كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
شهد زوج الدولار الأمريكي/الين الياباني (USD/JPY) في الأسابيع الأخيرة تذبذبات حادة ويتداول اليوم الجمعة عند 153.00، على خلفية قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ونتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها دونالد ترامب، وهو ما زاد من شهية المخاطرة في الأسواق وعزز مكاسب الدولار على حساب الين.
كما أن القرار الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في نوفمبر جاء مطابقًا للتوقعات، وبرأيي فإن احتمال استمرار هذه الخفوضات جعل الدولار مستقرًا نسبيًا، ومفتوح على المزيد من الارتفاعات. ومن وجهة نظري، يبدو أن الضغوط الاقتصادية الناجمة عن معدلات التضخم وتباطؤ النمو دفعت الفيدرالي لمزيد من المرونة في السياسة النقدية، وهو ما قد يشجع المزيد من التدفقات على الدولار في الفترة المقبلة، خاصة مع التوقعات المتزايدة بتكرار خفض أسعار الفائدة في ديسمبر.
كما إن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية قد أثر بشكل كبير على أداء الدولار أمام الين، حيث رافق ذلك ارتفاع في عوائد سندات الخزانة الأميركية، ما ساهم في تعزيز الطلب على الدولار. فالتوقعات بسياسات مؤيدة للأعمال التي قد يتبناها ترامب مثل التخفيضات الضريبية وتخفيف القيود التنظيمية ساهمت في دعم موجة من التفاؤل بين المستثمرين، مما أدى إلى ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية بشكل قياسي، مع مكاسب كبيرة في قطاعي البنوك والتكنولوجيا.
ويبدو لي أن هذه التحركات من شأنها تعزيز الاستقرار الاقتصادي النسبي في الولايات المتحدة في ظل ولاية ترامب الثانية، مما يعزز من قوة الدولار. وعلى الرغم من تراجع الين إلى أدنى مستوياته أمام الدولار في 14 أسبوعًا، إلا أن الضغوط التضخمية في الاقتصاد الياباني والضعف في معنويات قطاع التصنيع المحلي، قد تضعف القدرة التنافسية للين أمام قوة الدولار.
وفيما يخص بنك اليابان، فقد أظهر محضر اجتماعه الأخير أن البنك المركزي لا يزال متمسكًا بسياساته التيسيرية الحالية، مع تركيز على مراقبة مستويات التضخم والنمو، رغم إقرار أعضاء المجلس بتأثير الظروف الاقتصادية العالمية على الاقتصاد المحلي.
ورغم تعهد المحافظ أويدا بعدم التسرع في رفع أسعار الفائدة، فإن تراجع الين الحاد قد يدفع بنك اليابان إلى تعديل سياسته بشكل أسرع من المتوقع في حال استمر الضعف. ومع ذلك، فإن عدم اليقين المحيط بالاقتصاد العالمي يدفع البنك إلى توخي الحذر، مما يعكس أهمية الاستقرار النسبي الذي توفره السياسة النقدية الأميركية القوية مقابل التردد في السياسات اليابانية.
ومن وجهة نظري، يبدو أن الوضع الحالي يُظهر استمرار ارتفاع الدولار مقابل الين على المدى القصير، حيث يستفيد الدولار من قوة الاقتصاد الأميركي وثقة المستثمرين المتزايدة في السياسات الاقتصادية المقبلة. على الجانب الآخر، يُضعف نهج بنك اليابان الحذر تجاه تعديل أسعار الفائدة من قدرة الين على المنافسة، مما يعزز الاتجاه الصعودي لزوج الدولار/الين. وفي ضوء مؤشرات السوق الحالية، فإن احتمال استمرار ارتفاع الدولار نحو مستويات مقاومة جديدة قد يصبح أكثر واقعية، لا سيما مع تأكيد الاحتياطي الفيدرالي على مرونة سياسته وتوقعات السوق لمزيد من الخفض في أسعار الفائدة.