أطلق رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، اليوم الوطني لحماية حوض الليطاني، بعنوان “الليطاني..شريان الحياة” في 23 تشرين الاول، في حفل نظمته اللجنة الوطنية لحماية حوض الليطاني، برعايته في قصر الأونيسكو، داعيا الى ان “ننهض جميعا بمسؤولياتنا الوطنية بعيدا عن الفئوية والمحاصصة والزواريب”.
حضر الحفل وزراء: البيئة محمد المشنوق، الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر، والنواب علي فياض، محمد قباني، جمال الجراح، نبيل الجسر، مدير عام مجلس الجنوب هاشم حيدر، مدير عام الليطاني عادل حوماني، وسفراء وديبلوماسيون وفاعليات نقابية واقتصادية وبلدية واختيارية.
فياض
وألقى فياض كلمة لفت فيها الى ان “النهر الذي تغنى به شعراء جبل عامل, وكتبوا حوله أجمل قصائدهم، قصائدهم ليس هو النهر الذي نراه الآن. وإن النهر الذي شكل على الدوام مطمعا لإسرائيل لمقاسمتنا مياهه أو الوصول إلى ضفته كعنوان للنيل من سيادتنا لم يعد نهرا سياديا لأنه أستبيح بالتلوث. نهر الليطاني هو النهر الوطني الوحيد الذي يقطع لبنان من أقصاه إلى أقصاه على مسافة 170 كلم عابرا المناطق والطوائف والإصطفافات في حين أن الأنهر الأخرى هي أنهر مناطقية. 750 مليون متر مكعب من المياه باتت الأن شبه معدومة. لم يعد الأمر يقتصر على ما يهدر في البحر أنما أيضا ما يستفاد منه ضرره الصحي والبيئي أكبر من فائدته”.
وقال: “في البقاع آلاف الدونمات التي تزرع بالخضروات على ضفاف نبع الغزيل تروى بالمجارير.
– محطة الطيبة التي تضخ في طاقتها القصوى 13 ألف متر مكعب من المياه والتي تزود 52 قرية بالمياه التنقية الوحيدة هي الكلور, بعدما تعطلت التقنيات المتطورة فيها. علما أن الكلور يقتل التلوث الجرثومي والعضوي. لكن ماذا حول التلوث الصناعي والكيميائي الذي تضخه بحيرة القرعون في الصيف. مع الإشارة إلى أن مشاريع كبرى بعضها أقر مثل سد بسري لنقل مياه الشفة إلى بيروت والضاحية الجنوبية, سيكون مهددا لأن هناك قناة تمتد من القرعون إلى بركة أنان فنهر الأولي الذي سيقام عليه السد. وهناك مشروع قناة 800 الذي بات في مرحلة متقدمة والذي من المفترض أن ينقل 11 مليون متر مكعب من المياه. هذا المشروع سيكون بمثابة خردة يعلوها الصدأ إذا لم نعالج مشكلة البحيرة.
– بساتين سهل صور تروى عبر قناة يجري تغذيتها من النهر في موسم الجفاف بعد فتح قناة من بحيرة القرعون (2 متر مكعب في الثانية)”.
اضاف: “نحن نميز بين الحوض الأعلى والحوض الأسفل التي تفصل بينهما بحيرة القرعون, في الحوض الأعلى المشكلة معقدة وتحتاج إلى حلول جذرية عاجلة حيث هناك 650 مصدر تلويث بما فيها التلوث الصناعي الكيميائي. يضاف إليها نفايات 200 ألف نازح سوري ينتشرون على ضفاف النهر وعلى مقربة منه. في حين إن مصادر التلوث في الحوض الأسفل هي المرامل التي جرى إقفال معظمها والطمي الأن يملأ مجرى النهر. وهناك 126 مجرورا من المتنزهات تصب في النهر واربع قرى لديها شبكات صرف صحي تصب في النهر وقناة القرعون التي تلوث النهر في الصيف بشكل خطير”.
وتابع: يبدو معنا أن المشكلة في الحوض الأسفل قابلة للسيطرة من خلال:
– إقفال المرامل وإقامة حواجز أمام التلال التي جرى تخريبها.
– إقفال مجارير المتنزهات والعودة إلى الجور الصحية بمواصفات علمية تتولى البلديات مراقبتها.
– إقامة محطة تكرير لمحطة زلايا التي تطال قرى زلايا – قليا – عين التينة – يحمر – سحمر -ميدون والدلافة (7 قرى) بكلفة 23 مليارا و250 مليون ليرة لبنانية.
