أي أزمة في لبنان هي أزمة لمحيطه القريب والبعيد ولا مفرّ من الشراكة الحقيقية
تابع وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن زيارته إلى العاصمة الايطالية روما، حيث عقد والوفد اللبناني المرافق اجتماع عمل مع المدير العام للوكالة الايطالية للتعاون الدولي في وزارة الخارجية بياترو سيباستياني. وتطرّقت المحادثات إلى تقييم برامج التعاون القائمة بين لبنان والوكالة الايطالية، وسبل مضاعفة التمويل والدعم لبرامج تنموية جديدة تقوم بها وزارة الصناعة وفي مقدّمها انشاء مناطق صناعية في مختلف المناطق اللبنانية بهدف تحقيق الانماء المتوازن والتنمية المستدامة وانماء المناطق الريفية وتوسيع رقعة الاستثمار خارج العاصمة وتأمين فرص العمل لأبناء المدن والقرى في المحافظات.
وبحث المجتمعون أيضاً في ضرورة احياء برامج كانت منظّمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ( يونيدو ) قد نفّتها بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصناعة. وتمّ التوافق على خطّة عمل مستقبلية تتمّ بلورتها على مراحل زمنية بالتنسيق مع مكتب الوكالة الايطالية في بيروت.
ولقيت مداخلة الوزير الحاج حسن عن حراجة الوضع الاقتصادي، وأهمية فتح الأسواق الاوروبية أمام المنتجات اللبنانية تفهّماً واضحاً من خلال تأكيد المسؤول الايطالي على موقف بلاده الداعم للبنان، ولا سيما على صعيد تخفيف الأعباء الناجمة عن أزمة النازحين السوريين.
طاولة مستديرة
وكان الوزير الحاج حسن وسيباستياني شاركا في الطاولة المستديرة التي تنظّمها يونيدو حول “الولوج الى التمويل:التحدّيات والممارسات الجيّدة لدعم المرأة في عالم الأعمال “، بمشاركة الوفد اللبناني الذي يضمّ القائم بالاعمال في السفارة اللبنانية في روما كريم خليل والمدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون ومستشار الوزير المهندس محمد الخنسا والمستشار الاعلامي جوزيف المتني والمسؤول عن البرامج في وزارة الصناعة مع منظمة يونيدو بيار عمران، ومسؤولين ايطاليين ومن منظمة يونيدو وممثلات عن جمعيات نسائية تعنى بتطوير قطاع الأعمال في كلّ من لبنان والاردن ومصر وفلسطين والمغرب وتونس والجزائر.
الحاج حسن
وألقى الوزير الحاج حسن كلمة جاء فيها:” شاركنا في الاجتماع التقييمي الرابع لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا حول تمكين قدرات المرأة في مسار التنمية الصناعية المستدامة. ونجتمع اليوم للبحث في تدريب المرأة على أفضل السبل لايجاد الطرق التمويلية للمشاريع التي يمكن أن ترفع من مكانة المرأة الاجتماعية، ومن مساهمتها في الحياة الاقتصادية بشكل عام.
في الحقيقة والواقع، لا يوجد تمييز في القوانين والتشريعات اللبنانية بين المرأة والرجل على هذا الصعيد. فحقوق المرأة مصانة، وتتيح لها التقدّم من أي مصرف تجاري للاقتراض بهدف تمويل مشروع معيّن تنوي تنفيذه. ونحن في الحكومة اللبنانية، وفي إطار تشجيع الاستثمارات، ندعم كلّ المبادرات التي تصبّ في هذا الاتّجاه، بهدف تحقيق النمو الاقتصادي، وتأمين فرص العمل،، في ظلّ توقّعات للنمو لا تتخطّى نسبة الـ 1.5 %، وتقليص الفرق الشاسع في الميزان التجاري المختلّ لمصلحة الاستيراد على حساب الصادرات.”
وأضاف: ” بلغت خطورة الوضع اللبناني إلى حدّ أن الدولة تستدين سنوياً لايفاء خدمة الدين العام، وليس لايفاء أصول الدين. ولا يمكن للبنان أن يتخطّى هذا الوضع الاقتصادي الخطير جدّاً من دون مساعدة المجتمع الدولي والاتّحاد الاوروبي بشكل خاص، كونه الشريك التجاري الأول للبنان، إلى جانب العلاقات التاريخية بين الدول الاوروبية ولبنان.
