توقيع أول مرسوم لاستعادة الجنسية
افتتح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم “مؤتمر الطاقة الاغترابية 2017” في دورته الرابعة تحت عنوان: “طريق العودة الى الوطن”، بدعوة من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل. وحضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والرئيسان امين الجميل وميشال سليمان والرئيس حسين الحسيني ووزراء ونواب حاليون وسابقون، وشخصيات ديبلوماسية يتقدمها عميد السلك الديبلوماسي السفير البابوي المونسنيور غبريالي كاتشا، وممثلو الهيئات والنقابات والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات الاعلامية، بمشاركة ألفي شخصية لبنانية منتشرة، وذلك في مركز بيروت للمعارض – بيال.
أبي نادر
استهل المؤتمر بكلمة للمرشح الرئاسي في جمهورية الدومينيكان لويس ابي نادر، الذي قال إنه يحمل في قلبه الحنين الى لبنان والشوق اليه، واضاف: “قلبي ينبض حين يتم ذكر لبنان، وأطلب من جميع المتحدرين من أصل لبناني زيارة لبنان للتعرف إلى هذا البلد الجميل”.
ونوه ابي نادر “بالجهود التي يبذلها الوزير باسيل في الوصول الى المغتربين حيث كان أول وزير لبناني يزور الدومينيكان للمرة الاولى منذ أعوام، ونشكره على تأسيسه لهذا المؤتمر لتشجيع اللبنانيين للمجيء الى لبنان، الذي تمكن من الوقوف بعد كل سقطة. ان حقوق الانسان والديموقراطية هي ميزة لبنان، وعلى اللبنانيين المقيمين البقاء في بلدهم”.
وذكر ان “لبنانيي جمهورية الدومينيكان يعدون مئة الف متحدر من اصل لبناني، وهم ناشطون في المجالات الثقافية والسياسية وقد انخرطوا في كل الحكومات”. ولفت الى ان والده كان وزيرا وقد أسس جامعة يديرها حاليا شقيقه، وورث عن أجداده اللبنانيين الثورة على الظلم والديكتاتورية، وأراد أن يساعد شعبه فترشح لمنصب نائب الرئيس ثم لمنصب الرئاسة، وهو مرشح للانتخابات الرئاسية، وهناك حظوظ كبيرة في ان يصل الى سدة الرئاسة”.
رحال
وكانت كلمة لعضو الكونغرس الأميركي السابق نيك رحال اكد فيها ان “الولايات المتحدة قادت الى جانب التحالف الدولي التحرك لمساعدة لبنان في خضم ازمة النازحين”. وجدد دعم الولايات المتحدة لسيادة وحرية واستقلال لبنان.
وعاد رحال بالذاكرة الى زياراته العديدة الى المنطقة والى لبنان إثر الاحتلال الاسرائيلي، وقد اثمرت الزيارة تراجع القوات الاسرائيلية الى الجنوب بعد اتصال اجراه الرئيس الاميركي رونالد ريغن برئيس الحكومة الاسرائيلية بيغين. وقام بزيارة اخرى الى لبنان مواكبة لوصول المارينز اليه يومذاك. وذكر بزيارته تحت القنابل الاسرائيلية متحديا قرار حكومة بلاده، حيث التقى الرئيس العماد ميشال عون لبحث سبل انتشال لبنان من ازمته. وخلص الى القول بتقدم الحوار على المواجهة.
وكان رحال قد استهل كلمته مستشهدا بجبران خليل جبران ومؤكدا ان “من ينكر ارثه لا ارث له”، وقال: “إن إرثي هو لبنان”. ونوه بالروحية اللبنانية التي كانت اساسا لنجاحي في الكونغرس الاميركي الذي دخلته كأصغر عضو منتخب من ولاية جنوب فرجينيا، متسلحا بالمفهوم اللبناني، القائل “يمكننا فعل اي شيء”.
وتابع: “ان اللبنانيين الذين هاجروا الى الولايات المتحدة جعلوا منها بلدا اكثر حركة واقوى من خلال مساهمتهم في التنوع الثقافي”.
نصر
اما سائق “الفورمولا وان” في البرازيل فيليبي نصر فاعتبر ان وجوده اليوم للمرة الاولى في لبنان يعود به الى حين قرر والده الهجرة الى البرازيل، واذ استطاع ان يكون من بين افضل سائقي فورمولا وان في العالم، فإن شعوره بالفخر انه لبناني الاصل لم يفارقه.