ما نريد قوله بالخلاصة التالي:
– ثمة ضرورة لإدراج إقتراح القانون الذي يرمي الى تخصيص إعتمادات لتنفيذ بعض المشاريع وأعمال الإستملاك العائدة لها في منطقة حوض نهر الليطاني من النبع إلى المصب بكلفة 1100 مليار ليرة لبنانية والذي ناقشته لجنة المال والموازنة في جلستين بتاريخ 4 و10 9/2016. ووضعه على جدول أعمال أول جلسة تشريعية في العقد العادي المقبل.
– تسريع وتيرة التنفيذ بحيث لا تمتد على سبع سنوات كما أقر القانون البرنامج المشار إليه.
– ترتيب أولويات التنفيذ العاجل والملح بحيث يطال معالجة الحوض الأعلى بقيمة 308 مليار ليرة. يحسم منها ما يجري تنفيذه وما نفذ فعلا. بالإضافة إلى 23 مليار ليرة تخص قرى البقاع الغربي من الحوض الأسفل التي تؤثر على نبع عين الزرقاء التي تعتبر المصدر الرئيسي لنهر الليطاني جنوبا. يضاف إليها 21 مليارا لمعالجة النفايات الصلبة في محافضتي البقاع وبعلبك الهرمل. 4 مليارات لمعالجة النفايات الصناعية في المحافظتين المشار اليهما. 4 مليارات لمعالجة التلوث الناتج عن القطاع الزراعي في المحافظتين أيضا. يصبح المبلغ المطلوب بصورة ملحة وعاجلة هو 337 مليارا. يضاف إليها ما يقتطع للاستملاك حيث أن المبلغ الكلي في المشروع هو 100 مليار و48 مليارا دراسات وإشراف. مما يعني ان المبلغ الكلي المطلوب لإيقاف التلوث في الحوض الأعلى وبحيرة القرعون وقرى البقاع الغربي من الحوض الأسفل لا يتجاوز 400 مليار ليرة.
وقال: “لماذا الحملة الوطنية لحماية حوض نهر الليطاني: الحملة هي مبادرة وطنية أهلية مرنة ومفتوحة أمام كل من يرغب في الإسهام بالتعاطي مع مشكلة التلوث في نهر الليطاني كقضية وطنية جامعة بهدف توفير إطار للتعاون الأهلي – البلدي – الرسمي.
ما نصبو إليه هو إعادة تشييد حرمة النهر وإيقاف إستباحته والعمل بمنهجية السعي للحد من الكارثة وعدم الإستسلام للمشكلة, وإيجاد حلول مرحلية وتسريع الحل الاستراتيجي الجذري وإعادة ترتيب أولويات المعالجة ودفع البلديات للقيام بدورها الذي نص عليه القانون, وتحضير المجتمع الأهلي والمدني للقيام بدور الرقابة والمحاسبة في تطبيق القانون والمشاريع المشار إليها للمعالجة”.
اضاف: “على هذا الأساس نحن نحتاج دولة الرئيس إلى رعايتك لإطلاق يوم وطني لحماية حوض نهر الليطاني في 23/10/2016 يتضمن فعاليات عديدة تقوم فيه البلديات المشاطئة للنهر بحملة نظافة تمتد على طول مجراه. على أن تتولى كل بلدية تنظيف مجرى النهر وضفتيه في إطار نطاقها الجغرافي ويشترك في ذلك الجمعيات الكشفية والأندية الرياضية والجمعيات البيئية والدفاع المدني والأهلي والمتطوعون ليكون يوما وطنيا لإعادة تشييد حرمة النهر التي يصونها القانون. وعلى أن يبلَّغ كل من يدير مجروره إلى النهر بمهلة زمنية لإقفاله على أن تتابع الآليات التطبيقية بالتعاون مع البلديات ووزارة الداخلية والاجهزة المختصة تبعا لخصوصية كل حالة. هل نحن نحلم ونبالغ دولة الرئيس؟ على الرغم مما تعانيه دولتنا بمؤسساتها من ترهل وتعثر وغياب لمظاهر السيادة والقانون إلا أن حضور المجتمع والرأي العام والإعلام في تحمل المسؤولية والملاحقة والرقابة والمطالبة من شأنه أن يضع المشكلة على سكة المعالجة وهذا ما نطمح إليه.
وتابع: “ثمة ضرورة لتطوير الإهتمام من النهر إلى حوض النهر وتطوير البنية الإدارية بما يتلاءم مع ذلك.
