الابيض: لخطة وطنية تعالج العبء المتزايد لهذا المرض
عقد بعد ظهر اليوم، في قاعة المؤتمرات في “بيت المحامي” ببيروت، مؤتمر عن الوقاية من السرطان، بدعوة من المركز الصحي في نقابة المحامين في بيروت، برعاية وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، ومشاركة نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار ونقيب الاطباء السابق جورج افتيموس، امين سر نقابة المحامين في بيروت سعدالدين الخطيب وأمين الصندوق وأعضاء مجلس النقابة والتقاعد الحاليين والسابقين وعدد من ممثلي الجمعيات الصحية واصحاب المستشفيات.
كسبار
وقال كسبار: “عندما درسنا في مجلس نقابة المحامين في بيروت ملف إنشاء مركز صحي في النقابة، لم نكن نعلم أن هذا المركز سوف يتطوّر بجهود القيمين عليه ليصل إلى ما وصل إليه اليوم من جميع النواحي، إن لجهة عدد الطاقم الطبي من مختلف الإختصاصات أو لجهة أنواع الأدوية وكمياتها”.
اضاف: “اليوم قرّر رئيس المركز الأستاذ جهاد شدياق والأعضاء عقد هذا المؤتمر الناجح حول الوقاية من السرطان، حيث سيحاضر معالي وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض وعدد من الدكاترة ومنهم نقيب الأطباء السابق البروفسور جورج افتيموس”.
وتابع: “كان معالي النائب المحامي خاتشيك بابكيان يقول ان المحامي الشاطر هو الذي ينظم عقدا “مبكلا”، يحاول فيه قدر الإمكان عدم خلق مجالات للتفسير ولتقديم الدعاوى. ونحن نقول، إن الطبيب الشاطر هو الذي ينصح الإنسان الذي يزوره بتفادي الوقوع في الأمراض قدر الإمكان طبعاً. فالطب الوقائي هو المطلوب، والنصائح المفيدة هي المطلوبة، خصوصاً وأن معظم الناس يعتقدون أن المرض لن يصيبهم، وأنهم بمنأى عنه، على طريقة الفيلم الذي حضرناه جميعاً “ça n’arrive qu’aux autres” ويطبقه العديد من الناس على الطرقات. إذ ما أن نكون في زحمة سير ونرى حادثاً مفجعاً، حتى يقلع البعض بقوة، بعد مشاهدتهم لمنظر ضحايا الحادث”.
واردف: “من هنا، نشجّع وسائل الإعلام، الذين يتحفوننا ببرامج لا نفع منها على الإطلاق، على تخصيص حلقات هدفها التوعية والوقاية من السرطان ومن بقية الأمراض. فالوقاية خير من قنطار علاج. ونحن في النقابة نقيم المؤتمرات العلمية والندوات والمحاضرات حول مختلف المواضيع. وهذا الشهر لدينا تسعة عشر مؤتمراً وندوة، حول مختلف المواضيع. ولم نغفل المواضيع الطبية المفيدة لا بل شجعناها”.
وتوجه الى رئيس المركز جهاد شدياق قائلا: “إذا سمعتم عبارة: سوف تنتهي ولاية النقيب كسبار ولن ينتهي عهده. فهي صادرة عن الأستاذ جهاد”.
الأبيض
من جهته، قال وزير الصحة: “يشرفني أن أكون هنا معكم اليوم لمناقشة قضية تؤثر علينا جميعا – السرطان، فهو مرض مدمر يصيب ملايين الأشخاص حول العالم ، بمن فيهم لبنان. وهو مرض لا يميز، يصيب الناس من جميع الأعمار والأجناس والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية”.
اضاف: “لقد انعكست الازمات التي يمر بها لبنان، وبشكل خاص الازمة الاقتصادية والمالية، على النظام الصحي ككل، وخدمات العناية بمرضى السرطان بشكل خاص. فالنقص الحاد في التمويل، بالاضافة الى سياسات مزمنة ركزت على العلاج، بدلا من التركيز على الوقاية، واستيراد الادوية الباهظة الثمن واستعمالها من غير ضوابط علمية واضحة، وسياسات دعم ساهمت في هدر الموارد، وفساد منتشر من غير وازع، كل ذلك ادى الى ما شهدناه من تراجع في خدمات العناية بمرضى السرطان، وتأمين ادويتهم. فما هو الحل؟”.
وتابع: “الحل بنظر وزارة الصحة العامة قائم على اسس ثلاثة: اولا يتمثل أحد اهم العوامل المهمة التي تسهم في نقص أدوية السرطان التركيز على علاج السرطان بدلا من الوقاية منه. في حين تم إحراز تقدم كبير في أبحاث السرطان وعلاجه على مر السنين، يجادل العديد من الخبراء بأن التركيز الأكبر على الوقاية سيكون أكثر فعالية وأقل تكلفة على المدى الطويل. وفي لبنان، اظهرت الدراسات ان كل دولار اميركي يستثمر في الوقاية يمكن ان يوفر على الدولة اللبنانية ١٨ دولارا اميركيا في العلاج. هناك العديد من الأشياء التي يمكننا القيام بها لتقليل خطر الإصابة بالسرطان ، بما في ذلك اتباع نظام غذائي صحي ، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام ، وتجنب التبغ والاستهلاك المفرط للكحول”.