عطاالله
من جانبها وزيرة خارجية مدغشقر بياتريس عطالله، التي ترأس مؤتمر الوزراء الفرنكوفونيين، اشارت الى انها تتحدر من بلدة بطمة الشوفية، واعتبرت ان الهدف الرئيسي من المؤتمر “هو تقييم روابطنا القوية التي تجمعنا وتتيح ديناميكية جديدة قادرة على تخطي كل الحدود”.
واكدت ان مشاركتها على رأس الوفد الآتي من مدغشقر تشكل فرصة للتعرف الى افضل الممارسات والخبرات التي يقدمها لبنان.
ورأت أن “قوة الاغتراب اللبناني تكمن في قدرته على جمع اللبنانيين بما يؤسس لمبادلات ودية حول المواضيع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.
وعبرت عن سعادتها بلقاء الرئيس العماد عون ورئيس الحكومة سعد الحريري اخيرا، بعدما كانت تسمع عن الاول وعن الرئيس الشهيد رفيق الحريري من والدها على مدى عقود.
باسيل
وكانت كلمة لباسيل قال فيها: “وانا اتتبع اخبار قدومكم الى المؤتمر، رحت استعرض من ذاكرة لبنان روايات مغادرتكم له عبر السنين نتيجة سعة طموحكم، وبسبب ما تعرضتم له من قتل وتجويع وظلم وتهجير اقتصادي وسياسي ونفسي … ونفوسي.
انتم ما تركتم لبنان ولا هاجرتم، انتم هجرتم من ارض لبنان ولكنكم لم تهجروا لبنانيتكم؛ فاللبنانية- Libanity- كما نظرنا لها هي رابطة انتماء الى حضارة وهوية وجين، وتلبيتكم لدعوتنا بهذه الكثافة (2000) هي دليل ارتباط بوطن كلما دعاكم.
والموضوع بالنسبة إلينا ليس الدعوة بل العودة، والسؤال ليس اذا كنتم تلبون بل اذا كنتم تعودون، عودة ليس الى اللبنانية – الانتماء، فهي غير موجودة من دونكم، بل الى لبنان – الوطن، فيما يهجره ابناؤه المقيمون لشعورهم بأنه لم يعد لهم والأولوية فيه للغرباء عنه، مهجرين او نازحين وافدين او موفدين، وفي هذا يصح ان نقول: “ويل لوطن اذا فضل المهجرين اليه على المهاجرين منه”.
انتم تأتون الينا اليوم من مائة بلد، فويل لنا ان لم ندرك انكم اهل الدار، وانكم لا تأتون من بلد آخر بل من غرفة في منزلكم اللبناني العالمي.
ايها المنتشرون، (انتم ابناء هذا اللبناني الذي بنى بيته التقليدي القديم وراح يزيد عليه الغرفة تلو الأخرى في العالم)، فأثبتم عالمية لبنان وان حدوده هي العالم.
انتم ابناء هذا اللبناني الذي حفر مأوى او معبدا في صخور جبال لبنان ولجأ اليه هربا من اضطهاد، فحفرتم انتم للبناني ذاكرة العالم ووجدانه، قصص نجاح لسياسة اميركا اللاتينية ولدبلوماسية أميركا الشمالية ولتجارة افريقيا ولخدمات آسيا ولفنون اوروبا ولانتبرناريا استراليا؛ فأثبتم انكم لم تستسلموا لحرمان من حرية في المشرق بل غامرتم وبحثتم عن أي ظل لها، فاندمجتم وزرعتم بذور نجاح واثمرتم طاقة اكبر من كل طاقات الشرق.
انتم ابناء هذا اللبناني الذي حمله الله رسالة انسانية حضارية هي اكبر من جغرافيا وأرفع من بطاقة هوية واسمى من قومية، فأثبتم انكم رسل الله في ميدان الإنسان ورسل لبنان في ميادين العالم.
انتم تأتون الينا كل مرة، ضعفي ما اتيتم في ما سبق، اقتناعا منكم بما نقوم به وايمانا منكم بلبنانيكم، افلا تستحقون منا اكثر من ترحيب وعاطفة وكلمة؟
أنتم اصحاب حقوق، وحقوقكم في ذمة هذا الوطن:
حقكم علينا اولا هو اكثر من قانون استعادة جنسية بل بسهولة نيلها.
