سقلاوي: بعض التجار استغلوا الفرصة لتحقيق مكاسب غير مشروعة
أعلن رئيس إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي اليوم أن “الريجي” بادرت إلى رفع أسعار السجائر “ضمن نطاق صلاحياتها وبموافقة وزير المال، بهدف “ضبط السوق وعدم هدر عائدات للدولة وتداركاً لأي ارباح فائتة عليها”، مشيراً إلى “فوضى في السوق اللبناني بعد زيادة مجلس النواب الرسوم”، إذ لجأ “بعض التجار إلى القيام بزيادات عشوائية على أسعار السجائر”، و”استغلوا الفرصة لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب المواطن والدولة”.
وعقد سقلاوي مؤتمراً صحافياً في المقر العام لـ”الريجي” في الحدث بمشاركة أعضاء لجنة الإدارة المهندسان جورج حبيقة ومازن عبود والدكتور عصام سلمان، وبحضور عدد من مسؤولي “الريجي” ورؤساء البيع، عرض فيه لموقف “الريجي” من “التطورات الحاصلة في سوق التبغ قبل وبعد زيادة الرسوم، وما نجم عن هذه التطورات من فوضى في السوق اللبناني على خلفية لجوء بعض التجار إلى القيام بزيادات عشوائية على أسعار السجائر فور شيوع أخبار الزيادة التي تم البحث بها ومناقشتها في إطار إقرار مشروع الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب”.
وتحدّث عما حصل في السوق اللبناني “وما قامت به الريجي بالتنسيق مع وزارة المال من تدابير لوضع حد له واحتواء تداعياته، ومنع هدر المال العام لصالح بعض التجار الذين استغلوا الفرصة لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب المواطن والدولة”.
وأضاف: “لا شك في أنّ رفع أسعار التبغ هو الوسيلة الفضلى لمكافحة التدخين والحفاظ على صحة الناس إضافةً إلى الحفاظ على عائدات الدولة وعائدات الريجي، غير أنّ هذا الاجراء يفقد فاعليّته في ظل الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة التي تعانيها المنطقة والحدود المفتوحة التي تشكل فرصة لشبكات التهريب المستفيدة حصراً من هذا الوضع، أما الخاسر الوحيد فهو الدولة”.
واسغرب “ما جاء أخيراً على لسان مسؤولين وأكاديميين عدّة وممثلي المجتمع المدني، بأنّ الزيادة على التبغ تعطي مئات المليارات”، مشيراً إلى الواقع يثبت العكس.
تزايد التهريب
وذكّر سقلاوي بأن “العام 1999 كان عاماً كارثياً حين توقّع البعض أن يفوق حجم عائدات الريجي بالمرتجى من باريس 1 وباريس 2 ومؤتمر أصدقاء لبنان، فاقترح رفع الرسوم على المنتجات التبغية من 54% الى 138%، فكانت النتيجة إنخفاض مبيعات الريجي من 600 مليون علبة إلى 350 مليون علبة خلال عام واحد، بسبب تزايد التهريب، حيث وقعت الريجي في عجز مالي، وبالتالي انخفضت ايرادات الدولة الاجمالية بدل ان تزيد”. وأضاف: “عانينا لسنوات لترميم آثار القرارت غير المدروسة وخسارة مليار و600 مليون دولار أرباحاً فائتة على خزينة الدولة”.
وعرض إحصاءات تبيّن تراجع المبيعات في السنوات الأخيرة، إذ في العام 2012 حققت الريجي مبيع 775 مليون علبة بقيمة مليار دولار، وفي العام 2013 تراجعت المبيعات الى 600 مليون علبة بقيمة 791 مليون دولار، وفي العام 2014 بلغت المبيعات نحو 590 مليون علبة بقيمة 770 مليون دولار، وفي العام 2015 بلغت المبيعات 400 مليون علبة بقيمة 600 مليون دولار.
