تحليل سوق اليوم عن سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
28 نوفمبر 2023
شهد اليورو سلسلة من التراجعات أمام الدولار الأمريكي منذ ساعات الصباح الأولى وقادته إلى خسائر بنسبة 0.15% وصولاً إلى مستوى 1.09346 في ذروة التراجعات عند حوالي الساعة 8:00 صباحاً بتوقيت غرينيتش وذلك قبل أن يعود إلى الانتعاش قليلاً والتخفيف من خسائره.
فيما يبدو انتعاش اليورو كان مع المزيد من المؤشرات حول معنويات المستهلك في ألمانيا والتي شهدت بعض علامات التحسن. حيث شهدنا اليوم تقرير GfKلمناخ المستهلك والتوقعات الاقتصادية.
فيما أوقف مؤشر GfKلمناخ المستهلك سلسلة التراجعات الممتدة لثلاثة أشهر على التوالي وسجل قراءة عند -27.8 لشهر نوفمبر الحالي وهو ما كان أعلى من التوقعات عند -28.2.
يأتي الاستقرار النسبي لمعنويات المستهلك الألماني بعد سلسلة سابقة من البيانات التي أشارت إلى العودة المستمرة، وإن على نحو بطيء ومتدرج، لمعنويات المستثمرين المؤسسين وأصحاب الأعمال إضافة إلى المزيد من الإشارات حول متانة النظام المصرفي في عموم منطقة اليورو.
التحسن الطفيف للمعنويات جاء مع ارتفاع الرغبة في الشراء وتقلص الرغبة في الادخار لدى المستهلكين في مقابل استمرار الانخفاض في توقعات الدخل وذلك على ضوء التضخم المرتفع وحالة عدم اليقين.
فيما تحدث التقرير على أن واحد من كل ثلاثة من المستهلكين يشعر بعد اليقين بسبب الحالة الاقتصادية والمخاوف الجيوسياسية والتي بدورها لا تزال تشكل ضغطاً على رغبة المستهلكين للإنفاق. هذه المعنويات وإن تحسنت هذا الشهر قليلاً وعلى نحو كبير مقارنة مع ما كانت عليه قبل عام من الأن فإنها لا تزال منخفضة للغاية.
كما أن الرغبة في الادخار كانت مؤشر مهماً للغاية لقياس حالة عدم اليقين لدى المستهلكين، وذلك وفق ما قاله Rolf Bürklالخبير في معهد نورمبرغ لقرارات السوق (NIM). كما أكد الخبير أن هذا الانتعاش في المعنويات لا تزال منخفضة للغاية ولا تعكس أي إشارة لتعافي مستدام في الأشهر القادمة.
أيضاً، فقد بقيت التوقعات الاقتصادية دون تغيير تقريباً هذا الشهر مقارنة مع الشهر الفائت وذلك مع عدم رؤية المستهلك الألماني أي علامات على الاتجاه الصاعد للاقتصاد في المستقبل المنظور، وذلك وفق ما أشار إليه التقرير.
اتجاه معنويات المستهلكين إلى التحسن هو أمر مهم على نحو خاص. حيث أن متانة سوق العمل واستمرار قدرة الأسر على الانفاق كانت من أهم العوامل التي ضمنت سلامة النظام المصرفي في منطقة اليورو، وذلك وفق ما تحدث عنه تقرير مراجعة السلامة المالية (FSR) الأسبوع الفائت وهو ما تحدثت عنه كريستين لاغارد في وقت سابق من هذا الشهر أيضاً.
بناءً على ذلك، أرى أن احتمالية الانزلاق نحو الركود هي غير ورادة الأن، إلا أن اقتصاد المنطقة بقطاعات المختلفة لا يزال هشاً على الرغم من أنه لا يزال يحاول وقف التقلص على نحو مستمر خلال الأشهر الثلاثة الفائتة في مختلف الأنشطة الاقتصادية. إذ أن المخاوف الصعودية للتضخم مع أي عودة لارتفاع أسعار الطاقة على نحو حاد أو تفاقم للنزاعات العسكرية لا تزال تهدد معنويات المستهلكين وسلامة اقتصاد المنطقة، وهو ما تأكده التصريحات الرسمية لصانعي السياسة النقدية والتقارير سابقة الذكر أيضاً.
على الرغم من المخاوف من عودة التضخم إلى الارتفاع، فإنه أخذ في الاتجاه إلى مستوياته المستهدفة في الأفق القريب وهو بالتالي ما قد يعزز معنويات المستهلك بدوره. هذا ما قد أشارت إليه القراءة الأخيرة لمؤشر أسعار المنتجين في ألمانيا أيضاً وهو ما ستحاول القراءة التالية لمؤشر أسعار المستهلكين تأكيده هذا الأسبوع أيضاً.