تحليل سوق لليوم عن رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
٩ أكتوبر ٢٠٢٤
هبطت أسعار الذهب بشكل حاد أمس ليبدأ تعاملات اليوم الأربعاء عند 2617 دولار، بعد صدور تقرير قوي عن الوظائف في الولايات المتحدة، مما عزز التوقعات بأن الفيدرالي قد يتباطأ في خفض أسعار الفائدة، وهو ما أثّر سلبًا على الذهب الذي لا يقدم عائدًا. كما ساهمت تقارير إخبارية تشير إلى دعم أطراف الصراع في الشرق الأوسط للجهود الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار في دفع المستثمرين إلى جني الأرباح. حيث أدت احتمالات التهدئة إلى انتقال رؤوس الأموال من الأصول الآمنة مثل الذهب إلى الأصول ذات المخاطر الأعلى مثل الأسهم.
وفي الوقت نفسه، يواجه الذهب ضغوطًا إضافية من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، التي بقيت فوق 4% بعد صدور تقرير الوظائف غير الزراعية القوي. وأتوقع أن يؤدي أي تراجع في التوترات الجيوسياسية إلى استمرار بيع الذهب، خاصة إذا واصلت الأسهم الأمريكية تحقيق مكاسب وسط تحسن معنويات السوق. ومع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية ومحضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن أي تلميح إضافي بشأن استقرار السياسة النقدية قد يدفع أسعار الذهب لمزيد من الانخفاض، خصوصًا إذا ما تبنى الفيدرالي نهجًا أكثر حذرًا فيما يخص تخفيف أسعار الفائدة.
وقد سجل المعدن الأصفر تراجعًا ملحوظًا لليوم السادس على التوالي، ويبقى تحت مستوى الدعم الرئيسي 2630 دولار. ومن وجهة نظري، يتأثر الذهب بعدة عوامل أساسية، من بينها قوة الدولار الأمريكي، وتوقعات المستثمرين لقرارات السياسة النقدية المقبلة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى التطورات الجيوسياسية الأخيرة. ومع انتظار السوق لمحضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة وأرقام التضخم الأمريكية، يبقى السؤال الأساسي حول الاتجاه الذي ستتخذه أسعار الذهب في الفترة القادمة.
وأعتقد أن العديد من المتداولين يفضلون الانتظار قبل اتخاذ قرارات كبيرة بشأن الذهب، انتظارًا لإصدار محضر اجتماع الفيدرالي. فمن المتوقع أن يوفر المحضر رؤية أوضح حول المسار المتوقع لخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. كما ستصدر أرقام التضخم خلال الأيام القادمة وقد تكون حاسمة ومؤثرة بقوة، لإن تأثيرها سيكون مرتبطًا بشكل كبير بموقف الفيدرالي من مسألة خفض الفائدة. وتاريخيًا، تميل أسعار الذهب إلى التحرك عكس اتجاه الدولار الأمريكي؛ حيث يؤدي خفض أسعار الفائدة عادة إلى ضعف الدولار وزيادة الطلب على الذهب كأصل ملاذ آمن.
وحاليًا، يقف مؤشر الدولار الأمريكي(DXY) بالقرب من أعلى مستوى له في سبعة أسابيع، مما يزيد من الضغوط على أسعار الذهب. وارتفاع الدولار يعزز التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يكون في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة بشكل كبير، خاصة مع استمرار تراجع التوقعات على خفض كبير في الاجتماع القادم في نوفمبر. وهذا السناريو، إلى جانب توقف محتمل لاطلاق النار في الشرق الاوسط، قد قلل من جاذبية الذهب كأصل آمن في المدى القصير.
ومن الناحية الأساسية والاقتصادية، من المتوقع أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في تقليص وتيرة خفض أسعار الفائدة تدريجيًا. والمستثمرين يضعون في الحسبان احتمالات تزيد عن 85% لقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر. وإذا حدث ذلك، فقد نشهد استقرارًا أو حتى انتعاشًا في أسعار الذهب، خاصة إذا بقيت الأوضاع الاقتصادية ضعيفة، واستمر التضخم في التراجع تدريجيًا.
فالعديد من المسؤولين في الاحتياطي الفيدرالي أدلوا بتصريحات مؤخرًا تشير إلى أن السياسة النقدية الحالية تهدف إلى السيطرة على التضخم دون الإضرار بالنمو الاقتصادي. مما قد يحد من ارتفاع الذهب على المدى القصير.
أيضاً من وجهة نظري، يلعب العائد على السندات الأمريكية دورًا رئيسيًا في التأثير على الذهب. فالعائد على السندات لأجل عشر سنوات تجاوز 4%، مما يزيد من الضغوط على الذهب غير المدر للعائد. فعندما تكون العوائد مرتفعة، يفضل المستثمرون الاحتفاظ بأصول تعود بعوائد مباشرة مثل السندات، على حساب الأصول التي لا تعطي عائدًا مثل الذهب.
وعلى الجانب الجيوسياسي، كانت الأخبار الأخيرة عن احتمال وقف إطلاق النار في الشرق الاوسط بمثابة تهدئة نسبية للتوترات في المنطقة. ومع أن النزاعات الجيوسياسية تمثل عادة دعمًا للذهب كملاذ آمن، فإن أي تطورات إيجابية في هذا الجانب قد تسهم في مزيد من الضغط على المعدن الأصفر.
وبرأيي، سيبقى الذهب في وضع غير مستقر حالياً، حيث يترقب المستثمرون عن كثب محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة وأرقام التضخم القادمة. وقد تكون هذه الأحداث بمثابة عوامل محورية في تحديد اتجاه الذهب في الأسابيع المقبلة. وعلى الرغم من الضغوط الحالية، فإن أي إشارة إلى تراجع التضخم أو تخفيف السياسة النقدية الأمريكية قد يوفر دعمًا جديدًا للذهب. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية مواجهة الذهب لقوة الدولار والعوائد المرتفعة على السندات. لذلك، فإن التوقعات تبقى مرهونة بالتطورات الاقتصادية والجيوسياسية المقبلة.