عضوان الأحمري: “صناعة وعي الأجيال الجديدة وتقديم محتوى راقٍ ونوعي مهمة الإعلاميين وليس المؤثرين”
– “مواكبة التكنولوجيا أمر جيد لكن يجب أن تتم بموضوعية حتى لا يطغى تأثيرها على الإنسان”
– “الإعلام لن يتغير شكله رغم تطورات الثورة الصناعية الرابعة”
سلّطت جلسة “المشهد الإعلامي وثورة الإعلام” التي جاءت ضمن فعاليات اليوم الثاني والختامي للدورة العشرين لمنتدى الإعلام العربي، الضوء على مدى تأثر الصحافة إيجاباً وسلباً بانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وسيطرة ما يُطلق عليهم “المُؤثرون”، خاصة فيما بتعلق بمصداقية المعلومة وتأثيرها، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الرسالة الإعلامية، وصولاً إلى أهمية تشكيل وعي الأجيال الجديدة، واستضافت الجلسة عضوان الأحمري رئيس تحرير “اندبنت عربية”، وحاورته الإعلامية نيلة الجناحي من تلفزيون البحرين.
وبدأ الأحمري حديثه بالتأكيد على أن دور الإعلام لم تتبدل على مر الوقت ورغم وجود متغيرات ومستجدات عاصرها، وأنه يعتقد أن هناك حالياً ما يشبه تراجعاً للصحف أمام الانتشار الكبير لمنصات التواصل الاجتماعي رغم عدم موثوقية محتواها، وأن ذلك سبّب ضيقاً كبيراً للعاملين بالمهنة، جراء عدم منحهم الاهتمام الذي يليق بمكانة المهنة، خاصة في ظل اعتماد كثير من المؤسسات والجهات، على ترويج أخبارها عبر هذه المنصات، ضماناً للحصول على انتشار واسع لها.
وقال إن دور الإعلام، والصحافة تحديداً، هو النقد والتقويم وكشف الحقائق، وهذا دور لم يتغير مطلقاً، ومن غير الجائز الاعتقاد بأن دور الصحافة، هو نقل الإنجازات فقط، أو أن تكون بوقاً لجهات معينة، فيما برأيه أن” صناعة الوعي” هي معادلة التغيير الحقيقي الذي يجب الانتباه لها والعمل على تعزيزها.
وتابع المتحدث قائلاً إن مؤثري المنصات الاجتماعية لا يمكن أن يُطلق عليهم وصف “صحفيين” وأن ما يقومون به هو ليس صناعة للمحتوى، الذي يعد دوراً أصيلاً للصحفيين، ولكن يمكن توصيف دورهم بـ “إدارة للمحتوى”، كونهم يبثون المعلومات دون اعتبار لمصداقيتها وتوقيتها وتأثيرها، معتبراً أن كثيرين راهنوا منذ سنوات على تلاشي الصحف والتلفزيون، لكنه ومع مرور الوقت، يتأكد أن هذه التطورات مجرد ظواهر وقتية لا يمكن أن تؤثر بالسلب أو أن تقوض أداء هذه المنصات الرصينة والموثوق في أدائها.
وتطرق الأحمري إلى أن هناك العديد من المؤسسات الإعلامية في حيرة من أمرها، فيما يخص مواكبة التقنيات الحديثة واعتمادها كواحدة من ضمن وسائلها، التي تعتمد عليها لترويج أخبارها، معتبراً أن هناك الكثير منها تمسكت باستمرار مطبوعاتها الورقية، كما التلفزيون ما زال يبث مواده الاعلامية بعيداً عن هذه المنصات الحديثة، مؤكداً قناعته أنه لا توجد مشكلة في مزاوجة المؤسسات الإعلامية بين التمسك بأسلوبها واستخدام ومواكبة التطورات التقنية العالمية، خاصة أنها تملك الموثوقية في أخبارها، واضعةً في اعتبارها أن الأهم هو صناعة وعي للأجيال الجديدة على أسس سليمة.
