العودة إلى غطاء الذهب

طلال أبوغزاله

يساور القلق الشديد غالبية الناس بشأن حالة الاقتصاد، وتآكل قيمة أموالهم هذه الأيام. وإذا نظرنا إلى تاريخنا على مدار الخمسين عامًا الأخيرة، لرأينا موجات متكررة من الركود والتضخم وعدم الاستقرار، وهي علامات على وجود خطأ ما في نظامنا الحالي. لذلك، نادى البعض بالعودة إلى غطاء الذهب، وهي فكرة ليست سيئة.

إن غطاء الذهب ،، نظام نقدي تُربط فيه العملات الورقية (عملات الفيات) بالذهب مقابل سعر ثابت، مما يضمن ثبات المعروض النقدي، وعدم تأثر قيمته بقرارات البنوك المركزية ونزواتها. لقد كان النظام المالي الأميركي قائمًا على غطاء الذهب بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن الولايات المتحدة تخلت عنه في عام 1971 أثناء حكم الرئيس نكسون، حيث حظيت الولايات المتحدة بحرية التحكم في عدد الدولارات التي يمكنها طباعتها، بعد أن كانت ملزمة، بموجب اتفاقية بريتون وودز، بدعم كل 35 دولارًا بأوقية من الذهب.

لقد كان تخلي الولايات المتحدة عن غطاء الذهب سببًا رئيسيًا للتحديات الاقتصادية والمالية العديدة التي نواجهها بصورة متكررة، مثل التضخم والركود وأزمات الديون وفقاعات أسعار الأصول وحزم الإنقاذ المالي، مع وصول التضخم مؤخرًا إلى أعلى مستوى له منذ ثمانينات القرن الماضي. لقد أثر هذا علينا جميعًا، لاعتمادنا على الدولار الورقي الذي لا يحظى بدعم حقيقي. وشئنا أم أبينا، كلنا مرتبطين بالدولار الأميركي، الذي يعد العملة الرئيسية للاحتياطات النقدية للدول حول العالم، فهو أكثر عملة مستخدمة في التجارة الدولية والمعاملات المالية.

أعتقد أن تنفيذ غطاء الذهب سيعزز الاستقرار والنمو والازدهار، عن طريق كبح جماح التضخم والأزمات المالية والتشوهات في سعر الفائدة وطباعة الأموال الرخيصة بلا حدود. كما سيحد غطاء الذهب من سلطات البنوك المركزية والحكومات في التدخل في الأسواق، أو في التلاعب في أسعار الفائدة. كما سيعيد الثقة في النظام النقدي، لأنه سيكون مدعومًا باحتياطي قوي من الأصول القيمة، عوضًا عن الوعود أو التوقعات.

إن وضع الدولار الأميركي، بوصفه عملة احتياط، يرتبط بشكل وثيق بهيمنة الولايات المتحدة ونفوذها في النظام العالمي. وبصفتي رئيسًا للعديد من الهيئات المحاسبية الدولية وكذلك عضوًا في لجنة بريتون وودز، أتفهم عدم حماس الولايات المتحدة للعودة إلى غطاء الذهب، لأنه سيحد من المرونة التي تحظى بها على المستوى العالمي، كما أنه سيتطلب دعم جميع الدولارات المتداولة باحتياطات من الذهب.

صحيح أن غطاء الذهب ربما لا يكون نظامًا مثاليًا، ولكنه يحفظ قيمة النقود ويحمي الاقتصادات من التضخم والتلاعب.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“الريجي” ضبطت منتجات تبغية مهربة ومزورة في بيروت

في إطار جهود إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” المتواصلة لمكافحة التهريب، ضبطت فرقها كميات ...

الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) تدعم بلدية جبيل في إطلاق مبادرة فرز النفايات، لتحسين التحديات المتزايدة للنفايات في المدينة

بدعم من الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة (USAID) ، أطلقت بلدية جبيل مبادرة لفرز النفايات بهدف ...

الرؤساء التنفيذيون والمستثمرون العالميون “متفائلون للغاية” حيال النمو الاقتصادي مع عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض

أعرب نحو 700 من الرؤساء التنفيذيين لشركات عالمية مدرجة ومؤسسات استثمارية مرموقة، تمثل مجتمعةً 10 ...