توقّع تقرير الأمم المتّحدة حول آفاق الاقتصاد العالمي للعام 2023 بأنّ يسجّل الإقتصاد اللبناني نموّ بنسبة 4.6% خلال العام 2023، مقارنةً بنموّ مقدّر عند 5.7% خلال العام 2022.
أصدرت الأمم المتحدة مؤخّراً تقريرها حول آفاق الاقتصاد العالمي للعام 2023 الذي أعدّته إدارة الشؤون الإقتصاديّة والإجتماعيّة في الأمم المتّحدة (UN/DESA)، ومؤتمر الأمم المتّحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، فضلاً عن خمسة لجان إقليميّة موزّعة في أوروبا (ECE)، وأفريقيا (ECA)، وأميركا اللاتينيّة ومنطقة البحر الكاريبي (ECLAC)، وآسيا والمحيط الهادئ (ESCAP)، وغربي آسيا (ESCWA). وبحسب تقرير الأمم المتّحدة، فقد واجه الإقتصاد العالمي عدّة صدمات خلال العام 2022، كتبعات وباء الكورونا السلبيّة على العالم والحرب في أوكرانيا والتي كان لها تداعيات سلبيّة على سوق الغذاء والطاقة حول العالم. وقد علّق التقرير بأنّ الحرب أدّت إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي وسوء التغذية في عدداً من الإقتصادات النامية. وقد أشار التقرير أيضاً إلى أنّ مستويات التضخّم المرتفعة قد تسبّبت بتراجع الدخل الحقيقي للأفراد وبتضخّم كلفة المعيشة والتي دفعت بعدد كبير من السكّان إلى تحت خطّ الفقر. وقد كشف التقرير بأنّ العالم لا يزال يعاني من أزمة مناخيّة والتي تسبّبت بأضرار إقتصاديّة جسيمة صدر عنها أزمات إنسانيّة في عددٍ من البلدان. وبالتالي، إرتقب التقرير بأن تستمرّ هذه الأزمات خلال العام 2023، متوقّعاً في هذا الإطار بأن يتراجع نموّ الإقتصاد العالمي من نسبة 3.0% في العام 2022 إلى نسبة 1.9% في العام 2023 (وهي تعدّ من أدنى نسب نموّ في الفترة الأخيرة). ولكنّ التقرير توقّع بأن يعود ويرتفع النموّ الإقتصادي بنسبة 2.7% خلال العام 2024 في حال ضعفت وطأة الصدمات خلال العام القادم. دائماً في هذا الإطار، لفت التقرير إلى ظاهرة تباطؤ وتيرة النموّ في الإقتصادات الكبيرة كالولايات المتّحدة الأميركيّة والإتحاد الأوروبي والتي تؤثّر على كافّة بلدان العالم. وقد أشار التقرير إلى أنّ الآفاق الإقتصاديّة القريبة المدى لبلدان أوروبّا قد تراجعت بشكلٍ سريع بسبب إستمرار الحرب في أوكرانيا. وقد توقّع التقرير في هذا الإطار أنّ عدداً من البلدان الأوروبيّة سوف تعاني من ركود إقتصادي معتدل بسبب أسعار الطاقة المرتفعة، ونسب التضخّم العالية وأوضاع ماليّة أصعب.
على الصعيد الإقليمي، توقّع التقرير بأنّ تتعافى الدول المصدّرة للنفط في منطقة غرب آسيا بعد الركود التي عانت منه منذ العام 2019 وذلك بسبب إرتفاع أسعار وإنتاج النفط وتعافي قطاع السياحة. ولكّن التعافي في الدول المستوردة للنفط بقي ضعيفاً نتيجة تضاؤل فرص الحصول على تمويل دولي وبسبب القيود الماليّة الصعبة. وبالتالي، توقّع التقرير بأن يتراجع متوسّط النموّ الإقتصادي من نسبة 6.4% في العام 2022 إلى نسبة 3.5% في العام 2023. وأضاف التقرير بأنّ البلدان في منطقة غرب آسيا قد تعاني من مشاكل في أمنها الغذائي في ظلّ إعتمادهما الكبير على إستيراد القمح من روسيّا وأوكرانيا. بالأرقام، توقّع التقرير بأن يتراجع معدل نموّ الناتج المحلّي الإجمالي للدول المصدّرة للنفط في منطقة غرب آسيا من حوالي 7.5% في العام 2022 إلى 3.6% في العام 2023 وإلى 3.4% في العام 2024 في ظلّ أوضاع خارجيّة غير ملائمة. من ناحية أخرى، فقد توقّع التقرير بأن يتراجع النموّ الإقتصادي لدى الدول المُستوردة للنفط في منطقة غرب آسيا من 5.3% في العام 2022 إلى 3.5% في العام 2023 و3.3% في العام 2024.
محلّياً، قدّر التقرير بأنّ يتعافى الإقتصاد اللبناني خلال العام 2022 ليسجّل نموّ بنسبة 5.7%، مقابل إنكماش بنسبة 11.7% في العام 2021. وبحسب التقرير، فإنّ لبنان يتأثّر بعدّة عوامل خارجيّة كفاتورة الإستيراد الكبيرة في ظلّ إرتفاع أسعار السلع الأساسيّة وتدهور قيمة الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار الأميركي والتي رفعت مستوى التضخّم في البلاد. بالأرقام، إرتفعت نسبة التضخّم في لبنان من 150.7% في العام 2021 إلى 176.4% في العام 2022. وقد كشف التقرير بأنّ مستوى البطالة في البلاد بلغ نسبة 29.6%، مقارنةً بنسبة 11.4% في فترة ما قبل إندلاع الأزمة الماليّة والإقتصاديّة في العام 2019. من منظارٍ آخر، قدّر التقرير بأنّ أسعار المأكولات في لبنان قد إرتفعت بنسبة 332% سنويّاً خلال العام 2022. وقد علّق التقرير لبنان يستورد أكثر من 50% من حاجاته للحبوب من روسيّا وأوكرانيا، مع العلم بأنّ الضرر الجسيم الذي لحق بصوامع القمح في مرفأ بيروت في العام 2020 قد أثّر على قدرة لبنان على تخزين الحبوب. وقد أشار التقرير إلى أنّه تمّ إعداد خطّة لإعادة بناء مرافق تخزين في مرفأ بيروت ولمساندة المزارعين المحليّين لزيادة الإنتاج المحلّي. وقد توقّع التقرير بأنّ يسجّل لبنان نموّ إقتصادي بنسبة 4.6% في العام 2023 وبنسبة 4.4% في العام 2024، فيما توقّع بأن يبلغ التضخّم نسبة 50.7% و21.6% خلال الأعوام المذكورة.