– ثمة حاجة لتوحيد المرجعية التي تتولى إدارة معالجة النهر والتنسيق بين الوزارات والمصالح المعنية, بهدف ضبط المسؤولية وتفعيل المعالجة.
– ثمة ضرورة لتشييد سواتر ترابية أمام التلال التي جرى حفرها وتجريفها من قبل المرامل على مقربة من النهر, والتي باتت رخوة أمام الأمطار التي ستجرفها في موسم الشتاء إلى مجرى النهر الذي سيزداد ترسبا.
– ثمة حاجة للتشدد في متابعة النفايات التي تنتجها تجمعات النازحين السوريين بمحاذاة النهر في اكثر من مكان في البقاع.
– ربما قد تكون هناك حاجة وبهدف الإستمرار في الحضور الأهلي في متابعة مشكلة التلوث في نهر الليطاني وحماية حوضه تأسيس جمعية بيئية إنمائية وطنية لحماية حوض الليطاني.
– حتى لا تبقى كل أخبارنا سيئة, علمنا من رئيس بلدية زحلة أن منحة إيطالية تتضمن موتورات كهرباء بقدرة 2 ميغاواط لتشغيل محطة زحلة لمعالجة المياه المبتذلة, وهي تغطي القسم الأكبر من زحلة وحزرتا وقاع الريم وسعدنايل وجزء من الفرزل أي 35 ألف متر مكعب من المياه المبتذلة يوميا التي ينتجها 200 ألف مواطن من أصل 800 ألف مواطن في البقاع وهذا ما يعالج 25% من مشكلة الحوض الأعلى.
– نحن سنعمل على إقتراح قانون للتشدد في العقوبات والغرامات تجاه من يقوم بتلويث نهر الليطاني .
– التحدي الكبير هو في القدرة على ديمومة محطات التكرير في حال إنشائها لأن التجربة الماضية لم تكن مشجعة مما يحيل شبكات الصرف الصحي إلى تركيز التلوث وتكثيفه بدل معالجته”.
وزير البيئة
وقال وزير البيئة محمد المشنوق: “ما من كلمات يمكنها التعبير عن واقع التلوث في نهر الليطاني بطريقة أفضل من الوثائقي الذي شاهدناه في بداية هذا اللقاء. فالليطاني هو منظومة متكاملة، وبالتالي فإن أي مشروع لحماية النهر لا يمكن أن يصمم بمعزل عن محيطه الحيوي، أي النشاطات البشرية على ضفاف النهر وروافده والحوض بشكل عام. من هنا برزت ضرورة اعداد خطة شاملة لمكافحة التلوث في هذا النهر، خطة تلحظ مصادر التلوث كافة والمشاريع التي ينبغي تنفيذها لوضع حد لهذا التلوث”.
اضاف: “هذا ما قامت به وزارة البيئة في عهد الحكومتين السابقتين بالتنسيق مع جميع الفرقاء المعنيين، وهذا هو بالذات دور هذه الوزارة. أما في عهد هذه الحكومة،
فاستكملنا عملية التخطيط من خلال وضع الإطار المؤسساتي المناسب لمواكبة التنفيذ، فكان قرار مجلس الوزراء رقم 32 تاريخ 9/5/2014 بتشكيل لجنة من الإدارات المعنية وأبرز البلديات لمتابعة التطبيق من خلال اجتماعات شهرية للجنة وتقارير دورية إلى مجلس الوزراء، وهذا ما تقوم به اللجنة منذ حينه وحتى تاريخه”.
واعلن “اننا من خلال مواكبتنا لعمل اللجنة، التي حضرنا عددا من اجتماعاتها، لمسنا عن قرب تعاون جميع المعنيين من مؤسسات رسمية وهيئات محلية وأهلية”، وقال: “إن دل هذا الأمر على شيء فعلى أمرين:
1- أهمية مبدأ التعاون الذي أقره قانون حماية البيئة في العام 2002، التعاون بين القطاعين العام والخاص، والتعاون في ما بين أجهزة القطاع العام.
2- وجود فسحة أمل لتلاقي جميع الفرقاء، ففي زمن تسوده الانقسامات، نجد أن موضوع حماية الليطاني موضوع جامع على الصعد كافة”.
