افتتح رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قبل ظهر اليوم الدورة الرابعة من ملتقى لبنان الاقتصادي في حضور نحو 300 شخصية شملت مشاركين من السعودية والكويت. حضر الافتتاح نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة المهندس غسان حاصباني، ووزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عزّ الدين، وعدد من الوزراء السابقين إضافة إلى عدد من سفراء البلدان الخليجية والعربيّة، ورؤساء الهيئات الاقتصاديّة.
الجلسة الافتتاحية
تحدّث في الجلسة الافتتاحية كل من الرئيس سعد الحريري، الوزير رائد خوري، حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير، والرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي.
سعد الحريري
استهل الرئيس الحريري كلمته بالإشارة إلى أن لبنان يخرج من مرحلة كانت صعبة على الجميع، حيث تفاقمت الصعوبات نتيجة تداعيات النزوح السوري غير المسبوق إلى لبنان، ما يضع البلد أمام تحديات جمة قد تتحول إلى كارثة.
في المقابل، شدّد الحريري على وعي جميع الأطراف السياسية لأول مرة في لبنان لحجم المخاطر المحدقة بالبلاد، وعليه هنالك تعاون وتجاوب ملموس داخل مجلس الوزراء للتعاطي بجدية مع الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية.
وذكّر الحريري بمناعة الاقتصاد اللبناني التي حمتنا وساعدتنا للصمود بوجه التحديات التي واجهناها ولا نزال نواجهها، حيث لم يستثمر أحد في لبنان وخسر. إلا أنه لم يعد بمقدورنا الرهان على مناعتنا بل بات ضرورياً تدعيمها وتحصينها باستعادة الثقة التي تزعزعت خلال السنوات الماضية .
وشدّد الحريري على وجوب العمل لتحسين مؤشرات لبنان الاقتصادية والمالية والاجتماعية حيث لا حلّ آخر أمامنا اليوم سوى تفعيل النمو وتكبير حجم الاقتصاد. من هنا نعمل على خطين أساسيين من شأنهما تحقيق معدلات نمو أعلى:
الخط الأول: برنامج استثماري طموح لمدة سبع سنوات ليعوض الإهمال والترهّل بالبنية التحتية والتراجع بمستوى الخدمات العامة. وقد يكون النقاش في الفترة الأخيرة حول مشروع الموازنة عكس انطباعاً أن سياسنا المالية تتلخّص بالموازنة أو بالإنفاق الجاري. وهذا الأمر عار من الصحة، فنحنن الآن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على برنامج استثماري للنهوض بالبنية التحتية والخدمات العامة بكل القطاعات وكل المناطق. ولدي هدف هو استعادة المواطن ثقته بدولته وبمؤسساته. لذلك تمثل البنية التحتية أولوية وكذلك جميع القطاعات بحاجة إلى اهتمامنا بدءاً من الاتصالات، والإنترنت والكهرباء والتربية والصحةمروراً بالمياه والصرف الصحي وصولاً إلى الطرقات.
وتطرّق إلى الاقتصاد الحديث أي اقتصاد المعرفة الذي يمثّل اقتصاد المستقبل كونه يتمحور حول المعرفة والشباب، وهو يتطلب بنية تحتية حديثة وتشريعات وإجراءات. وإن تنفيذ هذه البرامج يحقق النمو ويؤمن فرص عمل للشباب اللبناني.
وأكد الحريري أن تنفيذ هذا البرنامج الاستثماري يأتي في قائمة أولوياته ويشبه في جوهر روحيته البرنامج الذي تم تنفيذه في فترة التسعينات. فهذه فرصة لنحضّر لبنان ليكون من جديد مركز أعمال للمنطقة ويلعب دوراً أساسياً بإعادة إعمار سورية، ولا ضرورة لعرض مفصل للطاقات والخبرات التي نملكها في هذا المجال.
