تحليل سوق اليوم عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
4 أكتوبر 2023
قد يكون التضخم في الولايات المتحدة قد لا يزال بعيداً عن مستهدفاته وقد سمعنا العديد من التحذيرات المتكررة للفيدرالي من استمرار الضغوط التضخمية وهذا ما قد دفع أعضاء اللجنة الفيدرالي للسوق المفتوحة بتعديل توقعاتهم لنطاق سعر الفائدة النهائي هذا العام، وهو ما قد عزز توقعات سائدة إلى حد ما في الأسواق بإمكانية قيام الفيدرالي برفع سعر الفائدة لمرة أخيرة هذا العام. إلا أن المستثمرين في أسواق السندات يبدون أكثراً تفاؤلاً وهو ما قادهم إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في هذا السوق الذي سجل أضعف أداء لم نره منذ العام 2007.
فلدى دراسة صافي التدفقات لعشرين من أبرز الصناديق المتداولة للسندات، والتي تتنوع بحيازاتها ما بين سندات الخزينة والبلدية والسندات قصيرة وطويلة الأجل وذات المعدل الثابت أو المحمية من التضخم إضافة إلى اثنين من الصناديق الدولية، كنا قد شهدنا صافي تدفقات بنحو 6.694 مليار دولار خلال سبتمبر الفائت وهو أعلى مستوى منذ مارس الفائت والذي شهدنا فيه صافي تدفقات بنحو 18.375 مليار دولار. كما أن صافي التدفقات خلال سبتمبر الفائت كانت قد سجلت ثاني أعلى قيمة خلال العام الجاري.
صناديق سندات الخزانة يبدو أنها قد استمرت بجذب اهتمام المستثمرين خلال سبتمبر الفائت. حيث قد سجلت صافي تدفقات بأكثر من 3.487 مليار دولار. في حين أن جميع، البالغ عددها ستة صناديق، صناديق السندات ذات أجل استحقاق ذو الحد الأقصى عند ثلاث سنوات لم تسجيل صافة تدفقات سلبية باستثناء صندوق Vanguard Short-Term Treasury ETF (VGSH) والذي سجل صافي تدفقات خارجة بحوالي 154 مليون دولاراً.
أما حول صناديق السندات ذات الآجال المختلفة والتي عادة ما تعكس أداء سوق السندات بأكمله فقد سجلت أداءً متبايناً. حيث سجل صندوق Vanguard Total Bond Market ETF (BND)، والذي يتتبع مؤشر Bloomberg US Aggregate Float Adjusted، صافي تدفقات بأكثر من ملياري دولار. في حين قد سجلت صناديق iShares Core U.S. Aggregate Bond ETF (AGG) وiShares U.S. Treasury Bond ETF (GOVT) صافي تدفقات خارجة بحوالي 370 مليون دولاراً.
في حين أن الصناديق ذات حيازات السندات طويلة الأجل، والتي يبلغ عددها أربعة صناديق، قد حظيت ببعض التدفقات الإيجابية المتواضعة نسبياً وذلك بحوالي 200 مليون دولار.
أيضاً، فقد لفتت السندات البلدية اهتمام الأسواق على نحو ملحوظ. فقد سجل صندوقiShares National Muni Bond ETF (MUB)، وهو من أبرز الصناديق ذات التركيز على السندات البلدية، صافي تدفقات بأكثر من 2.1 مليار دولار خلال سبتمبر وهو أعلى مستوى منذ مايو من العام 2022 حينما شهدنا تدفقات بحوالي 3.9 مليار دولار.
أما صناديق السندات المحمية من التضخم (TIPS) في استمرت في تسجيل الأداء السيء عموماً. فقد سجلت صناديق iShares TIPS Bond ETF (TIP) وVanguard Short-Term Inflation-Protected Securities ETF (VTIP) وiShares 0-5 Year TIPS Bond ETF (STIP) صافي تدفقات خارجة بما مجموعه حوالي 955 مليون دولار. لكن شهدنا المزيد من التدفقات الداخلة إلى صندوق Schwab U.S. TIPS ETF (SCHP). فيما يبدو أن الأسواق غير متشجعة للغاية في ضخ الاستثمارات في صناديق السندات المحمية من التضخم وذلك مع استمرار التضخم في التراجع وان على نحو بطيء.
أما صناديق السندات الدولية فقد شهدت بعض التباين في التدفقات أيضاً خلال سبتمبر. حيث استمر صندوق Vanguard Total International Bond ETF (BNDX) في تسجيل التدفقات الإيجابية وذلك بحوالي 290 مليون دولار. أما صندوق iShares J.P. Morgan USD Emerging Markets Bond ETF (EMB)، الذي ستتبع يعكس أسواق السندات الناشئة، فقد سجل المزيد من نزوح التدفقات وذلك مع تدفقات خارجة بحوالي 251 مليون دولاراً.
الرسم البياني أدناه يعرض صافي التدفقات لعينة سندات السندات محل الدراسة وذلك منذ بداية العام الحالي:
مصدر البيانات: ETF.com
يبدو أن توقعات الأسواق بانتهاء مسيرة رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي قد قادت إلى المزيد من التدفقات نحو صناديق السندات عموماً. حيث ترى الأسواق أنه في حال كان رفع سعر الفائدة والذي شهدناه في يوليو الفائت هو الأخير، فهذا يعني أن أسواق السندات قد وصلت إلى القاع فعلاً وهو ما قد يشكل فرصة للتمتع بحيازات من الأصول والتي تُدر عائداً لم نراه من أكثر من عقد من الزمن وذلك في ظل أسعار الفائدة التي بلغ أعلى المستويات منذ أكثر من عشرين عاماً.
كما أن استمرار التدفقات نحو أسواق السندات قد يشكل المزيد من الضغط على الأصول المنافسة وأبرزها الذهب والذي قد وصل إلى أدنى المستويات التي لم نراها منذ مارس الفائت وذلك مع بلوغ العقود الآجلة للذهب في بورصة COMEX مستوى 1830 دولاراً للأونصة وذلك على الرغم من التوقعات التي ترجح انتهاء الفيدرالي من رفع أسعار الفائدة. إلا أن عوائد السندات القياسية المرتفعة قد تشكل فرصة أكثر جاذبية من الذهب الذي لا يدر عائداً.
كما تأتي المعنويات الإيجابية في أسواق السندات مع تلاشي فرضية وقوع الاقتصاد الأمريكي في الركود وعدم إمكانية الولايات المتحدة عن سداد التزاماتها وإن كنا لا زلنا بعض التوقعات التي تتحدث عن إمكانية وقوعه في ركود طفيف في وقت ما في العام 2024.
أعتقد أن أسواق السندات ستلقى المزيد من الاهتمام في حال تأكد المستثمرين أن التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة قد انتهى فعلاً وهو ما قد يقود إلى المزيد من التدفقات الداخلة إلى صناديق السندات، وهو ما قد يجب أن يلقى اهتماماً بالغاً خلال ما تبقى من هذا العام.