تحليل سوق لليوم عن رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
٩ اغسطس ٢٠٢٤
استعاد مؤشر داو جونز (US30) ما يزيد عن 680 نقطة خلال تعاملات يوم الخميس ليتداول اليوم الجمعة عند 39400 دولار، حيث حاولت الأسواق مرة أخرى دفع الأسهم إلى مسار صعودي بعد هبوط قريب الأجل غذته مخاوف جديدة من ركود في الولايات المتحدة. كما بدأت تدفقات السوق في العودة إلى طبيعتها نوعاً ما، وتحاول المؤشرات مرة أخرى استعادة قوتها المفقودة. ومع ذلك، لا يزال مؤشر داو جونز غير مستقراً ويحاول جاهدا استعادة مستوى 40000 المحورية.
حيث سجلت طلبات إعانة البطالة الأولية في الولايات المتحدة للأسبوع المنتهي في الثاني من أغسطس 233 ألف طلب، وهو أقل من التوقعات التي بلغت 240 ألف طلب. ومن وجهة نظري تساعد أرقام البطالة الأولية المنخفضة المستثمرين على تهدئة مخاوف التباطؤ الأخيرة بعد أن أثارت بيانات العمالة الأمريكية الأسبوع الماضي إقبالاً قوياً على تجنب المخاطرة في الأسواق.
وسيترقب السوق جولة جديدة من أرقام التضخم على مستوى المنتجين والمستهلكين المقرر صدورها الأسبوع المقبل. ووسط حالة الترقب والانتظار هذه ارتفع مؤشر داو جونز بقوة، حيث سجلت جميع الأوراق المالية المدرجة في المؤشر تقريبًا ارتفاعًا يوم أمس الخميس. فقد أنهت شركة والت ديزني(DIS) تعاملاتها عند مستوى أقل بقليل من 86.00 دولارًا للسهم بعد الإعلان عن أرباح أضعف من المتوقع من عمليات المتنزهات الترفيهية على الرغم من ارتفاع إيرادات خدماتها الأخرى.
كما تعافت أسهم شركة إنتل كورب (INTC) حيث ارتفعت بنحو 8% واقتربت من 20.50 دولار للسهم بعد أن سجلت أدنى مستوى لها في 52 أسبوعًا مؤخراً. وأعتقد أن شركة التكنولوجيا العملاقة تشهد انتعاشًا في سعر سهمها بعد أن شعر المستثمرون بالفزع بسبب انخفاض طفيف في أرباح الربع الثاني وأرقام سلبية لتوقعات إنتل المستقبلية للربع الثالث.
ومن وجهة نظري فيما يخص الانهيار الأخير، فإن المشهد المالي في الأسواق شهد تحولاً زلزالياً في الأسبوع الماضي، الأمر الذي دفع المستثمرين إلى إدراك المخاطر الاقتصادية الكامنة.
وعندما هبطت أسواق الأسهم الأمريكية يوم الاثنين الماضي في موجة بيع عنيفة أدت إلى حالة من الذعر بين المستثمرين، ورغم تراجع حدة الذعر بحلول نهاية الأسبوع، فإن الأرقام التي سجلتها الأسواق تبقى مثيرة للقلق وتعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها.
فقد شهد مؤشر داو جونز انخفاضًا بنسبة 2.6%، مع تراجع قدره 1,399 نقطة، بينما هبط مؤشر ناسداك بنسبة 3.43%، أي 576 نقطة، وبلغ انخفاض مؤشرS&P 500 نسبة 3%، في حين تراجع مؤشر راسل 2000 بنسبة 3.33%. وهذه الانخفاضات الحادة أدت إلى فقدان أسواق الأسهم العالمية 6.4 تريليون دولار من قيمتها السوقية. كما عانى مؤشر نيكاي الياباني من انخفاض كبير بنسبة 13.2%، وهو ما يرجع أساساً إلى قرار بنك اليابان برفع أسعار الفائدة.ومن رأي هنا يكمن سر ماحدث.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك عاملين رئيسيين كان لهما دور في هذه الفوضى. الأول هو قرار بنك اليابان برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 0.25%، وهو الزيادة الثانية منذ عام 2007. وأعتقد أن هذا الرفع في أسعار الفائدة أدى إلى تعزيز قيمة الين، مما دفع المستثمرين إلى بيع الأصول المقومة بالدولار، مما أثر سلبًا على الأسواق العالمية.
أما العامل الثاني هو التقرير المخيب للآمال بشأن الوظائف في الولايات المتحدة، حيث أضاف الاقتصاد الأمريكي 114 ألف وظيفة فقط في يوليو، وهو أقل بكثير من التوقعات البالغة 175 ألف وظيفة. كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو أعلى من التوقعات عند 3.1%. وبرايي هذه الأرقام أثارت القلق بشأن احتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، خاصة إذا لم يتجاوب بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل مناسب بشأن التضخم وسعر الفائدة.
ومن وجهة نظري، تسهم سياسات البنوك المركزية في خلق فقاعة ديون ضخمة عبر تشجيع الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة، مما يفاقم المخاطر الاقتصادية. وسياسة بنك اليابان المتبعة لفترة طويلة من أسعار الفائدة المنخفضة أدت إلى تفشي عمليات التداول بالفائدة على السندات، وقد تسبب الارتفاع المفاجئ في قيمة الين في أزمة أوسع للأسواق. وهنا، يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي مشكلة محيرة بين خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد أو الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم. وتاريخياً، يظهر البنك الفيدرالي ميلاً لخفض أسعار الفائدة بسرعة خلال الأزمات، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية، وربما يتخذقرار مختلف هذه المرة.