وتطرّق الحريري إلى أزمة النزوح السوري وتأثيراتها على لبنان مشيراً إلى أن بنية لبنان التحتية بنيت لتحتمل 3 ملايين نسمة، وقد ارتفع عدد سكان لبنان إلى 4 ملايين نسمة، يضاف إليهم مليون ونصف مليون نازح سوري ونحو نصف مليون لاجئ فلسطيني وبالتالي فإن البنية التحتية نفسها باتت تتحمل ستة ملايين نسمة. لذلك لا بد من تحسين مستوى البنية التحتية لمواجهة هذه الضغوط ما يضمن الاستفادة للجميع، لبنان واللبنانيين وإخواننا النازحين، ونحن ندعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في هذا المجال.
وتابع الحريري عن الخط الثاني فقال إن إطلاق ورشة عمل شاملة لتحديث تشريعاتنا وإجراءاتنا والقيام بالإصلاحات القطاعية الضرورية. والهدف من ذلك هو خفض الإنتاج وزيادة قدرتنا التنافسية وتحسين مناخ الأعمال.
وتطرّق إلى جملة مؤشرات اقتصادية تضع لبنان في المرتبة 126 من أصل 190 دولة في تحسين بيئة الأعمال، والمرتبة 101 من أصل 138 في تنافسية الاقتصاد والمرتبة 136 من أصل 175 في مؤشر مدركات الفساد. وقال إن هذه المراتب لا تشجّع القطاع الخاص ولا تساعد كذلك على استعادة ثقة المستثمر. وكلما تراجعت مرتبة أي بلد في أي من هذه المؤشرات تراجعت معها معدلات النمو. وأكد الحريري رفضه هذه المؤشرات داعيا إلى تضافر جهود الجميع لتحسين تصنيف لبنان.
وختم الحريري قائلاً إنها مرحلة جديدة، مرحلة لننهض بلبنان وجميعكم تعرفون أن الاقتصاد اللبناني يستجيب بسرعة وبديناميكية للسلبيات والإيجابيات. يتمتع اقتصادنا بمرونة عالية وأنا على ثقة أن تحييد طاقاتنا وخبراتنا عن العرقلة السياسية وفتحنا المجال أمام شبابنا المبدع والشجاع وإذا تعاونا جميعنا لا بد سننجح إذ لم يبقَ أمامنا حل سوى النجاح.
رائد خوري
استهل وزير الاقتصاد رائد خوري كلمته مشدّداً على أنه في ظل الأجواءَ الايجابيّة السائدةَ من الضروريّ الإسراع في اتّخاذِ خطواتٍ آنيّةٍ لتنشيطِ الدورةِ الاقتصاديّةِ، بهدفِ زيادةِ النموِّ الاقتصاديِّ وزيادةِ الوظائف، وتحقيقِ الأهداف الاقتصاديّة الأساسيّة للبلاد.
وقال إن لبنان يمر منذُ بدءِ المِحنةِ السوريّة قبلَ ستِّ سنواتٍ، في مرحلةٍ اقتصاديّةٍ صعبةٍ نَتَجَ عنها تباطؤٌ مقلقٌ في نِسَبِ النموّ التي من المتوقّع ألّا تتعدّى الـ 1% في العام 2016، حيث شَهَدت القطاعاتُ التي تمثلُ أهمَّ مقوّماتِ الاقتصادِ اللّبنانيّ تراجعاً بحسب ما تظهِرُه أبرزُ المؤشّرات.