وتابع: “في الماضي القريب كانت أوّل أهداف الريجي هي مكافحة التهريب. ومنذ اللحظة الاولى، أدركنا اننا امام وضع خطير قد يطيح بالمؤسسة وبكل عائدات الدولة لمصلحة شبكات التهريب لا سيما مع تفاقم الوضع في سوريا والحدود المفتوحة، ودقينا ناقوس الخطر في المؤتمر الصحافي الذي عُقد بتاريخ 29/12/2014 في الحدث حول تفاقم مشكلة التهريب، وتداركاً للوضع وحفاظاً على ايرادت القطاع والدولة، وضعنا استراتيجية لمكافحة التهريب والحفاظ على عائدات القطاع على مستويين: الأولّ هو تطبيق حملة شاملة واجراءات لمكافحة التهريب ضمن نطاق إمكانياتنا، والثاني هو تنفيذ مخطط شامل لتطوير الصناعة الوطنية وإنتاج أصناف تنافس الأصناف المهرّبة”.
إجراءات المكافحة
وعدّد سقلاوي الجهود والاجراءات التي قامت بها الريجي لمكافحة التهريب، لافتاً إلى “حملة مكافحة التهريب التي بدأت من العام 2014، وهي مستمرّة، وتدرّجت كالآتي: تعديل نظام الادخال بناء على موافقة معالي وزير المالية في 22 ايلول 2014 والذي يقضي بإضافة بند يحمّل الشركات ثمن البضائع المهربة، ومراسلة الشركات وتحذيرها من تهريب بضاعتها إلى أسواقنا (…) وحسم مبالغ على هذه الشركات بلغت قيمتها 3 مليون 226 الف دولار، وتعديل نظام الادخال بناء على موافقة معالي وزير المالية 30/12/2014 بحيث يتم تحميل الشركات ثمن البضائع المهربة والرسوم الجمركية اضافة الى الارباح الفائتة، وتعديل نظام رئاسات البيع بناء على موافقة معالي وزير المالية 30/12/2014 بحيث تلغى رخصة رئيس البيع اي التاجر الذي يتم ضبط كميات مهربة لديه اضافة الى مصادرة البضاعة واستيفاء الغرامة،والحملة الاعلانية التي قمنا بها لتحفيز المخبرين للابلاغ عن مصادر التهريب حيث جاءت نتائجها وفق الآتي: تم الغاء 15 رخصة بيع، وبلغت قيمة الجوائز المدفوعة مليار و600 مليون ليرة لبنانية، وبلغت قيمة الغرامات 16 مليار و770 مليون ليرة لبنانية”.
ولفت سقلاوي في الاطار ذاته، إلى أنّ “مشكلة واجهت الريجي بدخول أصناف عدّة لا وكلاء لها في لبنان ولا تتعامل مع الريجي”، وقال: “بتاريخ 2/1/2015 قمنا بتكليف مكتب محاماة اماراتي للحصول على معلومات حول هذه الاصناف ووردتنا اجابة سلطات دبي بتاريخ 19 آذار 2015”. وأضاف: “بتاريخ 27/ايار/2015 قمنا بايداع النيابة العامة المالية باخبار وحملت هذا الملف بنفسي للنائب العام المالي، واعدنا التذكير بتاريخ 26/10/2016”.
وأشار سقلاوي إلى أنّه تمّ “طلب زيادة عديد عناصر المكافحة والذي يبلغ 15 حالياً بمعدل أعمار 55 بعد أن كانت الريجي طلبت من الحكومة السابقة بتاريخ 20/ايلول/2016 وأعادت الكرّة مع الحكومة الحالية 6/آذار/2017”.
ولجهة عمل الريجي على تطوير الصناعة الوطنية وتحديثها، قال سقلاوي: “بموافقة من وزراء المال الذين تعاقبوا وصولاً إلى الوزير علي حسن خليل استطعنا أنْ نُحدِثَ فرقاً كبيراً على مستوى الصناعة الوطنيّة الأمر الذي كان له دور كبير في تخفيض نسب التهريب”، وأشار في هذا الإطار إلى تركيب 5 خطوط كاملة لتصنيع السجائر على مدى السنوات الخمس الماضية ، وتصنيع 7 اصناف وطنية جديدة في مصنع الحدث وطرحها في السوق بأسعار منافِسَة لأسعار التهريب”. وأضاف: “حالياً، بدأنا بتصنيع 5 اصناف من اصل 9 لشركة امبريال (غولواز ورويال)”. ولفت إلى أن “الريجي على قاب قوسين أو أدنى من أن نتحوّل إلى مركز تصنيع إقليمي معتمد من كبرى الشركات العالمية لصناعة السجائر، وبصدد دراسة عروض عدة شركات”.