وقال: “على صعيد مجتمعي، وقبل كل شيء ، نحن بحاجة إلى معالجة العوامل البيئية التي تسهم في الإصابة بالسرطان في لبنان. وتشمل تلوث الهواء ، وتلوث المياه، والتعرض للسموم في مكان العمل. يجب علينا الضغط من أجل قوانين أكثر صرامة لحماية بيئتنا. ومن ثم، نحن نحتاج إلى زيادة الوعي بأهمية فحص السرطان والاكتشاف المبكر”.
اضاف: “في لبنان ، هناك نقص في الوعي بشأن فحوصات الكشف عن السرطان ولا يخضع الكثير من الأشخاص للفحص إلا بعد فوات الأوان، مع ان وزارة الصحة العامة توفر العديد منها مجانا في مراكز الرعاية الصحية الاولية”.
وتابع: “ثانيا، لم يكن من الممكن توفير ادوية السرطان الباهظة الثمن للمواطنين، وخاصة للفئات الاكثر هشاشة، من غير سياسة دعم الدواء. لكن هذه السياسة من غير ترشيد وحسن تنفيذ، قد ادت الى هدر الكثير من المال العام. ولتجنب ذلك، قامت وزارة الصحة العامة بتصميم برنامج تتبع الأدوية لضمان وصول الأدوية إلى مرضى السرطان والامراض المستعصية، واستخدامها بشكل مناسب”.
وأشار الى أن “تنفيذ هذا البرنامج يتم من قبل وزارة الصحة العامة بالتعاون مع مختلف الجهات الضامنة، بما في ذلك الجمعيات العلمية في نقابة الاطباء، ومقدمي الرعاية الصحية والصيادلة. يعتمد البرنامج على ثلاثة تطبيقات رئيسية: Unique ID وAman وMedictrack. تعمل هذه التطبيقات معا لتتبع الأدوية من نقطة دخول الدواء الى لبنان إلى نقطة الاستعمال، مما يضمن عدم فقدان الأدوية أو سرقتها أو تحويلها للاستخدام غير القانوني”.
وقال: “هذا البرنامج مكن وزارة الصحة العامة، والذي شمل في البداية ٩ ادوية، ويشمل الان اكثر من ١٥٠ دواء، ويخدم ما يزيد عن ١٥ الف مريض سرطان وامراض مستعصية من ايصال الدواء الى مستحقيه، وجنب لبنان خسارة الملايين من الدولارات، كان ممكن ان تذهب لدعم الفساد والسرقة والتهريب، ونحن نطمح ان يكون هذا البرنامج حجر اساس ومنطلقا للمزيد من الرقمنة في وزارة الصحة العامة مما يضمن الشفافية وحسن الاداء في القطاع العام”.
اضاف: “اخيرا، لا يمكن مقاربة مرض مثل السرطان من غير خطة وطنية للسرطان، تشكل استراتيجية شاملة تضعها الوزارة لمعالجة عبء السرطان على المواطنين، وتحدد أهدافا وغايات محددة للوقاية منه والكشف المبكر والعلاج والبحث، وتحدد الموارد والسياسات والشراكات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف”.
وأوضح أن “الخطة الوطنية للسرطان تساعد على تنسيق الجهود عبر مختلف القطاعات والمنظمات وأصحاب المصلحة المشاركين في مكافحة السرطان. وتضمن أن الجميع يعملون من أجل نفس الأهداف ويستخدمون مواردهم بفعالية. فمن خلال تحديد القضايا الأكثر إلحاحا المتعلقة بالوقاية من السرطان والكشف المبكر والعلاج والبحث، يمكن أن تساعد الخطة الوطنية للسرطان في ضمان توجيه الموارد المحدودة نحو التدخلات الأكثر فعالية”.
ولفت الى أنه “إضافة الى ذلك، تضع الخطة الوطنية للسرطان إطارا لرصد وتقييم التقدم المحرز نحو تحقيق أهدافها من خلال تتبع المؤشرات الرئيسية بانتظام وتقييم فعالية التدخلات، وكل هذا يساعد في إحراز تقدم نحو تقليل عبء مرض السرطان في المجتمع. واخيرا، عبر التركيز على المريض واحتياجاته، يمكن أن تساعد الخطة في ضمان أن تكون خدمات رعاية السرطان محورها المريض، وان تكون خدمات رحيمة وفعالة”.
وقال الابيض: “ان وزارة الصحة العامة قد أطلقت منذ اشهر اعداد هذه الخطة الوطنية للسرطان بمشاركة الاطباء والاخصائيين الصحيين في لبنان وبالتعاون مع المراجع ومراكز السرطان المتخصصة في فرنسا، ونحن بصدد الانتهاء واطلاق هذه الخطة في مطلع تموز. ونأمل أن تكون هذه الخطة أداة اساسية لمعالجة العبء المتزايد للسرطان وتحسين حياة الاشخاص المصابين في هذا المرض”.