وأضاف أن الملتقى اليوم هو للبحثِ في سبلِ النهوضِ باقتصادِنا واستعادةِ مستوياتِ نموِّه التي فاقت الـ 7% في الأعوام ما بين 2007 و2010، وفي الخططِ الواجبُ وضعُها لإعادةِ تحريكِ عجلةِ الاقتصاد والحدّ من المشاكل التي تعترضُ عمليّةَ التنمية. مشيراً إلى الضغوط التي تُعانيها البيئةُ السياسيّةُ اليوم ما يفرِضُ علينا وعلى المعنييّن كافّة في القطاعينِ العام والخاص مضافرةَ الجهود لِوضعِ خطّةٍ اقتصاديّةٍ تسمحُ بالاستفادةِ من نقاطِ القوّةِ الكامنةِ في الاقتصادِ اللّبنانيّ وبتأمينِ البيئةِ الملائمةِ والمناخِ المناسبِ من أجل تحقيقِ نموِّ المؤسّساتِ الصغيرةِ والمتوسّطةِ الحجمِ وتشجيعِ قيامِ مؤسّساتٍ جديدةٍ وخلقِ الإطار المناسب لتلعبَ دورَها الأساسيّ في دعمِ الابتكار وخلقِ الآلافِ من فرصِ العمل. وإحداثِ تغيّراتٍ نوعيّةٍ على مستوى السياساتِ الاقتصاديّةِ والاجتماعيّةِ والضريبيّةِ التي يُمكنها أن تخلقَ واقعًا استثماريًّا جديدًا في لبنان، وأن تسمحَ بالتالي في تحفيزِ الاستثماراتِ الداخليّةِ التي تُعدُّ مكوّنًا رئيسيًّا وحيويًّا في الاقتصاد. بالإضافة إلى جذبِ الاستثماراتِ الخارجيّة التي، بدورِها، تدرُّ فوائدَ كبيرةً وحيويّةً على الاقتصاد. إنَّ نموَّ القطاعاتِ الاقتصاديّة باتَ مرهوناً بتدفّقِ هذه الاستثمارات من الخارج. وأخيراً وجوب تفعيلِ الإدارةِ المناسبةِ والّلازمةِ لقطاعِ النفطِ والغازِ والذي نعتبرُه قطاعًا واعدًا سيُساهمُ في حلِّ العديد من المشاكلَ المزمنة التي يُعاني منها اقتصادُنا.
وانطلق خوري من عنوان الملتقى “العلاقات اللبنانيّة – الخليجيّة – العربيّة” ليلفت إلى أنَّ الزيارات التي قُمنا بها في مطلع هذا العام إلى المملكةِ العربيّةِ السعودية وإلى جمهوريّةِ مصر العربيّة والى قطر وما سوفَ يَستتبِعُها من زياراتٍ متعدّدةٍ، ما هي إلّا دليلٌ على وعيِنا لأهميّةِ تفعيل العلاقاتِ اللبنانيّةِ العربيّةِ وتقويةِ التبادل البَينيّ في العديدِ من القطاعاتِ لتحقيقِ التكامل العربيّ. ويقومُ هذا التكاملُ على شراكةٍ اقتصاديّةٍ حقيقيّةٍ لتعزيزِ التنميةِ وتطويرِ الاقتصاداتِ والارتقاءِ بها لتلعبَ دورُها كشريكٍ أساسيٍّ في صُنعِ القرارات.
رياض سلامة
وتحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة فأشار إلى أن لبنان يتمتع بامكانيات تمويلية وبمصارف متينة. هذا ما يؤكد ان بلدنا، وفي ظل اجواء مؤاتية، يستطيع تحقيق نسب نمو افضل من النسب المحققة في العام الماضي.
وأضاف أن مصرف لبنان كان قد أعلن أن نسبة النمو في العام 2017 كانت 2%. وبلغت نسبة نمو الودائع المصرفية أكثر من 7 في المئة في العام 2016، وبلغت موجودات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية مستويات هي الأعلى تاريخيا، كما سجل ميزان المدفوعات في لبنان فائضاً بنحو المليار و300 مليون دولار أميركي، وقد حصل كل هذا التصحيح للوضع النقدي من دون أن يرفع مصرف لبنان الفوائد على الليرة أو على الدولار الاميركي.
وتابع سلامة مشيراً إلى أن المصارف عزّزت أموالها الخاصة لكي تستمر بمهامها التسليفية، فقد بات لديها ما يكفي من الأموال الخاصة لتحقيق المعايير المحاسبية الدولية ولرفع ملاءتها إلى 15% تبعا لمقررات بازل 3، ما يمكنها من التوسع بالتسليف وقد تخطت نسبة نمو التسليفات في القطاع المصرفي الـ5% في العام 2016. ونحن نتطلع إلى معدلات فائدة مستقرة بالرغم من الاتجاه التصاعدي للفوائد في الأسواق العالمية. بالأمس رفع الـ Federal Reserve الفائدة بنسبة 0.25% وأعلن بأنه سوف يعيد رفعها بهذه النسبة مرتين اضافيتين كما وأن المصارف المركزية في الخليج قد اتبعت هذه الخطوة ورفعت أيضا الفوائد.