وعن نتائج الاستراتيجية المعتمدة منذ العام 2014، قال سقلاوي: “عملنا على تطبيق هذه الاستراتيجية بالتعاون مع وزارة المال والقوى الامنية المعنية وضمن نطاق مسؤولياتنا وصلاحياتنا وامكانياتنا، وجاء وفقاً لدراسة شركة Nielsen الاميركية للأبحاث للعام 2016 ان نسبة التهريب قد انخفضت حتى 25.7% ، وبالتالي فان نتائج مبيعاتنا للعام 2016 قد بلغت 475 مليون علبة بقيمة 625 مليون دولار.. اي بزيادة 75 مليون علبة عن العام 2015”.
زيادة الأسعار
وتناول مسألة رفع الريجي للأسعار اليوم، وقال: “نتيجة لكل ما سبق، كانت وجهة نظر الادارة ولا تزال بأنّ أيّ زيادة توسّع الفارق بين الأسعار الشرعية والأسعار المهرّبة ستؤدي إلى ارتفاع نسبة التهريب”. وتابع: “عندما بدأ الكلام في اللجان النيابية عن رسوم كبيرة جداً، تطال كل المصنوعات التبغية بما فيها المواد الأوّلية للصناعة الوطنيّة في البند الجمركي رقم 240319 والذي يرفع الضريبة من 35% إلى 135%، عارضنا هذا الموضوع لأنّه بذلك نقضي على أي فرصة لمواجهة التهريب”.
وأضاف: “بالنتيجة اتُّخذ القرار في الهيئة العامة لمجلس النواب بوضع رسم 250 ل.ل. على علبة السجائر و250 على المعسّل و500 على السيجار”، وأضاف:”بالتالي كنا أمام الاحتمالات التالية:
- وقف تموين السوق وانتظار اقرار الرسوم الجديدة الامر الذي سيُحدِث بلبلة في السوق نتيجة امتناع التجّار عن بيع المخزون لديهم بحجّة عدم تسلّم بضاعة من الريجي وطمعاً بتحقيق الأرباح.
- استمرار تموين السوق بالأسعار القديمة، الأمر الذي سيؤدي إلى سحب كامل المخزون خلال أيّام وخسارة الدولة لملايين الدولارات.
- رفع الأسعار ضمن نطاق صلاحياتنا باقتراح من الإدارة وموافقة وزير المال لضبط السوق وعدم هدر عائدات للدولة في المخزون المتوفر لدينا”.
وقال: “من منطلق الحرص والشفافية وتوضيحاً للرأي العام، ورداً على تساؤلات البعض لجهة ماذا وراء معارضة رفع الاسعار، ولماذا تزامن هذا الاجراء مع رفع الرسوم، والريجي تقرّ الرسوم قبل صدورها عن مجلس النواب أو آخر يقترح علينا ضبط الاسعار مع وزارة الاقتصاد، فكيف يمكننا أن نضبط أسعار 30 الف بائع مفرق على مساحة الجمهورية اللبنانية؟ دعونا نبقى منطقيين وواقعيين قليلاً”.
وتابع: “لذلك وحرصاً على المال العام وتأميناً لاستمرارية العمل أبلغنا معالي وزير المال علي حسن خليل وجهة نظرنا التي تبناها مشكوراً وهو خيار رفع الاسعار ضمن نطاق صلاحياتنا وموافقة وزير المال بتاريخ 16/3/2017 تداركاً لأي ارباح فائتة على الدولة. .وهو امر كان يحصل دائماً ولم يكن يرافقه لا هرج ولا مرج”.
وأضاف سقلاوي: “وهنا، نحن من يجب أن يسأل؟ هل يسجّل الأمر لنا ام علينا؟ هل المطلوب إهداء المخزون إلى التجار وخسارة الدولة؟ هل المطلوب أن يتم احتكار السوق من بعض التجار؟”
دعم للاقتصاد
وتابع: “الحقّ يقال إنه يسرّنا أنْ يُطلق البعض على الريجي تسميات مثل منجم ذهب والبنك الصامت وغيره، ونحن نفرح عندما يعرف الجميع أننا استطعنا تحويل الريجي من منجم فحم إلى منجم ذهب كل عائداته للدولة وللدولة حصراً، والأرقام تتحدّث عن حجم دعمنا للاقتصاد الوطني من خلال تحويلات الخزينة والتي بلغت في الأعوام الأخيرة الآتي: في العام 2012 بلغت 579 مليون دولار، وفي العام 2013 بلغت 464 مليون دولار، وفي العام 2014 بلغت 429 مليون دولار، وفي العام 2015 بلغت 327 مليون دولار، وفي العام 2016 بلغت 330 مليون دولار”.
