكتور ايلي شلالا الدكتورة أمال شلالا ونجلها ألان شلالا جائزته إلى الطالبين في كليّة الطبّ والعلوم الطبيّة أنطوني متى وماري آنج القصير. ثم قدم رئيس جمعية موسى بو فرح للوقاية من الموت المفاجئ الدكتور أنطوان بو فرح جائزة الدكتور موسى بو فرح للطالبة في كليّة العلوم جوانا طانيوس بيطار. أما جائزة نقابة المحامين في باريس فقدمها المحامي كاربون دو سيز إلى الطالبتين في كلية الحقوق لوريس افرام وفانيسا ميا بجاني. وسلم المحامي جو كرم جائزة نقابة المحامين في Caen إلى الطالبتين في كلية الحقوق ماريا جبور زيدان وبيا زغيب.
واختتم الحفل بتوزيع الشهادات على المتخرجين والتقاط الصور التذكارية وشرب نخب المناسبة.