وذكر رئيس تحرير “اندبنت عربية” أن التحديات التي تواجه الرسالة الإعلامية في ظل هذا التطور التقني الكبير، هو كيفية التعايش معها واستخدامها وتوظيفها بالشكل الأمثل، لكي تصبح منافساً من خلالها، نحو تعزيز مفهوم “الإعلام التكاملي”، وأن تقنية مثل “الميتافيرس” والذي يحاول الجميع حالياً مجاراتها واستشرافها، هو أمر جيد، لكن يجب في المقابل أن يتم ذلك بموضوعية، حتى لا يطغى تأثير التكنولوجيا على الإنسان، وأنه يعتقد أن الصحافة على وجه التحديد، لا يمكنها أن تستغني عن العنصر البشري، نظراً لتأثيره وأهميته في أداء وتمكين دورها، وأن هناك ما نسبته 30% من سكان العالم لا يحصلون على انترنت عالي السرعة لاستخدام مثل هذه التقنيات، ولذلك فإنه يرى استمراريةً في دور الصحافة الورقية لفترات طويلة مقبلة.
وشدّد عضوان الأحمري على أن ثورة الاتصال سببت فوضى كبيرة في المعلومات، وأصبح هناك تجاذب بين الإعلام التقليدي والجديد، وأن جمهور المتلقين أصبح يستقي معلوماته من تطبيق “الواتس أب” الذي يمتلئ بالإشاعات والأخبار غير الموثوقة، والتي تسبب أزمات كبيرة وتوجه رأي عدد كبير من الناس حول العالم، رغم ما يتم تداوله من أخبار زائفة في كثير من الأحيان، فيما يعكس ذلك أهمية المحافظة على منصاتنا ومؤسساتنا الصحفية، التي تراجع المعلومات بشكل وثيق وصولاً للتأكد من صحتها، وضرب مثلاً على أهمية دور الصحافة، حيث مثّلت مصدراً موثوقاً للأخبار خلال جائحة كورونا والأزمة الاوكرانية الروسية.
واعتبر أن الصحافة والإعلام الحقيقي سيظل “رقماً صعباً” باستمرار رغم التطور التقني الكبير الذي نعيشه، وأنه يميل إلى توصيفه بـ”الإعلام التكاملي” أفضل من وصف الإعلام الجديد، حيث من الضروري مواكبة الجديد دائماَ، كون ذلك أمراً طبيعياً، متمنياً التخلي عن نبرة الانهزامية التي يتبناها بعض العاملين في القطاع، وعدم الاستسلام وأن غالبية صُناع المحتوى هم من غير المتخصصين، الساعين لتعزيز انتشارهم، بمنهج لا يركز سوى على التواجد والظهور.
وختم عضوان الأحمري حديثه بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي قاصر أمام أهمية الإبداع، والذي لا يقدر عليه سوى العنصر البشري، وأن الدراسات الحديثة كشفت أن هناك وظائف سيتم الاستغناء عنها مع مرور الوقت بسبب الانتشار الكبير في استخدام التقنيات الحديثة، غير أنه تم استثناء بعض من هذه المهن وفي مقدمتها الصحافة والمحامين والأطباء، وأنه لن يمكن الاستغناء عن الإنسان مطلقاً مهما سيطرت الآلة على العالم، كما أن الإعلام لن يتغير شكله رغم تطورات الثورة الصناعية الرابعة.
ويحتفل “منتدى الإعلام العربي”، في هذه الدورة بمرور 20 عاماً على انطلاقه، بمشاركة أكثر من 3000 من المسؤولين الحكوميين وقيادات المؤسسات الإعلامية الإماراتية والعربية والعالمية ورؤساء تحرير الصحف وكبار الكُتّاب والمفكرين والمعنيين بقطاع الإعلام على امتداد العالم العربي، ضمن الحدث الإعلامي الأكبر من نوعه على مستوى المنطقة.