تحليل سوق لليوم عن رانيا جول، محلل أسواق في الشرق الأوسط في XS.com
٢٦ يوليو ٢٠٢٤
ارتفع زوج اليورو/الدولار الأمريكي فوق مستوى 1.0850 مع تراجع الدولار الأمريكي اليوم الجمعة. وارتفع على الرغم من أن بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية في الولايات المتحدة لشهر يونيو جاءت أعلى من المتوقع. وأظهر تقرير التضخم لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي أن التضخم الأساسي ارتفع بشكل مطرد بنسبة 2.6% على أساس سنوي، في حين كانت التوقعات بأن تتباطأ ضغوط الأسعار إلى 2.5%. كما نما التضخم الشهري بوتيرة أسرع بلغت 0.2% مقارنة بالتقديرات والإصدار السابق الذي بلغ 0.1% .
وأعتقد أنه من شأن الأرقام الثابتة أن تخفف من توقعات خفض أسعار الفائدة في وقت مبكر من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. وفي الوقت الحالي، يرى السوق أن التوقعات بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر مؤكدة، في حي أرى من وجهة نظري أنها باتت بعيدة المنال.
وكان قد انخفض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY)، إلى ما يقرب من 104.30 نقطة. وسيكون المحفز التالي للدولار الأمريكي هو اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، المقرر يوم الأربعاء القادم. ومن المتوقع أن يترك بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير في نطاق 5.25٪ -5.50٪. وبالتالي، سيركز المستثمرون على الإشارات حول ما إذا كانت توقعات السوق لخفض أسعار الفائدة مناسبة، وهنا ستكون المفاجأة.
ومن وجهة نظري جاء ارتفاع زوج اليورو/الدولار الأميركي على الرغم من قلق المستثمرين بشأن مستقبل اليورو بسبب التحديات المتعددة. فقد تضرر مستقبل الاقتصاد في منطقة اليورو بشكل كبير، حيث تمر أكبر دولها بمرحلة صعبة. حيث انكمش مؤشر مديري المشتريات المركب لبنك هامبورغ التجاري الألماني(HCOB) في يوليو بسبب انخفاض نشاط الأعمال في القطاع الخاص. وجاءت بيانات مؤشر مديري المشتريات أقل عند 48.7 من الإصدار السابق الذي بلغ 50.4.
ومن وجهة نظري، انقلبت الأمور أمس عندما صدرت أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. فمن المفترض عمومًا أن الأسواق تتطلع إلى المستقبل وتضع التوقعات المعلنة في الحسبان، لكن هذا لم يحدث. فتسببت أرقام البيانات في انعكاس الاتجاه. ومن المسلم به أن إنفاق المستهلكين جاء أعلى قليلاً من التوقعات عند 2.3%، وعليه كان على الأسواق أن تكون أكثر واقعية في الحقيقة.
وينبغي لنا أن نلاحظ أيضاً أن المفاجأة الإيجابية في نمو الناتج المحلي الإجمالي (2.8% مقابل 2.0% المتوقعة) وكان كافياً لتغيير مزاج السوق. ولكن في رأيي، فإن الحذر مطلوب بالتأكيد في المدى القريب والمتوسط، حيث لم تضع أرقام الأمس حداً حقيقياً للمخاوف بشأن المستهلك الأميركي وقطاع التصنيع. وفي الأسبوع المقبل، لدينا عدد من البيانات المهمة للأسواق بما فيها قوائم الرواتب الأميركية، ومؤشرات مديري المشتريات التصنيعية العالمية، والتي قد تعيد إشعال هذه المخاوف.
ويبدو لي أن هذه مشكلة خطيرة. فقد عاد الاقتصاد الألماني إلى منطقة الانكماش، متأثرًا بالانخفاض الحاد والدراماتيكي في الناتج الصناعي. والأمل في أن يستفيد هذا القطاع من مناخ اقتصادي عالمي أفضل يتلاشى. ومع انخفاض مؤشر مديري المشتريات المركب الآن إلى ما دون 50، من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4% في الربع الثالث مقارنة بالربع الثاني. ورغم أنه لا يزال من المبكر للغاية ولم تظهر العديد من أرقام البيانات بعد، إلا أن النصف الثاني من العام بدأ بأرقام ضعيفة للغاية.
وفي الوقت نفسه، تضغط التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة مرتين أخريين من قبل البنك المركزي الأوروبي سلباً على اليورو. ويرى عدد قليل من المسؤولين في البنك المركزي الأوروبي أن التوقعات القوية بخفض أسعار الفائدة مرتين أخريين أمر مناسب. حيث زادت ثقة المسؤولين في البنك المركزي الأوروبي وسط توقعات بأن التضخم سيعود بشكل مستدام إلى المعدل المطلوب البالغ 2٪ في عام 2025. كما أن خفض أسعار الفائدة ضروري لإنعاش الاقتصاد. وأشار إعلان وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر عن تخفيف الضرائب بقيمة 30 مليار يورو للشركات والأسر يوم الأربعاء إلى مخاوف الحكومة بشأن بيئة الطلب الضعيفة.
أيضاً ارتفعت عائدات السندات الأميركية لأجل عامين عن مستوى الدعم كما توقعنا ويمكن أن تشهد المزيد من الارتفاع. وفي المدى البعيد تبقى العائدات مختلطة. ولكن هناك دعم يدفعها أيضًا إلى الارتفاع في الأيام المقبلة. وسيكون إصدار بيانات الإنفاق الاستهلاكي الشخصي في الولايات المتحدة اليوم أمرًا مهمًا للمتابعة. كما انخفضت العائدات الألمانية مرة أخرى. ولكن الدعم يمكن أن يحد من الهبوط ويحافظ على الاتجاه الصعودي الرئيسي سليمًا.
من وجهة نظري في المستقبل، سيكون المحفز الرئيسي لليورو هو البيانات الأولية لمؤشر أسعار المستهلك الموحد لمنطقة اليورو لشهر يوليو، والمقرر صدورها الأسبوع المقبل. أيضاً ستوفر بيانات التضخم إشارات جديدة حول موعد خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة مرة أخرى. وحاليًا، يتوقع المتداولون أن يستأنف البنك المركزي الأوروبي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر.