بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تتجه أسعار النفط الخام إلى التماسك اليوم وذلك بعد سلسلة من الخسائر الممتدة طيلة الجلسات الثلاثة الفائت، حيث يرتفع كلا المعياريين الرئيسيين، برنت وغرب تكساس الوسيط، بقرابة 0.3%.
انخفاض أسعار النفط كان قد جاء على ضوء خفض منظمة الدول المصدر للنفط (OPEC) في تقرير نوفمبر لتوقعات نمو الطلب على الخام للعام الحالي والمقبل. هذا ما قد فاقم الضغط الهبوطي على أسعار الخام الذي يأتي من المخاوف حول مستقبل نمو الاقتصاد الصيني على ضوء المعنويات الضعيفة في الأسواق حول فعالية حزم الدعم إضافة إلى التأثير المحتمل لتصاعد الحرب التجارية مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
في المقابل، إذا نظرنا على نحو أعمق في التقارير الأخيرة، نرى إشارات متباينة حول مستقل الاقتصاد الصيني سواء بما يخص قدرة حزم الدعم على تحفيز النمو أم بما يتعلق بالخطوات المقبلة التي ستتخذها الإدارة الجمهورية القادمة للولايات المتحدة. هذا ما اعتقد أنه قد يخفف من وطأة الضغط الهبوطي على أسعار الخام.
فعلى الرغم من التفاعل السلبي مع الإعلانات المتتالية للإجراءات التحفيزية التي أعلنت عنها الحكومة الصينية خلال الأسابيع الفائتة، إلا أن تقرير OPEC تتوقع أن تعود حزم الدعم هذه بالنفع على الاقتصاد على المدى المتوسط وهذا ما دفع المنظمة إلى رفع توقعات نمو الاقتصاد للعام القادم بما يمهد الطريق لاستعادة مستهدف النمو عند 5%.
هذا يأتي على الرغم من إشارة التقرير إلى أن ضعف أنشطة المصافي قد أضعف تفاؤل السوق سلباً إضافة إلى أن الإجراءات التحفيزية لم تؤدي إلى دفع معنويات المستثمرين بشكل فوري. يضاف إلى هذا أيضاً التشاؤم جراء تباطؤ النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو، كما أشار التقرير.
في المحصلة، خفضت المنظمة توقعات الطلب على الخام من الصين إلى 310 ألف برميل يومياً في العام المقبل، نزولاً من 410 ألفاً.
التأثير المحتمل لإجراءات التحفيز الصينية لا تزال موضعاً للجدل. على سبيل المثال، ترى هيئة التحرير في وول ستريت جورنال أن الدعم الموجه نحو المستهلك هو وحده القادر على تحفيز النمو والذي قد لن تجد الصين الطريق اليه مع بدون التخلص من عبء الدين المرتفع – في إطار الحديث عن إطلاق برنامج لمبادلة الديون بقيمة 1.4 تريليون دولار الأسبوع الفائت – إضافة إلى تخفيف القيود على الشركات ورواد الأعمال.
جانب آخر يثير قلك أسواق النفط وتسبب في تفاقم التراجعات الأخيرة للأسعار هو المزيد من الضعف المحتمل الذي قد يتعرض له الاقتصاد الصيني مع عودة ترامب في يناير المقبل مع تهديده بتوسيع الحرب التجارية عبر فرض التعرفات الضخمة بنسبة 60%.
إلا أن تقارير من وول ستريت جورنال قد تساعد في التخفيف من حدة هذه المخاوف في أسواق النفط. حيث تحدث تقرير من الصحيفة بالاستناد لأشخاص مقربين من دائرة صنع القرار في الصين إلى حول خطط تتم دراستها لتعويض الضرر الذي قد يلحق بالصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة عبر اغراق أسواق حلفائها.
كما تحدث التقرير على أن المسؤولين الصينين قد يتجهون إلى تعزيز توددهم مع رجال الأعمال البارزين في الولايات المتحدة في إطار مواجهة المد المتشدد تجاه الصين، ومن بين هؤلاء المستهدفين هو ايلون ماسك.
علاوة على ذلك، فقد ترى الصين في قدوم ترامب فرصة لتعزيز علاقاتها مع شركائها الأخرين بالاستفادة من الفوضى السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة واضطراب العلاقات مع حلفائها. ذلك أن المقربين من عملية صنع القرار في الصين يصفون ترامب بأنه صانع صفقات متخبط.
أيضاً فقد نقلت الصحيفة في تقرير آخر عن مستشارين صينين أن المسؤولين يشعرون بالراحة إلى الأن تجاه الأسماء القادمة في إدارة ترامب. هذا يأتي في سياق الحديث عن قدوم كل من ماركو روبيو ومايك والتز وروبرت لايتهايزر في مقابل استبعاد مايك بومبيو وروبرت أوبراين.
في حين أن الأسماء القادمة تلك تعد من المتشددين تجاه الصين، إلا أن تعيينها لا يزال يترك المجال للحوار، وفق ما قاله يون صن، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون ونقلته الصحيفة.
عليه، فإن اشتعال الحرب التجارية مجدداً ما بين الصين والولايات المتحدة قد لن يكون أمراً حتمياً وهذا ما قد يعطي بعضاً من الراحة لسوق النفط.