اضاف: “دعونا إذا نستغل فرصة الإجماع هذه لنؤكد الثوابت البيئية الوطنية الآتية:
1- التزام الجميع بمبدأ “استرجاع النهر” river restauration من خلال متابعة تطبيق خارطة الطريق لمكافحة تلوث بحيرة القرعون ونهر الليطاني بكل تفاصيلها، الإنشائية منها وغير الإنشائية structural and non structural. فمكافحة التلوث لا تكون فقط من خلال بناء شبكات الصرف الصحي ومعامل المعالجة والمطامر الصحية، انما أيضا، وهذا الأهم، من خلال العناية الحقيقية بموضوع التشغيل والصيانة لجهة مصادر التمويل وآلية التنفيذ، في بلد يعاني بشدة من موضوع الصيانة والمتابعة.
2- إعطاء جرعة الدعم اللازمة للجنة الحوض التي شكلت في أيار 2014، وتطوير إمكانياتها لتفعيل أدائها لمهامها، خصوصا ما يتعلق بدمج العلم بالحوكمة integrating science and governance، وبالتالي مواكبة الاتجاهات العالمية في هذا المجال، وما يستوجبه ذلك من تكثيف الأبحاث بالتنسيق مع القطاع الاكاديمي research and development.
3- التشدد في الرقابة البيئية ومنع التعديات، والصرامة في تطبيق القوانين والانظمة المرعية، بالتعاون مع المحامين العامين البيئيين وقضاة التحقيق في شؤون البيئة الذين تم تكليفهم استنادا إلى القانون 251/2014، والضابطة البيئية لدى بدء العمل بها تطبيقا للمرسوم 3989/2016. واستكمال التشدد الرقابي هذا بتكثيف التثقيف البيئي على جميع المستويات”.
وتابع: “بهذه الثوابت، وبها فقط، يمكن الحديث عن “أيام أفضل” لنهر الليطاني. أما “الأيام الجميلة” فتطل بعد سنوات عديدة من الكد وحسن الإدارة والشفافية والتعاون بين الأطراف المعنية كافة (الإدارات المركزية، البلديات، المجتمع المدني، القطاع الأكاديمي، الشركات الخاصة، والإعلام…). لماذا سنوات؟ لأن استقطاب التمويل يستلزم وقتا، والتنفيذ يستغرق وقتا أطول خاصة في بلد جرت فيه العادة إلى “المزايدة” في استغلال الدولة، بطرق إما غير قانونية، أو قانونية وغير شرعية. من هنا إصرارنا على حسن الإدارة والشفافية وصولا إلى الأيام الجميلة المرجوة وهنا دور البلديات في المراقبة”.
وقال: “قد تكون هذه المعركة أصعب من غيرها لأن “العدو” هو كل واحد منا: المواطن أو الصناعي أو المزارع الذي يحاول استخدام الاملاك العامة للتخلص من نفاياته؛ المواطن الذي يسعى بكل جهده لإبعاد موقع أي معمل معالجة أو مطمر من منزله، المهندس أو المالك الذي يطمح بزيادة عامل الاستثمار في عقاره، وصاحب المقلع الذي لا يأبه بالشروط البيئية التي وضعت لعمله…وغيرها من الامثلة التي لا تحصى ولا تعد والتي تؤثر جميعها على نهر الليطاني، وبالتالي على اللبنانيين بشكل مباشر أو غير مباشر”.
اضاف: “صحيح أننا أعداء بيئتنا، انما دعونا لا ننسى أننا المتضررون الاول من هذه السلوكيات. لذلك علينا، أفرادا ومؤسسات، أن ننمي الحس البيئي في كل واحد منا فتتحول أعمالنا اليومية إلى أعمال أكثر استدامة، فبذلك نستعيد صحة نهر الليطاني وأنهرنا كافة، ونحسن نوعية حياتنا”.
وختم: “أخيرا، لا بد من كلمة شكر لمنظمي هذا اللقاء وللمشاركين فيه، ولدولة رئيس مجلس النواب على اهتمامه الخاص بهذا الموضوع تحت عنوان تشريع الضرورة، ولدولة رئيس مجلس الوزراء على دعمه لهذه المسألة الحيوية منذ تشكيل حكومة المصلحة الوطنية. كم يذكرني ذلك بالقول الشهير للمرحوم الرئيس صائب سلام أنه يقتضي توفر “مجنون” لإنجاح كل قضية، المجنون الذي يكرس كل وقته ويتابع بشغف، والذي يثابر دون أن يرهق، والذي يتجرأ على قول كلمة “لا” بوجه الفاسدين. فاذا كانت هذه صفات المجنون، نعتز أن نقول إننا جميعا مجانين في هذه الصالة، مجانين في سبيل الليطاني ولبنان”.