وقال إن هدفنا هو أن نحافظ على الاستقرار النقدي لكي نؤمن ثبات العملة ومعدلات الفائدة. من المعروف بأن أي 1% ارتفاع بمعدل الفائدة يخلق كلفة اضافية على لبنان بمليار وثلاثماية مليون دولار وذلك لأن قيمة الدين العام تبلغ 75 مليار دولار وفي القطاع الخاص الدين هو بحدود الـ 52 مليار دولار.
وإذ لفت إلى أن اقتصاد لبنان يرتكز على التحاويل والاستثمارات مصدرها اللبنانيين، قال إن مصرف لبنان يسعى من خلال محافظته على سلامة القطاع المصرفي ومن خلال المبادرات الشبيهة باطلاق اقتصاد المعرفة الرقمي الى المحافظة على اهتمام اللبنانيين الغير مقيمين في الاقتصاد اللبناني وعلى استمرارية التحاويل من قبلهم. ويسعى مصرف لبنان ايضا الى المحافظة على النمو بالاقتصاد من خلال الرزم التحفيزية للقطاعات المنتجة وللسكن، وقد بلغت التسليفات المدعومة من مصرف لبنان قيمة تراكمية قدرها 11 مليار دولار اميركي خلال الخمسة أعوام الماضية وإذا اضفنا الى ذلك التسليفات المدعومة من قبل الدولة فتصبح مجمل الأموال التي خصصت لتطوير القطاعات المنتجة والاسكان بحدود الـ 14 مليار دولار اميركي، 60% للسكن و 40% للقطاعات المنتجة. ونحن نقدر تجاوب المصارف بخفض الفائدة على القروض السكنية.
وأشار الحكام إلى إطلاق هيئة الاسواق المالية المنصة الالكترونية للتداول قريباً، ونأمل ان يتزامن ذلك مع خصخصة بورصة بيروت. فيكون لنا ادوات تسمح برسملة القطاع الخاص، وباشراك غير المقيمين بتأمين سيولة مباشرة للشركات اللبنانية.
عدنان القصّار
وقال بدوره رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصّار إن من أولى الإيجابيات خطوة الحكومة اللبنانية بإقرار موازنة جديدة للعام 2017 وذلك للمرة الأولى منذ العام 2005، وهذا مؤشر إيجابي يؤكد عزم العهد الجديد والحكومة على إقفال ملف قطع الحسابات المتراكم وعزمها على تصحيح أوضاع المالية العامة للدولة. وجباية أموالها المستحقة، وأيضاً ضبط الهدر والفساد والتهريب من أجل التقليل من عجز الموازنة والاستدانة.
وأشاد القصّار بانصراف الحكومة فور نيلها الثقة الى البحث بجدية وحزم في ملفات حيوية مثل النفط والغاز والطاقة والكهرباء، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل إطلاق الاستثمارات والتمويلات لقطاعات البنى التحتية المتنوعة. هذا إلى جانب قانون الانتخاب الضروري لتعزيز ثقة اللبنانيين والخارج بقدرة لبنان على إنجاز الاستحقاقات الوطنية الكبرى. وكذلك ملف النزوح السوري إلى لبنان الذي يتطلب إدارة دقيقة ومتوازنة بين الحاجات الإنسانية والاجتماعية للنازحين، وإمكانات البلد الاقتصادية والمالية.
وتابع القصّار مثنياً على جهود السلطات السياسية المسؤولة بإتجاه إعادة ترتيب وتطوير علاقات لبنان بمحيطه الخليجي. ونحن لنا ملء الثقة بأن الزيارات التي يقوم بها فخامة الرئيس العماد ميشال عون إلى الدول الخليجية، قد ساهمت وستساهم مستقبلا في عودة الرعايا الخليجيين إلى لبنان. فلبنان لا يمكنه إلا أن ينوه بمحبة الدول العربية وخاصة دول الخليج العربي التي احتضنت اللبنانيين، فكانت ولا تزال عوناً وسنداً للشعب اللبناني في الزمن الصعب، كما في زمن البناء والإنماء.
