تحليل الأسواق لليوم عن سامر حسن، محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
١٢ يوليو ٢٠٢٤
لا تزال البيتكوين تواجه صعوبة في التماسك اعلى مستوى 57,000 دولاراً وهي مستمرة في التراجع اليوم لليوم الثالث على التوالي. في حين أن الاستقرار النسبي للأسعار قليلاً مع بعض الميل الصعودي خلال بداية الأسبوع قد يدفع لإنهاء سلسلة ممتدة لأربعة أسابيع متتالية من الخسائر.
فيما كان الانتعاش مما دون 54,000 إلى أعلى 57,000 بقليل مع التخلص تقريباً من أهم العوامل الضاغطة على الأسعار وهي موجات البيع الضخمة الصادرة من المحفظة الخاصة بالحكومة الألمانية من البيتكوين التي كانت قد استولت عليها. فيما لم يعد في حيازة الحكومة من تلك الـ 50,000 تقريباً سوا 9000 بيتكوين وفق.
إلا أن الأثر السلبي في معنويات المستثمرين جراء هذا التيار الهابط العنيف للبيتكوين الذي أوصلها إلى أدنى المستويات منذ فبراير لا يبدو أن قد يتلاشى قريباً.
ففي حين كانت المستويات عند 60,000 وما دون ذلك تبدو جذابة وتشكل نقطة مناسبة للشراء، إلا أن التعثر المستمر في استعادتها قد يبقي على المعنويات ضعيفة للغاية. فيما كانت تلك المعنويات بالأصل ليست في أفضل أحوالها مع الرفض المستمر من مستوى 72,000 على الرغم من جملة العوامل الداعمة في الأشهر السابقة – صناديق البيتكوين الفورية والمليارات من التدفقات وحدث الـ halving.
حيث لا تزال قيمة المراكز المفتوحة للعقود الأجلة للبيتكوين بالقرب من أدنى المستويات منذ مايو الفائت عند حوالي 26 مليار دولاراً أو بأقل من 500 ألف بيتكوين وهو المستوى الأدنى تقريباً منذ أواخر مايو، وفق CoinGlass. فعلى الرغم من المستويات المنخفضة للأسعار فلا نجد هذا الزخم في العقود الأجلة بما كان قد يشير إلى المعنويات المرتفعة حول المستويات المستقبلة.
منذ يوم الأربعاء الفائت أيضاً، لا تزال نسبة المراكز الشرائية إلى البيعية في العقود الأجلة للبيتكوين ما دون 1 على الرغم من بعض الانتعاش في الأسعار وهذا ما أعتقده إشارة أخرى لإحباط المشترين وسيطرة البائعين.
كما أن متداولو العقود الأجلة لا يظهرون تفاؤلاً في مستقبل الأسعار. ذلك أن العقود الأجلة من Deribit والتي تمتد من 19 يوليو إلى يونيو 2025 لا تستهدف أكثر من 62,800 دولاراً للبيتكوين. في العلوم المالية، فإن أسعار العقود الأجلة هي من بين أفضل أدوات التنبؤ غير المنحازة للأسعار الفورية في المستقبل وتعكس بدورها توقعات المتعاملين والمعلومات المتاحة لديهم.
اليوم أيضاً يصادف موعد تنفيذ أكثر من 1.3 مليار دولار من خيارات البيتكوين لدى Deribit. إلا أن المشكلة تكمن إن لم تستطع البيتكوين التقدم سوا قليلاً إلى 58,500 وهنا نكون قد وصلنا إلى أقصى نقطة للألم (max pain price). حيث لن تبلغ القيمة الضمنية لتلك الخيارات أكثر من 8.2 مليون دولاراً وبالتالي فإن هناك بعضاً من الزخم الذي قد تفتقد الأسواق كان سيأتي من تلك الخيارات.
على الرغم من ذلك كله، فإن صناديق البيتكوين الفورية قد استطاعت تسجيل صافي تدفقات موجبة منذ الجمعة الفائتة وبأكثر من 880 مليون دولاراً. في إشارة معاكسة إلى أن المستثمرين ومدراء الصناديق في وول ستريت يرون أن المستويات الحالية قد تشكل نقطة جذابة للشراء.
أيضاً، فإن هذا التصحيح من شأنه أن يزيل أحد العوائق المهمة التي تزيح تركيز المستثمرين – التجزئة على وجه الخصوص – عن البيتكوين. نقلاً عن CoinDesk، فإن مؤشر المضاربة الصادر من Capriole الذي يعبر عن نسبة العملات البديلة التي يتفوق أدائها خلال فترة 90 يوماً على أداء البيتكوين يقع بالقرب من أدنى المستويات منذ عام عند 10% وكان قد انخفض إلى 4% في وقت سابق. هذا الأداء الضعيف للعملات البديلة خصوصاً تلك التي تفتقد إلى المنفعة من وجودها من شانه أن يتسبب بإضعاف جنون عملات الـ meme الذي يساهم بصرف أموال المستثمرين بعيداً عن البيتكوين او حتى العملات البديلة الرئيسية مثل الايثريوم. عليه، فإن تراجع حدة المضاربات قد تجعل من المكاسب المستقبلية أكثر استداماً وتستند إلى أساسيات السوق الداعمة بعيداً عن الاندفاع قصير الأجل بهدف الربح السريع.
ما تحتاجه العملات المشفرة أيضاً هو المزيد من التبني وليس فقط التخلص من الطابع المضاربي الذي يطغى على تعاملاتها إلى الأن. هذا التبني الواسع على مستوى الاستخدام النافع سواء من المؤسسات الكبرى والأفراد يتطلب المزيد من الليونة التنظيمية وبيئة تشريعية أوضح وأكثر تحديداً.
في هذا الصدد، فلن تقوم هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) بأي أجراء ضد Paxos بما يخص إصدار العملة المستقرة Binanca USD (BUSD) والذي ادعت الهيئة انه اصدار غير مرخص لأوراق مالية. هذا الاجراء من شأنه أن يكون خطوة نحو مزيد من الثقة في البيئة التنظيمية بما قد يمهد شيئاً فشئياً لتعزيز تبني تكنولوجيا العملات المشفرة ذلك أن العملات المستقرة تستحوذ على ما قيمته أكثر من 162 مليار دولاراً من السوق ككل. كما أنها ستشكل عماداً لأنظمة الدفع والتحويل المستندة إلى هذه التكنولوجيا نظراً لأنها تزيل حالة عدم اليقين التي تتسبب به العملات المشفرة الأخرى ذات الأسعار المتقلبة.