سلام
ثم تحدث الرئيس سلام فقال: “لا بد لي بداية، من أن أحيي جهود اللجنة الوطنية لحماية حوض الليطاني، وأن أشكر كل الجهات المحلية والدولية الشريكة التي تتعاون لإنقاذ هذا النهر، الذي لا يشكل فقط شريان حياة لحوضه، الذي يمثل 20 في المئة من مساحة لبنان، بل ثروة قومية يعم خيرها كل خريطة الوطن، وجميع ناسه”.
اضاف: “من هذا المنطلق أقول، إن جميع اللبنانيين معنيون بإنقاذ الليطاني وحوضه، وبالحملة الوطنية لحمايته. إن الوضع الكارثي الذي يعانيه النهر اليوم، يستدعي استنفارنا جميعا لمنعه من الموت… قبل فوات الأوان”.
وتابع: “لا حاجة بي إلى تعداد وجوه أهمية نهر الليطاني، إجتماعيا وإقتصاديا وبيئيا. ولقد أدركت حكومتنا منذ اليوم الأول، ضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الليطاني، بدليل أن واحدا من أول قراراتها كان تشكيل لجنة من كل الوزارات المعنية والإدارات الرسمية الأخرى، اضافة إلى أبرز البلديات، لمتابعة تطبيق خريطة الطريق لمكافحة تلوث بحيرة القرعون والحوض الأعلى للنهر. وتلت هذه الخطوة سلسلة قرارات ومراسيم تتعلق بهبات وقروض، من أجل تنفيذ المشاريع الملحة، واستكمال الإطار المؤسساتي لتفعيل تطبيق القوانين والأنظمة البيئية. غير إني لا أذيع سرا إذا قلت، إن ذلك لم يكن كافيا وان المطلوب كان أكثر بكثير، بدليل الحالة الكارثية التي وصل اليها النهر وحوضه، والتي دفعتنا الى التحرك مؤخرا وتشكيل لجنة وزارية جديدة لمتابعة هذا الملف”.
وأكد سلام “ان الوضع الكارثي الذي بلغه نهر الليطاني، هو تعبير صارخ عن استضعاف الدولة وضمور هيبتها، في تجاوز متماد للقوانين الناظمة لحياة الناس، ونشوء علاقة مع البيئة المحيطة، والثروة الطبيعية الوطنية.. أشبه بالعلاقات في ظل شريعة الغاب.
لقد باتت الحكومة مصبا لنهر جارف من المشاكل.. تتدفق عليها العرقلة من كل حدب وصوب.. فكيف للحلول أن تنبع منها؟”.
وقال: “لقد قامت على ضفاف الدولة ولا تزال، مجموعة ملوثات لسلطتها.. وفي مجراها نشأت عوائق عديدة. أما السد الذي يفترض أن يكونه القانون، لينظم المسار ويعطي كل ذي حق حقه، فهو عرضة للتآكل والإنهيار بفعل التجاوزات.. والمصالح المنفلتة من أي قيود أو ضوابط”.
وشدد على “ان الخطوة الأولى نحو تصحيح هذا الوضع، أقولها تكرارا، هي إعادة الإنتظام إلى المؤسسات الدستورية، بانتخاب رئيس للجمهورية”. وقال: “وإذا كان طموحنا جميعا هو معالجة هذه الاختلالات البنيوية المزمنة في عمل السلطة في لبنان، فإن انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل لإزالة كل العراقيل، ولقيام المؤسسات بالمهام المطلوبة منها، على غرار حماية الليطاني”.
اضاف: “تعرفون جميعا أن مشاريع حماية النهر جاهزة، وقد أشبعت درسا وتمحيصا. المطلوب اليوم إقرار القوانين اللازمة ومشاريع القروض للشروع في العمل، وهذا يستلزم، أيضا وأيضا، انتظاما في عمل المؤسسات وفي مقدمها مجلس النواب، الذي تعطل الأزمة السياسية المستمرة دوره التشريعي والرقابي”.
وتابع: “لا بد لي هنا من توجيه تحية تقدير إلى دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، حامل هم الليطاني وأهله من منبعه البقاعي إلى مصبه الجنوبي، وحامل الهم الوطني عموما، والمدرك أهمية الإسراع في إنجاز الورشة التشريعية لإطلاق ومواكبة ورشة التنفيذ العملية. ونأمل أن تدرك كل القوى السياسية ضرورة الإنتهاء من هذا الشق الأساسي في مسار حماية حوض الليطاني”.
وختم: “مرة أخرى، تحية إلى جميع العاملين على هذا الملف الوطني الحيوي، والحريصين على حماية الثروة المائية اللبنانية”.