لقد أدت تجربة العمل من المنزل إلى تطوير التفكير في استراتيجيات القوى العاملة ونماذج العمل وسياساتها على مدى عقود. ونتيجة لذلك نحن على وشك رؤية انفجار هائل في الابتكار
بقلم تيم ميناهان، نائب الرئيس التنفيذي للتخطيط الاستراتيجي لدى “سيتركس”
إن واقع العمل اليوم هو اضطراب مستمر نتيجة نقص المواهب واضطرابات سلاسل التوريد ناهيك عن ضغوط التسعير و الظروف المرافقة لاستمرار الجائحة، حيث من الصعب التنبؤ بما سيحدث في الدقائق الخمس المقبلة، فما بالك في العام القادم. لكن هناك شيء واحد ثابت وهو أن نموذج العمل قد تغير إلى الأبد ولا عودة في ذلك. حيث أدت الاستثمارات غير المخططة خلال العام الماضي لاستيعاب العمل عن بُعد إلى إزالة الحواجز وإفساح المجال لطرق جديدة من شأنها أن تغذي مستويات غير مسبوقة من الابتكار والنمو في العام المقبل.
لذا فيما يلي أربعة أشياء يمكنك التخطيط لها:
الابتكار سيتصدر المشهد
يقال إن الحاجة هي أم الاختراع. فعندما بدأت الجائحة، كان على الشركات إيجاد طرق جديدة للعمل. مما دفعهم لاتخاذ خطوات جريئة تدفعهم لعقودٍ قادمة، وهذا لا يقتصر فقط على ابتكار طريقة عملهم داخلياً وإنما أيضاً كيفية تفاعلهم مع العملاء. فقد أفسحت التقنيات التي استخدموها لرقمنة أعمالهم من أجل فسح المجال لنماذج أعمال جديدة بدءاً بالتطبيب عن بُعد والتعلم الافتراضي وصولاً إلى عالم “الميتا فيرس” و التي ستمكنهم من الازدهار في العام الجديد وما بعده.
والمرحلة القادمة مهيأة للنمو بشكلٍ مستمر. فقد أدت الاستثمارات في التكنولوجيا الجديدة ونماذج العمل المرنة خلال العام الماضي إلى زيادة الإيرادات بنحو 678 مليار دولار عبر مختلف الصناعات و القطاعات. وهذا ما أكده 69 % من قادة الأعمال حول العالم برغبتهم في زيادة الاستثمار في عمليات البحث والتطوير خلال الاثني عشر شهراً القادمة للحفاظ على هذا النمو.
المؤسسة الحالية ستصبح افتراضية
كان العمل عن بُعد تجربة قسرية باعتراف الجميع، لكن الموظفون تكيُّفوا مع ذلك حيث أظهرت الأبحاث أن 90% منهم يريدون الاستمرار في ذلك، على الأقل بشكل جزئي، من أجل المضي قدماً. وسيحصلون على رغبتهم في ذلك في عام 2022. ولكن قادة الأعمال لديهم بعضهم التحفظات في البداية، فهم يدركون الآن التأثير الإيجابي الذي يمكن أن يحدثه العمل المرن على كل شيء بدءاً من تفاعل الموظفين وانتاجيتهم ومن ثم التوازن بين العمل والحياة والصحة العقلية وصولاً إلى توظيف المواهب الشابة الطموحة والمحافظة عليها، ناهيك عن تكاليف التشغيل و مساحات العمل. مما يدفعهم إلى الاستثمار في تبني النموذج واعتماد الأدوات و السياسات التي تمكن الموظفين من الإبداع والابتكار أينما تواجدوا.
مساحة العمل الرقمية هي المكتب الجديد
سواءً في المنزل أو المكتب أو على الطريق أو أي مكان بينهما، يجب أن يبقى الموظفون قادرين على المشاركة والتعاون بطريقة متسقة آمنة و شفافة. ففي العام المقبل، ستعيد الشركات تصور أهمية المكتب الفعلي مع تصميم مساحات عمل رقمية تمكن الموظفين من الوصول بشكل آمن وموثوق إلى الموارد التي يحتاجونها لتنفيذ أعمالهم بكفاءة وفعالية مع إمكانية التعاون مع الزملاء والشركاء والعملاء عبر استخدام أي جهاز أو قناة عمل. كما أن قادة الأعمال سيدعمونهم بالسياسات التي تشجع أساليب العمل العادلة والضامنة لظروف ملائمة لجميع العاملين أينما تواجدوا.
وظائف جديدة ترى النور في العام القادم
إن التاريخ يكرر نفسه في كثير من الأحيان. ففي عام 2009، تخلت مجموعة كبيرة من العاملين في مجال المعرفة عن وظائف الشركات لبدء مسيرة مهنية جديدة في الاستشارات والعمل المستقل، الأمر الذي أدى إلى إنشاء “اقتصاد العمل المؤقت”. حيث كانت لديهم الأسباب نفسها التي دفعت عديد الأشخاص إلى ترك وظائفهم في يومنا هذا. فقد كانت طموحاتهم تتطلع إلى وجود سياسات عمل مرنة تسمح لهم أداء مهامهم بشغف وعلى أكمل وجه.
وفي محاولة الشركات من أجل جذب المواهب المتفوقة مرة أخرى تمنح نفسها ميزة وأسبقية في المعركة الشرسة على هذه المواهب، ستعمل الشركات على تبني نماذج العمل الهجينة وأحدث التقنيات الرقمية لإنشاء فئة جديدة من “مساحات العمل” التي توفر المرونة والاستقلالية للعمال المستقلون والمتعاقدون و الموظفون، جنباً إلى جنب مع الاستقرار الذي أصبح جذاباً بشكل متزايد مع استمرار الوباء.
تم وضع الأساس لمستقبل العمل، فالشركات التي تتبنى النماذج الهجينة والتكنولوجيا المتقدمة ستدفعها لتنمية القوى العاملة المرنة و القوية التي تحتاجها من أجل دفع أعمالها إلى المستقبل.