وها نحن نعلن اليوم بدء منحها لمن تقدم للحصول عليها (من ساو باولو وبيونوس ايرس ومكسيكو ونيويورك ومن بيروت وسيتم توقيع او المراسيم في هذا الحفل)
حقكم علينا ثانيا هو أكثر من امكانية للتصويت في الخارج وهي صعبة لا تسهل إلا باعتماد المراسلة او الـe-voting، بل حقكم بنواب ممثلين عنكم في الخارج،
وها نحن نقاتل من اجل قانون انتخاب يتضمن ستة مقاعد لتمثيلكم بواحد عن كل قارة.
حقكم علينا ثالثا هو اكثر من ان نملأ شواغر بعثاتنا ونؤمن ملحقين اقتصاديين وثقافيين في بعضها كما طلبنا مؤخرا من مجلس الوزراء، بل حقكم بقناصل فخريين في كل مدينة تتواجدون فيها،
وها نحن افتتحنا السلسلة، بتوقيع اول مرسوم في هذا العهد لقنصل لبناني في برانكيا- كولومبيا.
حقكم علينا رابعا هو اكثر من ربط الكتروني بدأنا به بين سفاراتنا ومع ادارتنا المركزية ليصل لاحقا الى كل منكم، بل حقكم بوسيطة الكترونية تربطكم بلبنان ومؤسساته وناسه،
وها نحن نطلق في هذا المؤتمر النسخة الجديدة لـ ـLebanon Connect ليكون فسحة افعل للتواصل اللبناني.
حقكم علينا خامسا هو اكثر من دعوة الى فنادقنا ومنازلنا، بل ببيت لكل منكم، (بيت للسكن او للثقافة او للعمل(،
وها نحن انشأنا بيت المغترب وفيه المتحف والمقهى والموتيل وانهينا البيت الاسترالي والروسي، ونفتتح السبت معكم البيت الاميركي والاماراتي والبرازيلي والكندي، ونطلق السبت ايضا البيت المكسيكي والافريقي الغربي والافريقي الجنوبي،
وها هي بلدية صور تعلن عن تقديم ارض لبيت اغتراب على امل ان تحوي كل بلدة لبنانية بيت انتشار عالمي.
حقكم علينا سادسا هو اكثر من برنامج اشتر لبناني Buy Lebanese، بل بأن نعقد الاتفاقات التجارية مع كل دول انتشاركم،
وها نحن نعلن في هذا المؤتمر خارطة التكامل الاقتصادي بين لبنان المنتشر والمقيم توقعها اثنتا عشرة غرفة لبنانية تجارية مختلطة،
وها هي الماركات والفرانشايز اللبنانية تبدأ بالانتشار محال ومطاعم وفنادق ومصارف ومدراس وجامعات ومستشفيات.
حقكم علينا سابعا هو اكثر من برنامج استثمر لنبقى Invest to Stay، بل أن نوفر فرص استثمار لبعضكم وببعضكم، وها قد اعددنا البنية التحتية للصندوق اللبناني الاغترابي LDF /استعدادا لانخراطكم فيه.
حقكم علينا هو اكثر من ارزة المغترب وها نحن نزرع المزيد منها الأحد المقبل في غابة المغترب.
حقكم علينا هو اكثر من وحدة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وها نحن نهيئ قانون “المجلس الوطني للاغتراب”، تأكيدا لعدم وصاية الدولة اللبنانية عليكم.
حقكم علينا هو اكثر من مؤتمر سنوي للـ LDEفي لبنان، وها نحن ننتقل من مؤتمرات اقليمية في ساو باولو ونيويورك وجنوب افريقيا الى مؤتمرات قادمة في كاليفورنيا والمكسيك وابيدجان وسيدني وباريس ودبي.
حقكم علينا هو اكثر بكثير من ان تسعه صفحات او كلمات، هو بحجم عذابات وطاقات انتشاركم، وحقنا عليكم هو واحد لا ثاني له، وهو ان تحافظوا على لبنانيتكم وان تبقوا لبنانيين. ابقوا لبنانيين، StayLebanese، Restez Libanais Siguen Libaneses،Seja Libanese”.
