في ظل احتدام المنافسة في قطاع النقل البحري والشحن بالحاويات، وبروز تحالفات تجارية جديدة، وصراعات جيوسياسية على الساحة الدولية ألقت بظلالها على سلاسل التوريد، إضافةً إلى نمو القوى الاقتصادية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية مما أحدث تغييرات جذرية على امتداد طرق التجارة البحرية. وقد تمثل طوق النجاة للعديد من الموانئ خلال تلك الأوقات المضطربة، في تسخير التقنيات الحديثة لرقمنة العمليات، لتتحول الموانئ التقليدية إلى ما بات يُعرف بـ “الموانئ الذكية”.
ومن هذا المنطلق، أعلنت مجموعة موانئ أبوظبي (ADX: ADPORTS)، المحرك العالمي الرائد للتجارة والصناعة والخدمات اللوجستية، عن إصدار تقرير بحثي جديد تستعرض من خلاله تجربتها الناجحة في الرقمنة، بعنوان “أهمية الرقمنة لتعزيز الكفاءة: الاستفادة من البيانات في الموانئ الذكية”، والذي يمثل مورداً علمياً قيماً تستعرض المجموعة من خلاله ديناميكيات التحول الرقمي في القطاع البحري، ودورها البارز في تعزيز ورفد التجارة العالمية.
وقد أجرت مجموعة موانئ أبوظبي في تقريرها البحثي الجديد تحليلات مستفيضة حول مدى تأثير التقنيات الرقمية على عمليات الموانئ، مما أفضى إلى وضع نهج استراتيجي واضح يمكن من خلاله الاستفادة من البيانات لزيادة الكفاءة التشغيلية وتعزيز الاستدامة والقدرة التنافسية. كما تطرق التقرير البحثي إلى تحديات الرقمنة وقصص النجاح في مختلف الموانئ العالمية، خاصةً في كل من آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، وهي المناطق التي شهدت طفرة نوعية في استخدام تقنيات الموانئ. علاوةً على ذلك، سلَّط التقرير البحثي الضوء على مدى فاعلية استخدام التقنيات المتطورة، وتنفيذ الاستراتيجيات القائمة على البيانات، في إعادة تصور عمليات الموانئ بشكلها التقليدي بما يلبي المتطلبات في عالمنا الحديث والمتغير.
وتعقيباً على إصدار التقرير، قالت الدكتورة نورة الظاهري، الرئيس التنفيذي للقطاع الرقمي وبوابة المقطع، مجموعة موانئ أبوظبي: “عندما نوظف تقنيات البيانات الضخمة والتوأمة الرقمية في الموانئ، فإننا نسهم في إحداث تحولاً نوعياً في مجموعة واسعة من عمليات الموانئ. فهذه التقنيات بمقدورها تخزين كميات هائلة من المعلومات الناتجة عن عمليات الموانئ والخدمات اللوجستية وأجهزة الاستشعار وشبكات تحديد المواقع؛ ومعالجة تلك المعلومات في الوقت الآني، مما يتيح للموانئ إنشاء نماذج من مختلف الزوايا والأبعاد تساعد على تحسين سلاسل التوريد في الموانئ، وتقليل زمن التأخير والازدحام في المرافق، وتحسين مستوى الكفاءة لدى مختلف أصحاب العلاقة.”
وبالإضافة إلى ما تم ذكره، فقد تضمن التقرير أفكاراً رئيسية شملت دراسة تفصيلية للابتكارات التقنية التي تقود دفة التطور في الموانئ التقليدية وتحوُّلها إلى موانئ ذكية، وكذلك استخدام تقنيات مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والـ”بلوك تشين” لخدمة نفس الغرض. وقد أشارت مجموعة موانئ أبوظبي في هذا التقرير البحثي إلى دراسة حالة استعرضت من خلالها جهودها في استخدام الحلول الرقمية عبر شبكة أعمالها، في خطوة استراتيجية توضح حجم الفوائد الملموسة في مستوى تحسين الكفاءة وتقليل تكاليف التشغيل.
ومن جانبه، قال الكابتن عمار مبارك الشيبة، الرئيس التنفيذي للقطاع البحري والشحن، مجموعة موانئ أبوظبي: ” مما لا شك فيه أن الرقمنة تسهم في زيادة الإنتاجية وتحسين إدارة الموانئ والعمليات التشغيلية فيها، مما يتيح لنا أن نكون أكثر قدرة على المنافسة، وفي وضع أمثل لتلبية متطلبات متعاملينا وأصحاب العلاقة، الذين يولون أهمية كبرى للشفافية والموثوقية وزيادة الكفاءة التشغيلية والإنتاجية. كل هذا يمكن أن نحققه فقط من خلال تبني الرقمنة في عملياتنا وأنشطتنا.”
جدير بالذكر أن خبراء مجموعة موانئ أبوظبي تناولوا سُبل تجنب العوائق الشائعة التي قد تواجه القائمين على هذه التقنيات، مثل عدم توافق البرمجيات مع بعضها البعض، ومخاطر الأمن السيبراني، ومقاومة التغيير والتطور من العاملين في المجال. بالإضافة إلى ذلك، قدم الخبراء تحليلاً للوائح والتشريعات الجديدة، بما في ذلك آلية تنفيذ قرارات المنظمة البحرية الدولية بشأن إنشاء النوافذ البحرية الموحدة (MSWs) التي أصبحت إلزامية اعتباراَ من بداية عام 2024، ومدى تأثير ذلك على عمليات الموانئ على مستوى العالم.