اعتبر النائب السابق لحاكم مصرف لبنان الدكتور مكرديج بلدقيان “إن من بين ابرز مسببات الازمة المالية والنقدية التي ضربت لبنان توسع الحكومات المتعاقبة في سياسة الإستدانة من الخارج من دون تخطيط مسبق، ما جعل من هذه السياسة بمثابة قفزة في المجهول رتبت علينا ازمات وكوارث مالية مفتوحة، جعلت من لبنان دولة فاقدة السيولة، ومشرعة ابوابها بوجه كل العواصف المدمرة.
وقال الدكتور بلدقيان: إن دق جرس الانذار اليوم ليس بالامر الجديد اذ كنت اول من اطلق هذا الجرس في العام 1998, بواسطة الإعلام اللبناني (المحاسبة،الانوار ، النهار والانوار..)، وتابعت هذا الامر مرارا وتكرارا، شارحا وكاشفا عن مخاطر الاستدانة غير المدروسة على الوضع المالي والنقدي، واكدت على ان هذا النوع من الاستدانة هو قفزة في المجهول سيترتب عنه مضاعفات مالية خطيرة.
اضاف بلدقيان: انا من مدرسة حاكم مصرف لبنان السابق المرحوم الدكتور ادمون نعيم التي تقول: لا تمويل غير مدروس وغير مخطط له للدولة. لا تمويل لا يبين ويوضح مسبقا كيفية صرف الاموال وكيفية تسديد الدين، وهذا المبدأ طبقته خلال وجودي في هيئة حاكمية المركزي اذ رفضت مرارا الموافقة على تمويل الدولة من دون وجود موازنات عامة..
واشار الدكتور بلدقيان الى ان القوانين وحدها قد لا تكفي احيانا لمعالجة او لتصحيح امر ما وقد تصبح في حكم المعطلة ما لم يتوفر رجالات دولة يتمتعون بالارادة وبالوطنية الكافيتين لتنفيذ هذه القوانين.
وعن مسالة تعديل قانون النقد والتسليف يقول بلدقيان: غريب، وعجيب ان لا يكون من هم في سدة القرار السياسي والمالي والنقدي على بيّـنة من انه تم اكثر من مرة تعديل بعض مواد قانون النقد والتسليف، حصل مثل هذا التعديل في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، ثم عدل القانون في مطلع الثمانينيات، ومن ثم كرّت السبحة، فتم تعديل المادة ٤٢ بموجب مرسوم اشتراعي حمل الرقم ٣١ تاريخ ١٩٧٧/٥/٢ وتم تعديل المادة ١٢٨ بموجب المرسوم الاشتراعي رقم ٧٧، ثم عدلت المواد ١٣٠ و ١٣١ و١٣٣ و٩٥ و١٨٥ و ٩٠ و ١٨٢ ….
وختم بلدقيان: “وضعنا صعب، لكنه ليس بالقاتل، شرط ان نتوجه الى اعتماد سياسات مالية ونقدية شفافة ومدروسة، وان ننجز الاصلاحات التي طالبنا بها المجتمع الدولي. فالوقت يمضي سريعا وعلينا عدم اضاعة الفرص الانقاذية لان وضعنا لم يعد يحتمل سياسات التمييع والترف”.