وسأل: “هل يقبل العماد ميشال عون بأقل من تلك الحقوق لمن انتشر في سبيل حريته ونجاحه ووطنه؟ هل تقبلون بأقل من هذا الحق عليكم لوطن اعطاكم فرادة في تكوينكم وفي شخصيتكم وفي طاقتكم؟
هل تقبلون ان يحل في وطنكم جار او شقيق، مكان ابنكم وابن جينكم؟ مكان من حمل عنكم عذابات الهجرة لتبقوا انتم؟
عندما تجولون على بلدان الانتشار وتلتقونهم وتكلمونهم وتلمسون لبنانيتهم، تدركون اننا معرضون مثلهم للهجرة من لبنان، ومهيأون مثلهم للحرية والنجاح حيث هم،فتحتارون وتفكرون، الا ان تهافتهم الينا هنا يجعلنا ندرك اننا اذا صبرنا وناضلنا وقاومنا سيكون لنا الحرية والنجاح على ارض وطننا بدل ان يكونوا لنا في موطن هجرتهم.
ما من وجع بعد الشهادة، اكثر من وجع الغربة… الا انه في الاستشهاد تلتقي راحة الضمير مع راحة الله، اما في الغربة، فتعيش الوجع وانت حي وتعيش الشهادة كل يوم، شهادة من انت وما تنتمي اليه، اما وجعنا نحن اهل هذا الوطن، فهو ثلاثة: وجع الحياة، ووجع الشهادة لما نحن مؤتمنون عليه من ارض وكيان ورسالة، والوجع الأكبر ان لا نستحق هذا الوطن.
إلا ان الوجع، ايها المنتشرون تخففه فرحة اللقاء بكم وتزيله عودتكم الى لبنانكم. عودوا فنحن اليوم في قطار الجمهورية، يقود بنا رئيس ميثاقي، ويسلك بنا على سكة الميثاقية واللبنانية، ويجمع وراءه في مقصوراته كل اللبنانيين، بكل مذاهبهم وطوائفهم، بكل أحزابهم وتياراتهم، بكل مقيمهم ومنتشريهم.
جامعنا لبنان وقاسمنا اللبنانية، ووحدتنا خلاصنا،
محطاتنا متنقلة في لاس فيغاس في ايلول 2017، وفي المكسيك في تشرين الثاني 2017 وغيرهما في 2018″.
وختم باسيل بالاعلان عن المؤتمر المركزي السنوي القادم للطاقة الاغترابية اللبنانية في بيروت في 3، 4 و 5 ايار من العام المقبل”.
الرئيس عون
واختتمت الجلسة الافتتاحية بكلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قال: “ما أجمل أن يعود الأجداد والآباء والأبناء الى حضن الأم، الى دفء الأرض الأم التي ينتمون إليها. وها أنتم اليوم تعودون، ولو لزيارة خاطفة، ويستقبلكم الأهل والإخوة والأصدقاء بكل الفرح والسعادة، فأهلا وسهلا بكم في لقاء الأحبة الذي يجمع في كل عام اللبنانيين المنتشرين في جميع أصقاع العالم.
أيها اللبنانيون القادمون من دنيا الانتشار، تنتمون الى وطن صغير على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، مساحته الجغرافية لا تتسع لكتابة اسمه على خريطة العالم، ولكن انتشاره البشري والإنساني غطى الكرة الأرضية وجعل اسمه على مساحة العالم بأسره، ويقدم مساهمة فعالة في تطور المجتمعات الجديدة التي صار منها، حاملا معه قيم الوطن الأم المتجسدة بالحرية والتسامح وقبول الآخر، وتاريخه الذي هو تواصل حضارات متعاقبة، ما يساعده على التأقلم حيثما هو ويمكنه من ترك بصمته الخاصة في مجتمعه الجديد.
تاريخ لبنان مع الهجرة طويل ومؤلم، ففي كل بيت ابن أو أخ أو قريب غائب، يفتقده الأهل والأشقاء، تفتقده المناسبات العائلية والأعياد، ويكبر الصغار وهو بعيد.
هي ضريبة عاطفية تدفعها عائلاتنا منذ أن تحولنا الى بلد يصدر أبناءه بدل أن يصدر انتاجه.
قد يظن البعض أن طريق الهجرة رحلة مفروشة بالورود والياسمين، فلا أحد يعرف معاناة المهاجرين إلا من يعيشها، وخصوصا في السنوات الأولى. فالانسلاخ عن الوطن بحد ذاته ليس بالأمر السهل إطلاقا والتأقلم في بيئة جديدة بكل ما تحمل من اختلاف عادات وثقافة ولغة، أيضا ليس بالأمر السهل، وهو قطعا لم يأت نتيجة ترف أو نزوة، بل بفعل أوضاع سياسية واجتماعية واقتصادية صعبة دفعت بأبنائنا خارج حضن الوطن.