وأوضح أنّه بذلك “تكون عائدات الخزينة خلال خمس سنوات ما يفوق المليارين ومئة مليون دولار”، مضيفاً أنّ “الريجي من أولى شركات الدولة التي دخلت اليها شركات التدقيق المالي منذ العام 1996 وحساباتنا مكشوفة لدى الحكومة والمراقب المالي ووزراء المالية لكل العهود التي تعاقبت”. ولفت إلى أنّ “الريجي من اوّل المرافق العامة التي حقّقت شهادة الجودةISO9001:2015 ووضعت استراتيجية للتنمية المستدامة أولى أولويّاتها مكافحة التهريب!”، وأشار إلى أنّ “الريجي هي من ابرز المؤسسات الرافدة للاقتصاد الوطني.. لكن البعض لا يريد الاعتراف بذلك”.
وختم سقلاوي قائلاً: “لو أنّ لشتلة التبغ أن تنطق لنطقت باسم المزارعين، وباسم الموظفين في هذه المؤسسة، عن الدعم الذي لم ينقطع يوماً، وعن حبل المودّة الوطني المتين بين أهل الريجي جميعهم ودولة الرئيس بري، منذ أنْ ثبَّتَ المزارعين في مشاتلهم على طول الحدود تحت اعين الطائرات الاسرائيلية، ولمّا تناولتنا غيلان الخصخصة، وأراد هو وأردنا معه قيام هذا المرفق العام لذا نجيب البعض أنّ حرص دولة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي علينا هو نعمة وليس تهمة، فهل أصبح اللامعقول هو المعقول؟ والناجح هو الفاسد؟ أو أنّ روح البعض أصبحت مسكونة بصرف عقول الناس عن كلّ معقول”.
حوار
وفي حوار مع الصحافيين، سئل سقلاوي عما يقال من إن “الريجي” توظّف المحسوبين على الرئيس برّي، فقال: “تسلمت إدارة الريجي عام 1993 وكان فيها 2700 موظف، واليوم في الريجي أقل من 900 موظف مع شبه مناصفة بين المسيحيّين والمسلمين فكيف تكون مركز توظيف للرئيس بري؛ يضاف إلى ذلك أنّ لا وجود لأيّ موظف في التعاقد والفاتورة إنّما الجميع في الملاك كوننا ثبتنا الجميع في عهد الوزيرين محمّد الصفدي وعلي حسن خليل. وأريد أنْ ألفت الإنتباه إلى أنّ هيكليّة الريجي كانت تضم نحو أربعة آلاف موظّف، ثم 1700، وعرضت على الوزير الصفدي خفض العدد إلى 680 موظفاً”. وأضاف: “كل الدولة والقطاع العام اليوم في حالة انفلاش والريجي تسير في الإتجاه المعاكس”.
وعن وجود شركات محسوبة على الرئيس بري مستفيدة من “الريجي” قال إن “رؤساء البيع الأساسيّين الذين يؤمّنون 80% من فاتورة الريجي هم من المسيحيّين وليس لهم أيّ علاقة بالرئيس برّي، والشركات الأجنبيّة جميع وكلائها هم من المسيحيّين باستثناء واحد، وأيضاً لا علاقة لهم إطلاقاً بالرئيس برّي، فشركاتهم قديمة حتى قبل أن يصبح الرئيس برّي رئيساً لمجلس النوّاب”.
وأضاف: “همّ الرئيس برّي هم المزارعون ولكن هؤلاء أيضاً ليسوا من الطائفة الشيعيّة إنّما هم من طوائف عدة في عكّار ورميش ودير الأحمر وشليفا ودبل والقوزح، وما يهم الرئيس بري هو وجود 25 ألف عائلة من المزارعين متوسّط عدد العائلة الواحدة 6 أشخاص أي نحو 150 ألف مواطن يعتاشون من هذه المؤسّسة ويتضررون في حال خربت”.
ورداً على سؤال عن التهريب، قال سقلاوي إن “الوضع في سوريا والعراق سهّل التهريب لأن الحدود مفتوحة، وقدرة السلطات فيهما على ضبط التهريب محدودة”. وشدد على أن “من الممكن للدولة رفع سعر العلبة شرط أن يتم مسك الحدود”.