ولقد ذكرت في كلمتي أمس كيفية المساعدة المطلوبة، وأعود وأكرّر أمام السادة الحاضرين الجدد اليوم، أنه على اوروبا أن تعامل لبنان بطريقة استثنائية، وتبادر إلى فتح أسواقها أمام المنتجات اللبنانية التي تحمل المواصفات والمعايير الدولية والاوروبية. وبهذه الخطوة، لن تسبّب منتجاتنا الاغراق في السوق الاوروبية التي تضمّ نحو 500 مليون مستهلك. إن طموحنا متواضع ولا يمكن أن يتخطّى امكاناتنا وقدراتنا الانتاجية المتواضعة أيضاً مقارنة بالدول الصناعية. إننا نطمح إلى مضاعفة صادراتنا الى اوروبا من 300 مليون دولار إلى 600 مليون دولار كمرحلة أولى، وصولاً الى حدود المليار دولار في السنوات المقبلة. وهذا ليس تحدّياً لأحد، بمقدار مايجب عليه أن يكون كنتاج للشراكة الحقيقية والمثمرة والايجابية بين لبنان والاتحاد الاوروبي.
فأيّ أزمة في لبنان هي ازمة لمحيطه القريب والبعيد. واوروبا في محيطنا القريب والمتّصل، فالايجابية والازدهار، كما التضّخم والانهيار، ينعكسان ايجاباً كما سلباً على شركائنا والمتعاملين معنا. لا مفرّ إذاً من الشراكة الحقيقية لمصلحتنا جميعاً.”
وقال:” التمويل في لبنان ليس صعباً. رؤوس الأموال مكدّسة في المصارف، وناهزت الودائع المصرفية الخاصة المئتي مليار دولار. والابتكار والابداع صفتان متلازمتان باللبنانيين، المميّزين في عالم الأعمال والتجارة، ونجحوا في ميادين ريادية عديدة في انحاء العالم وفي لبنان أيضاً، حيث الطاقات البشرية والفكرية والعلمية تحقّق النجاح تلو النجاح من أجل نهضة لبنان وديمومته واشعاعه الحضاري. إن انشاء مصنع في الظروف المعروفة في لبنان ومحيطه لهو انجاز كبير، واللبنانيون مغامرون. ومغامراتهم ناجحة. انظروا تاريخنا فتعرفون مستقبلنا. لا مجال عندنا لليأس والجمود والتراجع. هكذا كنّا وهكذا سنكون. وندعوكم شركاء وأصدقاء ومحبّين ومبادرين لمبادرات انتاجية مفيدة لنا جميعاً، كمثال افتتاحنا الأسبوع الماضي مصنعاً في مجال البلاستيك والـ polyethylene (PEHD ) ثمرة شراكة لبنانية – قبرصية.
إننا نتطلع كثيراً إلى تفعيل هذه المشاريع النوعية المشتركة، أو ما يسمّى نقل المعرفة والتكنولوجيا، وانشاء الصناعات المكمّلة والتحويلية لصناعات اوروبية قائمة. فالخبرات اللبنانية موجودة، وبيئة الاستثمار مؤمنة، وكذلك الاستقرار السياسي والأمني. وهذه هي مرتكزات سياستنا في وزارة الصناعة.
ما نطمح إليه، بمساعدة الدول الاوروبية وسائر شركاء لبنان التجاريين، أن نرفع انتاجنا وصادراتنا من 3 مليارات دولار الى 5 مليارات دولار في السنوات القليلة المقبلة
وعندما نسير بسياسة حمائية وداعمة للقطاع الصناعي، وهذا ما باشرنا به أسوة بدول العالم، يتشجّع المستثمر والمستثمرة على اقامة مصنع جديد في بيئة تنافسية مستقرة.
يتحمّل لبنان عبئاً كبيراً ناتجاً عن أزمة النازحين السوريين الى لبنان، ويحمل رئيس الحكومة اليوم ملفاً متكاملاً حول هذا الأمر الى بروكسيل لتأمين الدعم والمساندة والمشاركة في تحمّل المسؤوليات.
في النهاية، أجدّد شكري للحكومة الايطالية ولمنظمة يونيدو وللدول العربية المشاركة في هذه الاجتماعات على مدى يومين، مؤكّداً أمامكم أن لبنان صمد بوجه الكثير من العواصف والأزمات التي مرّت عليه، وسيظلّ صامداً أمام الأزمة الحالية بارادة اللبنانيين المبادرين واللبنانيات المبادرات وبتجاوب شركائنا والأصدقاء، وان شاء الله نتخطّى هذه المرحلة سريعاً ونتّجه ببلدنا نحو التطوّر والازدهار المستدامين.”