تحليل سوق اليوم عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
13 سبتمبر 2023
شهد اليوم تقلبات واسعة لأداء الدولار الأمريكي أمام سلة من العملات الرئيسية وذلك بعد أرقام مؤشر أسعار المستهلك لشهر أغسطس. فمع إعلان التضخم اليوم، تراجع اليورو مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 0.41% في ذروة التراجعات وصولاً إلى مستوى 1.07110 فيما استطاع اليورو استعادة بعض من مكاسبه مع عودته إلى مستوى 1.07617 عند حوالي الساعة 12:50 ظهراً.
كما رأينا صعود مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى منذ 8 سبتمبر الجاري عند 104.966 مع صدور البيانات لكن انعكس ليصل إلى مستوى 104.558 بعد 20 دقيقة من المكاسب السابقة.
في أسواق السندات، فقد شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً لعوائد سندات الخزينة الأمريكية بالاستجابة لأرقام التضخم. حيث ارتفع العائد على سندات الخزينة لأجل عامين إلى أعلى مستوى منذ 28 من أغسطس الفائت عند 5.079%. كما رأينا ارتفاع عوائد سندات الخزينة لأجل عشر أعوام إلى مستوى 4.360% وهو الأعلى منذ 22 أغسطس الفائت. فيما استأنفت عوائد السندات السابقة خسائرها لاحقاً لتصل إلى مستويات 4.988% و4.280% على التوالي.
في حين جاءت مكاسب الدولار الأمريكي وعوائد السندات بعد بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر أغسطس والتي عززت التوقعات حول إمكانية بقاء التضخم وأسعار الفائدة مرتفعين لفترة أطول من المتوقع. حيث سجل التضخم السنوي الرئيسي نمواً أعلى من المتوقع وذلك مع قراءة عند 3.7% وهي القراءة الأعلى منذ مايو الفائت وذلك مقابل التوقعات عند 3.6%. كما سجل التضخم الشهري أعلى المستويات منذ يونيو من العام الفائت وذلك عند 0.6% بالتماشي مع توقعات المحللين. أما على مستوى التضخم الأساسي، فقد رأينا تراجعاً للقراءة السنوية إلى مستوى 4.3% بالتماشي مع التوقعات ونزولاً من القراءة السابقة عند 4.7%، إلا أن القراءة الشهرية قد تفوقت على التوقعات وذلك مع قراءة عند 0.3% مقابل التوقعات عند 0.2%.
يبدو أن بيانات التضخم لشهر أغسطس لن تؤثر في توقعات الأسواق حول الخطوة القادمة للاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل وذلك بإبقاء سعر الفائدة عند نطاقاتها الحالية. إلا أن بقاء التضخم مرتفعاً بالتزامن مع المزيد من البيانات التي قد أشارت إلى استمرار التحسن في الاقتصاد الأمريكي، سواء على مستوى قطاع التصنيع أم الخدمات، بدأت فعلاً في إثارة التوقعات، والتي قد تبدو مستبعدة قليلاً في الوقت الحالي، حول إمكانية أن نرى رفعاً أخراً لسعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعاته المقبلة هذا العام. وإن كان من المبكر جداً الحُكم على المسار المستقبلي لأسعار الفائدة، إلا أن التوقعات تُشير إلى إحتمالية بنسبة 40% أن يقوم البنك المركزي برفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماعه في نوفمبر الفائت، وذلك بحسب أداة FedWatchمن CME.
على نحو لافت اليوم أيضاً، وبالانتقال بالحديث إلى السوق البريطاني، فقد عمق الجنيه الإسترليني خسائره اليوم إلى أدنى المستويات منذ 8 يونيو الفائت وذلك مع بلوغه لمستوى 1.24346 أمام الدولار الأمريكي في ذروة تراجعات اليوم فيما أعقب تلك الخسائر بعض التعافي مع استعادة مستوى 1.24999.
أيضاً ارتفع سعر اليورو مقابل الجنيه الإسترليني لأعلى المستويات من حوالي الشهر وذلك مع بلوغه لمستوى 0.86306 في ذروة الارتفاعات عند حوالي الساعة السادسة والنصف صباحاً. لكن أعقب تلك الارتفاعات موجة من التصحيح قد قادت اليورو مقابل الجنيه إلى مستوى 0.86003 عند حوالي الساعة 9:00 صباحاً.