محمد شقير
وتحدث رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير فقال إن انعقاد الملتقى اليوم يأتي بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، حيث بات الجميع يتطلع بأمل وتفاؤل وثقة بمستقبل البلد، فيما الجهود باتت تتركز على إعادة لبنان الى طريق التعافي والنهوض.
وأضاف شقير أن الدولة تسير وتتقدم، وها هي الكثير من القرارات والاجراءات والتشريعات تقر، في حين ان الموازنة التي انتظرناها11 عاما وطالبنا بها كثيراً سيتم اقرارها قريبا. ونسجل أيضاً، الاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالشق الاقتصادي، وكذلك دولة الرئيس سعد الحريري، الذي فتح ابواب السرايا امام القطاع الخاص، وقد التقيناه خلال الفترة القصيرة الماضية بالمفرق والجملة الشهرين الماضيين اكثر من عشر مرات، وكان من نتائج ذلك اجراءات ايجابية على المستوى القطاعي والاقتصادي العام.
ولم يتردّد شقير بالإشارة إلى الأزمة الاقتصادية التي لا تزال تضغط أكثر فأكثر على قطاع ألاعمال، لذلك نرى ان ما يحصل الآن من فرض المزيد من الضرائب والتوسع في الانفاق العام، لا يصب ابداً في مصلحة البلد واقتصاده. مشيراً إلى أن الوضع دقيق، لذلك وقبل اللجوء الى أي من الخيارات نتمنى على جميع الاطراف التروي، وافساح المجال أمام اللجنة الاقتصادية الوزارية برئاسة الرئيس الحريري، وإذا اقتضى الامر اشراك ممثلي أصحاب العمل والعمال في اجتماعاتها، لاعداد رؤية متكاملة حول الوضعين الاقتصادي والاجتماعي وكيفية النهوض بهما.
وطالب جميع القوى السياسية باحترام علاقات لبنان مع الدول الخليجية الشقيقة وخصوصا السعودية، لأننا خبرنا خلال السنوات الماضية، انه لا يمكننا في للبنان تحقيق الاستقرار الاجتماعي والازدها رالاقتصادي من دون أفضل العلاقات مع هذه الدول.
وختم مثنياً على ثقة القطاع الخاص التامة بحسن إدارة الرئيس سعد الحريري لشؤون الدولة خصوصا الملف الاقتصادي، والذي لولا تفهمه وتدخله لكانت المقترحات الضريبية اسوأ بكثير.
غسان حاصباني
وكانت لنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني كلمة رئيسية قال فيها إن لبنان بحاجة إلى رؤية شاملة على مستوى الدولة، تتضمّن سياسة للاقتصاد الرقمي وأطراً تشريعية وتنظيمية تسمح بتبني الثورة الصناعية الرابعة. ولا يجب أن يكون لدينا الانطباع بأنه علينا حل المشاكل الأساسية والوجدانية قبل تبني التطور الحاصل، بل العكس، إذ إنّ هذا التطور هو مدخل الحل.
وأضاف أنه إذا أردنا استئناف الحضارة والتطور، فلنبدأ بتعزيز دور القطاع الخاص في كافة المجالات وفتحها للاستثمار والمنافسة، وتحفيز الاستثمارات الريادية، وأنوّه هنا بالدور الذي يقوم به مصرف لبنان، وتأمين أسواق تصدير إقليمية وعالمية، إضافة إلى ترشيق الإدارة واستخدام التكنولوجيا وتمكين الحكومة الرقمية وتحقيق استقرار في السياسات العامة.
رؤوف أبو زكي
وانطلق الرئيس التنفيذي لمجموعة “الاقتصاد والأعمال” من الظروق الدقيقة التي ينعقد فيها “ملتقى لبنان الاقتصادي”، مشيراً إلى أن لبنان يواجه تحدّيات كثيرة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية. ولعلّ أولى هذه التحدّيات استمرار الحرب السورية وتداعياتها وتزايد أعباء النزوح السوري، والخطر الإسرائيلي الدائم، إضافةً إلى تراجع حركة الأعمال والنمو الاقتصادي في المنطقة عامة ودول الخليج خاصة وكذلك في أفريقيا، وبدء تراجع حركة التحويلات الخارجية، وكلّ هذه العوامل تدعونا جميعاً إلى التعاون من أجل إدارة هذه المرحلة واجتيازها بأقل الأضرار الممكنة.
