تحليل الأسواق عن احمد عسيري، استراتيجي الابحاث في Pepperstone
منذ بداية العام، انخفض السوق السعودي بنسبة 1%، مقارنة بالسوق الأمريكي الذي ارتفع بنسبة 25% خلال نفس الفترة. هذا التباين في الأداء يثير تساؤلات حول العوامل المحركة لكل سوق، حيث يعتمد السوق الأمريكي في جزء كبير من مكاسبه على أداء الشركات العملاقة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وإذا استثنينا ما يُعرف بـ”ماج سفن”، لكانت أرباح مؤشرS&P 500 وأداؤه السعري شبه ثابت تقريباً منذ نهاية 2022 وحتى منتصف 2024.
رغم تراجع المؤشر العام، شهد السوق السعودي أكثر من 20 اكتتاباً أولياً وثانوياً خلال العام، أبرزها الطرح الإضافي لشركة أرامكو. تُعتبر هذه الاكتتابات حركة صحية تدعم تنوع السوق وتعزز من سيولته، مما يُظهر قدرة السوق على جذب رؤوس الأموال المحلية والدولية.
يميل المستثمرون في السوق السعودي إلى تبني استراتيجية الشراء والاحتفاظ، حيث يفضلون الشركات ذات القوائم المالية القوية والجودة العالية. تتميز هذه الشركات بتوسعها المستدام وتوزيعات نقدية مجزية، لا سيما في قطاعات مثل التجزئة والمواد الأساسية. لكن الاستثمار في السوق بشكل عام، أو ما يُعرف بالاستثمار الكامن ، لم يحقق عوائد إيجابية حتى الآن هذا العام. على النقيض، كان الأداء الانتقائي للشركات الرائدة أفضل بكثير.
شركات مثل أكواباور وعلم أثبتت أنها استثناءات في السوق السعودي هذا العام، محققةً عوائد رأسمالية بنسبة 53% و34% على التوالي. يعود هذا النجاح إلى انخراط هذه الشركات في مشاريع استراتيجية ذات تأثير واسع ودورها المحوري في دعم أهداف رؤية السعودية 2030.
الارتباط الوثيق بين السوق السعودي ومشاريع رؤية 2030 يُشكل محركاً رئيسياً للاقتصاد. المبادرات الحكومية الكبرى، مثل توطين المحتوى المحلي ودعم القطاعات الاستراتيجية، توفر فرصاً استثمارية واعدة. شركات مثل أكواباور وعلم، بالإضافة إلى العملاق القادم معادن، تتمتع بموقع متميز للاستفادة من هذه الفرص وتحقيق عوائد مجزية للمستثمرين.
رغم التحديات، يُظهر السوق السعودي ديناميكية في مواجهة التحولات الاقتصادية. الاستثمار في الشركات الرائدة التي تواكب الأهداف الاستراتيجية للمملكة وتتمتع بقدرة تنافسية عالية يُعد خياراً واعداً. بينما يحتاج المستثمرون إلى الحذر في اختيار الشركات، فإن التركيز على الجودة العالية والتنويع هو الطريق الأمثل لتحقيق عوائد طويلة الأجل.