تحليل الأسواق لليوم عن سامر حسن، محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
٤ يونيو ٢٠٢٤
تستمر أسعار النفط في التراجع الحاد اليوم وتصل إلى المزيد من أدنى مستوياتها التي لم نراها منذ فبراير الفائت وذلك عبر كلا المعيارين الرئيسيين، برنت وغرب تكساس الوسيط اللذان تراجعا بنسبة 1.2% و1.4% على التوالي عند الساعة 8:45 صباحاً بتوقيت غرينيتش.
تأتي هذه التراجعات استمراراً لتفاعل الأسواق مع المخاوف حول زيادة فائض المعروض والتي تفاقمت بعد قرار منظمة الدول المصدر للنفط وروسيا (OPEC+) بدء وقف الخفض الطوعي لإنتاج النفط أواخر هذا العام.
هذه المخاوف حول فائض المعروض امتزجت مع المخاوف حول مدى سلامة الاقتصاد الأمريكي، حيث شهد انكماشاً أشد من المتوقع لأنشطة التصنيع والتي جاءت على ضوء تراجع الطلب بسبب عدم رغبة الشركات في الاستثمار نظراً للظروف النقدية والاقتصادية، وفق تقرير مديري المشتريات التصنيعي لشهر مايو الصادر عن معهد إدارة سلاسل التوريد (ISM).
على الجانب المشرق، فإن هذا الضعف في النشاط الاقتصادي قد انعكس في النهاية عبر تعزيز الأمل قليلاً بإمكانية خفض الفيدرالي لسعر الفائدة في سبتمبر ونوفمبر القادمين.
إلا أن أسواق الطاقة يبدو أنها بحاجة إلى المزيد من اليقين حول إمكانية رؤية بداية مسار التساهل النقدي هذا العام لدفع النمو الاقتصادي الضعيف إلى المزيد من الانتعاش. كما أن المفاجئات الإيجابية لأرقام سوق العمل هذا الأسبوع قد تساهم في تعميق خسائر النفط مع عودة المخاوف حول المعدلات الأعلى لفترة أطول.
فيما قد نبدأ برؤية بعض من الراحة في أسواق النفط مع بداية البنك المركزي الأوروبي خفض المعدلات المتوقع في اجتماعه القادم وهذا من شأنه من يساهم في دفع الأنشطة الاقتصادية إلى استعادة نموها خصوصاً على مستوى أنشطة التصنيع. حيث أشارت العديد من التقارير السابقة لمديري المشتريات ومسوحات المستهلك والمستثمر إلى أن التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة تحول دون نمو الطلب واستعادة النمو إضافة إلى حالة عديم اليقين تجاه العوامل السياسية الداخلية والجيوسياسية الإقليمية والعالمية.
هذا الانتعاش المحتمل للطلب مع تراجع التشديد النقدي سيجد طريقه إلى الصين في النهاية والتي تعد منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأهم لها في حين أنها لا تزال تعاني من ضعف الطلب من قبل المستهلك المحلي. لذلك أعتقد أن بيانات اقتصاد منطقة اليورو ستكون في غاية الأهمية لدى الأسواق التي تبحث عن إشارات حول تعافي الاقتصاد العالمي وما سيليه من انتعاش الطلب على الخام وسد فجوة المعروض.
هذه السردية قد تتطلب بعض الوقت لكي تتجلى بوضوح في الأسعار المنهارة. فيما تبقى الجبهة الجيوسياسية هي العامل الأهم التي تستطيع دعم الأسعار على الرغم من المخاوف المرتبطة لا تحظى بتركيز الأسواق في الوقت الحالي، إلا أنها قد تنتشل أسعار من قاعها في أي لحظة. حيث كانت المخاوف من اشتعال حرب إقليمية واسعة في الشرق الأوسط قد تبدد خلال الشهرين الفائتين.
فيما يبدوا أن جبهة الجنوب اللبناني تتحضر للاشتعال شيئاً فشيئاً وذلك مع المزيد من الضغوط التي يتعرض لها بنيامين نتنياهو من الائتلاف اليميني الذي يبقيه على رأس حكومة الحرب والأطراف الداخلية والتي قد تقوده في النهاية إلى فتح جبهة الشمال كما حدث في العام 2006.
يأتي هذا في حين أن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة لا تبدوا قريبة بعد المقترح الذي قدمه جو بايدن والذي من غير المرجح إطلاقاً أن يلقى بقبول أي من أطرافه. فيما أن هذا الامتداد لأمد الحرب يبقي المخاوف من خروجها عن السيطرة وارداً في كل حين وهذا ما بتنا نراه الأن سواء في الجنوب اللبناني أو البحر الأحمر مع التصعيد غير المسبوق.