وشدّد على أهمية انعقاد الملتقى والتي تكمن في كونه الأول في ظلّ العهد الجديد وحكومة الوحدة الوطنية مع ما يحمل ذلك من بشائر مشجّعة تساعد على إعادة الثقة إلى المستثمر والمستهلك وعلى تحقيق الإصلاح والتطوير. وقد بدأت بوادر العمل في إقرار مشروع الموازنة بعد طول انقطاع، وفي الشروع بالتعيينات، والتصميم على إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون انتخاب نأمل أن يتم حوله توافق وطني. فلبنان كان ولا يزال بلد التنوّع وبلد التسويات وبلد القدرة على التكيف مع المتغيرات.
وذكّر بجولات فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بداية عهده والتي شملت بعض البلدان العربية وهي السعودية وقطر ومصر والأردن، وفي البرنامج استكمال هذه الجولات التي تعكس قناعة بأهمية علاقات لبنان مع البلدان العربية عامةً وفي طليعتها المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى لأن ذلك يمثل مصلحة وطنية عُليا لا حاجة إلى إثباتها، بل ويجب عدم التفريط بها.
وأضاف أبو زكي أن العلاقات الأخوية مع السعودية ودول الخليج الأخرى ستبقى بمثابة العمق الاقتصادي الاستراتيجي للبنان وهي تساهم بأكبر نسبة في الناتج المحلي اللبناني ومستوى معيشة الأفراد ويلعب الدخل الآتي من الخليج دورا كبيرا في الحركة الاقتصادية بسبب المضاعف الاستثماري الذي يخلقه. لذلك فإن أي لبناني حريص على نهوض بلده وتجاوزه للصعوبات المالية التي يعاني منها يجب أن يحرص على هذه العلاقات باعتباره حرصاً على لبنان نفسه إذ لا إمكانية لنهوض لبنان اقتصاديا من دون علاقات أخوة وتضامن ثابتة مع دول الخليج ومع شركائنا الاقتصاديين في العالم.
وشدّد على أهمية إعطاء دفعة قوية للعلاقات اللبنانية – الخليجية، إذ لا يخفى أنها تمرّ في حال فتور ما يؤثر على حركة السياحة والاستثمار والتبادل التجاري، ونحن نعلم أن جهوداً تُبذل لتحسين هذه العلاقات، ونأمل أن يكون مؤتمر القمة العربية المقبل في 27 الجاري في الأردن، مناسبة للقاءات مُفيدة ومثمرة تكفل بإزالة ما هو عالق من شوائب ومعوقات.
وأكّد الرئيس التنفيذي لمجموعة “الاقتصاد والأعمال” سعي المجموعة الدائم لتعزيز العلاقات اللبنانية-العربية والعربية-العربية من خلال ملتقيات عربية وخارجية في 16 بلداً.
وأشار أبو زكي إلى إن لبنان الذي استعاد وضعه السياسي والمؤسساتي الطبيعي، يعول كثيراً في هذه المرحلة على قطاعه المصرفي العريق القادر على لعب دور حيوي حيث يتمتع برسملة عالية وبسيولة فائضة تمكّنه من تمويل الاقتصاد في مناخ من الثقة وهنا لا بد من التنويه بالدور الكبير الذي يلعبه سعادة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة لضمان الاستقرار النقدي والاقتصادي، والذي كان موضع تقدير الأوساط الدولية. وعليه، لا يجوز أن يبقى هذا المركز موضع تكهنات وتوقعات في ظرف محلّي وإقليمي ودولي دقيق كالذي نمرّ به، إذ أن الاستقرار السياسي والأمني الذي ننعم به لا يكتمل إلا باستمرار الاستقرار النقدي والاقتصادي.