والدليل على صحة التحليل أعلاه هو أنه حتى الملاذات الآمنة التقليدية مثل الذهب والفضة شهدت انخفاضات ملحوظة، حيث انخفض الذهب بنسبة 3.2% خلال يوم الاثنين، وأغلق منخفضاً بنسبة 1.3%، بينما انخفضت الفضة بنسبة 7.2%، مشيرة إلى انخفاض الطلب الصناعي. لذا أعتقد أن هذه الانخفاضات تعد جزءاً من دورة طبيعية للأسعار حيث يقوم المستثمرون ببيع الأصول لتغطية الهامش، ولكن تاريخياً، يتعافى الذهب بشكل أسرع من الأسهم بعد الأزمات.
وعلى الرغم من التعافي المؤقت، تبقى القضايا الأساسية قائمة. فالاقتصاد مثقل بالديون نتيجة لسياسات ما بعد 2008، مما يضع ضغوطاً على بنك الاحتياطي الفيدرالي. ويتعين على البنك الفيدرالي التعامل مع معضلة بين خفض التحفيز النقدي أو مواجهة التضخم المفرط، مع مخاطر كبيرة لاقتصاد متباطئ. وتاريخياً، كانت أسعار الفائدة الفيدرالية تدور حول 4.95% منذ عام 1970، والأسعار الحالية تقترب من هذا المستوى. والسؤال الذي يبرز الآن هو مدى قدرة البنك الفيدرالي على إدارة الاقتصاد دون تفاقم الأزمة.
ورغم الهدوء الحالي في الأسواق، أرى أنه ينبغي على المستثمرين توخي الحذر، حيث من المحتمل أن تستمر تقلبات السوق حتى منتصف الأسبوع المقبل تقريباً. وقد يكون الوقت مناسباً لتعزيز الاستثمارات في الذهب والفضة كأصول تحوطية آمنة، ويجب الاستعداد للضغوط التضخمية والتقلبات الاقتصادية المستقبلية، وضمان قوة المحفظة المالية لتحمل الصدمات القادمة. حيث أرى أن التقلبات الاقتصادية والجيوسياسية تبقى متوقعة في المدى القريب والمتوسط، ومن الحكمة متابعة التطورات وتعديل الاستراتيجيات الاستثمارية وفقاً لذلك.
التحليل الفني لـ أسعار مؤشر داوجونز (US30):
على الرسم البياني اليومي، استعاد مؤشر داو جونز مستوى 39000 في محاولة أخرى خلال اليوم لتكوين زخم صعودي جديد، ومن وجهة نظر فنية غالباً ماتكون اعادة الاختبار الثالثة لنفس المستوى ناجحة بعد الفشل المتكرر في تحقيق تقدم ملموس هذا الأسبوع.
لكن سيعتبر هبوط المؤشر إلى ما دون مستوى 38500 بعد هبوطه الأخير على مدار ثلاثة أيام والذي ذهب بسوق الأسهم إلى الانخفاض بنسبة -6.58% من أعلى إلى أسفل، ويظل التفاؤل مسيطراً على الأسعار طالما بقي مؤشر داو جونز يتداول فوق المتوسط المتحرك الأسي لمدة 200 يوم (EMA) عند 38011.45 دولار.
الرسم البياني لأسعار مؤشر الداوجونز(US30)MT4–XS.com
كما سجل مؤشر داو جونز إغلاقًا هبوطيًا أمس لكنه بقي بالقرب من خط الاتجاه الرئيسي. فقد يكون المؤشر على وشك الاختراق الهبوطي لكنه قد يرتد أيضًا إلى الأعلى لإلغاء التوقعات الهبوطية الحالية. فإذا حدث اختراق هبوطي، فسوف يظهر السعر بالقرب من 38000 لردود الفعل الصعودية. وعلى الجانب الإيجابي، قد تؤكد الحركة الصعودية فوق 40000 استمرار الاتجاه الصعودي.
وعليه يشير تحليل موجات إليوت لمؤشر داو جونز إلى أن السوق في مرحلة اتجاهية، تتميز بنمط اندفاعي. والنموذج الموجي الأساسي الذي يظهره السعر هو الموجة رقم 3 الصاعدة مما يشير إلى حركة صعودية قوية. والسوق في الوقت الحالي بدأ بتكوين الموجة رقم 5 والأخيرة في نموذج اليوت الرئيسي وهو استمرار للاتجاه الاندفاعي الصاعد العام.
مما يعني أن السوق تشهد حركة صعودية قوية. فعادةً ما تكون الموجة 3 في نظرية موجات إليوت هي الأقوى والأطول، وغالبًا ما تؤدي إلى مكاسب كبيرة في السوق. ومع وضوح الموجة 2، من المتوقع أن تساهم الموجة 3 في دفع مؤشر داو جونز إلى مستويات مرتفعة في حال استمرارية الزخم الصعودي.
فمع انتهاء انتهت الموجة 2 بطريقة صحيحة يعتبر التصحيح الهابط منتهي مع بدء السعر في جمع الزخم لمرحلة صعود قوية. لكن ربما يكون هناك مرحلة تصحيحية أخرى لاستكمال الموجة 4، والتي من المتوقع أن تعكس بشكل مؤقت الاتجاه الأساسي قبل أن تستأنف السوق مسارها الصعودي. ويعتبر مستوى إلغاء نموذج الموجة عند 38900.53 والذي يعتبر حاسمًا للتحقق من صحة بنية الموجة الحالية؛ وأي انخفاض تحت هذا المستوى سيؤدي إلى إبطال نمط الموجة المتوقع، مما يتطلب إعادة تقييم الاتجاه الحالي للسوق.
مستويات الدعم: 39256– 38999– 38011.45
مستويات المقاومة: 39770– 40000– 40470