منذ منتصف القرن التاسع عشر ومع عهود الظلم والاستبداد وما استجرته من ويلات، بدأ اللبنانيون يهجرون الرطن ومع كل أزمة أو حرب كانت أعداد المهاجرين تتزايد أملا بحياة أفضل حتى صار اللبنانيون المنتشرون في العالم أضعاف اللبنانيين المقيمين في لبنان.
يا أبناءنا في دنيا الانتشار، لقد استقبلتكم أوطان جديدة وصرتم جزءا منها وحملتم هويتها، قد يكون وضعها اليوم اقتصاديا وسياسيا أفضل من وضع وطنكم الأم ولكن لا تنسوا أبدا أنكم تحملون إرث حضارة عظيمة. أنتم أبناء حضارة أعطت للصوت صورة وللصورة صوتا، فاخترعت الحرف وخزنت الفكر والعلم وأمنت انتشارهما وتوارثهما حتى يومنا هذا.
لغتكم الأصلية كانت الآرامية ولكنكم تكلمتم وكتبتم بكل لغات العصور الحضارية.
في اليونانية كتبتم فكرا وفلسفة وعلوما، وفي اللاتينية كتبتم شرائع وعلمتم قوانين، وكانت بيروت أم الشرائع تدعى، وفيها أهم مدرسة للحقوق في مطلع القرون المسيحية.
وأتقنتم اللغة العربية وأغنيتموها أدبا وفكرا وفلسفة، وعززتم من خلالها الفكر القومي العربي، وحافظتم عليها وعلى أصالتها في معاقلها خلال العهد العثماني وهي لغتكم الأم اليوم.
هذه هي الحضارة التي تنتمون إليها، والتي هي عصارة ومزيج لحضارات عدة، وهي في أساس سرعة اندماجكم في المجتمعات الجديدة”.
وأضاف: “أن نسافر موقتا، بحثا عن تعليم أفضل أو فرصة عمل غير متاحة لنا هنا فهو أمر جيد، ولكن أن نهاجر بحثا عن وطن جديد وهوية جديدة، فهذا ناقوس خطر يدق. فهل سألنا أنفسنا لماذا يسعى أبناؤنا الى وطن بديل؟
لماذا يضحون بهويتهم ويتوسلون هوية أخرى لا يربطهم بها شيء؟
لماذا يتحملون ألم فراق الأهل والأصدقاء وبيت الطفولة والحي والشارع؟
لماذا يتحملون مشقات التأقلم في بيئة جديدة كل شيء فيها مختلف عنهم؟
يقيني أنه في الإجابات الصادقة عن هذه التساؤلات يبدأ بناء الدولة.
أيها اللبنانيون المنتشرون في العالم، إذا كانت الأوضاع الاقتصادية قد دفعت بكم الى عالم الغربة، أو روح التمرد والحرية التي انطبعتم عليها جعلت أرضكم تضيق بكم في عصور الظلم، فإن ارتباطكم بالوطن الأم لا يزال ملفتا وعظيما. فأنتم وإن غبتم عن لبنان بالجسد فهو لم يغب أبدا من قلوبكم. فأنتم في أساس اقتصاده ولكم اليد الطولى في رخاء عائلاتكم.
أنتم مفخرة لوطنكم، وإنجازاتكم في كل أصقاع الأرض تروي سيركم، لقد أمنتم التواصل والتقدم الحضاري بين الشرق والغرب، فأصبحتم قلبا لغرب جاف وعقلا لشرق حالم.
وكما عليكم واجب الوفاء للدول التي احتضنتكم وقدمت لكم حياة أفضل، وساهمتم بإعمارها وازدهارها، عليكم أيضا واجب الوفاء للوطن الأم، وهذا الوطن يناديكم لتساهموا أيضا بإعماره وازدهاره، وتأكدوا أن قلبه مفتوح لكم دائما متى أردتم العودة، فالوطن لا يبنى إلا بسواعد أبنائه، وورشة البناء قد انطلقت، ويقيني أن زنودكم ستشارك في وضع المدماك الأول. كونوا أبعادا لبنانية حيث أنتم، واحفظوا هويتكم، لأنها تاريخكم وجذوركم.
مرسوم استعادة الجنسية
ووقع عون والحريري اول مرسوم لاستعادة الجنسية في عهد الرئيس عون.