اضاف: “لبنان ليس اول بلد يمر في أزمات عميقة ومتشابكة، ولن يكون اخر بلد. وكما ان محاربة مرض السرطان تستوجب جهودا حثيثة ومنسقة، وحسن استعمال الموارد، فإن محاربة الفساد وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الفردية، بالاضافة الى ادارة شفافة وفاعلة، هي شروط اساسية لاعادة بناء الوطن. وكما في علاج مرض السرطان، لا نملك في اصلاح امورنا ووطننا ترف الوقت، وللتأخير كلفة باهظة، ولعل منبر هذه النقابة، والتي ضمت عبر تاريخها الكثير من قادة المجتمع واصحاب الرأي فيه، هو خير منبر لنطلق صرخة للمعنيين بأن الوطن ليس بخير، وان المستقبل، مستقبلنا ومستقبل اولادنا هو على المحك”.
+أفتيموس
من جهته، تحدث أفتيموس عن مرض السرطان وطرق كشفه وسبل علاجه، فقال: “السرطان أو “هداك المرض أو يلي ما بيتسمى” هو آفة تبدأ بخلية أو بعدد قليل من الخلايا التي تتمرد على النظام العام وتتكاثر بشكل عشوائي. هذا التكاثر يتزامن أيضاً مع تأخر موت الخلايا وهذا يؤدي إلى ظهور كتل وأورام في الأنسجة”.
اضاف: “الأعراض السريرية متنوعة حسب مركز المرض. عند ظهور هذه الأعراض يكون عمر السرطان قد تخطى الأشهر او حتى السنوات. ما يجب ان نعلمه هو أن السرطان يمر بعدة مراحل أولاً صامتة سريريا ولا تظهر إلا بعد حين، وأحياناً وللأسف في المرحلة المتقدمة حيث غالباً لا يجدي العلاج”.
وتابع: “إذا رجعنا إلى مراحل تطوّر المرض نجد أنه يمر بمرحلة ما قبل السرطان أي آفات يمكن أن تؤدي إلى سرطان: منها ما يتعلق ببدء تمايز الخلايا أو أورام حميدة كاللحميات (polype) في الجهاز الهضمي أو الأورام الجلدية الميلانية (الشامة) وهذه المرحلة يمكن ان تمتد لأشهر أو لسنوات. ثم ننتقل الى السرطان الموضعي (in situ) حيث تبقى الخلايا السرطانية في النسيج الأساسي حيث هي دون اختراق الأنسجة الأخرى وهنا أيضاً هذه المرحلة يمكن ان تدوم لأشهر أو سنوات. أما المرحلة الثالثة فهي التي تخترق فيها الخلايا السرطانية الجدار الذي يفصلها عن الأنسجة الأخرى ويصبح بإمكانها ان تدخل إلى الأوعية اللمفاوية والدموية والإنتقال إلى أنسجة وأعضاء أخرى”.
وأوضح أن “كشف المرحلتين الأوليين يسمح للطبيب بعلاج المريض بطرق بسيطة، وهذا العلاج ناجع وفعال في كل الأوقات. أما في حالة المرض الخبيث الذي اقتحم الأنسجة الأخرى فإن العلاج غير مضمون في كل الأحوال”.
وقال: “بما أن عنوان الحلقة هو الوقاية من السرطان، فسأتطرق إلى نوعين من الوقاية:
الوقاية الأولية من السرطان:
1- هذه الوقاية الأولية يمكن ان تكون عبر تجنّب كل العوامل الخارجية التي تؤدي إلى تحولات في الخلايا تسبب السرطان ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إشعة الشمس، التدخين، التلوث البيئي(الأسبستوس) والحمية الغذائية.
2- عبر إستئصال الآفة أو الورم الحميد الذي يمكن ان يؤدي إلى سرطان حقيقي: لحميات الجهاز الهضمي، الشامة في أماكن الإحتكاك، بعض خلايا عنق الرحم في حال إكتشاف عبر فحص الزجاجة تحولات في الخلايا.
3- إستئصال بعض الأعضاء في حال إكتشاف طفرة جينية وراثية.
4- علاج الأمراض التي تؤدي إلى السرطان كــ HP في سرطان المعدة.
5- اللقاح -HPV -Hépatite B
النوع الثاني من الوقاية هو عبر الكشف المبكر، وهذا يتيح في بعض الحالات إكتشاف المرض في مراحله الأولى القابلة للعلاج الناجع. مع الأسف هذا الكشف يمكن أن تقوم به لعدد قليل من الأمراض:
– عند النساء: فحص الأشعة لسرطان الثدي وفحص خلايا عنق الرحم.
– عند الرجال: PSA لسرطان البروسات.
– عند النساء والرجال: تنظير الكولون، الإمعاء، الغليظ”.
مداخلات
وكانت مداخلات لعدد من الأطباء والخبراء الصحيين حول كيفية الوقاية من المرض الخبيث وآخر ما توصل اليه العلم في مجال تطور العلاجات.