جاءت تراجعات الجنيه الإسترليني اليوم أمام العملات الرئيسية بعد تكشف المزيد من البيانات السلبية حول الاقتصاد البريطاني. حيث شهدنا انكماشاً أعلى من المتوقع للناتج المحلي الإجمالي لشهر يوليو وذلك بنسبة 0.5% على أساس شهري مقارنة مع انكماش متوقع عند 0.2%، وذلك قد يكون سجل الاقتصاد البريطاني أعلى انكماش منذ ديسمبر الفائت. كما رأينا تراجعاً ملحوظاً أعلى من المتوقع للإنتاج الصناعي التحويلي وذلك بنسبة 0.7% على أساس شهري خلال يوليو الفائت وهو أعلى معدل انكماش منذ سبتمبر من العام الفائت وذلك يتزامن مع تراجع ملحوظ للإنتاج الصناعي في منطقة اليورو بشكل أكبر من المتوقع بنسبة 1.1% خلال يوليو الفائت كما شهدنا في البيانات الصادرة اليوم. لكن في المقابل، فقد شهدنا انكماشاً أقل من المتوقع للإنتاج التحويلي عند 0.8% وعجز الميزان التجاري خلال يوليو الفائت عند 14.06 ملياراً.
تضاف تلك البيانات للاقتصاد البريطاني إلى سلسلة سابقة من البيانات السلبية مثل ارتفاع معدلات البطالة إلى 4.3% في يوليو واستمرار التراجع في أنشطة الخدمات والتصنيع مع قراءات دون التوقعات لمؤشرات مديري المشتريات لكلا القطاعين. يُضاف إليها التراجع الحاد في أسعار المنازل والذي لم نشهده من العام 2009 بالتزامن مع الارتفاع القياسي لمعدلات الرهون العقارية، وذلك بحسب البيانات المقدمة من Halifaxمؤخراً والتي قدمت المزيد من العلامات التحذيرية حول صحة القطاع العقاري.
فيما تأتي هذه البيانات قبل أسبوع من إعلان بنك إنكلترا لقراره بشأن سعر الفائدة. في حين نشهد انقساماً في التوقعات حول الخطوة المقبلة للجنة السياسة النقدية وذلك على ضوء البيانات الاقتصادية المتباينة. إذ على الرغم من التراجع الملحوظ في النشاط الاقتصادي إلا أننا ما زلنا نرى توقعات بأن يقوم بنك إنكلترا بالاستمرار في رفع أسعار الفائدة مع استمرار الضغوط التضخمية ونمو الأجور، في حين قد يكون الرفع المقبل هو الأخير من البنك المركزي وذلك على الرغم من الحديث الذي شهدناه مؤخراً على لسان محافظ بنك إنكلترا والذي عزز التوقعات حول إمكانية رفع معدلات لمرتين قادمتين. في المقابل، فإن الاحتمال الأخر هو قيام البنك بوقف رفع أسعار الفائدة للحد من الانكماش الاقتصادي المستمر.
على ضوء تلك البيانات، فقد شهدنا المزيد من التراجعات في عوائد السندات البريطانية والتي يبدو كأنها بدأت تُسعر اقتراب بنك إنكلترا من الانتهاء فعلاً من رفع أسعار الفائدة. حيث تراجعت عوائد السندات الحكومية البريطانية لأجل عامين لأدنى مستوى من 25 من أغسطس الفائت وذلك عند 4.991% عند حوالي الساعة 12:15 ظهراً. في حين لم يكن تراجع عوائد السندات لأجل عشر سنوات أقل حدةً، إذ تراجعت إلى أدنى مستوى منذ الأول من هذا الشهر عند 4.394% وذلك عند حوالي الساعة 8:30 صباحاً. فيما تأتي تراجعات عوائد السندات وسط انتعاش جماعي لسوق السندات الحكومية والتي صعدت إلى أعلى مستوياتها هذا الأسبوع مع بلوغ صندوق iShares Core UK Gilts UCITS ETFلمستوى 10.0075 جنيهاً في ذروة ارتفاعات اليوم.