تحليل الأسواق لليوم عن سامر حسن، محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
١٦ يوليو ٢٠٢٤
تمكن مؤشر داو جونز من التقدم إلى المزيد من أعلى مستوياته التاريخية الأمس متجاوزاً مستوى 40300 نقطة لأول مرة. كذلك الأمر لمؤشر S&P 500 الذي لامس مستوى 5666 قبل أن يتراجع.
جاءت مكاسب الداو جونز بدعم ثاني أثقل سهم في المؤشر، Goldman Sachs، بعد النتائج الأفضل من المتوقع عن الربع الثاني إضافة إلى التفاؤل بعودة دونالد ترامب للبيت الأبيض في مراهنة على بيئة تنظيمية أقل صرامةً وشبه اليقين بإمكانية خفض سعر الفائدة في سبتمبر المقبل.
حيث شهدنا الأمس تسجيل Goldman Sachs إيرادات عند 12.73 مليار دولار وربحية سهم عند 8.62 عن الربع الثاني من هذا العام وكلاهما كانا أفضل من المتوقع. فيما جاء هذه النتائج تالياً لنتائج كبرى البنوك سواء من JPMorgan وCiti Group وWells Fargo. في حين كان Goldman قد سجل نمواً للربع الثاني على التوالي لإيرادات الصيرفة الاستثمارية وذلك بنسبة 21% وهذا النمو ما كان غائباً طيلة العام الفائت باستثناء النمو المحدود في الربع الثالث.
فيما كانت قد أشارت التقارير الربعية لتلك البنوك إلى عودة ملحوظة لشهية المخاطر في الأسواق وذلك مع قد انعكس عبر ارتفاع إيرادات الصيرفة الاستثمارية والتداول إضافة إلى النمو الملحوظ لعمليات الاندماج والاستحواذ. بمعنى آخر، يمكن القول إن الأسواق متفائلة بتحقيق الهبوط الناعم للتضخم وتجنب الركود حتى مع بقاء معدلات الفائدة مرتفعة مطولاً وهذا ما يبرر استمرار مكاسب سوق الأسهم الأوسع. فيما يبدو أن الأسواق باتت متأقلمة وتتمتع بمعنويات عالية حتى في ظل بيئة أسعار الفائدة الحالية.
أما اليوم تركز الأسواق على نتائج UnitedHealth، ذات السهم الأثقل في الداو جونز، التي ستعلن قبل الافتتاح. في حين أن النتائج الأفضل من المتوقع من شأنها أن تعزز مكاسب المؤشر عند مستوياته التاريخية.
كما شهدنا خلال الأيام الفائتة أعلى المعنويات حول إمكانية تحقيق خفض لسعر الفائدة بداية من سبتمبر المقبل وذلك بعد تباطؤ التضخم إضافة إلى تصريحات رئيس الفيدرالي الداعمة لهذه الفرضية وهذا ما قد عزز مكاسب سوق الأسهم ذات الزخم الصعودي المرتفع.
حيث تحدث جيروم باول عن المزيد من التقدم المحرز في مواجهة التضخم والذي يدوره لا يزال على مساره نحو مستهدفه عند 2%. كما تحدث باول على تفاؤله بمسار التضخم على ضوء البيانات الأخيرة – الذي كان ينتظرها مطولاً. إلا رئيس الفيدرالي، طبيعة الحال، كان قد تجنب الإشارة إلى تاريخ محدد لبدء خفض الفائدة إلا أن الأسواق باتت متفائلة بتحقيق ذلك في سبتمبر أكثر من أي وقت مضى. ذلك أن احتمالية هذا الخفض بمقدار 25 نقطة أساس قد بلغت 90% وفق CME FedWatch Tool.
تتفاءل أسواق الأسهم الأمريكية بالعودة المحتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض وهذا بدوره قد ينعكس عبر بيئة تنظيمية أقل صرامة وعودة التخفيضات الضريبية والتفضيل لصالح الشركات المحلية على حساب الأجنبية.
لكن لا ننسى أن عودة ترامب قد تخلق بذاتها حالة من عدم اليقين وهي عبر المخاوف من الارتفاع المحتمل للتضخم بالتزامن مع ارتفاع العجز الذي قد يتسبب به التخفيض الضريبي وهذا ما قد يتجلى لاحقاً عبر عودة عوائد السندات للارتفاع.
فيما قد حصلنا على نوع من هذه الإشارات بالفعل ذلك أن مؤشر ICE BofAML U.S. Bond Market Option Volatility Estimate Index (MOVE)، الذي يعد مقياساً لعدم اليقين في سوق السندات، قد سجل أكبر مكسب يومي له منذ شهر بنسبة 8.89%. في حين أن عوائد السندات تقع تحت الضغط الأن للتراجع بفعل التفاؤل حول خفض سعر الفائدة لكن قد تعود للارتفاع مجدداً مع ضغط ارتفاع العجز والتضخم. هذه الاتجاهات المتعاكسة هي ما تخلق حالة عدم اليقين في أسواق الدخل الثابت.
أضف إلى ذلك العوامل التي قد لا تتجلى قبل حدوثها وهي التطورات الجيوسياسية حول العالم التي قد يخلقها ترامب بعودته. فلا أعتقد أن قد يبدي أي تساهل تجاه مفاوضات الملف الإيراني أو غزة وذلك ما قد يدفعه للمزيد من التصعيد في الشرق الأوسط والذي قد يدفع الإقليم إلى المزيد من الفوضى بدون أي مكسب استراتيجي للولايات المتحدة. هذا ما حدث بالفعل خلال ولايته السابقة وأعتقد أنه مسؤول بالفعل عما نحن في الأن في مختلف الجبهات هناك.